الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجوابنا على سؤالك يتلخص فيما يلي:
أولا: أما هل يجب عليك بيع البيت والسيارة الشخصية؟ فما دام أن الدائنين قد أنظروك، فأنت في فسحة من أمرك، ولا يحجر عليك في شيء من أموالك، ولا تجبر على بيعها؛ إذ الأمر حق لهم، وقد أمدوا لك في أجل السداد.
وقد ذكر الفقهاء أن الذي يحجر عليه هو الذي طالب الغرماء بالحجر عليه، وكان ماله لا يفي بما عليه من الديون، وأنه لا يحجر عليه إلا بطلبهم.
قال ابن قدامة في المغني: وَمَتَى لَزِمَ الْإِنْسَانَ دُيُونٌ حَالَّةٌ، لَا يَفِي مَالُهُ بِهَا، فَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، لَزِمَتْهُ إجَابَتُهُمْ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَظْهَرَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ؛ لِتُجْتَنَبَ مُعَامَلَتُهُ، فَإِذَا حُجِرَ عَلَيْهِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: تَعَلُّقُ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ بِعَيْنِ مَالِهِ.
وَالثَّانِي: مَنْعُ تَصَرُّفِهِ فِي عَيْنِ مَالِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، إذَا وَجَدَتْ الشُّرُوطُ.
الرَّابِعُ: أَنَّ لِلْحَاكِمِ بَيْعَ مَالِهِ وَإِيفَاءَ الْغُرَمَاءِ.
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَرَ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَبَاعَ مَالَهُ.» رَوَاهُ الْخَلَّالُ. اهــ.
وقال أيضا في بيان أن القاضي لا يحجر عليه بدون سؤال الغرماء: وَلَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ سُؤَالِ غُرَمَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ بِهِ. اهــ.
ثانيا: وأما هل تجب الزكاة في النقود؟
فالجواب لا تجب عليك الزكاة ما دام أن ديونك تحيط بكل ما لديك من المال، وانظر الفتوى: 412513.
ثالثا: إذا كان واقع الحال ما ذكرت، فإنه يجوز لك أن تأخذ من الزكاة لسدادا دينك؛ لأنك غارم، والغارم مصرف من مصارف الزكاة.
ولا يمنع من أخذ الزكاة كونك تملك بيتا وسيارة؛ لأن هذه من الحاجيات الضرورية، وانظر في هذا الفتوى: 443950، والفتوى المحال عليها في آخرها، في بيان صفة الغارم الذي تدفع إليه الزكاة.
والله أعلم.