[ ص: 439 ] nindex.php?page=treesubj&link=29397_21377والله سبحانه إذا اتخذ رسولا فضله بصفات أخرى لم تكن موجودة فيه قبل إرساله ، كما كان يظهر لكل من رأى
موسى وعيسى ومحمدا من أحوالهم وصفاتهم بعد النبوة . وتلك الصفات غير الوحي الذي ينزل عليهم ، فلا يقال : إن النبوة مجرد صفة إضافية كأحكام الأفعال كما تقوله
الجهمية .
ولهذا [ لما ]
[1] صار كثير من أهل النظر -
كالرازي وأمثاله - ليس عندهم إلا قول
الجهمية والقدرية والفلاسفة ، تجدهم في تفسير القرآن ، وفي سائر كتبهم ، يذكرون أقوالا كثيرة متعددة كلها باطلة ، لا يذكرون الحق ، مثل تفسيره
للهلال [2] ، وقد قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) [ سورة البقرة : 189 ] فذكر قول أهل الحساب فيه ، وجعله من أقوال الفلاسفة ، وذكر قول
الجهمية الذين يقولون : إن القادر المختار يحدث فيه الضوء بلا سبب أصلا ولا لحكمة
[3] .
وكذلك إذا تكلم في المطر يذكر قول أولئك الذين يجعلونه حاصلا عن مجرد البخار المتصاعد والمنعقد في الجو ، وقول من يقول : إنه أحدثه الفاعل المختار بلا سبب ، ويذكر قول من يقول : إنه نزل من
[ ص: 440 ] الأفلاك . وقد يرجح
[4] هذا القول في تفسيره
[5] ، ويجزم بفساده في موضع آخر .
وهذا القول لم يقله أحد من الصحابة ، ولا التابعين لهم بإحسان ، ولا أئمة المسلمين ، [ بل سائر أهل العلم من المسلمين ]
[6] من السلف والخلف ، يقولون : إن المطر نزل من السحاب .
ولفظ " السماء " في اللغة والقرآن اسم لكل ما علا ، فهو اسم جنس للعالي ، لا يتعين في شيء إلا بما يضاف إلى ذلك .
وقد قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فليمدد بسبب إلى السماء ) [ سورة الحج : 15 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99الذي أنزل من السماء ماء ) [ سورة الأنعام : 99 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أأمنتم من في السماء ) [ سورة تبارك : 16 ] ، والمراد بالجميع العلو ، ثم يتعين هنا بالسقف ونحوه ، وهنا
[7] بالسحاب ، وهناك بما فوق العالم كله .
فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99أنزل من السماء ماء ) [ سورة الأنعام : 99 ] أي من العلو ، مع قطع النظر عن جسم معين . لكن قد صرح في موضع آخر بنزوله من السحاب ، كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=68أفرأيتم الماء الذي تشربون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=69أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ) [ سورة الواقعة : 68 - 69 ] والمزن : السحاب .
[ ص: 441 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله ) [ سورة النور : 43 ] ، والودق : المطر ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=48الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله ) [ سورة الروم : 48 ] ، فأخبر سبحانه أنه يبسط السحاب في السماء .
وهذا مما يبين أنه لم يرد بالسماء هنا الأفلاك ; فإن السحاب لا يبسط في الأفلاك ، بل الناس يشاهدون السحاب يبسط في الجو ، وقد يكون الرجل في موضع عال : إما على جبل أو على غيره ، والسحاب يبسط أسفل منه ، وينزل منه المطر ، والشمس فوقه .
والرازي [8] لا يثبت على قول [ واحد ]
[9] ، بل هو دائما ينصر هنا قولا ، وهناك ما يناقضه لأسباب تقتضي ذلك .
وكثير من الناس يفهمون من القرآن ما لا يدل عليه ، وهو معنى فاسد ، ويجعلون ذلك يعارض العقل . وقد بينا في مصنف مفرد " درء تعارض
[10] العقل والنقل " وذكرنا فيه عامة ما يذكرون من العقليات في
nindex.php?page=treesubj&link=22428_22396معارضة الكتاب والسنة ، وبينا أن التعارض لا يقع إلا إذا كان ما سمى معقولا فاسدا ، وهذا هو الغالب على كلام أهل البدع ، أو أن يكون
[11] ما أضيف
[ ص: 442 ] إلى الشرع ليس منه : إما حديث موضوع ، وإما فهم فاسد من نص لا يدل عليه ، وإما نقل إجماع باطل .
ومن هذا كثير من الناس ذم الأحكام النجومية ، ولا ريب أنها مذمومة بالشرع مع العقل ، وأن الخطأ فيها أضعاف الصواب ، وأن من اعتمد عليها في تصرفاته ، وأعرض عما أمر الله به ورسوله ، خسر الدنيا والآخرة .
لكن قد
[12] يردونها على طريقة
الجهمية ونحوهم بأن يدعوا أنه لا أثر لشيء من العلويات في السفليات أصلا : إما على طريقة
[13] الجهمية ، لكن تلك لا تنفي العادات الاقترانية ، وإن لم تثبت سببا ومسببا وحكمة ، وإما بناء على نفي العادة
[14] في ذلك .
ثم قد ينازعون
[15] في استدارة الأفلاك ، ويدعون شكلا آخر . وقد بينا في جواب المسائل التي سئلت عنها في ذلك أن الأفلاك مستديرة عند علماء المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، كما ثبت ذلك عنهم بالأسانيد المذكورة في موضعها ، بل قد نقل إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من علماء المسلمين
[16] ، الذين هم من أخبر الناس بالمنقولات ،
كأبي الحسين بن المنادي ، أحد أكابر الطبقة الثانية من
[ ص: 443 ] أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، وله نحو أربعمائة مصنف
[17] ،
وأبي محمد بن حزم الأندلسي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11890وأبي الفرج بن الجوزي .
وقد دل ذلك على الكتاب والسنة ، كما قد بسط في " الإحاطة "
[18] وغيرها .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28784المطر معروف عند السلف والخلف بأن الله تعالى يخلقه من الهواء ومن البخار المتصاعد ، لكن خلقه للمطر من هذا ، كخلق الإنسان من نطفة ، وخلقه للشجر والزرع من الحب والنوى ، فهذا معرفة
[19] بالمادة التي خلق منها ، ونفس المادة لا توجب ما خلق منها باتفاق العقلاء ، بل لا بد مما به يخلق تلك الصورة
[20] على ذلك الوجه ، وهذا هو الدليل على القادر المختار الحكيم ، الذي يخلق المطر على قدر معلوم وقت الحاجة إليه ، والبلد الجرز
[21] يسوق إليه
[22] الماء من حيث أمطر ، كما قال :
[ ص: 444 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=26يسمعون أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون ) [ سورة السجدة : 27 ] ، فالأرض الجرز لا
[23] تمطر ما يكفيها ، كأرض مصر : لو أمطرت المطر المعتاد لم يكفها ; فإنها أرض إبليز
[24] . وإن أمطرت كثيرا مثل مطر شهر خربت
[25] المساكن ، فكان من حكمة الباري ورحمته أن أمطر مطرا أرضا بعيدة ، ثم ساق ذلك الماء إلى أرض مصر .
فهذه الآيات
[26] يستدل بها على علم الخالق وقدرته ومشيئته وحكمته ، وإثبات المادة التي خلق منها المطر والشجر والإنسان والحيوان مما يدل على حكمته
[27] .
ونحن لا نعرف شيئا قط خلق إلا من مادة ، ولا أخبر الله في كتابه بمخلوق إلا من مادة .
وكذلك كون كسوف الشمس وغيره سببا لبعض الحوادث هو مما دلت عليه النصوص الصحيحة ، ففي الصحاح من غير وجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650982إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا [ ص: 445 ] لحياته ، ولكنهما آيتان من آيات الله - عز وجل - يخوف [ الله ] بهما [28] عباده ، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة "
[29] .
وقد ثبت عنه في الصحاح أنه صلى صلاة الكسوف بركوع زائد في كل ركعة ، وأنه طولها تطويلا لم يطوله في شيء من صلوات الجماعات ، وأمر عند الكسوف بالصلاة والذكر والدعاء ، والعتاقة والصدقة ، والاستغفار
[30] .
وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=658512يخوف الله بهما عباده " كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) [ سورة الإسراء : 59 ] ، ولهذا كانت
nindex.php?page=treesubj&link=33927_33924الصلوات مشروعة عند الآيات عموما ، مثل تناثر الكواكب والزلزلة وغير ذلك ، والتخويف إنما يكون بما هو سبب للشر المخوف ، كالزلزلة والريح العاصف . وإلا فما وجوده كعدمه لا يحصل به تخويف .
فعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=33930الكسوف سبب للشر ، ثم قد يكون
[31] عنه شر ، ثم القول فيه كالقول في سائر الأسباب : هل هو سبب ؟ كما عليه جمهور الأمة ، أو هو مجرد اقتران عادة كما يقوله
الجهمية ؟
وهو - صلى الله عليه وسلم - أخبر عند
[32] أسباب الشر بما يدفعها من
[ ص: 446 ] العبادات ، التي تقوي ما انعقد
[33] سببه من الخير ، وتدفع أو تضعف ما انعقد سببه من الشر . كما قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=909123إن الدعاء والبلاء ليلتقيان فيعتلجان بين السماء والأرض "
[34] .
والفلاسفة تعترف
[35] بهذا ، لكن هل ذلك بناء
[36] على أن الله يدفع ذلك بقدرته وحكمته ، أو بناء على أن القوى النفسانية تؤثر ؟ هذا مبني على أصولهم في هذا الباب .
ويحكى عن
بطليموس [37] أنه قال : " ضجيج الأصوات ، في هياكل العبادات ، بفنون اللغات ، تحلل
[38] ما عقدته الأفلاك الدائرات " ، وعن
[ ص: 447 ] أبقراط [39] أنه قال : " واعلم أن طبنا بالنسبة إلى طب أرباب الهياكل كطب العجائز بالنسبة إلى طبنا " .
فالقوم كانوا معترفين بما وراء القوى الطبيعية والفلكية ، وليس ذلك مجرد القوى النفسانية ، كما يقوله
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا وطائفة
[40] ، بل ملائكة ملء
[41] العالم العلوي والسفلي ، والجن أيضا لا يحصي عددهم إلا الله ،
nindex.php?page=treesubj&link=29747والله قد وكل الملائكة بتدبير هذا العالم بمشيئته وقدرته ، كما دلت على ذلك الدلائل الكثيرة من الكتاب والسنة ، وكما يستدل على ذلك أيضا بأدلة عقلية .
nindex.php?page=treesubj&link=28734والملائكة أحياء ناطقون ، ليسوا أعراضا قائمة بغيرها ، كما يزعمه كثير من المتفلسفة . ولا هي مجرد العقول العشرة والنفوس التسعة ، بل هذه
[42] باطلة بأدلة كثيرة
[43] .
[ ص: 439 ] nindex.php?page=treesubj&link=29397_21377وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ إِذَا اتَّخَذَ رَسُولًا فَضَلَّهُ بِصِفَاتٍ أُخْرَى لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِيهِ قَبْلَ إِرْسَالِهِ ، كَمَا كَانَ يَظْهَرُ لِكُلِّ مَنْ رَأَى
مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدًا مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ . وَتِلْكَ الصِّفَاتُ غَيْرُ الْوَحْيِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ، فَلَا يُقَالُ : إِنَّ النُّبُوَّةَ مُجَرَّدُ صِفَةٍ إِضَافِيَّةٍ كَأَحْكَامِ الْأَفْعَالِ كَمَا تَقُولُهُ
الْجَهْمِيَّةُ .
وَلِهَذَا [ لَمَّا ]
[1] صَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ -
كَالرَّازِيِّ وَأَمْثَالِهِ - لَيْسَ عِنْدَهُمْ إِلَّا قَوْلُ
الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْفَلَاسِفَةِ ، تَجِدُهُمْ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ ، وَفِي سَائِرِ كُتُبِهِمْ ، يَذْكُرُونَ أَقْوَالًا كَثِيرَةً مُتَعَدِّدَةً كُلُّهَا بَاطِلَةٌ ، لَا يَذْكُرُونَ الْحَقَّ ، مِثْلَ تَفْسِيرِهِ
لِلْهِلَالِ [2] ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 189 ] فَذَكَرَ قَوْلَ أَهْلِ الْحِسَابِ فِيهِ ، وَجَعَلَهُ مِنْ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ ، وَذَكَرَ قَوْلَ
الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يَحْدُثُ فِيهِ الضَّوْءُ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا وَلَا لِحِكْمَةٍ
[3] .
وَكَذَلِكَ إِذَا تَكَلَّمَ فِي الْمَطَرِ يَذْكُرُ قَوْلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَهُ حَاصِلًا عَنْ مُجَرَّدِ الْبُخَارِ الْمُتَصَاعِدِ وَالْمُنْعَقِدِ فِي الْجَوِّ ، وَقَوْلَ مَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ أَحْدَثَهُ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ بِلَا سَبَبٍ ، وَيَذْكُرُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ نَزَلَ مِنَ
[ ص: 440 ] الْأَفْلَاكِ . وَقَدْ يُرَجِّحُ
[4] هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ
[5] ، وَيَجْزِمُ بِفَسَادِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .
وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَلَا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ ، [ بَلْ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ]
[6] مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، يَقُولُونَ : إِنَّ الْمَطَرَ نَزَلَ مِنَ السَّحَابِ .
وَلَفْظُ " السَّمَاءِ " فِي اللُّغَةِ وَالْقُرْآنِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا عَلَا ، فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِلْعَالِي ، لَا يَتَعَيَّنُ فِي شَيْءٍ إِلَّا بِمَا يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ .
وَقَدْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ) [ سُورَةُ الْحَجِّ : 15 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ : 99 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) [ سُورَةُ تَبَارَكَ : 16 ] ، وَالْمُرَادُ بِالْجَمِيعِ الْعُلُوُّ ، ثُمَّ يَتَعَيَّنُ هُنَا بِالسَّقْفِ وَنَحْوِهِ ، وَهُنَا
[7] بِالسَّحَابِ ، وَهُنَاكَ بِمَا فَوْقَ الْعَالَمِ كُلِّهِ .
فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ : 99 ] أَيْ مِنَ الْعُلُوِّ ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ جِسْمٍ مُعَيَّنٍ . لَكِنْ قَدْ صَرَّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِنُزُولِهِ مِنَ السَّحَابِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=68أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=69أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ) [ سُورَةُ الْوَاقِعَةِ : 68 - 69 ] وَالْمُزْنُ : السَّحَابُ .
[ ص: 441 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ) [ سُورَةُ النُّورِ : 43 ] ، وَالْوَدْقُ : الْمَطَرُ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=48اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ) [ سُورَةُ الرُّومِ : 48 ] ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَبْسُطُ السَّحَابَ فِي السَّمَاءِ .
وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالسَّمَاءِ هُنَا الْأَفْلَاكَ ; فَإِنَّ السَّحَابَ لَا يُبْسَطُ فِي الْأَفْلَاكِ ، بَلِ النَّاسُ يُشَاهِدُونَ السَّحَابَ يُبْسَطُ فِي الْجَوِّ ، وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ : إِمَّا عَلَى جَبَلٍ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ ، وَالسَّحَابُ يُبْسَطُ أَسْفَلَ مِنْهُ ، وَيَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ ، وَالشَّمْسُ فَوْقَهُ .
وَالرَّازِيُّ [8] لَا يَثْبُتُ عَلَى قَوْلٍ [ وَاحِدٍ ]
[9] ، بَلْ هُوَ دَائِمًا يَنْصُرُ هُنَا قَوْلًا ، وَهُنَاكَ مَا يُنَاقِضُهُ لِأَسْبَابٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ .
وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَفْهَمُونَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَعْنًى فَاسِدٌ ، وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ يُعَارِضُ الْعَقْلَ . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي مُصَنَّفٍ مُفْرَدٍ " دَرْءَ تَعَارُضِ
[10] الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " وَذَكَرْنَا فِيهِ عَامَّةَ مَا يَذْكُرُونَ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=22428_22396مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَبَيَّنَّا أَنَّ التَّعَارُضَ لَا يَقَعُ إِلَّا إِذَا كَانَ مَا سَمَّى مَعْقُولًا فَاسِدًا ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى كَلَامِ أَهْلِ الْبِدَعِ ، أَوْ أَنْ يَكُونَ
[11] مَا أُضِيفَ
[ ص: 442 ] إِلَى الشَّرْعِ لَيْسَ مِنْهُ : إِمَّا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ ، وَإِمَّا فَهْمٌ فَاسِدٌ مِنْ نَصٍّ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَإِمَّا نَقْلُ إِجْمَاعٍ بَاطِلٍ .
وَمِنْ هَذَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ذَمَّ الْأَحْكَامَ النُّجُومِيَّةَ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهَا مَذْمُومَةٌ بِالشَّرْعِ مَعَ الْعَقْلِ ، وَأَنَّ الْخَطَأَ فِيهَا أَضْعَافُ الصَّوَابِ ، وَأَنَّ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي تَصَرُّفَاتِهِ ، وَأَعْرَضَ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ ، خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ .
لَكِنْ قَدْ
[12] يَرُدُّونَهَا عَلَى طَرِيقَةِ
الْجَهْمِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ بِأَنْ يَدَّعُوا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِشَيْءٍ مِنَ الْعُلْوِيَّاتِ فِي السُّفْلِيَّاتِ أَصْلًا : إِمَّا عَلَى طَرِيقَةِ
[13] الْجَهْمِيَّةِ ، لَكِنْ تِلْكَ لَا تَنْفِي الْعَادَاتِ الِاقْتِرَانِيَّةِ ، وَإِنْ لَمْ تُثْبِتْ سَبَبًا وَمُسَبَّبًا وَحِكْمَةً ، وَإِمَّا بِنَاءً عَلَى نَفْيِ الْعَادَةِ
[14] فِي ذَلِكَ .
ثُمَّ قَدْ يُنَازِعُونَ
[15] فِي اسْتِدَارَةِ الْأَفْلَاكِ ، وَيَدَّعُونَ شَكْلًا آخَرَ . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي جَوَابِ الْمَسَائِلِ الَّتِي سُئِلْتُ عَنْهَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَفْلَاكَ مُسْتَدِيرَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمْ بِالْأَسَانِيدِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَوْضِعِهَا ، بَلْ قَدْ نَقَلَ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ
[16] ، الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَخْبَرِ النَّاسِ بِالْمَنْقُولَاتِ ،
كَأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُنَادِي ، أَحَدِ أَكَابِرِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ
[ ص: 443 ] أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَلَهُ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ
[17] ،
وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْدَلُسِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11890وَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ .
وَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي " الْإِحَاطَةِ "
[18] وَغَيْرِهَا .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28784الْمَطَرُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُهُ مِنَ الْهَوَاءِ وَمِنَ الْبُخَارِ الْمُتَصَاعِدِ ، لَكِنَّ خَلْقَهُ لِلْمَطَرِ مِنْ هَذَا ، كَخَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ نُطْفَةٍ ، وَخَلْقُهُ لِلشَّجَرِ وَالزَّرْعِ مِنَ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، فَهَذَا مَعْرِفَةٌ
[19] بِالْمَادَّةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا ، وَنَفْسُ الْمَادَّةِ لَا تُوجِبُ مَا خُلِقَ مِنْهَا بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ ، بَلْ لَا بُدَّ مِمَّا بِهِ يَخْلُقُ تِلْكَ الصُّورَةَ
[20] عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ، وَهَذَا هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى الْقَادِرِ الْمُخْتَارِ الْحَكِيمِ ، الَّذِي يَخْلُقُ الْمَطَرَ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ وَقْتَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، وَالْبَلَدِ الْجُرُزِ
[21] يَسُوقُ إِلَيْهِ
[22] الْمَاءَ مِنْ حَيْثُ أَمْطَرَ ، كَمَا قَالَ :
[ ص: 444 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=26يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ ) [ سُورَةُ السَّجْدَةِ : 27 ] ، فَالْأَرْضُ الْجُرُزُ لَا
[23] تُمْطِرُ مَا يَكْفِيهَا ، كَأَرْضِ مِصْرَ : لَوْ أَمْطَرَتِ الْمَطَرَ الْمُعْتَادَ لَمْ يَكْفِهَا ; فَإِنَّهَا أَرْضٌ إِبْلِيزٌ
[24] . وَإِنْ أَمْطَرَتْ كَثِيرًا مِثْلَ مَطَرِ شَهْرٍ خَرُبَتِ
[25] الْمَسَاكِنُ ، فَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ الْبَارِي وَرَحْمَتِهِ أَنْ أَمْطَرَ مَطَرًا أَرْضًا بَعِيدَةً ، ثُمَّ سَاقَ ذَلِكَ الْمَاءَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ .
فَهَذِهِ الْآيَاتُ
[26] يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى عِلْمِ الْخَالِقِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ، وَإِثْبَاتِ الْمَادَّةِ الَّتِي خَلَقَ مِنْهَا الْمَطَرَ وَالشَّجَرَ وَالْإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حِكْمَتِهِ
[27] .
وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ شَيْئًا قَطُّ خُلِقَ إِلَّا مِنْ مَادَّةٍ ، وَلَا أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِمَخْلُوقٍ إِلَّا مِنْ مَادَّةٍ .
وَكَذَلِكَ كَوْنُ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَغَيْرِهِ سَبَبًا لِبَعْضِ الْحَوَادِثِ هُوَ مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ ، فَفِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650982إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا [ ص: 445 ] لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - يُخَوِّفُ [ اللَّهُ ] بِهِمَا [28] عِبَادَهُ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ "
[29] .
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ بِرُكُوعٍ زَائِدٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، وَأَنَّهُ طَوَّلَهَا تَطْوِيلًا لَمْ يُطَوِّلْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَوَاتِ الْجَمَاعَاتِ ، وَأَمَرَ عِنْدَ الْكُسُوفِ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ ، وَالْعَتَاقَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَالِاسْتِغْفَارِ
[30] .
وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=658512يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) [ سُورَةُ الْإِسْرَاءِ : 59 ] ، وَلِهَذَا كَانَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=33927_33924الصَّلَوَاتُ مَشْرُوعَةً عِنْدَ الْآيَاتِ عُمُومًا ، مِثْلَ تَنَاثُرِ الْكَوَاكِبِ وَالزَّلْزَلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَالتَّخْوِيفُ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لِلشَّرِّ الْمُخَوِّفِ ، كَالزَّلْزَلَةِ وَالرِّيحِ الْعَاصِفِ . وَإِلَّا فَمَا وَجُودُهُ كَعَدَمِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ تَخْوِيفٌ .
فَعُلِمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33930الْكُسُوفَ سَبَبٌ لِلشَّرِّ ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ
[31] عَنْهُ شَرٌّ ، ثُمَّ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي سَائِرِ الْأَسْبَابِ : هَلْ هُوَ سَبَبٌ ؟ كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ ، أَوْ هُوَ مُجَرَّدُ اقْتِرَانِ عَادَةٍ كَمَا يَقُولُهُ
الْجَهْمِيَّةُ ؟
وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ عِنْدَ
[32] أَسْبَابِ الشَّرِّ بِمَا يَدْفَعُهَا مِنَ
[ ص: 446 ] الْعِبَادَاتِ ، الَّتِي تُقَوِّي مَا انْعَقَدَ
[33] سَبَبُهُ مِنَ الْخَيْرِ ، وَتَدْفَعُ أَوْ تُضْعِفُ مَا انْعَقَدَ سَبَبُهُ مِنَ الشَّرِّ . كَمَا قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=909123إِنَّ الدُّعَاءَ وَالْبَلَاءَ لَيَلْتَقِيَانِ فَيَعْتَلِجَانِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ "
[34] .
وَالْفَلَاسِفَةُ تَعْتَرِفُ
[35] بِهَذَا ، لَكِنْ هَلْ ذَلِكَ بِنَاءً
[36] عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ، أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُوَى النَّفْسَانِيَّةَ تُؤَثِّرُ ؟ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ .
وَيُحْكَى عَنْ
بَطْلَيْمُوسَ [37] أَنَّهُ قَالَ : " ضَجِيجُ الْأَصْوَاتِ ، فِي هَيَاكِلِ الْعِبَادَاتِ ، بِفُنُونِ اللُّغَاتِ ، تَحْلُلُ
[38] مَا عَقَّدَتْهُ الْأَفْلَاكُ الدَّائِرَاتُ " ، وَعَنْ
[ ص: 447 ] أَبِقْرَاطَ [39] أَنَّهُ قَالَ : " وَاعْلَمْ أَنَّ طِبَّنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى طِبِّ أَرْبَابِ الْهَيَاكِلِ كَطِبِّ الْعَجَائِزِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى طِبِّنَا " .
فَالْقَوْمُ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِمَا وَرَاءَ الْقُوَى الطَّبِيعِيَّةِ وَالْفَلَكِيَّةِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُجَرَّدُ الْقُوَى النَّفْسَانِيَّةِ ، كَمَا يَقُولُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابْنُ سِينَا وَطَائِفَةٌ
[40] ، بَلْ مَلَائِكَةٌ مَلْءُ
[41] الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ ، وَالْجِنُّ أَيْضًا لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29747وَاللَّهُ قَدْ وَكَّلَ الْمَلَائِكَةَ بِتَدْبِيرِ هَذَا الْعَالَمِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الدَّلَائِلُ الْكَثِيرَةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَكَمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا بِأَدِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=28734وَالْمَلَائِكَةُ أَحْيَاءٌ نَاطِقُونَ ، لَيْسُوا أَعْرَاضًا قَائِمَةً بِغَيْرِهَا ، كَمَا يَزْعُمُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ . وَلَا هِيَ مُجَرَّدُ الْعُقُولِ الْعَشْرَةِ وَالنُّفُوسِ التِّسْعَةِ ، بَلْ هَذِهِ
[42] بَاطِلَةٌ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ
[43] .