باب الرشوة والهدية للقضاة والعمال.
قال الله سبحانه وتعالى: ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ) ، أي: لا تعطوها الحكام على سبيل الرشوة ليغيروا الحكم لكم، مأخوذة من أدليت الدلو، ومنه يقال: أدلى بحجته، أي: أرسلها، وقال الله سبحانه وتعالى: ( يأخذون عرض هذا الأدنى ) أي: يرتشون في الأحكام.
2493 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، نا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، نا علي بن الجعد ، عن ابن أبي ذئب الحارث بن عبد الرحمن ، عن ، [ ص: 88 ] عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: عبد الله بن عمرو " لعنة الله على الراشي والمرتشي " .
هذا حديث حسن مراجعة سنن الترمذي : هو وابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث ، والحارث بن عبد الرحمن خاله.
قال الإمام: الرشوة: ما يعطى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، فيعطي الراشي لينال باطلا، أو ليمنع حقا يلزمه، ويأخذ الآخذ على أداء حق يلزمه، فلا يؤديه إلا برشوة يأخذ، أو على باطل يجب عليه تركه، ولا يتركه إلا بها، فأما إذا أعطى المعطي ليتوصل به إلى حق، أو يدفع عن نفسه ظلما، فلا بأس.
يروى عن ، أنه أخذ، فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. ابن مسعود
وروي عن ، الحسن ، والشعبي ، وجابر بن زيد ، أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه، وماله، إذا خاف الظلم. وعطاء
قال الإمام: وكذلك الآخذ إذا أخذ ليسعى في إعانة صاحب الحق، فلا بأس.
وقال : كان يقال: السحت: الرشوة في الحكم، وكانوا يعطون على الخرص. ابن سيرين
وروي عن ، عن قيس بن أبي حازم ، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل اليمن ، فلما سرت أرسل في أثري، فرددت، [ ص: 89 ] فقال: " أتدري لم بعثت إليك؟ لا تصيبن شيئا بغير إذني، فإنه غلول، ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة لهذا دعوتك، فامض لعملك " .
وعن ، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: عبد الله بن بريدة " من استعملناه على عمل، فرزقناه رزقا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول " .
وفي الحديث: " هدايا الأمراء غلول " ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه كان يقبل الهدية " ، فقد قيل: ليس هذا لأحد بعده من الخلفاء، لقوله صلى الله عليه وسلم : "هدايا الأمراء غلول" .
وروي عن ، أنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية وللأمراء بعده رشوة. عمر بن عبد العزيز
وروي عن علي رضي الله عنه أنه كان يرده إلى بيت مال المسلمين، وإليه ذهب . أبو حنيفة
وقال : ما أهدى إليه أهل الحرب، فهو له دون بيت المال. [ ص: 90 ] . أبو يوسف