ذكر ما لا بد للمتجادلين من معرفته .
653 - أنا أبو طالب : عمر بن إبراهيم الفقيه ، أنا إبراهيم بن محمد الجلي ، قال : حدثني أبو ذر : الخضر بن أحمد الطبري ، قال : قال أبي : أبو العباس : أحمد بن أبي أحمد ، المعروف بابن القاص :
" الأصول سبعة : الحس ، والعقل ، ومعرفة الكتاب والسنة ، والإجماع ، واللغة ، والعبرة ، فلا بد للمتناظرين من معرفة جمل ذلك .
فالحواس خمس : السمع ، والبصر ، والشم ، والذوق ، واللمس .
والعقل : على ضربين : فغريزي ، ومستجلب .
والكتاب والسنة على حرفين ، فمجمل ومفسر .
وطريق السنة : على ضربين : فمتواتر وآحاد .
والإجماع : على ضربين : فإجماع الأمة ، وإجماع الحجة .
واللغة على ضربين : فمجاز ، وحقيقة .
والعبرة على ضربين ، فأحدهما : في معنى الأصل لا يعذر عالم ، [ ص: 37 ] بجهله ، والثاني : ذات وجوه وشعب .
فمن أنكر بينة الحس ، أنكر نفسه ، ومن أنكر العقل أنكر صانعه ، ومن أنكر عموم القرآن أنكر حكمته ، ومن أنكر خبر الآحاد أنكر الشريعة ، ومن أنكر إجماع الأمة أنكر نبيه ، ومن أنكر اللغة أسقطت محاورته ، لأن اللغات للمسميات سمات ، ومن أنكر العبرة أنكر أباه وأمه " .
قلت : أما الحس : فيدرك به العلم الواقع عن الحواس ، وهو علم ضروري غير مكتسب ، لأن دخول الشك عليه غير جائز .
وأما العقل : فهو ضرب من العلوم الضرورية محله القلب ، وقيل : إنه نور وبصيرة ، منزلته من القلوب منزلة البصر من العيون ، وقيل : هو قوة يفصل بها بين حقائق المعلومات ، وقيل : هو العلم الذي يمتنع به من فعل القبيح ، وقيل : هو ما حسن معه التكليف ، والمعنى في هذه العبارات كله متقارب .