الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المرتبة الزائدة لا تدخل في عقد البيع، فهي أمانة في يد السائلة، كما لو دفعت هي مالا زائدا على الثمن غلطا، فالزائد يكون أمانة في يد البائع، قال ابن نجيم في البحر الرائق: لو دفع المشتري إلى البائع أكثر من حقه غلطا فالزائد أمانة. اهـ.
ومعنى كونه أمانة أنه لا يدخل في ملك السائلة أبدا دون إذن البائع، فليس هناك مدة معينة يجوز للسائلة التصرف بعدها، وفي الوقت نفسه فإنها لا تضمنها إذا تلفت دون تعد، ولا تفريط منها.
قال ابن قدامة في المغني: لو صارفه عشرة دراهم بدينار، فأعطاه أكثر من دينار ليزن له حقه في وقت آخر، جاز، وإن طال، ويكون الزائد أمانة في يده، لا شيء عليه في تلفه. اهـ.
ومما يترتب على كونها أمانة: أن مؤنة ردها تكون على البائع، لا على السائلة، قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية: من وجب عليه رد عين، هل تكون مؤنة الرد عليه؟ هذا ضربان:
الأول: أن تكون العين مضمونة بيده، فيلزمه ردها، ومؤنة الرد، كما لو غصب شيئا، أو اشتراه شراء فاسدا، وقبضه، فإنه يرده، ومئونته عليه...
الثاني: أن لا تكون مضمونة عليه، فالرد غير واجب عليه، وإنما يجب التسليم والتخلية، والمئونة على المالك كالمودع... اهـ.
وقال السبكي في الأشباه والنظائر: قال القاضي حسين: كل يد كانت يد ضمان وجب على صاحبها مؤنة الرد، وإن كانت يد أمانة فلا. اهـ.
وعلى ذلك، فمن حق السائلة أن تطلب من البائع أن يرسل هو شركة الشحن لأخذ مرتبته، فإن لم يفعل، فالذي نراه أن تعيد مراسلة البائع، وإذا يئست منه فتتصدقين بها عنه، وانظري للفائدة الفتوى: 292558.
والله أعلم.