وقال بعضهم : ثم كان كذلك إن طاف بالبيت في بقية يوم النحر ، وإن لم يطف بالبيت حتى يخرج عنه يوم النحر عاد على حرمته الأولى ، وحرم عليه ما كان حل له برمية الجمرة وبحلقه رأسه ، وكان ما احتج به أهل هذا القول لقولهم هذا ما قد روي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . من رمى في يوم النحر حل له كل شيء كان حراما بالحج إلا النساء
1558 - حدثنا عبيد بن محمد البزاز ، قال حدثنا بكر بن خلف ، قال حدثنا عن ابن أبي عدي ، ، قال : حدثني محمد بن إسحاق أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، عن أبيه ، وعن أمه عن زينب ابنة أبي سلمة ، رضي الله عنها . أم سلمة
حدثناه جميعا عنها ، قالت : وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوهب : هل أفضت بعد ؟ [ ص: 198 ] قال : لا والله يا رسول الله قال : انزع عنك القميص ، فنزعه من رأسه ، ثم قال : ولم يا رسول الله ؟ قال : إن هذا يوم رخص لكم إذا رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء ، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا بالبيت صرتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة . كانت ليلتي التي صير إلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر ، فصار إلى ، قالت : فدخل على
قال أبو عبيدة : حدثتني وكانت جارة لهم ، قالت : خرج من عندي أم قيس ابنة محصن ، عكاشة بن محصن في نفر من بني أسد متقمصين عشية يوم النحر ، ثم رجعوا إلى عشاء وقمصهم على أيديهم يحملونها ، قالت : فقلت : أي عكاشة ، ما لكم خرجتم متقمصين ورجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها ؟ قال : خير يا كان هذا يوما رخص لنا فيه ، إذا رمينا الجمرة حل لنا كل شيء حرمنا منه إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت ، فإذا أمسينا ولم نطف ، صرنا حرما كهيئتنا قبل أن نرمي الجمرة ، فأمسينا ولم نطف ، فصرنا حرما كما ترين . أم قيس ،
1559 - حدثنا ، قال حدثنا ابن أبي داود ، قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا ابن لهيعة ، ، عن أبو الأسود عن عروة ، وهي أخت جدامة ابنة وهب عكاشة بن وهب ، عكاشة بن وهب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخا لها آخر ، جاءا لها حين غابت الشمس يوم النحر ، فألقيا قميصيهما ، فقالت : ما لكما ؟ فقالا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من لم يكن أفاض منكما فليلق ثيابه وكانوا قد تطيبوا ولبسوا الثياب . أن
ولما اختلفوا في هذا الباب كما ذكرنا فيما اختلفوا فيه منه ، فرأينا الرجل إذا أحرم بالحج حرم عليه بإحرامه أشياء ، منها حلق رأسه ، فلا يزال كذلك حتى يرمي جمرة العقبة [ ص: 199 ] يوم النحر ، فإذا رماها حل له أن يحلق فدل إباحة الحلق له أن الحرمة التي كانت منعته من الحلق قد ذهبت قبل ذلك ، وأنه حلق حين حلق وهو حلال كما قال ، لا كما قال الآخرون ، وهذا قول قد روي عن ابن عباس ، وإن كان المشهور عنه خلافه . أبي يوسف
فإن قال قائل : لو كان كما ذكرت لكان لا معنى للحلق إذا كان الحاج قد صار حلالا ، برميه جمرة العقبة وإن لم يحلق ، إلا من النساء خاصة ولما كان للحلق الذي يفعله فضل على التقصير الذي يفعله مثله ، كما لا يفضل الحلال إذا حلق غيره من المحلين إذا قصروا .
قيل له : بل للحلق في هذا أكثر معنى ، وهو أفضل من التقصير للحاج بعد رميه جمرة العقبة ، لأنهما سبب من أسباب النسك يفعلان بعد الخروج من الإحرام وزوال الحرمة وارتفاعها ، لأنه قد رأينا بعض أسباب الحج يفعل بعد الخروج من الحج ، والدخول في الإحلال ، وهو طواف الصدر ، يفعله الحاج بعد خروجه من إحرامه ، لأنه شبيه لما كان فيه من إحرامه ، وإن كان تركه كان عليه الدم في تركه ، ولم يجعل في حكم الطواف الذي تركه الحلال عند خروجه من مكة ، ولم يكن محرما قبل ذلك فثبت بما ذكرنا ما روينا عن في هذا المعنى . ابن عباس
ثم رجعنا إلى قول الذين قالوا : وإلى قول الذين قالوا : يحل له كل شيء إلا النساء خاصة ، فوجدناهم لا يختلفون أنه بعد رميه وحلقه في بقية يوم النحر حلال له اللباس ، وحرام عليه النساء ، وإنما يختلفون في حرمة الطيب ، هل هي باقية عليه كما كانت أو مرتفعة عنه ؟ فأردنا أن ننظر في حكم الطيب ، هل يشبه حكم النساء فيقطعه عليه ؟ أو يشبه حكم اللباس فيقطعه عليه ؟ فوجدنا الحاج يحل له إذا رمى وحلق كل شيء إلا النساء والطيب ، بعرفة كان عليه دم ، وكان حجه فاسدا ، وكان عليه قضاء الحج من قابل ، وإذا لبس حينئذ كان عليه دم ، ولم يكن حجه فاسدا ، وإذا تطيب حينئذ كان عليه دم ، ولم يكن حجه فاسدا ، فثبت بذلك أن حكم الطيب بحكم اللباس فيما ذكرنا أشبه منه بحكم النساء ، فثبت بذلك قول الذين قالوا : يحل له مع اللباس الطيب كما حل له اللباس . إذا جامع قبل وقوفه
[ ص: 200 ] ثم رجعنا إلى قول الذين قالوا : إذا رمى الجمرة حل له كل شيء ما كان في يومه ذلك ، فإذا مضى يومه ذلك ، ولم يطف فيه بالبيت ، عاد حراما كما كان قبل ذلك . فلم نجد لأهل هذا القول معنى من طريق القياس ، فنذكره لهم ، وإنما وجدنا لهم في ذلك حديثي أم سلمة ، وأم قيس اللذين رويناهما عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب .
فكان حديث الذي رويناه عنها في هذا الباب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء ، فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، ولم يستثن منه شيئا ، أولى عندنا ، فإن تكلم رجل في عائشة الذي دار عليه حديث الحجاج بن أرطاة هذا ، فلخصمه أن يتكلم أيضا في عائشة ، محمد بن إسحاق اللذين دار عليهما حديث وعبد الله بن لهيعة أم سلمة ، اللذين رويناهما في هذا الباب ، والكلام في كل واحد منهما أكثر من الكلام في وأم قيس ، لأن الحجاج بن أرطاة الحجاج إنما تكلم فيما أرسله ، فأما ما قال فيه : سمعت ، أو : أخبرني ، أو : حدثني ، فلم يتكلم في ذلك أحد ، وكل واحد من ، ومن محمد بن إسحاق فقد تكلم في كل حديثه . عبد الله بن لهيعة