ذكر اختلاف الذين رأوا الجمع
بين الصلاتين في السفر في الوقت الذي يجمع
فيه بين الصلاتين في السفر
اختلف أهل العلم في فقالت طائفة: من كان له أن يقصر فله أن يجمع [إن شاء] في وقت الأولى منهما، وإن شاء ففي وقت الآخرة، هذا قول الوقت الذي يجوز لمن أراد الجمع بين الصلاتين أن يجمع بينهما فيه ، الشافعي . قال وإسحاق بن راهويه : جد به السير أو لم يجد، سائرا كان أو نازلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما الشافعي بعرفة غير سائر إلا إلى الموقف، وبالمزدلفة نازلا ثابتا، وحكى عنه معاذ أنه جمع، فدلت حكايته على أن جمعه وهو نازل في سفره غير سائر فيه، وبه قال أبو ثور.
1148 - أخبرنا الربيع ، قال: أخبرنا ، قال: أنا الشافعي عن مالك، ، عن أبي الزبير ، أن أبي الطفيل عامر بن واثلة أخبره: معاذ بن جبل أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك، " فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم [يجمع] بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، قال: فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ". [ ص: 130 ]
وكان يقول: لا يضره أن يجمع بينهما في وقت أحدهما، وهذا يشبه مذهب عطاء بن أبي رباح ؛ لأن سالم بن عبد الله سالما سئل عن الجمع بين الصلاتين، فقال: ألم تر إلى جمع الناس بعرفة ؟ وإنما يجمع الناس بعرفة بين الصلاتين في وقت إحداهما، وقد روينا عن أنه جمع بين المغرب والعشاء [بعد] ما غاب الشفق. ابن عباس
1149 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: نا أبو معاوية ، قال: نا حجاج، عن عطاء ، عن ، "أنه ابن عباس جاء من جمع بين المغرب والعشاء [بعد] ما غاب الشفق وهو الطائف ".
وصلى مجاهد الظهر بعدما زالت الشمس ثم التفت فقال: ألا أريحكم من العصر؟ فنقول: بلى، فيصلي العصر. وقال كنحو مما قاله طاوس سالم.
وقد احتج بعض من يقول بهذا القول بأن السنة أن تصلى الصلوات في أوقاتها، فلما سن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين الصلاتين في السفر، دل على أن حال الجمع غير حال التفريق بينهما، وليس لقول من قال إن الأولى منهما تصلى في آخر وقتها، والثانية في أول وقتها معنى، لأن ذلك لو فعله [ ص: 131 ] فاعل في الحضر، وحيث لا يجوز الجمع بين الصلاتين، ما كان عليه شيء.
وقالت طائفة: روي هذا القول عن إذا أراد المسافر الجمع بين الصلاتين أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، وجمع بينهما، ، سعد بن أبي وقاص ، وابن عمر وعكرمة.
1150 - حدثنا ، قال: نا علي بن الحسن عبد الله، عن سفيان، قال: نا ، عن عاصم الأحول أبي عثمان قال: خرجت مع سعد إلى مكة ونحن موافدون، فكان يجمع بين الصلاتين يؤخر الظهر ويعجل العصر، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء ويجمع بينهما.
1151 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: نا ، عن أبو الأحوص عن عبد الكريم الجزري، نافع قال: إذا سافر جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، يؤخر من هذه ويعجل من هذه". ابن عمر "كان
وقال : وجه الجمع أن يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر، ثم ينزل فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب كذلك، وإن قدم فأرجو أن لا يكون به بأس. وقال أحمد بن حنبل كما قال بلا رجاء. إسحاق:
وقال أحمد في موضع آخر: يؤخر الظهر إلى العصر والمغرب إلى العشاء.
وأما أصحاب الرأي فإنهم يرون أن يصلي الظهر في آخر وقتها [ ص: 132 ] والعصر في أول وقتها، فأما أن يصلي واحدة في وقت الأخرى فلا، إلا بعرفة ومزدلفة، وأما بغيرهما فلا.
قال [اسم] أبو بكر: وعلى من جمع بينهما فصلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها إن أمكن ذلك، غير أنك إذا تدبرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمت أنها دالة على إباحة الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، مع أن الجمع بين الصلاتين إنما رخص فيه للمسافر تخفيفا عليه، ولو كان المسافر كلف إذا أراد الجمع بين الصلاتين أن يصلي الأولى من الصلاتين في آخر وقتها والأخرى في أول وقتها، لكان ذلك إلى التشديد على المسافر والتغليظ عليه أقرب، مع أن بعض أهل العلم قد قال: لا سبيل إلى الجمع بين الصلاتين على ما شرطه من زعم أن الجمع لا يجوز بين الصلاتين إلا أن يصلي هذه في آخر وقتها والأخرى في أول وقتها بوجه من الوجوه، والأخبار الثابتة مستغنى بها عن كل قول، فمما دل على ما قلناه جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين الجمع بين الصلاتين يقع على من جمع بينهما في وقت إحداهما، بعرفة في وقت الظهر وجمعه بالمزدلفة بين المغرب والعشاء في وقت العشاء.
1152 - حدثنا عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر أيوب
وموسى بن عقبة، عن نافع قال: " بوجع امرأته وهو في سفر، فأخر المغرب، فقيل له: الصلاة؟ فسكت، وأخرها بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوى من الليل، ثم نزل وصلى المغرب والعشاء، ابن عمر ثم [ ص: 133 ] قال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل إذا جد في السير أو إذا جد به الميسر أخبر ".
1153 - حدثنا قال: نا محمد بن إسماعيل، أبو رجاء ، قالا: نا وأبو معاوية المفضل بن فضالة، عن عقيل، عن ، عن الزهري أنس، "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر في السفر، أخر الظهر حتى يكون أول وقت العصر، ثم ينزل فيجمع بينهما، وكان يؤخر المغرب حتى يكون أول وقت العشاء، ثم ينزل فيجمع بينهما".