قال
القاضي أبو بكر بن الطيب [1] : وقد اتفق جميع الباطنية وكل مصنف لكتاب ورسالة منهم في
nindex.php?page=treesubj&link=28840ترتيب الدعوة المضلة على أن من سبيل الداعي إلى دينهم ورجسهم المجانب لجميع أديان الرسل والشرائع أن يجيب
[2] الداعي إليه الناس بما يبين وما يظهر له من أحوالهم
[ ص: 480 ] ومذاهبهم ، وقالوا لكل داع لهم إلى ضلالتهم ما أنا حاك لألفاظهم وصيغة قولهم بغير زيادة ولا نقصان ليعلم بذلك كفرهم وعنادهم لسائر
[3] الرسل والملل فقالوا للداعي : " يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلما : أن تجعل التشيع عنده دينك وشعارك ، واجعل المدخل عليه من جهة ظلم السلف وقتلهم
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين [4] وسبيهم نساءه
[5] وذريته والتبري من
تيم وعدي ومن
بني أمية وبني العباس ، وأن تكون قائلا بالتشبيه والتجسيم والبدء والتناسخ والرجعة والغلو ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=31309 nindex.php?page=showalam&ids=8عليا [6] إله يعلم الغيب مفوض [7] إليه خلق العالم ، وما أشبه ذلك من أعاجيب الشيعة [8] وجهلهم ، فإنهم أسرع إلى إجابتك بهذا الناموس حتى تتمكن
[9] منهم مما
[10] تحتاج إليه أنت ومن بعدك ، ممن تثق به من أصحابك فترقيهم إلى حقائق الأشياء حالا فحالا ، ولا تجعل كما جعل
المسيح ناموسه في زور
[11] موسى القول بالتوراة وحفظ السبت ، ثم عجل وخرج عن الحد ، وكان له ما كان يعني من قتلهم له بعد تكذيبهم إياه وردهم عليه وتفرقهم عنه فإذا آنست من بعض
الشيعة عند الدعوة إجابة ورشدا أوقفته على مثالب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وولده ، وعرفته حقيقة الحق لمن هو وفيمن هو وباطل بطلان
[12] كل ما عليه أهل ملة
محمد صلى الله عليه وسلم وغيره
[ ص: 481 ] من الرسل ، ومن وجدته صابئا فأدخله مداخله بالأشانيع
[13] وتعظيم الكواكب ، فإن ذلك ديننا وجل مذهبنا في أول أمرنا ، وأمرهم من جهة الأشانيع يقرب عليك أمره جدا ومن وجدته مجوسيا اتفقت معه في الأصل في الدرجة الرابعة من تعظيم النار والنور والشمس والقمر واتل عليهم أمر السابق
[14] ، وأنه نهر من الذي
[15] يعرفونه ، وثالثه المكنون من ظنه
[16] الجيد والظلمة المكتوبة فإنهم مع الصابئين أقرب الأمم إلينا ، وأولاهم بنا لولا يسير صحفوه بجهلهم به " ، قالوا : " وإن ظفرت بيهودي فادخل عليه من جهة انتظار
المسيح ، وأنه المهدي الذي ينتظره المسلمون بعينه ، وعظم السبت عندهم وتقرب إليهم بذلك ، وأعلمهم أنه مثل يدل على ممثول ، وأن ممثوله
[17] يدل على السابع المنتظر يعنون
محمد بن إسماعيل بن جعفر ، وأنه دوره ، وأنه هو
المسيح وهو
المهدي وعند معرفته تكون
[18] الراحة من الأعمال ، وترك التكليفات كما أمروا بالراحة يوم السبت ، وأن راحة السبت هو دلالة على الراحة من التكليف والعبادات في دور السابع المنتظر ، وتقرب من قلوبهم بالطعن على
النصارى والمسلمين الجهال الحيارى الذين يزعمون أن
عيسى [ ص: 482 ] لم يولد ولا أب له ، وقو في نفوسهم أن
يوسف النجار أبوه وأن
مريم أمه ، وأن
يوسف النجار كان ينال منها ما ينال الرجال من النساء ، وما شاكل ذلك فإنهم لن يلبثوا أن يتبعوك " .
قال : " وإن وجدت المدعى نصرانيا فادخل عليه بالطعن على
اليهود والمسلمين جميعا ، وصحة قولهم في الثالوث ، وأن الأب والابن وروح القدس صحيح وعظم الصليب عندهم ، وعرفهم تأويله .
وإن وجدته مثانيا ، فإن
المثانية [19] تحرك الذي منه يعترف ، فداخلهم بالممازجة
[20] في الباب السادس في الدرجة السادسة من حدود البلاغ التي يصفها
[21] من بعد ، وامتزج بالنور وبالظلام
[22] ، فإنك تملكهم بذلك ، وإذا آنست من بعضهم رشدا فاكشف له الغطاء .
ومتى وقع إليك فيلسوف فقد علمت أن الفلاسفة هم العمدة لنا ، وقد أجمعنا [ نحن ]
[23] ، وهم على إبطال نواميس الأنبياء وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا بعضهم من أن للعالم مدبرا لا يعرفونه ، فإن
[24] وقع الاتفاق منهم على أنه لا مدبر للعالم فقد زالت الشبهة بيننا وبينهم .
وإذا وقع لك ثنوي منهم فبخ بخ ، قد ظفرت يداك
[25] بمن يقل معه تعبك والمدخل عليه بإبطال التوحيد ، والقول بالسابق والتالي ورتب له ذلك على ما هو مرسوم لك في أول درجة البلاغ وثانيه وثالثه .
[ ص: 483 ] وسنصف لك عنهم من بعد ، واتخذ غليظ العهود ، وتوكيد الأيمان وشدة المواثيق جنة لك وحصنا ، ولا تهجم على مستجيبك بالأشياء
[26] الكبار التي يستبشعونها حتى ترقيهم إلى أعلى المراتب : حالا فحالا ، وتدرجهم درجة درجة على ما سنبينه من بعد ، وقف بكل فريق حيث احتمالهم ، فواحد لا تزيده على التشيع والائتمام
بمحمد بن إسماعيل ، وأنه حي ، لا تجاوز به هذا الحد ، لا سيما إن كان مثله ممن يكثر به وبموضع اسمه وأظهر له العفاف عن الدرهم والدينار ، وخفف عليه وطأتك مرة بصلاة
[27] السبعين ، وحذره الكذب والزنا واللواط وشرب النبيذ ، وعليك في أمره بالرفق والمداراة له والتودد وتصبر له إن كان هواه متبعا لك تحظ
[28] عنده ، ويكون لك عونا على دهرك ، وعلى من لعله يعاديك
[29] من أهل الملل ، ولا تأمن أن يتغير عليك بعض أصحابك ولا تخرجه
[30] عن عبادة إلهه ، والتدين بشريعة
محمد نبيه صلى الله عليه وسلم والقول بإمامة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وبنيه إلى
محمد بن إسماعيل ، وأقم له دلائل الأسابيع فقط ودقه بالصوم والصلاة دقا وشدة الاجتهاد فإنك يومئذ إن أومأت إلى كريمته
[31] فضلا عن ماله لم يمنعك ، وإن أدركته الوفاة فوض إليك ما خلفه ، وورثك إياه ولم ير في العالم من هو أوثق منك ، وآخر ترقيه إلى نسخ شريعة
محمد ، وأن السابع هو الخاتم للرسل ، وأنه ينطق كما ينطقون ويأتي بأمر جديد ، وأن
محمدا صاحب
[ ص: 484 ] الدور السادس وأن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا لم يكن إماما ، وإنما كان سوسا
[32] لمحمد وحسن القول فيه وإلا سياسية
[33] ، فإن هذا باب كبير ، وعمل عظيم منه ترقى إلى ما هو أعظم منه ، وأكبر منه ويعينك على زوال ما جاء به من قبلك ، من وجوب زوال النبوات على المنهاج الذي هو عليه ، وإياك أن ترتفع من هذا الباب إلا إلى من تقدر فيه النجابة
[34] ، وآخر ترقيه من هذا إلى معرفة القرآن ومؤلفه وسببه وإياك أن تغتر بكثير ممن يبلغ معك إلى هذه المنزلة ، فترقيه إلى غيرها ألا يغلطون المؤانسة والمدارسة ، واستحكام الثقة به ، فإن ذلك يكون لك عونا على تعطيل النبوات ، والكتب التي يدعونها منزلة من عند الله ، وآخر ترقيه إلى إعلامه أن القائم قد مات ، وأنه يقوم روحانيا ، وأن الخلق يرجعون إليه بصورة روحانية تفصل بين العباد بأمر الله عز وجل ويستصفي
[35] المؤمنين من الكافرين بصور روحانية ، فإن ذلك يكون أيضا عونا لك عند إبلاغه إلى إبطال المعاد الذي يزعمونه والنشور من القبر .
وآخر ترقيه من هذا إلى إبطال أمر الملائكة في السماء والجن في الأرض ، وأنه كان قبل
آدم بشر كثير ، وتقيم على ذلك الدلائل المرسومة في كتبنا ، فإن ذلك مما يعينك وقت بلاغه على تسهيل التعطيل للوحي
[36] والإرسال إلى البشر بملائكة ، والرجوع إلى الحق
[37] ، والقول بقدم العالم .
[ ص: 485 ] وآخر ترقيه إلى أوائل درجة التوحيد ، وتدخل عليه بما تضمنه كتابهم المترجم بكتاب " الدرس الشافي للنفس " من أنه لا إله ولا صفة ولا موصوف ، فإن ذلك يعينك على القول بالإلهية لمستحقها عند البلاغ " .
وإلى ذلك يعنون بهذا أن كل داع منهم يترقى درجة درجة إلى أن يصير إماما ناطقا ، ثم ينقلب إلها روحانيا على ما سنشرح قولهم فيه من بعد .
قالوا : " ومن بلغته إلى هذا المنزلة فعرفه
[38] حسب ما عرفناك من حقيقة أمر الإمام ، وأن
إسماعيل وأباه
محمدا [39] كانا من نوابه ، ففي ذلك
[40] عون لك على إبطال إمامة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وولده عند البلاغ والرجوع إلى القول بالحق " ، ثم لا يزال كذلك شيئا فشيئا حتى يبلغ الغاية القصوى على تدريج يصفه عنهم فيما بعد .
قال القاضي : "
nindex.php?page=treesubj&link=31309فهذه وصيتهم جميعا للداعي إلى مذاهبهم وفيها أوضح دليل لكل عاقل على كفر القوم وإلحادهم ، وتصريحهم بإبطال حدوث العالم ومحدثه وتكذيب ملائكته ورسله وجحد المعاد والثواب والعقاب وهذا هو الأصل لجميعهم وإنما يتمخرقون بذكر الأول ، والثاني ، والناطق والأساس ، إلى غير ذلك ويخدعون به الضعفاء حتى إذا استجاب لهم مستجيب أخذوه بالقول بالدهر والتعطيل
[41] .
[ ص: 486 ] وسأصف من بعد من عظيم سبهم لجميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وتجريدهم القول بالاتحاد ،
[42] وأنه نهاية دعوتهم ما يعلم به كل قار له عظيم
[43] كفرهم وعنادهم للدين .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ [1] : وَقَدِ اتَّفَقَ جَمِيعُ الْبَاطِنِيَّةِ وَكُلُّ مُصَنِّفٍ لِكِتَابٍ وَرِسَالَةٍ مِنْهُمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28840تَرْتِيبِ الدَّعْوَةِ الْمُضِلَّةِ عَلَى أَنَّ مِنْ سَبِيلِ الدَّاعِي إِلَى دِينِهِمْ وَرِجْسِهِمُ الْمُجَانِبِ لِجَمِيعِ أَدْيَانِ الرُّسُلِ وَالشَّرَائِعِ أَنْ يُجِيبَ
[2] الدَّاعِي إِلَيْهِ النَّاسَ بِمَا يَبِينُ وَمَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ أَحْوَالِهِمْ
[ ص: 480 ] وَمَذَاهِبِهِمْ ، وَقَالُوا لِكُلِّ دَاعٍ لَهُمْ إِلَى ضَلَالَتِهِمْ مَا أَنَا حَاكٍ لِأَلْفَاظِهِمْ وَصِيغَةِ قَوْلِهِمْ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ كُفْرُهُمْ وَعِنَادُهُمْ لِسَائِرِ
[3] الرُّسُلِ وَالْمِلَلِ فَقَالُوا لِلدَّاعِي : " يَجِبُ عَلَيْكَ إِذَا وَجَدْتَ مَنْ تَدْعُوهُ مُسْلِمًا : أَنْ تَجْعَلَ التَّشَيُّعَ عِنْدَهُ دِينَكَ وَشِعَارَكَ ، وَاجْعَلِ الْمَدْخَلَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ظُلْمِ السَّلَفِ وَقَتْلِهِمُ
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنَ [4] وَسَبْيِهِمْ نِسَاءَهُ
[5] وَذُرِّيَّتِهِ وَالتَّبَرِّي مِنْ
تَيْمٍ وَعَدِيٍّ وَمَنْ
بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ ، وَأَنْ تَكُونَ قَائِلًا بِالتَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ وَالْبَدْءِ وَالتَّنَاسُخِ وَالرَّجْعَةِ وَالْغُلُوِّ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31309 nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا [6] إِلَهٌ يَعْلَمُ الْغَيْبَ مُفَوَّضٌ [7] إِلَيْهِ خَلْقُ الْعَالَمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَعَاجِيبِ الشِّيعَةِ [8] وَجَهْلِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ أَسْرَعُ إِلَى إِجَابَتِكَ بِهَذَا النَّامُوسِ حَتَّى تَتَمَكَّنَ
[9] مِنْهُمْ مِمَّا
[10] تَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَنْتَ وَمَنْ بَعْدَكَ ، مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَتُرَقِّيَهِمْ إِلَى حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ حَالًا فَحَالًا ، وَلَا تَجْعَلَ كَمَا جَعَلَ
الْمَسِيحُ نَامُوسَهُ فِي زُورِ
[11] مُوسَى الْقَوْلُ بِالتَّوْرَاةِ وَحِفْظُ السَّبْتِ ، ثُمَّ عَجِلَ وَخَرَجَ عَنِ الْحَدِّ ، وَكَانَ لَهُ مَا كَانَ يَعْنِي مِنْ قَتْلِهِمْ لَهُ بَعْدَ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَرَدِّهِمْ عَلَيْهِ وَتَفَرُّقِهِمْ عَنْهُ فَإِذَا آنَسْتَ مِنْ بَعْضِ
الشِّيعَةِ عِنْدَ الدَّعْوَةِ إِجَابَةً وَرُشْدًا أَوْقَفْتَهُ عَلَى مَثَالِبِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَوَلَدِهِ ، وَعَرَّفْتَهُ حَقِيقَةَ الْحَقَّ لِمَنْ هُوَ وَفِيمَنْ هُوَ وَبَاطِلُ بُطْلَانِ
[12] كُلُّ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ مِلَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ
[ ص: 481 ] مِنَ الرُّسُلِ ، وَمَنْ وَجَدْتَهُ صَابِئًا فَأَدْخِلْهُ مَدَاخِلَهُ بِالْأَشَانِيعِ
[13] وَتَعْظِيمِ الْكَوَاكِبِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ دِينُنَا وَجُلُّ مَذْهَبِنَا فِي أَوَّلِ أَمْرِنَا ، وَأَمْرِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأَشَانِيعِ يَقْرُبُ عَلَيْكَ أَمْرُهُ جِدًّا وَمَنْ وَجَدْتَهُ مَجُوسِيًّا اتَّفَقْتَ مَعَهُ فِي الْأَصْلِ فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ تَعْظِيمِ النَّارِ وَالنُّورِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ السَّابِقِ
[14] ، وَأَنَّهُ نَهْرٌ مِنَ الَّذِي
[15] يَعَرِفُونَهُ ، وَثَالِثُهُ الْمَكْنُونُ مَنْ ظَنِّهِ
[16] الْجَيِّدِ وَالظُّلْمَةُ الْمَكْتُوبَةُ فَإِنَّهُمْ مَعَ الصَّابِئِينَ أَقْرَبُ الْأُمَمِ إِلَيْنَا ، وَأَوْلَاهُمْ بِنَا لَوْلَا يَسِيرٌ صَحَّفُوهُ بَجَهْلِهِمْ بِهِ " ، قَالُوا : " وَإِنْ ظَفِرْتَ بِيَهُودِيٍّ فَادْخُلْ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ انْتِظَارِ
الْمَسِيحِ ، وَأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَنْتَظِرُهُ الْمُسْلِمُونَ بِعَيْنِهِ ، وَعَظِّمِ السَّبْتَ عِنْدَهُمْ وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ مِثْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَمْثُولٍ ، وَأَنَّ مَمْثُولَهُ
[17] يَدُلُّ عَلَى السَّابِعِ الْمُنْتَظَرِ يَعْنُونَ
مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ ، وَأَنَّهُ دَوْرُهُ ، وَأَنَّهُ هُوَ
الْمَسِيحُ وَهُوَ
الْمَهْدِيُّ وَعِنْدَ مَعْرِفَتِهِ تَكُونُ
[18] الرَّاحَةُ مِنَ الْأَعْمَالِ ، وَتَرْكُ التَّكْلِيفَاتِ كَمَا أَمَرُوا بِالرَّاحَةِ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَأَنَّ رَاحَةَ السَّبْتِ هُوَ دَلَالَةٌ عَلَى الرَّاحَةِ مِنَ التَّكْلِيفِ وَالْعِبَادَاتِ فِي دَوْرِ السَّابِعِ الْمُنْتَظَرِ ، وَتَقَرَّبْ مِنْ قُلُوبِهِمْ بِالطَّعْنِ عَلَى
النَّصَارَى وَالْمُسْلِمِينَ الْجُهَّالِ الْحَيَارَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ
عِيسَى [ ص: 482 ] لَمْ يُولَدْ وَلَا أَبَّ لَهُ ، وَقَوِّ فِي نُفُوسِهِمْ أَنَّ
يُوسُفَ النَّجَّارَ أَبُوهُ وَأَنَّ
مَرْيَمَ أُمُّهُ ، وَأَنَّ
يُوسُفَ النَّجَّارَ كَانَ يَنَالُ مِنْهَا مَا يَنَالُ الرِّجَالُ مِنَ النِّسَاءِ ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَلْبَثُوا أَنْ يَتَّبِعُوكَ " .
قَالَ : " وَإِنْ وَجَدْتَ الْمُدَّعَى نَصْرَانِيًّا فَادْخُلْ عَلَيْهِ بِالطَّعْنِ عَلَى
الْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا ، وَصِحَّةِ قَوْلِهِمْ فِي الثَّالُوثِ ، وَأَنَّ الْأَبَ وَالِابْنَ وَرُوحَ الْقُدُسِ صَحِيحٌ وَعَظِّمِ الصَّلِيبَ عِنْدَهُمْ ، وَعَرِّفْهُمْ تَأْوِيلَهُ .
وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَثَانِيًّا ، فَإِنَّ
الْمَثَانِيَّةَ [19] تُحَرِّكُ الَّذِي مِنْهُ يَعْتَرِفُ ، فَدَاخِلْهُمْ بِالْمُمَازَجَةِ
[20] فِي الْبَابِ السَّادِسِ فِي الدَّرَجَةِ السَّادِسَةِ مِنْ حُدُودِ الْبَلَاغِ الَّتِي يَصِفُهَا
[21] مِنْ بَعْدُ ، وَامْتَزِجْ بِالنُّورِ وَبِالظَّلَامِ
[22] ، فَإِنَّكَ تَمْلِكُهُمْ بِذَلِكَ ، وَإِذَا آنَسْتَ مِنْ بَعْضِهِمْ رُشْدًا فَاكْشِفْ لَهُ الْغِطَاءَ .
وَمَتَى وَقَعَ إِلَيْكَ فَيْلَسُوفٌ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْفَلَاسِفَةَ هُمُ الْعُمَدَةُ لَنَا ، وَقَدْ أَجْمَعْنَا [ نَحْنُ ]
[23] ، وَهُمْ عَلَى إِبْطَالِ نَوَامِيسِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِقِدَمِ الْعَالَمِ لَوْلَا مَا يُخَالِفُنَا بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ لِلْعَالَمِ مُدَبِّرًا لَا يَعْرِفُونَهُ ، فَإِنْ
[24] وَقَعَ الِاتِّفَاقُ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا مُدَبِّرَ لِلْعَالَمِ فَقَدْ زَالَتِ الشُّبْهَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ .
وَإِذَا وَقَعَ لَكَ ثِنْوِيٌّ مِنْهُمْ فَبَخٍ بَخٍ ، قَدْ ظَفِرَتْ يَدَاكَ
[25] بِمَنْ يَقِلُّ مَعَهُ تَعَبُكَ وَالْمَدْخَلُ عَلَيْهِ بِإِبْطَالِ التَّوْحِيدِ ، وَالْقَوْلِ بِالسَّابِقِ وَالتَّالِي وَرَتِّبْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَرْسُومٌ لَكَ فِي أَوَّلِ دَرَجَةِ الْبَلَاغِ وَثَانِيهِ وَثَالِثِهِ .
[ ص: 483 ] وَسَنَصِفُ لَكَ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدُ ، وَاتَّخِذْ غَلِيظَ الْعُهُودِ ، وَتَوْكِيدَ الْأَيْمَانِ وَشِدَّةَ الْمَوَاثِيقِ جُنَّةً لَكَ وَحِصْنًا ، وَلَا تَهْجِمْ عَلَى مُسْتَجِيبِكَ بِالْأَشْيَاءِ
[26] الْكِبَارِ الَّتِي يَسْتَبْشِعُونَهَا حَتَّى تُرَقِّيَهُمْ إِلَى أَعْلَى الْمَرَاتِبِ : حَالًا فَحَالَا ، وَتُدَرِّجَهُمْ دَرَجَةً دَرَجَةً عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ مِنْ بَعْدُ ، وَقِفْ بِكُلِّ فَرِيقٍ حَيْثُ احْتِمَالُهُمْ ، فَوَاحِدٌ لَا تَزِيدُهُ عَلَى التَّشَيُّعِ وَالِائْتِمَامِ
بِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، وَأَنَّهُ حَيٌّ ، لَا تُجَاوِزُ بِهِ هَذَا الْحَدَّ ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِثْلُهُ مِمَّنْ يَكْثُرُ بِهِ وَبِمَوْضِعِ اسْمِهِ وَأَظْهِرْ لَهُ الْعَفَافَ عَنِ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ ، وَخَفِّفْ عَلَيْهِ وَطْأَتَكَ مَرَّةً بِصَلَاةِ
[27] السَّبْعِينَ ، وَحَذِّرْهُ الْكَذِبَ وَالزِّنَا وَاللُّوَاطَ وَشُرْبَ النَّبِيذِ ، وَعَلَيْكَ فِي أَمْرِهِ بِالرِّفْقِ وَالْمُدَارَاةِ لَهُ وَالتَّوَدُّدِ وَتَصَبَّرْ لَهُ إِنْ كَانَ هَوَاهُ مُتَّبِعًا لَكَ تَحْظَ
[28] عِنْدَهُ ، وَيَكُونُ لَكَ عَوْنًا عَلَى دَهْرِكَ ، وَعَلَى مَنْ لَعَلَّهُ يُعَادِيكَ
[29] مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ ، وَلَا تَأْمَنْ أَنْ يَتَغَيَّرَ عَلَيْكَ بَعْضُ أَصْحَابِكَ وَلَا تُخْرِجْهُ
[30] عَنْ عِبَادَةِ إِلَهِهِ ، وَالتَّدَيُّنِ بِشَرِيعَةِ
مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَوْلِ بِإِمَامَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَبَنِيهِ إِلَى
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، وَأَقِمْ لَهُ دَلَائِلِ الْأَسَابِيعِ فَقَطْ وَدُقَّهُ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ دَقًّا وَشِدَّةِ الِاجْتِهَادِ فَإِنَّكَ يَوْمَئِذٍ إِنْ أَوْمَأْتَ إِلَى كَرِيمَتِهِ
[31] فَضْلًا عَنْ مَالِهِ لَمْ يَمْنَعْكَ ، وَإِنْ أَدْرَكَتْهُ الْوَفَاةُ فَوَّضَ إِلَيْكَ مَا خَلَّفَهُ ، وَوَرَّثَكَ إِيَّاهُ وَلَمْ يَرَ فِي الْعَالَمِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ ، وَآخَرُ تُرَقِّيهِ إِلَى نَسْخِ شَرِيعَةِ
مُحَمَّدٍ ، وَأَنَّ السَّابِعَ هُوَ الْخَاتَمُ لِلرُّسُلِ ، وَأَنَّهُ يَنْطِقُ كَمَا يَنْطِقُونَ وَيَأْتِي بِأَمْرٍ جَدِيدٍ ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا صَاحِبُ
[ ص: 484 ] الدَّوْرِ السَّادِسِ وَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ إِمَامًا ، وَإِنَّمَا كَانَ سَوْسًا
[32] لِمُحَمَّدٍ وَحَسِّنِ الْقَوْلَ فِيهِ وَإِلَّا سِيَاسِيَّةً
[33] ، فَإِنَّ هَذَا بَابٌ كَبِيرٌ ، وَعَمَلٌ عَظِيمٌ مِنْهُ تَرْقَى إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ ، وَأَكْبَرُ مِنْهُ وَيُعِينُكَ عَلَى زَوَالِ مَا جَاءَ بِهِ مَنْ قَبْلَكَ ، مِنْ وُجُوبِ زَوَالِ النُّبُوَّاتِ عَلَى الْمِنْهَاجِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْتَفِعَ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِلَّا إِلَى مَنْ تُقَدِّرُ فِيهِ النَّجَابَةَ
[34] ، وَآخَرُ تُرَقِّيهِ مِنْ هَذَا إِلَى مَعْرِفَةِ الْقُرْآنِ وَمُؤَلِّفِهِ وَسَبَبِهِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِكَثِيرٍ مِمَّنْ يَبْلُغُ مَعَكَ إِلَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، فَتُرَقِّيَهُ إِلَى غَيْرِهَا أَلَّا يَغْلَطُونَ الْمُؤَانَسَةَ وَالْمُدَارَسَةَ ، وَاسْتِحْكَامَ الثِّقَةِ بِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَكَ عَوْنًا عَلَى تَعْطِيلِ النُّبُوَّاتِ ، وَالْكُتُبِ الَّتِي يَدَّعُونَهَا مُنَزَّلَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَآخَرُ تُرَقِّيهِ إِلَى إِعْلَامِهِ أَنَّ الْقَائِمَ قَدْ مَاتَ ، وَأَنَّهُ يَقُومُ رُوحَانِيًّا ، وَأَنَّ الْخَلْقَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ بِصُورَةٍ رُوحَانِيَّةٍ تَفْصِلُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَسْتَصْفِي
[35] الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكَافِرِينَ بِصُوَرٍ رُوحَانِيَّةٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَيْضًا عَوْنًا لَكَ عِنْدَ إِبْلَاغِهِ إِلَى إِبْطَالِ الْمَعَادِ الَّذِي يَزْعُمُونَهُ وَالنُّشُورِ مِنَ الْقَبْرِ .
وَآخَرُ تُرَقِّيهِ مِنْ هَذَا إِلَى إِبْطَالِ أَمْرِ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ وَالْجِنِّ فِي الْأَرْضِ ، وَأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ
آدَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ ، وَتُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ الدَّلَائِلَ الْمَرْسُومَةَ فِي كُتُبِنَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعِينُكَ وَقْتَ بَلَاغِهِ عَلَى تَسْهِيلِ التَّعْطِيلِ لِلْوَحْيِ
[36] وَالْإِرْسَالِ إِلَى الْبِشْرِ بِمَلَائِكَةٍ ، وَالرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ
[37] ، وَالْقَوْلِ بِقِدَمِ الْعَالَمِ .
[ ص: 485 ] وَآخَرُ تُرَقِّيهِ إِلَى أَوَائِلِ دَرَجَةِ التَّوْحِيدِ ، وَتُدْخِلُ عَلَيْهِ بِمَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُهُمُ الْمُتَرْجَمُ بِكِتَابِ " الدَّرْسِ الشَّافِي لِلنَّفْسِ " مِنْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ وَلَا صِفَةَ وَلَا مَوْصُوفَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُعِينُكَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِلَهِيَّةِ لِمُسْتَحَقِّهَا عِنْدَ الْبَلَاغِ " .
وَإِلَى ذَلِكَ يُعْنُونَ بِهَذَا أَنَّ كُلَّ دَاعٍ مِنْهُمْ يَتَرَقَّى دَرَجَةً دَرَجَةً إِلَى أَنْ يَصِيرَ إِمَامًا نَاطِقًا ، ثُمَّ يَنْقَلِبُ إِلَهًا رُوحَانِيًّا عَلَى مَا سَنَشْرَحُ قَوْلَهُمْ فِيهِ مِنْ بَعْدُ .
قَالُوا : " وَمَنْ بَلَّغْتَهُ إِلَى هَذَا الْمَنْزِلَةِ فَعَرِّفْهُ
[38] حَسَبَ مَا عَرَّفْنَاكَ مِنْ حَقِيقَةِ أَمْرِ الْإِمَامِ ، وَأَنَّ
إِسْمَاعِيلَ وَأَبَاهُ
مُحَمَّدًا [39] كَانَا مِنْ نُوَّابِهِ ، فَفِي ذَلِكَ
[40] عَوْنٌ لَكَ عَلَى إِبْطَالِ إِمَامَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَوَلَدِهِ عِنْدَ الْبَلَاغِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الْقَوْلِ بِالْحَقِّ " ، ثُمَّ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ الْغَايَةَ الْقُصْوَى عَلَى تَدْرِيجٍ يَصِفُهُ عَنْهُمْ فِيمَا بَعْدُ .
قَالَ الْقَاضِي : "
nindex.php?page=treesubj&link=31309فَهَذِهِ وَصَّيْتُهُمْ جَمِيعًا لِلدَّاعِي إِلَى مَذَاهِبِهِمْ وَفِيهَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ لِكُلِّ عَاقِلٍ عَلَى كُفْرِ الْقَوْمِ وَإِلْحَادِهِمْ ، وَتَصْرِيحِهِمْ بِإِبْطَالِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَمُحْدِثِهِ وَتَكْذِيبِ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجَحْدِ الْمَعَادِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ لِجَمِيعِهِمْ وَإِنَّمَا يَتَمَخْرَقُونَ بِذِكْرِ الْأَوَّلِ ، وَالثَّانِي ، وَالنَّاطِقِ وَالْأَسَاسِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَيَخْدَعُونَ بِهِ الضُّعَفَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَجَابَ لَهُمْ مُسْتَجِيبٌ أَخَذُوهُ بِالْقَوْلِ بِالدَّهْرِ وَالتَّعْطِيلِ
[41] .
[ ص: 486 ] وَسَأَصِفُ مِنْ بَعْدُ مِنْ عَظِيمِ سَبِّهِمْ لِجَمِيعِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَتَجْرِيدِهِمُ الْقَوْلَ بِالِاتِّحَادِ ،
[42] وَأَنَّهُ نِهَايَةُ دَعْوَتِهِمْ مَا يَعْلَمُ بِهِ كُلُّ قَارٍّ لَهُ عَظِيمُ
[43] كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ لِلدِّينِ .