الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  السبب الثاني : الاستغفار ؛ فإن الاستغفار [ هو ] [1] طلب المغفرة ، وهو من جنس الدعاء والسؤال ، وهو مقرون بالتوبة في الغالب [ ومأمور [ ص: 211 ] به ] [2] ، لكن قد يتوب الإنسان [ ولا يدعو ] [3] ، وقد يدعو ولا يتوب . وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - أنه قال : " أذنب [4] عبد ذنبا فقال : اللهم اغفر لي ذنبي . فقال الله - تبارك وتعالى - : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب فقال : [ أي ] [5] رب اغفر لي ذنبي . فقال - تبارك وتعالى - : عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب ، فقال : [ أي ] [6] رب اغفر لي ذنبي . فقال تعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . قد غفرت لعبدي " وفي رواية لمسلم : " فليفعل ما شاء " [7] .

                  والتوبة تمحو جميع السيئات ، وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا التوبة ، فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء . وأما التوبة فإنه قال تعالى : ( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) [ سورة الزمر : 53 ] وهذه لمن تاب . [ ولهذا قال : ( لا تقنطوا من رحمة الله ) بل توبوا إليه ] ، وقال بعدها : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) [ سورة الزمر : 54 ] [ ص: 212 ] [8] . وأما الاستغفار بدون التوبة ، فهذا لا يستلزم المغفرة ، ولكن هو سبب من الأسباب .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية