السابع : أن يقال :
nindex.php?page=treesubj&link=25211هذه الآية لم يقصد بها بيان من يورث [ ومن لا يورث ] [1] ، ولا بيان صفة الموروث والوارث ، وإنما قصد بها أن المال الموروث يقسم بين الوارثين على هذا التفصيل . فالمقصود هنا بيان مقدار أنصباء هؤلاء المذكورين إذا كانوا ورثة . ولهذا لو كان الميت مسلما وهؤلاء كفارا لم يرثوا باتفاق المسلمين ، وكذلك لو كان كافرا وهؤلاء مسلمين لم يرثوا بالسنة وقول جماهير المسلمين
[2] ، وكذلك لو كان عبدا وهم أحرار ، أو كان حرا وهم عبيد . وكذلك القاتل عمدا عند عامة المسلمين ، وكذلك القاتل خطأ من الدية . وفي غيرها نزاع .
[ ص: 217 ] وإذا علم أن في الموتى من يرثه أولاده ، وفيهم من لا يرثه أولاده ، والآية لم تفصل
[3] : من يرثه ورثته ومن لا يرثه ، ولا صفة الوارث والموروث ، علم أنه لم يقصد بها بيان ذلك ، بل قصد بها بيان حقوق هؤلاء إذا كانوا ورثة .
وحينئذ
[4] فالآية إذا لم تبين من يورث ومن يرثه ، لم يكن فيها دلالة على كون [ غير ]
[5] النبي - صلى الله عليه وسلم - يرث أو لا يورث
[6] ، فلأن لا يكون فيها دلالة على كونه هو يورث بطرق الأولى والأحرى .
وهكذا كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651388فيما سقت السماء العشر ، وفيما سقي [7] بالدوالي والنواضح فنصف [8] العشر [9] . " فإن قصد به الفرق بين ما يجب فيه العشر وبين ما يجب فيه نصف العشر ، ولم يقصد به بيان ما يجب فيه أحدهما وما لا يجب واحد منهما ، فلهذا لا يحتج بعمومه على وجوب الصدقة في الخضراوات .
[ ص: 218 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع وحرم الربا ) [ سورة البقرة : 275 ] قصد فيه الفرق بين البيع والربا : في أن أحدهما حلال والآخر حرام ، ولم يقصد فيه بيان ما يجوز بيعه وما لا يجوز ، فلا يحتج بعمومه على جواز بيع كل شيء . ومن ظن أن قوله ( وأحل الله البيع ) يعم بيع الميتة والخنزير والخمر والكلب وأم الولد والوقف وملك الغير والثمار قبل بدو صلاحها ونحو ذلك - كان غالطا .
السَّابِعُ : أَنْ يُقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=25211هَذِهِ الْآيَةُ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا بَيَانُ مَنْ يُورَثُ [ وَمَنْ لَا يُورَثُ ] [1] ، وَلَا بَيَانُ صِفَةِ الْمَوْرُوثِ وَالْوَارِثِ ، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهَا أَنَّ الْمَالَ الْمَوْرُوثَ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْوَارِثِينَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ . فَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ مِقْدَارِ أَنْصِبَاءِ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ إِذَا كَانُوا وَرَثَةً . وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا وَهَؤُلَاءِ كُفَّارًا لَمْ يَرِثُوا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ كَافِرًا وَهَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ لَمْ يَرِثُوا بِالسُّنَّةِ وَقَوْلِ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ
[2] ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَهُمْ أَحْرَارٌ ، أَوْ كَانَ حُرًّا وَهُمْ عَبِيدٌ . وَكَذَلِكَ الْقَاتِلُ عَمْدًا عِنْدَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَذَلِكَ الْقَاتِلُ خَطَأً مِنَ الدِّيَةِ . وَفِي غَيْرِهَا نِزَاعٌ .
[ ص: 217 ] وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ فِي الْمَوْتَى مَنْ يَرِثُهُ أَوْلَادُهُ ، وَفِيهِمْ مَنْ لَا يَرِثُهُ أَوْلَادُهُ ، وَالْآيَةُ لَمْ تُفَصِّلْ
[3] : مَنْ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَمَنْ لَا يَرِثُهُ ، وَلَا صِفَةِ الْوَارِثِ وَالْمَوْرُوثِ ، عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا بَيَانُ ذَلِكَ ، بَلْ قُصِدَ بِهَا بَيَانُ حُقُوقِ هَؤُلَاءِ إِذَا كَانُوا وَرَثَةً .
وَحِينَئِذٍ
[4] فَالْآيَةُ إِذَا لَمْ تُبَيِّنْ مَنْ يُورَثُ وَمَنْ يَرِثُهُ ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى كَوْنِ [ غَيْرِ ]
[5] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرِثُ أَوْ لَا يُورَثُ
[6] ، فَلَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى كَوْنِهِ هُوَ يُورَثُ بِطُرُقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى .
وَهَكَذَا كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651388فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ ، وَفِيمَا سُقِيَ [7] بِالدَّوَالِي وَالنَّوَاضِحِ فَنَصِفُ [8] الْعُشْرِ [9] . " فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ وَبَيْنَ مَا يَجِبُ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ بَيَانَ مَا يَجِبُ فِيهِ أَحَدُهُمَا وَمَا لَا يَجِبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، فَلِهَذَا لَا يُحَتَجُّ بِعُمُومِهِ عَلَى وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِي الْخَضْرَاوَاتِ .
[ ص: 218 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) [ سُورَةِ الْبَقَرَةِ : 275 ] قُصِدَ فِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرِّبَا : فِي أَنَّ أَحَدَهُمَا حَلَالٌ وَالْآخَرَ حَرَامٌ ، وَلَمْ يُقْصَدْ فِيهِ بَيَانُ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ ، فَلَا يُحْتَجُّ بِعُمُومِهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ كُلِّ شَيْءٍ . وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) يَعُمُّ بَيْعَ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَالْكَلْبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْوَقْفِ وَمِلْكِ الْغَيْرِ وَالثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ - كَانَ غَالِطًا .