الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                [ ص: 116 ] ما افترق فيه الوكيل بالبيع والوكيل بقبض الدين 1 - صح إبراء الأول من الثمن وحطه وضمن ولا يصح من الثاني ، صح من الأول قبول الحوالة لا من الثاني .

                2 - وصح من الأول أخذ الرهن .

                3 - لا من الثاني ، [ ص: 117 ] وصح منهما أخذ الكفيل وصح ضمان الوكيل بالقبض المديون فيه .

                5 - ولا يصح ضمان الوكيل في المبيع المشترى في الثمن وتقبل شهادة الوكيل بالقبض بالدين لا الوكيل بالبيع به ، وللمشتري مطالبة [ ص: 118 ] الوكيل بما دفعه له إذا سلمه للموكل بعد فسخ البيع بخيار بخلاف الوكيل بالقبض للثمن ، ولا يصح نهي الموكل المشتري عن الدفع إلى الوكيل بالبيع بخلاف الوكيل بالقبض للثمن .

                [ ص: 116 ]

                التالي السابق


                [ ص: 116 ] قوله : صح إبراء الأول من الثمن إلخ قال في البزازية : ولو أبرأ الوكيل المشتري عن الثمن صح عندهما قبل قبض الثمن وضمن . وبعد قبضه لا يملك الحط والإبراء والإقالة .

                وبعدما قبل الثمن حوالة لا يصح كما بعد الاستيفاء ، وهذا إذا كان للمحتال على الوكيل المحيل دين فيصير قاضيا دين نفسه ، فيضمن للموكل . وإذا أقال وأراد إسقاط الضمان عن نفسه فلا يصح . وإذا لم يكن عليه دين فهي وكالة فلا تمنع الصحة . وفي موضع ثقة قبض الوكيل الثمن ثم وهب أو حط ، إن أضاف إلى المقبوض بأن قال وهبت منك هذا الثمن لا يصح إجماعا وإن أطلق بأن قال وهبت منك ثمن هذا العبد صح كما لو كان قبل قبض الثمن .

                ( 2 ) قوله : وصح من الأول أخذ الرهن ; لأن العقد في حق الحقوق وقع له ، ولهذا لو حجره الموكل عن أخذ الرهن والكفيل وعن تسليم المبيع قبل القبض لا ينفذ حجره ولو هلك الرهن في يده حتى سقط الثمن عن المشتري ، يظهر السقوط في الموكل . كذا في شرح الجامع الصغير للتمرتاشي .

                ( 3 ) قوله : لا من الثاني ; لأنه مأمور بقبض حقيقي فأتى بقبض حكمي فصار مخالفا فيضمن . وفي التمرتاشي نقلا عن الثاني : الوكيل بقبض لدين أخذ به رهنا لم يجز ( انتهى ) . وإن أخذ كفيلا جاز ; لأن هذا وثيقة يتوصل بها إلى الاستيفاء . وفي المنتقى عن محمد : المديون قال للوكيل بالقبض ليس عندي اليوم مال ولكن خذ هذا الثوب رهنا بالمال ، فأخذه منه فضاع لا ضمان عليه ; لأنه لم يكن الأداء به . [ ص: 117 ] قوله : وصح منهما أخذ الكفيل إلخ أقول : ليس هذا مما الكلام فيه ; لأن الكلام في الافتراق لا الاجتماع . واعلم أنه يزاد على ما ذكره المصنف : أن الوكيل بقبض الدين لا يملك توكيل غيره لتفاوت الناس في القبض بخلاف وكيل البيع . كذا في جامع الفصولين في أحكام الوكلاء من الفصل الرابع والثلاثين ، وهو مخالف لما ذكره المصنف في كتاب الوكالة من فن الفوائد من أن الوكيل بقبض الدين له أن يوكل من في عياله بغير إذن أو تعميم ، اللهم إلا أن يختص ما في جامع الفصولين بغير من في عيال الوكيل كما يدل على ذلك ما في شرح الجامع الصغير للتمرتاشي حيث قال : الوكيل بقبض الدين لا يملك التوكيل ولو فعل لا يبرأ المديون إلا أن يصل المال إلى الوكيل الأول أو يكون الثاني من عيال الأول .

                ( انتهى ) . وفي الخلاصة من الفصل الثالث : الوكيل بقبض الدين من رجل إذا وجب عليه من جنس الدين للمطلوب وقعت المقاصة والوكيل بقبض الدين إذا وهب الدين من الغريم أو أبرأ أو ارتهن ، لا يجوز بخلاف الوكيل بالبيع ( انتهى ) .

                والظاهر أن قوله بخلاف الوكيل بالبيع راجع لجميع ما تقدم وحينئذ تزاد صورة على ما ذكر المصنف وهي المقاصة في وكيل القبض دون وكيل البيع واعلم أنه كان على المصنف أن يذكر ما افترق فيه العدل والوكيل المفرد بالبيع . وذكر التمرتاشي في شرح الجامع الصغير : أنهما يفترقان في مسائل ، منها أنه يبيع الولد والإرث وما يؤخذ بالإتلاف . والمفرد لا يبيع ومنها إذا باع بخلاف جنس الدين كان له أن يصرفه إلى جنس الدين . والمفرد إذا باع بأي ثمن كان لا يجوز أن يصرفه ، ومنها عبد الرهن إذا قتله عبد فدفع به فالعدل يبيعه بخلاف المفرد ، ومنها العدل يجبر على البيع والمفرد لا ، ومنها أنه لا ينعزل الراهن الموكل بخلاف الوكيل المفرد .

                ( 5 ) قوله : ولا يصح ضمان الوكيل في المبيع المشتري إلخ صورته كما في الذخيرة : رجل أمر رجلا بأن يبيع عبده بألف درهم ودفع العبد ولم يقبض الثمن ثم إن [ ص: 118 ] البائع الوكيل ضمن للموكل الثمن عن المشتري فضمانه باطل ; لأنه أمين في الثمن ، وبالشرط لا يكون مضمونا عليه كالوديعة وكذلك الموكل لو احتال بالثمن على الوكيل لم تصح الحوالة ; لأن الحوالة لو صحت صار الوكيل ضامنا للثمن . والأمانات لا تنقلب مضمونة بالشرط كالوديعة والمضاربة فإن قيل : الوكيل بقبض الدين إذا كفل الموكل بالثمن صحت الكفالة . وطريق تصحيح الكفالة ارتفاع الأمانة فليكن كذلك فيما نحن فيه أجيب بأنه إنما كان طريق تصحيح الكفالة ارتفاع الأمانة في الوكيل بقبض الدين ; لأن تلك الأمانة يملك الموكل إخراجه منها ، ألا ترى أنه لو نهاه عن القبض يعمل نهيه ؟ فإذا تراضى الموكل والوكيل على الكفالة مع علمهما أن الأمانة لا تبقى مع الكفالة ، فقد خرج الوكيل عن الوكالة فصار مضمونا عليه أما هنا فبخلافه هكذا في حاشية العلامة قاسم على شرح المجمع .




                الخدمات العلمية