قال رضي الله عنه: أبو حاتم فما دامت العقدة قائمة لا تنفك رجلاه، ولا ينطق لسانه، فإذا أخرج الطمع من قلبه انفك القيد من رجليه وزال الطمع عن لسانه، فسعى إلى ما شاء، وقال ما أحب. الطمع غدة من قلب المرء له طرفان، أحدهما: القيد في رجليه، والآخر: الطبع على لسانه،
ودواء زوال الطمع عن القلب: هو رؤية الأشياء من مكونها بدوام الخلوة، وترك الناس كما أنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش :
كن لقعر البيت حلسا وارض بالوحدة أنسا [ ص: 144 ] لست بالواجد حرا
أو ترد اليوم أمسا فاغرس اليأس بأرض الزهد
ما عمرت غرسا وليكن يأسك دون
الطمع الكاذب ترسا
قال رضي الله عنه: أبو حاتم ويلزم اليأس عن الأعداء; فإنه منجاة، وتركه مهلكة، والإياس هو بذر الراحة والعز، كما أن الطمع هو بذر التعب والذل، فكم من طامع تعب وذل، ولم ينل بغيته، وكم من آيس استراح وتعزز، وقد أتاه ما أمل وما لم يأمل. العاقل يجتنب الطمع إلى الأصدقاء; فإنه مذلة،
وأنشدني الأبرش :
يعرى ويغرث من أمسى على طمع من المكارم وهو الطاعم الكاسي
إن المطامع ذل للرقاب ولو أمسى أخوها مكان السيد الراس
وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي :
ألم تعلمي أني إذا النفس أشرفت على طمع لم أنس أن أتكرما
ولست بلوام على الأمر بعد ما يفوت، ولكن عل أن أتقدما