[ ص: 1071 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=28638أحكام أطفالهم في الآخرة واختلاف الناس في ذلك ، وحجة كل طائفة على ما ذهبت إليه ، وبيان الراجح من أقوالهم .
فذهبت طائفة من أهل العلم إلى التوقف في جميع الأطفال ، سواء كان آباؤهم مسلمين ، أو كفارا ، وجعلوهم بجملتهم في المشيئة .
وخالفهم في ذلك آخرون ، فحكموا لهم بالجنة ، وحكوا الإجماع على ذلك .
قال الإمام
أحمد : لا يختلف فيهم أحد أنهم من الجنة .
واحتج أرباب التوقف بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، وغيرهما : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350504إن الله وكل بالرحم ملكا ، فإذا أراد الله أن يقضي خلقه قال الملك : يا رب ، أذكر أم أنثى ؟ شقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك ، وهو في بطن أمه " .
وكذلك قوله في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350505ثم يرسل إليه الملك ، فيؤمر بأربع كلمات : يكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد " متفق على صحته .
[ ص: 1072 ] ووجه الدلالة من ذلك أن جميع من يولد من بني آدم - إذا كتب السعداء منهم ، والأشقياء قبل أن يخلقوا - وجب علينا التوقف في جميعهم ، لأنا لا نعلم هذا الذي توفي منهم هل هو ممن كتب سعيدا في بطن أمه ، أو كتب شقيا .
واحتجت هذه الطائفة بما رواه
مسلم في " صحيحه " عن
عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350506دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنازة صبي من الأنصار ، فقلت : يا رسول الله طوبى لهذا ! عصفور من عصافير الجنة ، لم يعمل السوء ولم يدركه ! قال : أو غير ذلك يا عائشة ؟ إن الله خلق للجنة أهلا : خلقهم لها ، وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق للنار أهلا : خلقهم لها ، وهم في أصلاب آبائهم " .
وفي لفظ آخر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350507وما يدريك يا عائشة ؟ " .
قالوا : فهذا الحديث صحيح صريح في التوقف فيهم ، فإن الصبي كان من أولاد المسلمين ، ودعي النبي ] صلى الله عليه وسلم
[ ليصلي عليه كما جاء ذلك منصوصا عليه .
قال الآخرون : لا حجة لكم في شيء مما ذكرتم .
أما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
وأنس فإنما يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30452الله سبحانه كتب سعادة الأطفال ، وشقاوتهم ، وهم في بطون أمهاتهم ، ولا ننفي أن تكون الشقاوة والسعادة بأشياء علمها سبحانه منهم - وإنهم عاملوها لا محالة -
[ ص: 1073 ] تفضي بهم إلى ما كتبه ، وقدره ، إذ من الجائز أن يكتب سبحانه شقاوة من يشقيه منهم بأنه يدرك ، ويعقل ويكفر باختياره ، فمن يقول : " أطفال المؤمنين في الجنة " يقول : " إنهم لم يكتبوا في بطون أمهاتهم أشقياء " ، إذ لو كتبوا أشقياء لعاشوا حتى يدركوا زمن التكليف ، ويفعلوا الأسباب التي قدرت وصلة إلى الشقاوة التي تفضي بصاحبها إلى النار ، فإن النار لا تدخل إلا جزاء على الكفر ، والتكذيب الذي لا يمكن إلا من العاقل المدرك .
والدليل على ذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فأنذرتكم نارا تلظى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لا يصلاها إلا الأشقى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الذي كذب وتولى ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=9قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ) ، وقوله لإبليس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) ، إلى غير ذلك من النصوص التي هي صريحة في أن النار جزاء الكافرين المكذبين .
وأما حديث
عائشة - رضي الله عنها - وإن كان
مسلم رواه في " صحيحه " - فقد ضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيره .
[ ص: 1074 ] وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر علته بأن : "
طلحة بن يحيى انفرد به عن عمته
nindex.php?page=showalam&ids=16270عائشة بنت طلحة ، عن
عائشة أم المؤمنين ،
وطلحة ضعيف .
[ ص: 1075 ] وقد قيل : إن
فضيل بن عمرو رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16270عائشة بنت طلحة كما رواه
طلحة بن يحيى سواء " هذا كلامه .
قال
الخلال : أخبرني
منصور بن الوليد أن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد حدثهم قال : سمعت
أبا عبد الله يسأل عن أطفال المسلمين ؟ فقال : ليس فيه اختلاف أنهم في الجنة . أخبرنا
أحمد بن محمد بن حازم أن
nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور حدثهم قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه : أما أولاد المسلمين فإنهم من أهل الجنة .
أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15371عبد الملك الميموني : أنهم ذاكروا
أبا عبد الله في أطفال المؤمنين ، وذكروا له حديث
عائشة - رضي الله عنها - في قصة الأنصاري ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه ، وإني سمعت
أبا عبد الله يقول غير مرة : " وهذا حديث ضعيف " وذكر
[ فيه ] رجلا ضعفه ، وهو
طلحة ، وسمعته يقول غير مرة : " وأحد يشك أنهم في الجنة " .
ثم أملى علينا الأحاديث فيه ، وسمعته غير مرة يقول : " هو يرجى لأبويه ، كيف يشك فيه ؟ " .
وقال
أبو عبد الله : واختلفوا في أطفال المشركين ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350508 nindex.php?page=showalam&ids=11فابن عباس يقول : كنت أقول : "
[ هم ] مع آبائهم " حتى لقيت رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثني عن رجل آخر من أصحاب النبي - صلى الله عليه [ ص: 1076 ] وسلم - أنه سئل عنهم ، فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " .
وقال
الحسن بن محمد بن الحارث : سمعت
أبا عبد الله يسأل عن
nindex.php?page=treesubj&link=19795السقط إذا لم تنفخ فيه الروح ، فقال : في الحديث " يجيء السقط محبنطئا " .
قال
الخلال : سألت
ثعلبا عن " السقط محبنطئا " فقال : غضبان ، ويقال : قد ألقى نفسه .
وقد أجبت عنه بعد التزام صحته بأن هذا القول كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يعلمه الله بأن
nindex.php?page=treesubj&link=28637أطفال المؤمنين في الجنة ، وهذا جواب
[ ص: 1077 ] nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وغيره .
وأجاب طائفة أخرى عنه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما رد على
عائشة - رضي الله عنها - لكونها حكمت على غيب لم تعلمه ، كما فعل
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350509بأم العلاء إذ قالت حين مات nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون : شهادتي عليك أن الله أكرمك ، فأنكر عليها وقال لها : " وما يدريك أن الله أكرمه ؟ " ثم قال : " أما هو فقد جاءه اليقين ، وأنا أرجو له الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به " ، وأنكر عليها جزمها وشهادتها على غيب لا تعلمه ، وأخبر عن نفسه - صلى الله عليه وسلم - أنه يرجو له الخير .
ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350510إن كان أحدكم مادحا أخاه فليقل : أحسب فلانا إن كان يرى أنه كذلك ، ولا أزكي على الله أحدا " .
وقد يقال : إن من ذلك قوله في
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350511حديث nindex.php?page=showalam&ids=37لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حين قال له : أعطيت فلانا ، وتركت فلانا ، وهو مؤمن - فقال : " أو مسلم " ، فأنكر عليه الشهادة له بالإيمان لأنه غيب ، دون الإسلام ، فإنه ظاهر .
وإذا كان الأمر هكذا فيحمل قوله
لعائشة - رضي الله عنها - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350507وما [ ص: 1078 ] يدريك يا عائشة " على هذا المعنى ، كأنه يقول لها : إذا خلق الله للجنة أهلا ، وخلق للنار أهلا ، فما يدريك أن ذلك الصبي من هؤلاء ، أو من هؤلاء ؟
وقد يقال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28637أطفال المؤمنين إنما حكم لهم بالجنة تبعا لآبائهم لا بطريق الاستقلال ، فإذا لم يقطع للمتبوع بالجنة كيف يقطع لتبعه بها ؟
يوضحه أن الطفل غير مستقل بنفسه بل تابع لأبويه ، فإذا لم يقطع لأبويه بالجنة لم يجز أن يقطع له بالجنة ، وهذا في حق المعين ، فإنا نقطع للمؤمنين بالجنة عموما ، ولا نقطع للواحد منهم بكونه في الجنة ، فلهذا - والله أعلم - أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على
أم العلاء حكمها على
nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون بذلك .
واحتجوا أيضا بقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343914كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ، حتى تكونوا أنتم تجدعونها ؟ " قالوا : يا رسول الله ، أرأيت من يموت وهو صغير ؟ قال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " ، فلم يخصوا بالسؤال طفلا من طفل ، ولم يخص عليه السلام بالجواب بل أطلق الجواب كما أطلقوا السؤال ، ولو افترق الحال في الأطفال لفصل وفرق بينهم في الجواب .
وهؤلاء لو تأملوا ألفاظه ، وطرقه لأمسكوا عن هذا الاحتجاج ، فإن هذا الحديث روي من طرق متعددة :
فمنها حديث
أبي بشر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله
[ ص: 1079 ] عنهما - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350512سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين - أو أطفال المشركين - فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم " ، رواه عن
أبي بشر جماعة منهم :
شعبة ،
وأبو عوانة .
ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
عطاء بن يزيد الليثي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350513سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن nindex.php?page=treesubj&link=28638أولاد المشركين ، فقال : " الله أعلم إذ خلقهم ما كانوا عاملين " .
ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
[ عتبة ] بن ضمرة أنه سمع
عبد الله بن قيس مولى
[ غطيف ] بن عفيف قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350514سألت عائشة - رضي الله عنها - عن أولاد المشركين ، فقالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " .
[ ص: 1080 ] [ ص: 1081 ] وهذه كلها صحاح تبين أن السؤال إنما وقع عن أولاد المشركين ، وقد جاء مطلقا في الحديث الآخر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350515أرأيت من يموت وهو صغير " ، على أنه لو كان السؤال عن حكم الأطفال مطلقا لكان هذا الجواب غير ذلك على استواء أطفال المسلمين ، والمشركين ، بل أجاب عنهم جملة من جملة بقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343270الله أعلم بما كانوا عاملين " ، فإذا كان سبحانه يعلم أن أطفال المسلمين لو عاشوا عملوا بطاعته ، وأطفال المشركين - أو بعضهم - لو عاشوا لكانوا كفارا ، كان الجواب مطابقا لهذا المعنى .
[ ص: 1071 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=28638أَحْكَامِ أَطْفَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ ، وَحُجَّةِ كُلِّ طَائِفَةٍ عَلَى مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ ، وَبَيَانِ الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ .
فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي جَمِيعِ الْأَطْفَالِ ، سَوَاءٌ كَانَ آبَاؤُهُمْ مُسْلِمِينَ ، أَوْ كُفَّارًا ، وَجَعَلُوهُمْ بِجُمْلَتِهِمْ فِي الْمَشِيئَةِ .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَحَكَمُوا لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ، وَحَكَوُا الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ .
قَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : لَا يَخْتَلِفُ فِيهِمْ أَحَدٌ أَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ .
وَاحْتَجَّ أَرْبَابُ التَّوَقُّفِ بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَغَيْرِهِمَا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350504إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ الْمَلَكُ : يَا رَبِّ ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ؟ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ؟ فَمَا الرِّزْقُ ؟ فَمَا الْأَجَلُ ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ ، وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ " .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350505ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : يَكْتُبُ رِزْقَهُ ، وَأَجَلَهُ ، وَعَمَلَهُ ، وَشِقِّيٌّ أَمْ سَعِيدٌ " مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ .
[ ص: 1072 ] وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ يُولَدُ مِنْ بَنِي آدَمَ - إِذَا كُتِبَ السُّعَدَاءُ مِنْهُمْ ، وَالْأَشْقِيَاءُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا - وَجَبَ عَلَيْنَا التَّوَقُّفُ فِي جَمِيعِهِمْ ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَذَا الَّذِي تُوُفِّيَ مِنْهُمْ هَلْ هُوَ مِمَّنْ كُتِبَ سَعِيدًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، أَوْ كُتِبَ شَقِيًّا .
وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِمَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350506دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جِنَازَةِ صَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا ! عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ ، لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ ! قَالَ : أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ ؟ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا : خَلَقَهُمْ لَهَا ، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا : خَلَقَهُمْ لَهَا ، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ " .
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350507وَمَا يُدْرِيكِ يَا عَائِشَةُ ؟ " .
قَالُوا : فَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي التَّوَقُّفِ فِيهِمْ ، فَإِنَّ الصَّبِيَّ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَدُعِيَ النَّبِيُّ ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ .
قَالَ الْآخَرُونَ : لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتُمْ .
أَمَّا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ،
وَأَنَسٍ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30452اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَتَبَ سَعَادَةَ الْأَطْفَالِ ، وَشَقَاوَتَهُمْ ، وَهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ ، وَلَا نَنْفِي أَنْ تَكُونَ الشَّقَاوَةُ وَالسَّعَادَةُ بِأَشْيَاءَ عَلِمَهَا سُبْحَانَهُ مِنْهُمْ - وَإِنَّهُمْ عَامِلُوهَا لَا مَحَالَةَ -
[ ص: 1073 ] تُفْضِي بِهِمْ إِلَى مَا كَتَبَهُ ، وَقَدَّرَهُ ، إِذْ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكْتُبَ سُبْحَانَهُ شَقَاوَةَ مَنْ يُشْقِيهِ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ يُدْرِكُ ، وَيَعْقِلُ وَيَكْفُرُ بِاخْتِيَارِهِ ، فَمَنْ يَقُولُ : " أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ " يَقُولُ : " إِنَّهُمْ لَمْ يُكْتَبُوا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ أَشْقِيَاءَ " ، إِذْ لَوْ كُتِبُوا أَشْقِيَاءَ لَعَاشُوا حَتَّى يُدْرِكُوا زَمَنَ التَّكْلِيفِ ، وَيَفْعَلُوا الْأَسْبَابَ الَّتِي قُدِّرَتْ وَصْلَةً إِلَى الشَّقَاوَةِ الَّتِي تُفْضِي بِصَاحِبِهَا إِلَى النَّارِ ، فَإِنَّ النَّارَ لَا تُدْخَلُ إِلَّا جَزَاءً عَلَى الْكُفْرِ ، وَالتَّكْذِيبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إِلَّا مِنَ الْعَاقِلِ الْمُدْرِكِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=9قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ) ، وَقَوْلُهُ لِإِبْلِيسَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الَّتِي هِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ النَّارَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَإِنْ كَانَ
مُسْلِمٌ رَوَاهُ فِي " صَحِيحِهِ " - فَقَدْ ضَعَّفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ .
[ ص: 1074 ] وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عِلَّتَهُ بِأَنَّ : "
طَلْحَةَ بْنَ يَحْيَى انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عَمَّتِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16270عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ،
وَطَلْحَةُ ضَعِيفٌ .
[ ص: 1075 ] وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ
فُضَيْلَ بْنَ عَمْرٍو رَوَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16270عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ كَمَا رَوَاهُ
طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى سَوَاءً " هَذَا كَلَامُهُ .
قَالَ
الْخَلَّالُ : أَخْبَرَنِي
مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالَ : لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ . أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15106إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ : أَمَّا أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15371عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ : أَنَّهُمْ ذَاكَرُوا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي أَطْفَالِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَذَكَرُوا لَهُ حَدِيثَ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ الْأَنْصَارِيِّ ، وَقَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ : " وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ " وَذَكَرَ
[ فِيهِ ] رَجُلًا ضَعَّفَهُ ، وَهُوَ
طَلْحَةُ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ : " وَأَحَدٌ يَشُكُّ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ " .
ثُمَّ أَمْلَى عَلَيْنَا الْأَحَادِيثَ فِيهِ ، وَسَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ : " هُوَ يُرْجَى لِأَبَوَيْهِ ، كَيْفَ يُشَكُّ فِيهِ ؟ " .
وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَاخْتَلَفُوا فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350508 nindex.php?page=showalam&ids=11فَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : كُنْتُ أَقُولُ : "
[ هُمْ ] مَعَ آبَائِهِمْ " حَتَّى لَقِيتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَدَّثَنِي عَنْ رَجُلٍ آخَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ ص: 1076 ] وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُمْ ، فَقَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " .
وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ : سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=19795السَّقْطِ إِذَا لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ ، فَقَالَ : فِي الْحَدِيثِ " يَجِيءُ السَّقْطُ مُحْبَنْطِئًا " .
قَالَ
الْخَلَّالُ : سَأَلْتُ
ثَعْلَبًا عَنِ " السَّقْطِ مُحْبَنْطِئًا " فَقَالَ : غَضْبَانَ ، وَيُقَالُ : قَدْ أَلْقَى نَفْسَهُ .
وَقَدْ أَجَبْتُ عَنْهُ بَعْدَ الْتِزَامِ صِحَّتِهِ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28637أَطْفَالَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ ، وَهَذَا جَوَابُ
[ ص: 1077 ] nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ .
وَأَجَابَ طَائِفَةٌ أُخْرَى عَنْهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا رَدَّ عَلَى
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِكَوْنِهَا حَكَمَتْ عَلَى غَيْبٍ لَمْ تَعْلَمْهُ ، كَمَا فَعَلَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350509بِأُمِّ الْعَلَاءِ إِذْ قَالَتْ حِينَ مَاتَ nindex.php?page=showalam&ids=5559عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ : شَهَادَتِي عَلَيْكَ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَكَ ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا : " وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ ؟ " ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ ، وَأَنَا أَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ " ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهَا جَزْمَهَا وَشَهَادَتَهَا عَلَى غَيْبٍ لَا تَعْلَمُهُ ، وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ .
وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350510إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ فَلْيَقُلْ : أَحْسَبُ فُلَانًا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا " .
وَقَدْ يُقَالُ : إِنَّ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350511حَدِيثٍ nindex.php?page=showalam&ids=37لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ قَالَ لَهُ : أَعْطَيْتُ فُلَانًا ، وَتَرَكْتُ فُلَانًا ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ - فَقَالَ : " أَوَ مُسْلِمٌ " ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ لَهُ بِالْإِيمَانِ لِأَنَّهُ غَيْبٌ ، دُونَ الْإِسْلَامِ ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ .
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ
لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350507وَمَا [ ص: 1078 ] يُدْرِيكِ يَا عَائِشَةُ " عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، كَأَنَّهُ يَقُولُ لَهَا : إِذَا خَلَقَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا ، فَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ ذَلِكَ الصَّبِيَّ مِنْ هَؤُلَاءِ ، أَوْ مِنْ هَؤُلَاءِ ؟
وَقَدْ يُقَالُ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28637أَطْفَالَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا حُكِمَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ لَا بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ ، فَإِذَا لَمْ يَقْطَعْ لِلْمَتْبُوعِ بِالْجَنَّةِ كَيْفَ يَقْطَعُ لِتَبَعِهِ بِهَا ؟
يُوَضِّحُهُ أَنَّ الطِّفْلَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ بَلْ تَابِعٌ لِأَبَوَيْهِ ، فَإِذَا لَمْ يُقْطَعْ لِأَبَوَيْهِ بِالْجَنَّةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْطَعَ لَهُ بِالْجَنَّةِ ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ ، فَإِنَّا نَقْطَعُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ عُمُومًا ، وَلَا نَقْطَعُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ بِكَوْنِهِ فِي الْجَنَّةِ ، فَلِهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى
أُمِّ الْعَلَاءِ حُكْمَهَا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=5559عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِذَلِكَ .
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343914كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، وَيُنَصِّرَانِهِ ، وَيُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ، حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا ؟ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ ؟ قَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " ، فَلَمْ يَخُصُّوا بِالسُّؤَالِ طِفْلًا مِنْ طِفْلٍ ، وَلَمْ يَخُصَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْجَوَابِ بَلْ أَطْلَقَ الْجَوَابَ كَمَا أَطْلَقُوا السُّؤَالَ ، وَلَوِ افْتَرَقَ الْحَالُ فِي الْأَطْفَالِ لَفَصَلَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَوَابِ .
وَهَؤُلَاءِ لَوْ تَأَمَّلُوا أَلْفَاظَهُ ، وَطُرُقَهُ لَأَمْسَكُوا عَنْ هَذَا الِاحْتِجَاجِ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ :
فَمِنْهَا حَدِيثُ
أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ
[ ص: 1079 ] عَنْهُمَا - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350512سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ - أَوْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ - فَقَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِذْ خَلَقَهُمْ " ، رَوَاهُ عَنْ
أَبِي بِشْرٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ :
شُعْبَةُ ،
وَأَبُو عَوَانَةَ .
وَمِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350513سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ nindex.php?page=treesubj&link=28638أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ إِذْ خَلَقَهُمْ مَا كَانُوا عَامِلِينَ " .
وَمِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ
[ عُتْبَةَ ] بْنِ ضَمْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ مَوْلَى
[ غُطَيْفِ ] بْنِ عَفِيفٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350514سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " .
[ ص: 1080 ] [ ص: 1081 ] وَهَذِهِ كُلُّهَا صِحَاحٌ تُبَيِّنُ أَنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَدْ جَاءَ مُطْلَقًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350515أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ " ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ السُّؤَالُ عَنْ حُكْمِ الْأَطْفَالِ مُطْلَقًا لَكَانَ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْمُشْرِكِينَ ، بَلْ أَجَابَ عَنْهُمْ جُمْلَةً مِنْ جُمْلَةٍ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343270اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " ، فَإِذَا كَانَ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ لَوْ عَاشُوا عَمِلُوا بِطَاعَتِهِ ، وَأَطْفَالَ الْمُشْرِكِينَ - أَوْ بَعْضَهُمْ - لَوْ عَاشُوا لَكَانُوا كُفَّارًا ، كَانَ الْجَوَابُ مُطَابِقًا لِهَذَا الْمَعْنَى .