الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيمن حلف على ترك شيء، ثم فعله ناسيًا هل يحنث أم لا، على قولين، ذكرناهما في الفتوى: 192663، ورجحنا أنه لا حنث مع النسيان.
وإن أردت أن تكفّر احتياطًا، أو ترجيحًا لقول من يرى الحنث، فالأمر واسع -إن شاء الله تعالى-، بل الأحوط أن تكفّر عن يمينك.
وعلى القول بالحنث، وأنه تلزمك الكفارة؛ فإن الكفارة لا تتكرر عليك، إذا طلبت من تلك المواقع مرة أخرى؛ لأن الصيغة التي ذكرتها في اليمين لا تفيد التكرار إلا بالنية، فإذا لم تنوِ التكرار، فتنحل اليمين بالحنث الأول، جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: "إنْ" وَ"إذَا" وَ"أَبَدًا" بَعِيدَةٌ فِي التَّكْرَارِ، فَلَا يَثْبُتُ التَّكْرَارُ فِيهَا إلَّا بِنِيَّةٍ. اهــ.
وفي التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب: إذا كان لفظٌ يدل على التكرار، حنث بالتكرار، كـ"كلما" و"مهما"، ومذهب المدونة في "متى ما" و"إذا ما" و"أبدًا" أنها لا تقتضي التكرار، إلا أن ينوي بها معنى "كلما". اهــ.
علمًا أن كفارة اليمين لا تصحّ بالصيام، إلا عند العجز عن الخصال المذكورة قبله في الآية، وتراجع الفتوى: 34211.
وإذا شككت في شيء هل حلفت عليه أم لا؟ فإنه لا يلزمك شيء: لا تجنبه، ولا كفارة إذا فعلته؛ لأن الأصل براءة ذمّتك من اليمين، وانظر الفتوى: 340279.
والله أعلم.