6 - باب الرهن غير المضمون
11743 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، قالوا: حدثنا وأبو سعيد، قال: أخبرنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه" . [ ص: 232 ]
11744 - قال غنمه: زيادته، وغرمه: هلاكه ونقصه. الشافعي:
11745 - وأخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا وأبو سعيد، قال: أخبرنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الثقة، عن الشافعي يحيى بن أبي أنيسة، عن عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو مثل معناه لا يخالفه. أبي هريرة،
11746 - قال رواه أحمد: عن إسماعيل بن عياش، موصولا، ابن أبي ذئب ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف، وحديث عن غير ابن عياش أهل الشام ضعيف.
11747 - وقد أخبرني فيما قرأت عليه من أصله قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: حدثنا علي بن عمر الحافظ أبو محمد بن صاعد قال: حدثنا عبد الله بن عمران العابدي قال: حدثنا عن سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة "لا يغلق الرهن، له غنمه، وعليه غرمه".
11748 - قال علي: من الحفاظ الثقات، وهذا إسناده حسن متصل. زياد بن سعد
11749 - أنبأني إجازة، عن أبو عبد الله، ابن العباس، عن عن الربيع، قال: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم: الشافعي لا يغلق بشيء، أي: إن ذهب لم يذهب بشيء، وإن أراد صاحبه انفكاكه فلا يغلق في [ ص: 233 ] يدي الذي هو في يديه، والرهن للراهن أبدا حتى يخرجه من ملكه بوجه يصح إخراجه له. "لا يغلق الرهن"،
11750 - والدليل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم بينه ووكده، فقال: "الرهن من صاحبه الذي رهنه"، "له غنمه، وعليه غرمه".
11751 - قال وغنمه: سلامته وزيادته، وغرمه: عطبه ونقصه، ولو كان إذا رهن رهنا بدرهم وهو يساوي درهما فهلك، ذهب الدرهم فلم يلزم الراهن، كان إنما هلك من مال المرتهن، لا مال الراهن، فهو حينئذ من المرتهن لا من الراهن، وهذا خلاف ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وبسط الكلام فيه. الشافعي:
11752 - قالوا: روينا عن أنه قال: " يترادان الفضل. علي بن أبي طالب،
11753 - قال: قلنا: فهو إذا قال: يترادان الفضل، فقد خالف قولكم، وزعم أنه ليس منه شيء بأمانة.
11754 - قال: فقد روينا عن شريح، أنه قال: الرهن بما فيه، وإن كان خاتما من حديد.
11755 - قلنا: وأنت أيضا تخالفه، أنت تقول: إن رهنه بمائة ألف فهلك الرهن رجع صاحب الحق المرتهن على الراهن بتسع مائة من رأس ماله، وشريح لا يرد واحدا منهما على صاحبه بحال.
11756 - قال: فقد روى عن مصعب بن ثابت، عطاء، . [ ص: 234 ] أن رجلا رهن رجلا فرسا فهلك الفرس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذهب حقك"
11757 - فقيل له: أخبرنا عن إبراهيم، عن مصعب بن ثابت، قال: زعم عطاء كذا، ثم حكى هذا القول. الحسن
11758 - قال كان إبراهيم: يتعجب مما روى عطاء الحسن.
11759 - وأخبرنيه غير واحد عن مصعب، عن عن عطاء، الحسن.
11760 - وأخبرني من أثق به أن رجلا من أهل العلم، سماه في القديم، فقال: إن رواه عن ابن المبارك مصعب، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسكت عن عطاء، الحسن.
11761 - فقيل له: أصحاب مصعب يروونه، عن عن عطاء، الحسن.
11762 - فقال: نعم، كذلك حدثنا، ولكن مرسل أنفق من عطاء مرسل. الحسن
11763 - فقال ومما يدلك على وهن ذلك عن الشافعي: إن كان رواه أن عطاء يفتي بخلافه، ويقول: فيما ظهر هلاكه أمانة، وفيما خفي هلاكه: يترادان الفضل. عطاء
11764 - وهذا أثبت الرواية عنه، وقد روي عنه: يترادان، مطلقة، وما شككنا فيه، فلا نشك أن إن شاء الله لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثبتا عنده ويقول بخلافه، مع أني لم أعلم أحدا روى هذا عن عطاء يرفعه إلا عطاء مصعب.
11765 - قال: والذي روي عن يرفعه يوافق قول عطاء شريح: أن الرهن بما فيه، فقد يكون الفرس أكثر مما فيه من الحق، ومثله وأقل، فلم يرو أنه سأل عن قيمة الفرس.
11766 - قال: فكيف قبلتم عن منقطعا. ابن المسيب
11767 - قلنا: لا يحفظ أن روى منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده، ولا أثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا عن ثقة معروف، فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه. وبسط الكلام في شرح هذا. ابن المسيب
11768 - قال: فكيف لم تأخذوا بقول علي فيه . [ ص: 235 ]
11769 - قلنا: إذا ثبت عندنا عن علي، رضي الله عنه، لم يكن لنا أن نترك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: إلى ما جاء عن غيره.
11770 - قال: فقد روى عبد الأعلى الثعلبي، عن شبيها بقولنا. علي بن أبي طالب،
11771 - قلنا: الرواية عن بأن يترادا الفضل أصح عنه من رواية علي بن أبي طالب، وقد رأينا أصحابكم يضعفون رواية عبد الأعلى، التي لا يعارضها معارض تضعيفا شديدا، فكيف بما عارضه فيه من هو أقرب من الصحة وأولى بها منه. عبد الأعلى
11772 - قال وقيل لقائل هذا القول: قد خرجت فيه مما رويت عن الشافعي: ترفعه، ومن أصح الروايتين عن عطاء علي، وعن شريح، وما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول رويته عن وقد روي عن إبراهيم، خلافه. وبسط الكلام في هذا. إبراهيم
11773 - قال أما الذي ذكر أحمد: رحمه الله في مرسلات الشافعي فكذلك قال غيره من أهل العلم بالحديث. ابن المسيب،
11774 - قال مرسلات أحمد بن حنبل: صحاح، لا نرى أصح من مرسلاته. سعيد بن المسيب
11775 - وأما الحسن، وعطاء فليست مراسيلهما بذلك، هي أضعف المرسلات، كأنهما كانا يأخذان عن كل. أخبرناه قال: حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عمي حنبل بن إسحاق الله يقول: فذكره. أبا عبيد
11776 - وأخبرنا قال: حدثنا أبو عبد الله قال: سمعت أبو العباس يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: يحيى بن معين، مراسيل أصح المراسيل سعيد بن المسيب.
[ ص: 236 ] 11777 - أخبرنا قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العنزي قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي عبد الله بن صالح المصري قال: حدثني قال: حدثني الليث أن يحيى بن سعيد، كان إذا سئل عن مسألة فالتبست عليه قال: عبد الله بن عمر بن الخطاب، بسعيد بن المسيب، فإنه قد جالس الصالحين". "عليكم
11778 - وأخبرنا قال: أخبرني أبو عبد الله أبو النضر الفقيه قال: حدثنا قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثني عبد الله بن صالح عن الليث، قال: قلت جعفر بن ربيعة من أفقه لعراك بن مالك: أهل المدينة؟ قال: " أما أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وأفقههم فقها، وأبصرهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب ".
11779 - قال الحكايات عن السلف في تفضيل أحمد: فيما يرونه على أبناء دهره كثيرة. سعيد بن المسيب
11780 - وللشافعي رحمه الله فيما قال في مراسيل بهم قدوة. ابن المسيب
11781 - ثم إنه لم يقتصر في مراسيله على مجرد الدعوى، حتى بين وجه الرجحان في مراسيله، ثم لم يخص به بل قد قطع القول بأن من كان في مثل حاله قبلنا منقطعه. ابن المسيب،
11782 - وقد حكينا مبسوط كلامه في ذلك في الأصول، ثم هذا الحديث قد وصله وهو من الثقات، وسبق ذكرنا له. زياد بن سعد،
11783 - وأما الذي روي، عن عن عمرو بن دينار، مرفوعا: أبي هريرة، منقطع وإسناده غير قوي . [ ص: 237 ] "الرهن بما فيه".
11784 - وروى إسماعيل الذارع، عن عن حماد بن سلمة، عن قتادة، وعن أنس، سعيد بن راشد، عن عن حميد، مرفوعا: أنس، "الرهن بما فيه".
11785 - وإسماعيل هذا كان يضع الحديث قاله فيما أخبرونا عنه. الدارقطني
11786 - واختلفت الرواية فيه عن علي: فروى عبد الأعلى الثعلبي، عن عن ابن الحنفية، علي: "إذا كان الرهن أقل رد الفضل، وإن كان أكثر فهو بما فيه".
11787 - وعبد الأعلى الثعلبي ضعيف.
11788 - وقال قلت يحيى بن سعيد القطان: لسفيان في أحاديث عن عبد الأعلى، فوهنها. ابن الحنفية
11789 - وفي رواية الحكم عن علي، ورواية الحارث، عن علي: يترادان الفضل، وهو منقطع، وضعيف.
11790 - وفي رواية عن قتادة، خلاس، عن علي: . [ ص: 238 ] "إذا كان في الرهن فضل فإن أصابته جائحة فالرهن بما فيه، وإن لم تصبه جائحة فإنه يرد الفضل"
11791 - وهذه أصح الروايات عن علي، وفيها: أن أهل العلم بالحديث يقولون: ما روى خلاس، عن علي أخذه من صحيفة.
11792 - قاله وغيره من الحفاظ. يحيى بن معين،
11793 - وروي عن مثل رواية عمر بن الخطاب وإنما رواه عبد الأعلى، أبو العوام عمران بن داور القطان، عن مطر، عن عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عمر بن الخطاب.
11794 - وعمران بن داور القطان لم يحتج به صاحبا الصحيح، وضعفه يحيى بن معين، وكان وأبو عبد الرحمن النسائي. لا يحدث عنه، وقال: لم يكن من أهل الحديث، كتبت عنه أشياء فرميت بها. يحيى بن سعيد القطان
11795 - أخبرنا قال: حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: يحيى بن معين، لم يرو عنه عمران القطان وليس هو بشيء. يحيى بن سعيد،
11796 - والعجب أن بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه يطعن في في مسألة نكاح المحرم، حين روى مطر الوراق حماد، عن مطر، عن ربيعة، عن عن سليمان بن يسار، أبي رافع: ثم يحتج [ ص: 239 ] برواية "أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا". أبي العوام عنه في هذه المسألة، ويجعل اعتماده عليه، إذ ليس له فيما يروي عن غيره حجة كما بينه الشافعي.
11797 - ثم إنه ذكر حديث عن أبيه قال: كان من أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم، منهم: عبد الرحمن بن أبي الزناد، سعيد بن المسيب، وذكر الفقهاء السبعة في مسبحة من نظرائهم أهل فقه وفضل، فذكر ما جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة أنهم قالوا: الرهن بما فيه إذا هلك وعميت قيمته. ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وعروة بن الزبير،
11798 - واستدل بهذا على أن كان يذهب إلى تضمين الرهن، والراوي أعلم بتأويل الخبر، دل أن معنى حديثه غير ما ذهبتم إليه. ابن المسيب
11799 - قلنا: ليس من الإنصاف ترك شيء من الحديث ليستقيم على الباقي.
11800 - وما قصده من الاحتجاج به حديث قد أخبرناه ابن أبي الزناد، أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الرفاء قال: أخبرنا عثمان بن محمد بن بشر قال: حدثنا قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي إسماعيل بن أبي أويس، وعيسى بن مينا قالا: حدثنا أن أباه أخبره قال: كان من أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم، فذكر أسماءهم، ثم قال: وربما اختلفوا في الشيء فأخذنا بقول أكثرهم. عبد الرحمن بن أبي الزناد
11801 - فأخبر أن الذي جمعه واختاره فيما اختلفوا فيه قول بعضهم، لا قول جميعهم. أبو الزناد،
11802 - وقد ثبت عن خلاف ذلك، دل أنه لم يرده. ابن المسيب
11803 - وأما رواية الثقة منهم فهو منقطع، كحديث وفيه زيادة ليست في حديث عطاء، وهي أنه إنما يكون بما فيه إذا عميت قيمته . [ ص: 240 ] عطاء،
11804 - وهذا أشبه أن يكون كمذهب في الفرق بين ما يظهر هلاكه، مثل الدار والنخل والعبد، وبين ما يخفى هلاكه، فيجعله بما فيه فيما يخفى هلاكه، ويجعله أمانة فيما يظهر هلاكه. مالك
11805 - ونحن نقول به فيما يظهر هلاكه.
11806 - والمحتج بهذا لا يقول به فيما يخفى هلاكه في حال دون حال، ولا يقول به فيما يظهر هلاكه بحال، فمن المحال أن يحتج بما لا يقول به في أكثر أحواله، وهو عندنا لا حجة فيه لانقطاعه.
11807 - ونحن لم نحتج بمراسيل حتى أكدناها بما تتأكد به المراسيل، ثم قد روينا مرسله في هذه المسألة من غير جهة ابن المسيب موصولا، فقامت به الحجة. ابن أبي ذئب
11808 - واعترض المحتج بهذا المنقطع على في تأويله قوله صلى الله عليه وسلم: الشافعي وزعم أنه يخالف تأويل غيره. "لا يغلق الرهن"،
11809 - والشافعي قد ذكر معه تأويل غيره، واستنبط من الخبر معنى آخر، وهو بمكانة من اللغة، وكونه من أرباب اللسان دارا ونسبا، فمن الغباوة الدخول عليه فيما يقوله في اللغة، ثم اعتماده في القديم والجديد على قوله: "الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه"، ولم أجد لقائل هذا عليه كلاما سوى التخصيص، وذلك لا يقبل من غير دلالة، وبالله التوفيق.
[ ص: 241 ]