[ ص: 8 ] الصنف السابع في المجمل .
ويشتمل على مقدمة ومسائل ، أما المقدمة ففي
nindex.php?page=treesubj&link=28082معنى المجمل .
وهو في اللغة مأخوذ من الجمع ، ومنه يقال " أجمل الحساب " إذا جمعه ورفع تفاصيله .
وقيل : هو المحصل ، ومنه يقال : " جملت الشيء إذا حصلته " هكذا ذكره صاحب المجمل في اللغة .
وأما في اصطلاح الأصوليين ، فقال بعض أصحابنا : هو اللفظ الذي لا يفهم منه عند الإطلاق شيء ، وهو فاسد ، فإنه ليس بمانع ولا جامع .
أما أنه ليس بمانع ، فلأنه يدخل فيه اللفظ المهمل ، فإنه لا يفهم منه شيء عند إطلاقه ، وليس بمجمل ، لأن الإجمال والبيان من صفات الألفاظ الدالة ، والمهمل لا دلالة له ، ويدخل فيه قولنا مستحيل فإنه ليس بمجمل مع أنه لا يفهم منه شيء عند إطلاقه ، لأن مدلوله ليس بشيء بالاتفاق .
وأما أنه ليس بجامع ، فلأن اللفظ المجمل المتردد بين محامل ، قد يفهم منه شيء وهو انحصار المراد منه في بعضها ، وإن لم يكن معينا .
وكذلك ما هو مجمل من وجه ، ومبين من وجه ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وآتوا حقه يوم حصاده ) ، فإنه مجمل ، وإن كان يفهم منه شيء .
فإن قيل : المراد منه أنه الذي لا يفهم منه شيء عند إطلاقه من جهة ما هو مجمل ، ففيه تعريف المجمل بالمجمل ، وتعريف الشيء بنفسه ممتنع .
كيف وإن الإجمال كما أنه قد يكون في دلالة الألفاظ ، فقد يكون في دلالة الأفعال ، وذلك كما لو قام النبي - صلى الله عليه وسلم - من الركعة الثانية ، ولم يجلس جلسة التشهد الوسط ، فإنه متردد بين السهو الذي لا دلالة له على جواز ترك الجلسة ، وبين التعمد الدال على جواز تركها .
وإذا كان الإجمال قد يعم الأقوال والأفعال ،
[ ص: 9 ] فتقييد حد المجمل باللفظ يخرجه عن كونه جامعا ، وبهذا يبطل ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في حد المجمل من أنه اللفظ الصالح لأحد معنيين الذي لا يتعين معناه لا بوضع اللغة ولا بعرف الاستعمال .
وذكر
أبو الحسين البصري فيه حدين آخرين .
الأول : أنه ( الذي لا يمكن معرفة المراد منه ) ويبطل بالألفاظ المهملة ، وباللفظ الذي هو حقيقة في شيء ، فإنه إذا أريد به جهة مجازه ، فإنه لا يفهم المراد منه ، وليس بمجمل .
الثاني : قال : ( المجمل هو ما أفاد شيئا من جملة أشياء هو متعين في نفسه ، واللفظ لا بعينه ) ، قال وهذا بخلاف قولك : " اضرب رجلا " فإن مدلوله واحد غير معين في نفسه ، وأي رجل ضربته جاز ، ولا كذلك لفظ القرء فإن مدلوله واحد في نفسه من الطهر أو الحيض ، وفيه إشعار بتقييد الحد باللفظ حيث قال : ( واللفظ لا بعينه ) فلا يكون جامعا بخروج الإجمال في دلالة الفعل عنه ، كما حققناه ، وإنما يصح التقييد باللفظ ، لو أريد تحديد المجمل اللفظي خاصة .
والحق في ذلك أن يقال : ( المجمل هو ما له دلالة على أحد أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه ) .
فقولنا : ( ما له دلالة ) ليعم الأقوال والأفعال وغير ذلك من الأدلة المجملة .
وقولنا : ( على أحد أمرين ) احتراز عما لا دلالة له إلا على معنى واحد .
وقولنا : ( لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه ) احتراز عن اللفظ الذي هو ظاهر في معنى وبعيد في غيره ، كاللفظ الذي هو حقيقة في شيء ومجاز في شيء على ما عرف فيما تقدم .
وقد يكون ذلك في لفظ مفرد مشترك عند القائلين بامتناع تعميمه ، وذلك إما بين مختلفين ، كالعين ، للذهب والشمس ، والمختار للفاعل والمفعول ، أو ضدين كالقرء ، للطهر والحيض .
[1] [ ص: 10 ] وقد يكون في لفظ مركب ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) فإن هذه مترددة بين الزوج والولي .
وقد يكون ذلك بسبب التردد في عود الضمير إلى ما تقدمه كقولك : " كل ما علمه الفقيه فهو كما علمه " فإن الضمير في ( هو ) متردد بين العود إلى الفقيه وإلى معلوم الفقيه ، والمعنى يكون مختلفا ، حتى أنه إذا قيل : بعوده إلى الفقيه ، كان معناه في الفقيه لمعلومه ، وإن عاد إلى معلومه كان معناه . فمعلومه على الوجه الذي علم .
وقد يكون ذلك بسبب تردد اللفظ بين جمع الأجزاء وجمع الصفات ، كقولك : " الخمسة زوج وفرد " والمعنى مختلف ، حتى أنه إن أريد به جمع الأجزاء ، كان صادقا ، وإن أريد به جمع الصفات ، كان كاذبا .
وقد يكون ذلك بسبب الوقف والابتداء ، كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) فالواو في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7والراسخون ) متردد بين العطف والابتداء ، والمعنى يكون مختلفا .
[2] وقد يكون ذلك بسبب تردد الصفة
[3] وذلك كما لو كان زيد طبيبا غير ماهر
[ ص: 11 ] في الطب وهو ماهر في غيره ، فقلت : " زيد طبيب ماهر " فإن قولك : ( ماهر ) متردد بين أن يراد به كونه ماهرا في الطب فيكون كاذبا ، وبين أن يراد به غيره فيكون صادقا .
وقد يكون ذلك بسبب تردد اللفظ بين مجازاته المتعددة عند تعذر حمله على حقيقته ، وقد يكون بسبب تخصيص العموم بصور مجهولة ، كما لو قال : " اقتلوا المشركين " ثم قال بعد ذلك : " بعضهم غير مراد لي من لفظي "
[4] فإن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين ) بعد ذلك يكون مجملا غير معلوم ، أو بصفة مجهولة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين ) فإن تقييد الحل بالإحصان مع الجهل بما هو الإحصان ، موجب للإجمال فيما أحل
[5] أو باستثناء مجهول كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم )
[6] فإنه مهما كان المستثنى مجملا ، فالمستثنى منه كذلك ، وكذلك الكلام في تقييد المطلق .
وقد يكون ذلك بسبب إخراج اللفظ في عرف الشرع عما وضع له في اللغة عند القائلين بذلك ، قبل بيانه لنا ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) فإنه يكون مجملا لعدم إشعار اللفظ بما هو المراد منه بعينه من الأفعال المخصوصة ؛ لأنه
[7] مجمل بالنسبة إلى الوجوب .
[ ص: 12 ] هذا كله في الأقوال وقد يكون ذلك في الأفعال ، كما ذكرناه أولا .
وتمام كشف الغطاء عن ذلك بمسائل وهي ثمان .
[ ص: 8 ] الصِّنْفُ السَّابِعُ فِي الْمُجْمَلِ .
وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَمَسَائِلَ ، أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=28082مَعْنَى الْمُجْمَلِ .
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجَمْعِ ، وَمِنْهُ يُقَالُ " أَجْمَلَ الْحِسَابَ " إِذَا جَمَعَهُ وَرَفَعَ تَفَاصِيلَهُ .
وَقِيلَ : هُوَ الْمُحَصَّلُ ، وَمِنْهُ يُقَالُ : " جَمَّلْتُ الشَّيْءَ إِذَا حَصَّلْتَهُ " هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُجْمَلِ فِي اللُّغَةِ .
وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ شَيْءٌ ، وَهُوَ فَاسِدٌ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ وَلَا جَامِعٍ .
أَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ ، فِلِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ اللَّفْظُ الْمُهْمَلُ ، فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ ، وَلَيْسَ بِمُجْمَلٍ ، لِأَنَّ الْإِجْمَالَ وَالْبَيَانَ مِنْ صِفَاتِ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ ، وَالْمُهْمَلُ لَا دَلَالَةَ لَهُ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُنَا مُسْتَحِيلٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ ، لِأَنَّ مَدْلُولَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ بِالِاتِّفَاقِ .
وَأَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِجَامِعٍ ، فَلِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُجْمَلَ الْمُتَرَدِّدَ بَيْن مَحَامِلَ ، قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ انْحِصَارُ الْمُرَادِ مِنْهُ فِي بَعْضِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا .
وَكَذَلِكَ مَا هُوَ مُجْمَلٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَمُبَيَّنٌ مِنْ وَجْهٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) ، فَإِنَّهُ مُجْمَلٌ ، وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ .
فَإِنْ قِيلَ : الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ مِنْ جِهَةِ مَا هُوَ مُجْمَلٌ ، فَفِيهِ تَعْرِيفُ الْمُجْمَلِ بِالْمُجْمَلِ ، وَتَعْرِيفُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ مُمْتَنِعٌ .
كَيْفَ وَإِنَّ الْإِجْمَالَ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي دَلَالَةِ الْأَلْفَاظِ ، فَقَدْ يَكُونُ فِي دَلَالَةِ الْأَفْعَالِ ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ، وَلَمْ يَجْلِسْ جِلْسَةَ التَّشَهُّدِ الْوَسَطِ ، فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ السَّهْوِ الَّذِي لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى جَوَازِ تَرْكِ الْجِلْسَةِ ، وَبَيْنَ التَّعَمُّدِ الدَّالِّ عَلَى جَوَازِ تَرْكِهَا .
وَإِذَا كَانَ الْإِجْمَالُ قَدْ يَعُمُّ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ ،
[ ص: 9 ] فَتَقْيِيدُ حَدِّ الْمُجْمَلِ بِاللَّفْظِ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ جَامِعًا ، وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ فِي حَدِّ الْمُجْمَلِ مِنْ أَنَّهُ اللَّفْظُ الصَّالِحُ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ الَّذِي لَا يَتَعَيَّنُ مَعْنَاهُ لَا بِوَضْعِ اللُّغَةِ وَلَا بِعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ .
وَذَكَرَ
أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فِيهِ حَدَّيْنِ آخَرَيْنِ .
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ ( الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْمُرَادِ مِنْهُ ) وَيَبْطُلُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُهْمَلَةِ ، وَبِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِي شَيْءٍ ، فَإِنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ جِهَةُ مَجَازِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ ، وَلَيْسَ بِمُجْمَلٍ .
الثَّانِي : قَالَ : ( الْمُجْمَلُ هُوَ مَا أَفَادَ شَيْئًا مِنْ جُمْلَةِ أَشْيَاءَ هُوَ مُتَعَيِّنٌ فِي نَفْسِهِ ، وَاللَّفْظُ لَا بِعَيْنِهِ ) ، قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِكَ : " اضْرِبْ رَجُلًا " فَإِنَّ مَدْلُولَهُ وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فِي نَفْسِهِ ، وَأَيُّ رَجُلٍ ضَرَبْتَهُ جَازَ ، وَلَا كَذَلِكَ لَفْظُ الْقُرْءِ فَإِنَّ مَدْلُولَهُ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ مِنَ الطُّهْرِ أَوِ الْحَيْضِ ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِتَقْيِيدِ الْحَدِّ بِاللَّفْظِ حَيْثُ قَالَ : ( وَاللَّفْظُ لَا بِعَيْنِهِ ) فَلَا يَكُونُ جَامِعًا بِخُرُوجِ الْإِجْمَالِ فِي دَلَالَةِ الْفِعْلِ عَنْهُ ، كَمَا حَقَّقْنَاهُ ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ التَّقْيِيدُ بِاللَّفْظِ ، لَوْ أُرِيدَ تَحْدِيدُ الْمُجْمَلِ اللَّفْظِيِّ خَاصَّةً .
وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : ( الْمُجْمَلُ هُوَ مَا لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ) .
فَقَوْلُنَا : ( مَا لَهُ دَلَالَةٌ ) لِيَعُمَّ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمُجْمَلَةِ .
وَقَوْلُنَا : ( عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَا دَلَالَةَ لَهُ إِلَّا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ .
وَقَوْلُنَا : ( لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ) احْتِرَازٌ عَنِ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَبِعِيدٌ فِي غَيْرِهِ ، كَاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِي شَيْءٍ وَمَجَازٌ فِي شَيْءٍ عَلَى مَا عُرِفَ فِيمَا تَقَدَّمَ .
وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي لَفْظٍ مُفْرَدٍ مُشْتَرَكٍ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِامْتِنَاعِ تَعْمِيمِهِ ، وَذَلِكَ إِمَّا بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ ، كَالْعَيْنِ ، لِلذَّهَبِ وَالشَّمْسِ ، وَالْمُخْتَارِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ ، أَوْ ضِدَّيْنِ كَالْقُرْءِ ، لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ .
[1] [ ص: 10 ] وَقَدْ يَكُونُ فِي لَفْظٍ مُرَكَّبٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) فَإِنَّ هَذِهِ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ .
وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِسَبَبِ التَّرَدُّدِ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَى مَا تَقَدَّمَهُ كَقَوْلِكَ : " كُلُّ مَا عَلِمَهُ الْفَقِيهُ فَهُوَ كَمَا عَلِمَهُ " فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي ( هُوَ ) مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْعَوْدِ إِلَى الْفَقِيهِ وَإِلَى مَعْلُومِ الْفَقِيهِ ، وَالْمَعْنَى يَكُونُ مُخْتَلِفًا ، حَتَّى أَنَّهُ إِذَا قِيلَ : بِعَوْدِهِ إِلَى الْفَقِيهِ ، كَانَ مَعْنَاهُ فِي الْفَقِيهِ لِمَعْلُومِهِ ، وَإِنْ عَادَ إِلَى مَعْلُومِهِ كَانَ مَعْنَاهُ . فَمَعْلُومُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي عُلِمَ .
وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَرَدُّدِ اللَّفْظِ بَيْنَ جَمْعِ الْأَجْزَاءِ وَجَمْعِ الصِّفَاتِ ، كَقَوْلِكَ : " الْخَمْسَةُ زَوْجٌ وَفَرْدٌ " وَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ ، حَتَّى أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِهِ جَمْعُ الْأَجْزَاءِ ، كَانَ صَادِقًا ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ جَمْعُ الصِّفَاتِ ، كَانَ كَاذِبًا .
وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بَسَبَبِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَالرَّاسِخُونَ ) مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْعَطْفِ وَالِابْتِدَاءِ ، وَالْمَعْنَى يَكُونُ مُخْتَلِفًا .
[2] وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَرَدُّدِ الصِّفَةِ
[3] وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ زَيْدٌ طَبِيبًا غَيْرَ مَاهِرٍ
[ ص: 11 ] فِي الطِّبِّ وَهُوَ مَاهِرٌ فِي غَيْرِهِ ، فَقُلْتُ : " زِيدٌ طَبِيبٌ مَاهِرٌ " فَإِنَّ قَوْلَكَ : ( مَاهِرٌ ) مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يُرَادَ بِهِ كَوْنُهُ مَاهِرًا فِي الطِّبِّ فَيَكُونُ كَاذِبًا ، وَبَيْنَ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ فَيَكُونُ صَادِقًا .
وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَرَدُّدِ اللَّفْظِ بَيْنَ مَجَازَاتِهِ الْمُتَعَدِّدَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِصُوَرٍ مَجْهُولَةٍ ، كَمَا لَوْ قَالَ : " اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ " ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : " بَعْضُهُمْ غَيْرُ مُرَادٍ لِي مِنْ لَفْظِي "
[4] فَإِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مُجْمَلًا غَيْرَ مَعْلُومٍ ، أَوْ بِصِفَةٍ مَجْهُولَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ ) فَإِنَّ تَقْيِيدَ الْحِلِّ بِالْإِحْصَانِ مَعَ الْجَهْلِ بِمَا هُوَ الْإِحْصَانُ ، مُوجِبٌ لِلْإِجْمَالِ فِيمَا أُحِلَّ
[5] أَوْ بِاسْتِثْنَاءٍ مَجْهُولٍ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ )
[6] فَإِنَّهُ مَهْمَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مُجْمَلًا ، فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ .
وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِسَبَبِ إِخْرَاجِ اللَّفْظِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ عَمَّا وُضِعَ لَهُ فِي اللُّغَةِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ ، قَبْل بَيَانِهِ لَنَا ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) فَإِنَّهُ يَكُونُ مُجْمَلًا لِعَدَمِ إِشْعَارِ اللَّفْظِ بِمَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ ؛ لِأَنَّهُ
[7] مُجْمَلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوُجُوبِ .
[ ص: 12 ] هَذَا كُلُّهُ فِي الْأَقْوَالِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا .
وَتَمَامُ كَشْفِ الْغِطَاءِ عَنْ ذَلِكَ بِمَسَائِلَ وَهِيَ ثَمَانٍ .