[ ( فصل
[1] . ) ] .
فلما ألحوا في طلب الرد لهذا الضلال المبين ، ذاكرين أن في الإعراض [ عن ذلك خذلانا للمؤمنين ] ، وظن
[2] أهل الطغيان نوعا من العجز [ عن ]
[3] رد هذا البهتان ، فكتبت ما يسره الله من البيان ، [ وفاء بما أخذه الله من ] الميثاق على أهل العلم ، والإيمان ، وقياما بالقسط ، وشهادة
[ ص: 16 ] لله
[4] ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) [ سورة النساء : 135 ] ، واللي
[5] هو تغيير الشهادة ، [ والإعراض كتمانها .
والله تعالى ] قد أمر بالصدق ، والبيان ، ونهى عن الكذب ، والكتمان فيما يحتاج [ إلى معرفته ، وإظهاره ، كما قال : النبي ]
[6] - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=651937البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا ، وبينا بورك [ لهما في بيعهما ، وإن كتما ، وكذبا [7] ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=651937محقت بركة بيعهما [8] . ) .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) [ سورة المائدة : 8 ] .
[ ص: 17 ] ومن أعظم الشهادات ما جعل الله [ أمة
محمد [9] ] شهداء عليه حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [ سورة البقرة : 143 ] .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ) [ سورة الحج : 78 ] ، والمعنى [ عند الجمهور أن الله سماهم ] المسلمين من قبل نزول القرآن ، وفي القرآن .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله ) [ سورة البقرة : 140 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=187وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) [ سورة آل عمران : 187 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=159إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=160إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) [ سورة البقرة : 159 - 160 ] ، لا سيما الكتمان إذا لعن [ آخر هذه الأمة أولها ، كما في الأثر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=907399إذا لعن ] آخر هذه الأمة أولها ، فمن كان عنده علم فليظهره ، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم [ ما أنزل الله على محمد [10] .
[ ص: 18 ] وذلك أن أول ] هذه الأمة هم
[11] الذين قاموا بالدين تصديقا ، وعلما ، وعملا ، وتبليغا ، فالطعن فيهم [ طعن في الدين موجب للإعراض عما ] بعث الله به
[12] النبيين .
وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع
[13] ، فإنما كان قصده
[14] [ الصد عن سبيل الله ، وإبطال ما جاءت ] به الرسل عن الله ، ولهذا كانوا يظهرون ذلك بحسب ضعف الملة ، فظهر [ في الملاحدة حقيقة هذه البدع المضلة ] لكن راج كثير منها على من ليس من المنافقين الملحدين ، لنوع من الشبهة ، والجهالة [ المخلوطة
[15] بهوى ، فقبل
[16] معه الضلالة ] ، وهذا أصل كل باطل .
قال الله تعالى :
[17] (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1والنجم إذا هوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2ما ضل صاحبكم وما غوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى ) [ سورة النجم : 1 - 4 ] إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أفرأيتم اللات والعزى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20ومناة الثالثة الأخرى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم الذكر وله الأنثى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22تلك إذا قسمة ضيزى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) [ سورة النجم : 19 - 23 ] ، فنزه الله رسوله عن الضلال ، والغي ، والضلال عدم العلم ، والغي اتباع الهوى .
[ ص: 19 ] كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) [ سورة الأحزاب : 72 ] ، فالظلوم غاو ، والجهول ضال إلا من تاب الله عليه ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=73ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما ) [ سورة الأحزاب : 73 ]
[18] .
ولهذا أمرنا الله أن نقول في صلاتنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) ، [ فالضال الذي لم يعرف الحق ]
كالنصارى ، والمغضوب عليه
[19] الغاوي الذي يعرف الحق ، ويعمل بخلافه
كاليهود .
والصراط [ المستقيم يتضمن معرفة الحق ] والعمل به ، كما في الدعاء المأثور :
اللهم أرني الحق حقا ، ووفقني لاتباعه ، وأرني الباطل [ باطلا ، ووفقني لاجتنابه ، ولا تجعله ] مشتبها علي ، فأتبع الهوى .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة [ رضي الله عنها
[20] ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=667868أن النبي - صلى الله عليه وسلم - [21] كان إذا قام من الليل يصلي يقول : ( اللهم رب جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )
[22] ، فمن خرج
[ ص: 20 ] عن الصراط المستقيم كان متبعا لظنه ، وما تهواه نفسه ، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين .
وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=20367_20366حال أهل البدع المخالفة للكتاب والسنة ، فإنهم إن يتبعون إلا الظن ، وما تهوى الأنفس ، ففيهم جهل ، وظلم ، لا سيما
الرافضة ، فإنهم أعظم ذوي الأهواء جهلا وظلما يعادون خيار أولياء الله [ تعالى ]
[23] من بعد النبيين ، من السابقين الأولين من
المهاجرين ،
والأنصار [24] ، والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ، ورضوا عنه ، ويوالون الكفار ، والمنافقين من
اليهود ،
والنصارى ، والمشركين ، وأصناف الملحدين
كالنصيرية ،
والإسماعيلية ، وغيرهم من الضالين
[25] ، فتجدهم ، أو كثيرا منهم إذا اختصم خصمان في ربهم من المؤمنين ، والكفار ، واختلف الناس فيما جاءت به الأنبياء ، فمنهم من آمن ، ومنهم من كفر - سواء كان الاختلاف بقول ، أو عمل كالحروب التي بين المسلمين ، وأهل الكتاب ، والمشركين - تجدهم يعاونون المشركين ،
وأهل الكتاب على المسلمين أهل القرآن .
كما قد جربه الناس منهم غير مرة في مثل إعانتهم للمشركين
[26] من
الترك ، وغيرهم على أهل الإسلام
بخراسان ،
والعراق ،
والجزيرة ،
والشام ، وغير
[ ص: 21 ] ذلك ، وإعانتهم
للنصارى [27] على المسلمين
بالشام ،
ومصر ، وغير ذلك في وقائع متعددة من أعظمها
[28] الحوادث التي كانت في الإسلام في المائة الرابعة ، والسابعة ، فإنه
[29] لما قدم كفار
الترك إلى بلاد الإسلام ، وقتل من المسلمين ما
[30] لا يحصي عدده إلا رب الأنام كانوا من أعظم الناس عداوة للمسلمين ، ومعاونة للكافرين
[31] ، وهكذا معاونتهم
لليهود أمر شهير
[32] حتى جعلهم الناس لهم كالحمير .
[ ( فَصْلٌ
[1] . ) ] .
فَلَمَّا أَلَحُّوا فِي طَلَبِ الرَّدِّ لِهَذَا الضَّلَالِ الْمُبِينِ ، ذَاكِرِينَ أَنَّ فِي الْإِعْرَاضِ [ عَنْ ذَلِكَ خِذْلَانًا لِلْمُؤْمِنِينَ ] ، وَظَنَّ
[2] أَهْلُ الطُّغْيَانِ نَوْعًا مِنَ الْعَجْزِ [ عَنْ ]
[3] رَدِّ هَذَا الْبُهْتَانِ ، فَكَتَبْتُ مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْبَيَانِ ، [ وَفَاءً بِمَا أَخَذَهُ اللَّهُ مِنَ ] الْمِيثَاقِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَالْإِيمَانِ ، وَقِيَامًا بِالْقِسْطِ ، وَشَهَادَةً
[ ص: 16 ] لِلَّهِ
[4] ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 135 ] ، وَاللَّيُّ
[5] هُوَ تَغْيِيرُ الشَّهَادَةِ ، [ وَالْإِعْرَاضُ كِتْمَانُهَا .
وَاللَّهُ تَعَالَى ] قَدْ أَمَرَ بِالصِّدْقِ ، وَالْبَيَانِ ، وَنَهَى عَنِ الْكَذِبِ ، وَالْكِتْمَانِ فِيمَا يُحْتَاجُ [ إِلَى مَعْرِفَتِهِ ، وَإِظْهَارِهِ ، كَمَا قَالَ : النَّبِيُّ ]
[6] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=651937الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإِنْ صَدَقَا ، وَبَيَّنَا بُورِكَ [ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَتَمَا ، وَكَذَّبَا [7] ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=651937مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا [8] . ) .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 8 ] .
[ ص: 17 ] وَمِنْ أَعْظَمِ الشَّهَادَاتِ مَا جَعَلَ اللَّهُ [ أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ [9] ] شُهَدَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 143 ] .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) [ سُورَةُ الْحَجِّ : 78 ] ، وَالْمَعْنَى [ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ اللَّهَ سَمَّاهُمُ ] الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ ، وَفِي الْقُرْآنِ .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 140 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=187وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ) [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 187 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=159إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=160إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 159 - 160 ] ، لَا سِيَّمَا الْكِتْمَانَ إِذَا لَعَنَ [ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا ، كَمَا فِي الْأَثَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=907399إِذَا لَعَنَ ] آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُظْهِرْهُ ، فَإِنَّ كَاتِمَ الْعِلْمِ يَوْمَئِذٍ كَكَاتِمِ [ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ [10] .
[ ص: 18 ] وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ ] هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ
[11] الَّذِينَ قَامُوا بِالدِّينِ تَصْدِيقًا ، وَعِلْمًا ، وَعَمَلًا ، وَتَبْلِيغًا ، فَالطَّعْنُ فِيهِمْ [ طَعْنٌ فِي الدِّينِ مُوجِبٌ لِلْإِعْرَاضِ عَمَّا ] بَعَثَ اللَّهُ بِهِ
[12] النَّبِيِّينَ .
وَهَذَا كَانَ مَقْصُودَ أَوَّلِ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةَ التَّشَيُّعِ
[13] ، فَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُ
[14] [ الصَّدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، وَإِبْطَالَ مَا جَاءَتْ ] بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ ، وَلِهَذَا كَانُوا يُظْهِرُونَ ذَلِكَ بِحَسَبِ ضَعْفِ الْمِلَّةِ ، فَظَهَرَ [ فِي الْمَلَاحِدَةِ حَقِيقَةُ هَذِهِ الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ ] لَكِنْ رَاجَ كَثِيرٌ مِنْهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُلْحِدِينَ ، لِنَوْعٍ مِنَ الشُّبْهَةِ ، وَالْجَهَالَةِ [ الْمَخْلُوطَةِ
[15] بِهَوًى ، فَقُبِلَ
[16] مَعَهُ الضَّلَالَةُ ] ، وَهَذَا أَصْلُ كُلِّ بَاطِلٍ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
[17] (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) [ سُورَةُ النَّجْمِ : 1 - 4 ] إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ) [ سُورَةُ النَّجْمِ : 19 - 23 ] ، فَنَزَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَنِ الضَّلَالِ ، وَالْغَيِّ ، وَالضَّلَالُ عَدَمُ الْعِلْمِ ، وَالْغَيُّ اتِّبَاعُ الْهَوَى .
[ ص: 19 ] كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) [ سُورَةُ الْأَحْزَابِ : 72 ] ، فَالظَّلُومُ غَاوٍ ، وَالْجَهُولُ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=73لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) [ سُورَةُ الْأَحْزَابِ : 73 ]
[18] .
وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَقُولَ فِي صَلَاتِنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) ، [ فَالضَّالُّ الَّذِي لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ ]
كَالنَّصَارَى ، وَالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ
[19] الْغَاوِي الَّذِي يَعْرِفُ الْحَقَّ ، وَيَعْمَلُ بِخِلَافِهِ
كَالْيَهُودِ .
وَالصِّرَاطُ [ الْمُسْتَقِيمُ يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ ] وَالْعَمَلَ بِهِ ، كَمَا فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ :
اللَّهُمَّ أَرِنِي الْحَقَّ حَقًّا ، وَوَفِّقْنِي لِاتِّبَاعِهِ ، وَأَرِنِي الْبَاطِلَ [ بَاطِلًا ، وَوَفِّقْنِي لِاجْتِنَابِهِ ، وَلَا تَجْعَلْهُ ] مُشْتَبِهًا عَلَيَّ ، فَأَتَّبِعَ الْهَوَى .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
[20] ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=667868أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [21] كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، وَإِسْرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )
[22] ، فَمَنْ خَرَجَ
[ ص: 20 ] عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ كَانَ مُتَّبِعًا لِظَنِّهِ ، وَمَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ ، وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=20367_20366حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ، وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ، فَفِيهِمْ جَهْلٌ ، وَظُلْمٌ ، لَا سِيَّمَا
الرَّافِضَةِ ، فَإِنَّهُمْ أَعْظَمُ ذَوِي الْأَهْوَاءِ جَهْلًا وَظُلْمًا يُعَادُونَ خِيَارَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ [ تَعَالَى ]
[23] مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّينَ ، مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ ،
وَالْأَنْصَارِ [24] ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَرَضُوا عَنْهُ ، وَيُوَالُونَ الْكُفَّارَ ، وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ
الْيَهُودِ ،
وَالنَّصَارَى ، وَالْمُشْرِكِينَ ، وَأَصْنَافِ الْمُلْحِدِينَ
كَالنُّصَيْرِيَّةِ ،
وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الضَّالِّينَ
[25] ، فَتَجِدُهُمْ ، أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ إِذَا اخْتَصَمَ خَصْمَانِ فِي رَبِّهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْكُفَّارِ ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ - سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِقَوْلٍ ، أَوْ عَمَلٍ كَالْحُرُوبِ الَّتِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ ، وَالْمُشْرِكِينَ - تَجِدُهُمْ يُعَاوِنُونَ الْمُشْرِكِينَ ،
وَأَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْقُرْآنِ .
كَمَا قَدْ جَرَّبَهُ النَّاسُ مِنْهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي مِثْلِ إِعَانَتِهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ
[26] مِنَ
التُّرْكِ ، وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ
بِخُرَاسَانَ ،
وَالْعِرَاقِ ،
وَالْجَزِيرَةِ ،
وَالشَّامِ ، وَغَيْرِ
[ ص: 21 ] ذَلِكَ ، وَإِعَانَتِهِمْ
لِلنَّصَارَى [27] عَلَى الْمُسْلِمِينَ
بِالشَّامِ ،
وَمِصْرَ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي وَقَائِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ أَعْظَمِهَا
[28] الْحَوَادِثُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ فِي الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ ، وَالسَّابِعَةِ ، فَإِنَّهُ
[29] لَمَّا قَدِمَ كُفَّارُ
التُّرْكِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا
[30] لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إِلَّا رَبُّ الْأَنَامِ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ ، وَمُعَاوَنَةً لِلْكَافِرِينَ
[31] ، وَهَكَذَا مُعَاوَنَتُهُمْ
لِلْيَهُودِ أَمْرٌ شَهِيرٌ
[32] حَتَّى جَعَلَهُمُ النَّاسُ لَهُمْ كَالْحَمِيرِ .