قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم فإن صعب ذلك عليه فليتحالم؛ لأنه يرتقي به إلى درجة الحلم. العاقل يلزم الحلم عن الناس كافة،
وأول الحلم: المعرفة، ثم التثبت، ثم العزم، ثم التصبر، ثم الصبر، ثم الرضا، ثم الصمت والإغضاء، وما الفضل إلا للمحسن إلى المسيء، فأما من أحسن إلى المحسن، وحلم عمن لم يؤذه، فليس ذلك بحلم، ولا إحسان.
[ ص: 211 ] ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقبي ، حدثنا إسحاق بن زكريا ، حدثنا عبد الصمد بن حسان ، حدثنا أبو عمر المازني، عن أنه قال: يا بني، لا تجادلن العلماء، فتهون عليهم فيرفضوك، ولا تمارين السفهاء فيجهلوا عليك، ويشتموك، فإنه يلحق بالعلماء من صبر، ورأى رأيهم، وينجو من السفهاء من صمت، وسكت عنهم، ولا تحسبن أنك إذا ماريت الفقيه إلا زدته غيظا دائبا، ولا تحمين من قليل تسمعه، فيوقعك في كثير تكرهه، ولا تفضح نفسك لتشفي غيظك، فإن جهل عليك جاهل فلينفعن إياك حلمك، وإنك إذا لم تحسن حتى يحسن إليك فما أجرك، وما فضلك على غيرك؟ فإذا أردت الفضيلة فأحسن إلى من أساء إليك، وهب بن منبه وانفع من لم ينفعك، وانتظر ثواب ذلك من قبل الله، فإن الحسنة الكاملة التي لا يريد صاحبها عليها ثوابا في الدنيا. واعف عمن ظلمك،
وأنشدني محمد بن حبيب الواسطي:
إذا المرء لم يصرف عذابا من الأذى حياء، ولم يغفر لأخرق مذنب فلم يصطنع إلا قليلا صديقه
ومن يدفع العوراء بالحلم يغلب
وأنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش:
احفظ لسانك إن لقيت مشاتما لا تجرين مع اللئيم إذا جرى
من يشتري عرض اللئيم بعرضه يحوي الندامة حين يقبض ما اشترى