الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدين الذي على أمك ــ رحمها الله تعالى ــ لا يسقط بموت صاحب الدين -كما لا يخفى- والواجب أن يُخصم الدينُ من تركتها قبل قسمة التركة بين الورثة؛ لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، فإن لم يكن لها تركة تفي بالدين، فيستحب لكم أن تبادروا بقضاء دينها، وهذا من أعظم البر، وانظر الفتوى: 116777 ، والفتوى: 258832 .
وإذا كان صاحب الدين قد مات -كما ذكرت- فالواجب دفع المال إلى ورثته، ويقسمونه بينهم القسمة الشرعية، فإن تعذر العثور على الورثة، ويئستم من العثور عليهم فتصدقوا بالمال عن صاحبه، وتبرأ ذمتكم بذلك، وإن وجدتم الورثة بعد ذلك، فأخبروهم أنكم تصدقتم بالمال حين لم تجدوهم، فإن أمضوا الصدقة فذاك، وإن طالبوا بالمال دفعتم مثله لهم، ويكون أجر الصدقة لوالدتكم إن قضي من تركتها، أو لكم إن قضي الدين من أموالكم.
قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: الدُّيُونُ الْمُسْتَحَقَّةُ كَالْأَعْيَانِ، يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ مُسْتَحَقِّيهَا، وَنَصُّهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدَائِعُ، فَوَكَّلَ فِي دَفْعِهَا ثُمَّ مَاتَ، وَجُهِلَ رَبُّهَا، وَأَيِسَ مِن الْاطْلَاعِ عَلَيْهِ، يَتَصَدَّقُ بِهَا الْوَكِيلُ، وَوَرَثَةُ الْمُوَكِّلِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي كَانَ صَاحِبُهَا فِيهِ، حَيْثُ يَرَوْنَ أَنَّهُ كَانَ، وَهُمْ ضَامِنُونَ، إذَا ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ. اهــ.
وبهذا تعلم أن المال لا يرد إلى صاحب الدائن، أو أقاربه، وإنما يرد إلى ورثة الدائن إن وجدوا، وإن لم يوجدوا تُصُدِّقَ بالمال.
وانظر المزيد في الفتوى: 199295 .
والله أعلم.