باب القول في أن إجماع أهل كل عصر حجة وأنه لا يقف على الصحابة خاصة
nindex.php?page=treesubj&link=21616_21620إذا أجمع أهل عصر على شيء ، كان إجماعهم حجة ، ولا يجوز اجتماعهم على الخطأ ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15857داود بن علي : الإجماع : إجماع الصحابة دون غيرهم ، واحتج بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ، وبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) قال : وهذا خطاب مواجهة للصحابة دون غيرهم ، فلا مدخل فيه لمن سواهم ، قال : ولأن العقل يجوز الخطأ على العدد الكثير ، وإنما وجبت العصمة من طريق الشرع ، وقد ثبت الشرع بعصمة الصحابة في إجماعهم ، ولم يثبت بعصمة غيرهم ، فمن ادعى عصمة غيرهم فعليه إقامة الدليل .
وهذا غير صحيح ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ويتبع غير سبيل المؤمنين ) ولم يفرق بين الصحابة وبين غيرهم ، فهو على عمومه .
وأيضا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=680453 " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ، وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670215 " إن يد الله على الجماعة " ، وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656531 " من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية " ، وما أشبه ذلك من الأحاديث التي قدمناها ، وهي عامة في الصحابة وفي غيرهم .
[ ص: 428 ] فأما الجواب عن الآيتين فهو : أن ذلك خطاب لجميع الأمة كما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وقاتلوا في سبيل الله ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) ، وكل ذلك خطاب لجميع الأمة ، فكذلك هاهنا ، يدل عليه أن صغار الصحابة الذين بلغوا وصاروا من أهل الاجتهاد بعد نزول الآيتين داخلون فيهما ، فدل على ما قلناه .
وأما قوله : إن الشرع خص الصحابة بالعصمة ، فالجواب عنه : أن كل شرع أثبتنا به حجة الإجماع ، فهو عام في الصحابة ، وغيرهم ، فلم يصح ما قاله .
[ ص: 429 ]
بَابُ الْقَوْلِ فِي أَنَّ إِجْمَاعَ أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ حُجَّةٌ وَأَنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَى الصَّحَابَةِ خَاصَّةً
nindex.php?page=treesubj&link=21616_21620إِذَا أَجْمَعَ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى شَيْءٍ ، كَانَ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً ، وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْخَطَأِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15857دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ : الْإِجْمَاعُ : إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) ، وَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) قَالَ : وَهَذَا خِطَابُ مُوَاجِهَةٍ لِلصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ ، فَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِمَنْ سِوَاهُمْ ، قَالَ : وَلِأَنَّ الْعَقْلَ يُجَوِّزُ الْخَطَأَ عَلَى الْعَدَدِ الْكَثِيرِ ، وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الْعِصْمَةُ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ ، وَقَدْ ثَبَتَ الشَّرْعُ بِعِصْمَةِ الصَّحَابَةِ فِي إِجْمَاعِهِمْ ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِعِصْمَةِ غَيْرِهِمْ ، فَمَنِ ادَّعَى عِصْمَةَ غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِ إِقَامَةُ الدَّلِيلِ .
وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ ، فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ .
وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=680453 " لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ " ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670215 " إِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ " ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656531 " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً " ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا ، وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الصَّحَابَةِ وَفِي غَيْرِهِمْ .
[ ص: 428 ] فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَتَيْنِ فَهُوَ : أَنَّ ذَلِكَ خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) ، وَكُلُّ ذَلِكَ خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا ، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ صِغَارَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ بَلَغُوا وَصَارُوا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَتَيْنِ دَاخِلُونَ فِيهِمَا ، فَدَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ .
وَأَمَّا قَوْلِهِ : إِنَّ الشَّرْعَ خَصَّ الصَّحَابَةَ بِالْعِصْمَةِ ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ : أَنَّ كُلَّ شَرْعٍ أَثْبَتْنَا بِهِ حُجَّةَ الْإِجْمَاعِ ، فَهُوَ عَامٌّ فِي الصَّحَابَةِ ، وَغَيْرِهِمْ ، فَلَمْ يَصِحُّ مَا قَالَهُ .
[ ص: 429 ]