[ ص: 7 ] الباب الثاني
قال
الرافضي :
[1] الفصل الثاني
[2]
في أن
nindex.php?page=treesubj&link=28833مذهب الإمامية واجب الاتباع .
ومضمون ما ذكره : أن الناس اختلفوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم
[3] ، فيجب النظر في الحق واعتماد الإنصاف ،
nindex.php?page=treesubj&link=28833ومذهب الإمامية واجب الاتباع لأربعة أوجه : لأنه أحقها وأصدقها ; ولأنهم باينوا جميع الفرق في أصول العقائد ; ولأنهم جازمون بالنجاة لأنفسهم ; ولأنهم
[4] أخذوا دينهم عن الأئمة المعصومين
[5]
وهذا حكاية لفظه :
قال الرافضي :
[ ص: 8 ] إنه
[6] لما عمت البلية بموت النبي - صلى الله عليه وسلم ، واختلف الناس بعده ، وتعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم ، فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق ، وبايعه
[7] أكثر الناس طلبا للدنيا ، كما اختار
nindex.php?page=showalam&ids=16657عمر بن سعد [8] ملك
الري أياما يسيرة
[9] لما خير بينه وبين قتل
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين [10] مع علمه بأن من قتله في النار
[11] ، وإخباره بذلك
[12] في شعره
[13] ; حيث يقول :
[ ص: 9 ] فوالله ما أدري وإني لصادق أفكر [14] في أمري [15] على خطرين أأترك ملك الري والري منيتي
أم [16] أصبح مأثوما بقتل حسين وفي قتله النار التي ليس دونها
حجاب وملك الري [17] قرة عيني
.
وبعضهم اشتبه الأمر عليه
[18] ورأى
[19] لطالب
[20] الدنيا متابعا
[21] فقلده [ وبايعه ]
[22] وقصر في نظره ، فخفي عليه الحق ، فاستحق
[23] المؤاخذة من الله
[24] بإعطاء
[25] الحق [ لغير ]
[26] مستحقه بسبب إهمال النظر .
وبعضهم قلد لقصور فطنته
[27] ، ورأى الجم الغفير ،
[ ص: 10 ] فتابعهم
[28] ، وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب ، وغفل عن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24وقليل ما هم ) ، [ سورة ص : 24 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وقليل من عبادي الشكور ) ، [ سورة سبأ : 13 ] .
وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق [ له ]
[29] ، وبايعه الأقلون الذي أعرضوا عن الدنيا وزينتها ، ولم يأخذهم
[30] في الله لومة لائم ، بل أخلصوا لله
[31] واتبعوا ما أمروا به من طاعة من يستحق التقديم .
وحيث حصل
[32] للمسلمين هذه البلية ، وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف ، وأن يقر الحق مستقره
[33] ولا يظلم مستحقه ، فقد قال تعالى
[34] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18ألا لعنة الله على الظالمين ) ، [ سورة هود : 18 ] .
وإنما كان مذهب
الإمامية واجب الاتباع لوجوه
[35] " . هذا لفظه .
[ ص: 11 ] فيقال : إنه [ قد ]
[36] جعل المسلمين بعد نبيهم أربعة أصناف ، وهذا من أعظم الكذب ، فإنه لم يكن في الصحابة المعروفين أحد من هذه الأصناف الأربعة ، فضلا عن أن لا يكون فيهم أحد إلا من هذه الأصناف : إما طالب للأمر
[37] بغير حق
[38] nindex.php?page=showalam&ids=1كأبي بكر في زعمه ، وإما طالب للأمر بحق
nindex.php?page=showalam&ids=8كعلي في زعمه ، وهذا كذب على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - وعلى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر - رضي الله عنه
[39] - ، فلا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي طلب الأمر لنفسه قبل قتل
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، ولا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر طلب الأمر لنفسه ، فضلا عن أن يكون طلبه بغير حق . وجعل القسمين الآخرين : [ إما مقلدا لأجل الدنيا ]
[40] ، وإما مقلدا لقصوره في النظر .
وذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=34330_32025الإنسان يجب عليه أن يعرف الحق وأن يتبعه ، وهذا [ هو ]
[41] الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم
[42] من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، وهذا هو الصراط الذي أمرنا الله أن نسأله
[43] هدايتنا إياه في كل صلاة ، بل في كل ركعة .
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=665248اليهود مغضوب [ ص: 12 ] عليهم والنصارى ضالون [44] " . وذلك أن
اليهود عرفوا الحق ولم يتبعوه استكبارا وحسدا وغلوا واتباعا للهوى ، وهذا هو الغي ،
والنصارى ليس لهم علم بما يفعلونه من العبادة والزهد والأخلاق ، بل فيهم الجهل والغلو والبدع والشرك جهلا منهم ، وهذا هو الضلال ، وإن كان كل من الأمتين فيه ضلال وغي ، لكن الغي أغلب على
اليهود ، والضلال أغلب على
النصارى .
ولهذا وصف الله
اليهود بالكبر والحسد ، واتباع الهوى والغي وإرادة العلو في الأرض
[45] والفساد . قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) ، [ سورة البقرة : 87 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) ، [ سورة النساء : 54 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=146سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا )
[ ص: 13 ] ، [ سورة الأعراف : 146 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ) ، [ سورة الإسراء : 4 ] .
ووصف
النصارى بالشرك والضلال والغلو والبدع ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) ، [ سورة التوبة : 31 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=77قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ) ، [ سورة المائدة : 77 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=27ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ) ، [ سورة الحديد : 27 ] ، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع .
وقد نزه الله نبيه عن الضلال والغي ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1والنجم إذا هوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2ما ضل صاحبكم وما غوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى ) ، [ سورة النجم : 1 - 3 ]
[46] ،
nindex.php?page=treesubj&link=20366_29552_18471فالضال الذي لا يعرف الحق ، والغاوي الذي يتبع هواه ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=45واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار ) ، [ سورة ص : 45 ] ، فالأيدي القوة
[47] في طاعة الله ، والأبصار البصائر في الدين .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=1والعصر nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إن الإنسان لفي خسر nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=3إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .
وإذا كان الصراط المستقيم لا بد فيه من العلم بالحق والعمل به ،
[ ص: 14 ] وكلاهما
[48] واجب ، لا يكون الإنسان مفلحا ناجيا إلا بذلك ، وهذه الأمة خير الأمم ، وخيرها القرن الأول
[49] ، كان القرن الأول أكمل الناس في العلم النافع والعمل الصالح .
وهؤلاء المفترون وصفوهم بنقيض ذلك ، بأنهم لم يكونوا يعلمون الحق ويتبعونه ، بل كان أكثرهم عندهم يعلمون الحق ويخالفونه ، كما يزعمونه في الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة والأمة ، وكثير منهم عندهم لا يعلم الحق ، بل اتبع الظالمين تقليدا لعدم نظرهم المفضي إلى العلم ، والذي لم ينظر قد يكون تركه النظر لأجل الهوى وطلب الدنيا ، وقد يكون لقصوره ونقص إدراكه .
وادعى أن منهم من طلب الأمر لنفسه بحق ، يعني
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا [50] ، وهذا مما علمنا بالاضطرار أنه لم يكن ، فلزم من ذلك - على قول هؤلاء - أن تكون الأمة كلها [ كانت ]
[51] ضالة بعد نبيها
[52] ليس فيها مهتد ، فتكون
اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا منهم ; لأنهم [ كانوا ]
[53] ، كما قال الله [ تعالى ]
[54] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=159ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) ، [ سورة الأعراف : 157 ] ، وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=688891أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اليهود والنصارى [ ص: 15 ] افترقت على اثنتين وسبعين [55] فرقة فيها واحدة ناجية
[56] ، وهذه الأمة على موجب ما ذكر
[57] لم يكن فيهم بعد موت النبي [ صلى الله عليه وسلم ]
[58] أمة تقوم بالحق
[59] ولا تعدل به .
وإذا لم يكن ذلك في خيار قرونهم ، ففيما بعد ذلك أولى . فيلزم من ذلك أن يكون
اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا من خير أمة أخرجت للناس ، فهذا لازم لما يقوله هؤلاء المفترون .
فإن كان هذا في حكايته لما جرى عقب موت النبي - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 16 ] من
[60] اختلاف الأمة ، فكيف [ بسائر ]
[61] ما ينقله ويستدل به ؟
[ ص: 7 ] الْبَابُ الثَّانِي
قَالَ
الرَّافِضِيُّ :
[1] الْفَصْلُ الثَّانِي
[2]
فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28833مَذْهَبَ الْإِمَامِيَّةِ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ .
وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرَهُ : أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[3] ، فَيَجِبُ النَّظَرُ فِي الْحَقِّ وَاعْتِمَادِ الْإِنْصَافِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28833وَمَذْهَبُ الْإِمَامِيَّةِ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : لِأَنَّهُ أَحَقُّهَا وَأَصْدَقُهَا ; وَلِأَنَّهُمْ بَايَنُوا جَمِيعَ الْفِرَقِ فِي أُصُولِ الْعَقَائِدِ ; وَلِأَنَّهُمْ جَازِمُونَ بِالنَّجَاةِ لِأَنْفُسِهِمْ ; وَلِأَنَّهُمْ
[4] أَخَذُوا دِينَهُمْ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ
[5]
وَهَذَا حِكَايَةُ لَفْظِهِ :
قَالَ الرَّافِضِيُّ :
[ ص: 8 ] إِنَّهُ
[6] لَمَّا عَمَّتِ الْبَلِيَّةُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَهُ ، وَتَعَدَّدَتْ آرَاؤُهُمْ بِحَسَبِ تَعَدُّدِ أَهْوَائِهِمْ ، فَبَعْضُهُمْ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَبَايَعَهُ
[7] أَكْثَرُ النَّاسِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا ، كَمَا اخْتَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=16657عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ [8] مَلَكَ
الرَّيَّ أَيَّامًا يَسِيرَةً
[9] لَمَّا خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَتْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنِ [10] مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ مَنْ قَتَلَهُ فِي النَّارِ
[11] ، وَإِخْبَارِهِ بِذَلِكَ
[12] فِي شِعْرِهِ
[13] ; حَيْثُ يَقُولُ :
[ ص: 9 ] فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَصَادِقٌ أُفَكِّرُ [14] فِي أَمْرِي [15] عَلَى خَطَرَيْنِ أَأَتْرُكُ مُلْكَ الرَّيِّ وَالرَّيُّ مُنْيَتِي
أَمْ [16] أُصْبِحُ مَأْثُومًا بِقَتْلِ حُسَيْنِ وَفِي قَتْلِهِ النَّارُ الَّتِي لَيْسَ دُونَهَا
حِجَابٌ وَمُلْكُ الرَّيِّ [17] قُرَّةُ عَيْنِي
.
وَبَعْضُهُمُ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ
[18] وَرَأَى
[19] لِطَالِبِ
[20] الدُّنْيَا مُتَابِعًا
[21] فَقَلَّدَهُ [ وَبَايَعَهُ ]
[22] وَقَصَّرَ فِي نَظَرِهِ ، فَخَفِيَ عَلَيْهِ الْحَقُّ ، فَاسْتَحَقَّ
[23] الْمُؤَاخَذَةَ مِنَ اللَّهِ
[24] بِإِعْطَاءِ
[25] الْحَقِّ [ لِغَيْرِ ]
[26] مُسْتَحِقِّهِ بِسَبَبِ إِهْمَالِ النَّظَرِ .
وَبَعْضُهُمْ قَلَّدَ لِقُصُورِ فِطْنَتِهِ
[27] ، وَرَأَى الْجَمَّ الْغَفِيرَ ،
[ ص: 10 ] فَتَابَعَهُمْ
[28] ، وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْكَثْرَةَ تَسْتَلْزِمُ الصَّوَابَ ، وَغَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) ، [ سُورَةُ ص : 24 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) ، [ سُورَةُ سَبَأٍ : 13 ] .
وَبَعْضُهُمْ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ بِحَقٍّ [ لَهُ ]
[29] ، وَبَايَعَهُ الْأَقَلُّونَ الَّذِي أَعْرَضُوا عَنِ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ، وَلَمْ يَأْخُذْهُمْ
[30] فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ ، بَلْ أَخْلَصُوا لِلَّهِ
[31] وَاتَّبَعُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ طَاعَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ .
وَحَيْثُ حَصَلَ
[32] لِلْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْبَلِيَّةُ ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ النَّظَرُ فِي الْحَقِّ وَاعْتِمَادُ الْإِنْصَافِ ، وَأَنْ يُقِرَّ الْحَقَّ مُسْتَقَرَّهُ
[33] وَلَا يَظْلِمُ مُسْتَحِقَّهُ ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى
[34] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، [ سُورَةُ هُودٍ : 18 ] .
وَإِنَّمَا كَانَ مَذْهَبُ
الْإِمَامِيَّةِ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ لِوُجُوهٍ
[35] " . هَذَا لَفَظَهُ .
[ ص: 11 ] فَيُقَالُ : إِنَّهُ [ قَدْ ]
[36] جَعَلَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكَذِبِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ الْمَعْرُوفِينَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ ، فَضْلًا عَنْ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ : إِمَّا طَالِبٌ لِلْأَمْرِ
[37] بِغَيْرِ حَقٍّ
[38] nindex.php?page=showalam&ids=1كَأَبِي بَكْرٍ فِي زَعْمِهِ ، وَإِمَّا طَالَبٌ لِلْأَمْرِ بِحَقٍّ
nindex.php?page=showalam&ids=8كَعَلِيٍّ فِي زَعْمِهِ ، وَهَذَا كَذِبٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
[39] - ، فَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ قَبْلَ قَتْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، وَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ . وَجَعَلَ الْقِسْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ : [ إِمَّا مُقَلِّدًا لِأَجْلِ الدُّنْيَا ]
[40] ، وَإِمَّا مُقَلِّدًا لِقُصُورِهِ فِي النَّظَرِ .
وَذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34330_32025الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ الْحَقَّ وَأَنْ يَتَّبِعَهُ ، وَهَذَا [ هُوَ ]
[41] الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
[42] مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ، وَهَذَا هُوَ الصِّرَاطُ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَسْأَلَهُ
[43] هِدَايَتَنَا إِيَّاهُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ ، بَلْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ .
وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=665248الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ [ ص: 12 ] عَلَيْهِمْ وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ [44] " . وَذَلِكَ أَنَّ
الْيَهُودَ عَرَفُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَتَّبِعُوهُ اسْتِكْبَارًا وَحَسَدًا وَغُلُوًّا وَاتِّبَاعًا لِلْهَوَى ، وَهَذَا هُوَ الْغَيُّ ،
وَالنَّصَارَى لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ بِمَا يَفْعَلُونَهُ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ وَالْأَخْلَاقِ ، بَلْ فِيهِمُ الْجَهْلُ وَالْغُلُوُّ وَالْبِدَعُ وَالشِّرْكُ جَهْلًا مِنْهُمْ ، وَهَذَا هُوَ الضَّلَالُ ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنَ الْأُمَّتَيْنِ فِيهِ ضَلَالٌ وَغَيٌّ ، لَكِنَّ الْغَيَّ أَغْلَبُ عَلَى
الْيَهُودِ ، وَالضَّلَالَ أَغْلَبُ عَلَى
النَّصَارَى .
وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ
الْيَهُودَ بِالْكِبْرِ وَالْحَسَدِ ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْغَيِّ وَإِرَادَةِ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ
[45] وَالْفَسَادِ . قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) ، [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 87 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) ، [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 54 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=146سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا )
[ ص: 13 ] ، [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 146 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ) ، [ سُورَةُ الْإِسْرَاءِ : 4 ] .
وَوَصَفَ
النَّصَارَى بِالشِّرْكِ وَالضَّلَالِ وَالْغُلُوِّ وَالْبِدَعِ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ، [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 31 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=77قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ) ، [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 77 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=27وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ) ، [ سُورَةُ الْحَدِيدِ : 27 ] ، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَنِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ) ، [ سُورَةُ النَّجْمِ : 1 - 3 ]
[46] ،
nindex.php?page=treesubj&link=20366_29552_18471فَالضَّالُّ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ ، وَالْغَاوِي الَّذِي يَتَّبِعُ هَوَاهُ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=45وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ) ، [ سُورَةُ ص : 45 ] ، فَالْأَيْدِي الْقُوَّةُ
[47] فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَالْأَبْصَارُ الْبَصَائِرُ فِي الدِّينِ .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=1وَالْعَصْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=3إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) .
وَإِذَا كَانَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ ،
[ ص: 14 ] وَكِلَاهُمَا
[48] وَاجِبٌ ، لَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ مُفْلِحًا نَاجِيًا إِلَّا بِذَلِكَ ، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ خَيْرُ الْأُمَمِ ، وَخَيْرُهَا الْقَرْنُ الْأَوَّلُ
[49] ، كَانَ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ أَكْمَلَ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ .
وَهَؤُلَاءِ الْمُفْتَرُونَ وَصَفُوهُمْ بِنَقِيضِ ذَلِكَ ، بِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيَتَّبِعُونَهُ ، بَلْ كَانَ أَكْثَرُهُمْ عِنْدَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيُخَالِفُونَهُ ، كَمَا يَزْعُمُونَهُ فِي الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالْأُمَّةِ ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ عِنْدَهُمْ لَا يَعْلَمُ الْحَقَّ ، بَلِ اتَّبَعَ الظَّالِمِينَ تَقْلِيدًا لِعَدَمِ نَظَرِهِمُ الْمُفْضِي إِلَى الْعِلْمِ ، وَالَّذِي لَمْ يَنْظُرْ قَدْ يَكُونُ تَرْكُهُ النَّظَرَ لِأَجْلِ الْهَوَى وَطَلَبِ الدُّنْيَا ، وَقَدْ يَكُونُ لِقُصُورِهِ وَنَقْصِ إِدْرَاكِهِ .
وَادَّعَى أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ بِحَقٍّ ، يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا [50] ، وَهَذَا مِمَّا عَلِمْنَا بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ، فَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ - عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ - أَنْ تَكُونَ الْأُمَّةُ كُلُّهَا [ كَانَتْ ]
[51] ضَالَّةً بَعْدَ نَبِيِّهَا
[52] لَيْسَ فِيهَا مُهْتَدٍ ، فَتَكُونُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ خَيْرًا مِنْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ [ كَانُوا ]
[53] ، كَمَا قَالَ اللَّهُ [ تَعَالَى ]
[54] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=159وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) ، [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 157 ] ، وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=688891أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى [ ص: 15 ] افْتَرَقَتْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ [55] فَرِقَّةً فِيهَا وَاحِدَةٌ نَاجِيَةٌ
[56] ، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى مُوجَبِ مَا ذُكِرَ
[57] لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ]
[58] أُمَّةٌ تَقُومُ بِالْحَقِّ
[59] وَلَا تَعْدِلُ بِهِ .
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي خِيَارِ قُرُونِهِمْ ، فَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى . فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ خَيْرًا مِنْ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، فَهَذَا لَازِمٌ لِمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرُونَ .
فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي حِكَايَتِهِ لَمَا جَرَى عَقِبَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 16 ] مِنَ
[60] اخْتِلَافِ الْأُمَّةِ ، فَكَيْفَ [ بِسَائِرِ ]
[61] مَا يَنْقُلُهُ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ ؟