باب .
قال الرافضي
[1] : الفصل السادس : في
nindex.php?page=treesubj&link=33674_31185فسخ [2] حججهم [3] على إمامة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر احتجوا بوجوه : الأول : الإجماع ، والجواب : منع الإجماع ، فإن جماعة من
بني هاشم لم يوافقوا على ذلك وجماعة من أكابر الصحابة
كسلمان وأبي ذر والمقداد nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=228وسعد بن عبادة nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=2467وخالد بن سعيد بن العاص [4] [
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ]
[5] .
[ ص: 318 ] حتى أن أباه أنكر ذلك
[6] ، وقال : من استخلف على الناس
[7] ؟ فقالوا : ابنك ، فقال : وما فعل المستضعفان ؟ إشارة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس [8] ، قالوا : اشتغلوا بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأوا [ أن ]
[9] ابنك أكبر [ الصحابة سنا ، فقال : أنا ] أكبر
[10] منه .
وبنو حنيفة كافة لم يحملوا
[11] الزكاة إليه ، حتى سماهم أهل الردة وقتلهم وسباهم ، فأنكر
[12] nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عليه ، ورد السبايا أيام خلافته .
والجواب : بعد أن يقال : الحمد لله الذي أظهر من أمر هؤلاء إخوان المرتدين ما تحقق به عند الخاص والعام أنهم إخوان المرتدين حقا ، وكشف أسرارهم وهتك أستارهم بألسنتهم ، فإن الله لا يزال يطلع على خائنة منهم تبين عداوتهم لله ورسوله ولخيار عباد الله وأوليائه المتقين ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) .
[ ص: 319 ] فنقول : من كان له أدنى علم بالسيرة ، وسمع مثل هذا الكلام ، جزم بأحد أمرين : إما بأن قائله من أجهل الناس بأخبار الصحابة ، وإما أنه من أجرأ الناس على الكذب ، فظني أن هذا المصنف وأمثاله من شيوخ الرافضة ينقلون ما في كتب سلفهم من غير اعتبار منهم لذلك ، ولا نظر في أخبار
[13] الإسلام ، وفي الكتب المصنفة في ذلك حتى يعرف أحوال الإسلام فيبقى هذا وأمثاله في ظلمة الجهل بالمنقول والمعقول .
ولا ريب أن المفترين للكذب
[14] من شيوخ الرافضة كثيرون جدا
[15] وغالب القوم ذوو هوى أو جهل فمن حدثهم بما يوافق هواهم صدقوه ، ولم يبحثوا عن صدقه وكذبه ، ومن حدثهم
[16] بما يخالف أهواءهم كذبوه ، ولم يبحثوا عن صدقه وكذبه ولهم نصيب وافر من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=32فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه ) [ سورة الزمر : 32 ] كما أن أهل العلم والدين لهم نصيب وافر من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=33والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ) [ سورة الزمر : 33 ] .
ومن أعظم ما في هذا الكلام من الجهل والضلال جعله
[17] بني حنيفة [ ص: 320 ] من أهل الإجماع ; فإنهم لما امتنعوا عن بيعته ولم يحملوا
[18] إليه الزكاة سماهم أهل الردة ، وقتلهم وسباهم ، وقد تقدم مثل هذا في كلامه .
وبنو حنيفة قد علم الخاص والعام أنهم آمنوا
بمسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة
باليمامة ، وادعى أنه شريك النبي صلى الله عليه وسلم في الرسالة ، وادعى النبوة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم فقتل
[19] هو
والأسود العنسي بصنعاء اليمن وكان اسمه عبهلة ، واتبع
الأسود أيضا خلق كثير ، ثم قتله الله بيد
فيروز الديلمي ومن أعانه على ذلك ، وكان قتله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله
[20] ليلة قتل ، وقال : "
قتله رجل صالح من أهل [21] بيت صالحين "
[22] .
والأسود ادعى الاستقلال بالنبوة ، ولم يقتصر على المشاركة ، وغلب على
اليمن وأخرج منها عمال النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى قتله
[ ص: 321 ] الله ، ونصر عليه المسلمين
[23] ، بعد أن جرت أمور ، وقد نقل في ذلك ما هو معروف عند أئمة العلم .
وأما
مسيلمة فإنه ادعى المشاركة في النبوة ، وعاش إلى خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر .
وقد ثبت في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=664586رأيت في منامي كأن في يدي سوارين من ذهب ، فأهمني شأنهما ، فقيل لي : انفخهما ، فنفختهما ، فطارا فأولتهما الكذابين : صاحب صنعاء وصاحب اليمامة "
[24] وأمر
مسيلمة وادعاؤه النبوة واتباع
بني حنيفة له أشهر وأظهر من أن يخفى ، إلا على من هو من أبعد الناس عن المعرفة والعلم .
وهذا أمر قد علمه من [ يعلمه من ]
اليهود [25] والنصارى ، فضلا عن المسلمين ، وقرآنه الذي قرأه قد حفظ الناس منه سورا إلى اليوم ، مثل قوله : يا ضفدع بنت ضفدعين ، نقي كم تنقين ، لا الماء تكدرين ، ولا الشارب تمنعين ، رأسك في الماء وذنبك في الطين .
ومثل قوله : الفيل وما أدراك ما الفيل ، له زلوم طويل ، إن ذلك من خلق ربنا لقليل .
[ ص: 322 ] ومثل قوله : إنا أعطيناك الجماهر ، فصل لربك وهاجر ، ولاتطع كل ساحر
[26] وكافر .
ومثل قوله : والطاحنات طحنا ، والعاجنات عجنا ، والخابزات خبزا ، إهالة وسمنا إن الأرض بيننا وبين
قريش نصفين ، ولكن
قريشا قوم لا يعدلون . وأمثال هذا الهذيان .
ولهذا لما قدم وفد
بني حنيفة على
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر بعد قتل
مسيلمة طلب منهم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أن يسمعوه شيئا من قرآن
مسيلمة ، فلما أسمعوه ، قال لهم : " ويحكم أين يذهب بعقولكم ؟ إن هذا كلام لم يخرج من إل " أي من رب
[27] .
وكان
مسيلمة قد كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته : " من
مسيلمة رسول الله إلى
محمد رسول الله ، أما بعد ، فإني قد أشركت
[28] في الأمر معك " فكتب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من
محمد رسول الله إلى
مسيلمة الكذاب . ولما جاء رسوله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : أتشهد أن
مسيلمة رسول الله ؟ قال : نعم . قال : لولا أن الرسل لا تقتل لضربت عنقك ، ثم بعد هذا أظهر أحد الرسولين الردة
[ ص: 323 ] بالكوفة فقتله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وذكره بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا
[29] .
وكان مسيلمة قد
[30] قدم في وفد
بني حنيفة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأظهر الإسلام ، ثم لما رجع إلى بلده ، قال لقومه : إن
محمدا قد أشركني في الأمر معه " واستشهد برجلين
[31] : أحدهما
الرحال بن عنفوة ، فشهد له بذلك . ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=685414أنه قال لثلاثة أحدهم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، والثاني : الرحال هذا : " إن أحدكم ضرسه في النار أعظم من كذا وكذا " فاستشهد الثالث في سبيل [ الله ]
[32] وبقي
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة خائفا حتى شهد هذا
لمسيلمة بالنبوة ، واتبعه فعلم أنه هو كان المراد بخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -
[33] .
وكان مؤذن
مسيلمة يقول : أشهد أن
محمدا ومسيلمة رسولا الله .
[ ص: 324 ] ومن أعظم فضائل أبي بكر عند الأمة - أولهم وآخرهم - أنه
nindex.php?page=treesubj&link=31194قاتل المرتدين ؛ وأعظم الناس ردة كان
بنو حنيفة ، ولم يكن قتاله لهم على منع الزكاة ، بل قاتلهم على أنهم آمنوا
بمسيلمة الكذاب ، وكانوا فيما يقال نحو مائة ألف .
والحنفية أم محمد ابن الحنفية سرية
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كانت من
بني حنيفة ، وبهذا احتج من جوز
nindex.php?page=treesubj&link=26887سبي المرتدات إذا كان المرتدون محاربين ، فإذا كانوا مسلمين معصومين ، فكيف استجاز
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أن يسبي نساءهم ؟ ويطأ من ذلك السبي ؟ .
وأما الذين قاتلهم على منع الزكاة ، فأولئك ناس آخرون ، ولم يكونوا يؤدونها وقالوا : لا نؤديها إليك ، بل امتنعوا من أدائها بالكلية ، فقاتلهم على هذا ، لم يقاتلهم ليؤدوها إليه ، وأتباع
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق nindex.php?page=showalam&ids=12251كأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وغيرهما يقولون : إذا قالوا : نحن نؤديها
[34] ولا ندفعها إلى الإمام لم يجز قتالهم لعلمهم بأن
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق ، إنما قاتل من امتنع عن أدائها جملة لا من قال : أنا أؤديها بنفسي .
ولو عد هذا المفتري الرافضي من المتخلفين عن بيعة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر المجوس
واليهود والنصارى ، لكان ذلك من جنس عده
لبني حنيفة ، بل كفر
بني حنيفة من بعض الوجوه كان أعظم من كفر
اليهود والنصارى والمجوس ; فإن أولئك كفار مليون
[35] وهؤلاء مرتدون ، وأولئك يقرون
[ ص: 325 ] بالجزية ، وهؤلاء لا يقرون بالجزية
[36] ، وأولئك لهم كتاب ، أو شبهة كتاب ، وهؤلاء اتبعوا مفتريا كذابا ؛ لكن كان مؤذنه يقول : أشهد أن
محمدا ومسيلمة رسولا الله ، وكانوا يجعلون
محمدا ومسيلمة سواء .
وأمر
مسيلمة مشهور في جميع الكتب الذي يذكر فيها مثل ذلك من كتب الحديث والتفسير ، والمغازي والفتوح والفقه والأصول والكلام ، وهذا أمر قد خلص إلى العذارى في خدورهن ، بل قد أفرد الإخباريون لقتال أهل الردة كتبا سموها كتب " الردة " و " الفتوح " مثل كتاب " الردة "
لسيف بن عمر [37] nindex.php?page=showalam&ids=15472والواقدي وغيرهما ، يذكرون فيها من تفاصيل أخبار أهل الردة وقتالهم ما يذكرون كما قد أوردوا مثل ذلك في مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفتوح
الشام .
فمن ذلك ما هو متواتر عند الخاصة والعامة ومنه ما نقله الثقات ، ومنه أشياء مقاطيع ومراسيل يحتمل أن تكون صدقا وكذبا ومنه ما يعلم أنه ضعيف وكذب .
[ ص: 326 ] لكن تواتر ردة
مسليمة وقتال
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق وحربه [ له ]
[38] كتواتر
هرقل nindex.php?page=showalam&ids=16848وكسرى وقيصر ونحوهم ممن قاتله
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ، وتواتر كفر من قاتله النبي - صلى الله عليه وسلم - من
اليهود والمشركين مثل
عتبة وأبي بن خلف وحيي بن أخطب ، وتواتر نفاق
عبد الله بن أبي بن سلول وأمثال ذلك .
بل تواتر ردة
مسيلمة وقتال
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق له أظهر عند الناس من قتال الجمل وصفين ، ومن كون
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير قاتلا
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ، ومن كون
سعد وغيره تخلفوا عن بيعة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قدم
مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة فجعل يقول : إن جعل لي
محمد الأمر من بعده اتبعته ، فقدمها في بشر كثير من قومه ، فأقبل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس ، وفي يد النبي - صلى الله عليه وسلم - قطعة من جريد حتى وقف على
مسيلمة في أصحابه فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654025لو سألني هذه القطعة ما أعطيتكها ، ولن تعدو أمر الله فيك ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، وإني لأراك الذي أريت [39] فيك ما رأيت ، وهذا ثابت يجيبك عني " ، ثم انصرف عنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فسألت عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أريت
[40] فيك ما رأيت "
[ ص: 327 ] فأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=688951بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب ، فأهمني شأنهما ، فأوحي إلي [41] في المنام أن أنفخهما فنفختهما فطارا ، فأولتهما كذابين يخرجان بعدي ، فكان أحدهما العنسي صاحب صنعاء والآخر [42] مسيلمة "
[43] .
وأما قول الرافضي : " إن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنكر قتال أهل الردة " .
فمن أعظم الكذب والافتراء على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، بل الصحابة كانوا متفقين على قتال
مسيلمة وأصحابه ، ولكن كانت طائفة أخرى مقرين بالإسلام ، وامتنعوا عن أداء الزكاة فهؤلاء حصل
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر أولا شبهة في قتالهم ، حتى ناظره
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق ، وبين له وجوب قتالهم فرجع إليه ، والقصة في ذلك مشهورة .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر : كيف تقاتل
[ ص: 328 ] الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657040أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، [ وحسابهم على الله ]
[44] " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : ألم يقل إلا بحقها ؟ ؛ فإن الزكاة من حقها . والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق "
[45] .
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر احتج بما بلغه أو سمعه
[46] من النبي - صلى الله عليه وسلم - فبين له
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق أن قوله : " بحقها " يتناول الزكاة ، فإنهما حق المال .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650024أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : [47] لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها "
[48] .
فهذا اللفظ الثاني الذي قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين فقه
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، وهو صريح في القتال عن أداء الزكاة وهو مطابق للقرآن .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )
[ ص: 329 ] [ سورة التوبة : 5 ] فعلق تخلية السبيل على الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة .
والأخبار المنقولة عن هؤلاء أن منهم من كان قد
[49] قبض الزكاة ، ثم أعادها إلى أصحابها لما بلغه موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنهم من كان يتربص ، ثم هؤلاء الذين قاتلهم
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق عليها لما قاتلهم صارت العمال الذين كانوا على الصدقات زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم يقبضونها ، كما كانوا يقبضونها في زمنه ويصرفونها كما كانوا يصرفونها .
nindex.php?page=hadith&LINKID=73882وكتب nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق لمن كان يستعمله كتابا للصدقة فقال : " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والتي أمر بها " .
وبهذا الكتاب ونظائره يأخذ علماء المسلمين كلهم ؛ فلم يأخذ لنفسه منها شيئا ولا ولى أحدا من أقاربه ، لا هو ولا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بخلاف
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي فإنهما وليا أقاربهما .
فإن جاز أن يطعن في
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق nindex.php?page=showalam&ids=2والفاروق أنهما قاتلا لأخذ المال ، فالطعن في غيرهما أوجه فإذا وجب الذب عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ، فهو عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر أوجب .
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي يقاتل ليطاع ويتصرف في النفوس والأموال ، فكيف يجعل هذا
[ ص: 330 ] قتالا على الدين ؟
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر يقاتل من ارتد عن الإسلام ، ومن ترك ما فرض الله ليطيع الله ورسوله فقط ، ولا يكون هذا قتالا
[50] على الدين ؟ .
بَابٌ .
قَالَ الرَّافِضِيُّ
[1] : الْفَصْلُ السَّادِسُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33674_31185فَسْخِ [2] حُجَجِهِمْ [3] عَلَى إِمَامَةِ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ احْتَجُّوا بِوُجُوهٍ : الْأَوَّلُ : الْإِجْمَاعُ ، وَالْجَوَابُ : مَنْعُ الْإِجْمَاعِ ، فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ
بَنِي هَاشِمٍ لَمْ يُوَافِقُوا عَلَى ذَلِكَ وَجَمَاعَةً مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ
كَسَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ nindex.php?page=showalam&ids=56وَعَمَّارٍ nindex.php?page=showalam&ids=21وَحُذَيْفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=228وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=68وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ nindex.php?page=showalam&ids=111وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=2467وَخَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ [4] [
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ]
[5] .
[ ص: 318 ] حَتَّى أَنَّ أَبَاهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ
[6] ، وَقَالَ : مَنِ اسْتُخْلِفَ عَلَى النَّاسِ
[7] ؟ فَقَالُوا : ابْنُكَ ، فَقَالَ : وَمَا فَعَلَ الْمُسْتَضْعَفَانِ ؟ إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=18وَالْعَبَّاسِ [8] ، قَالُوا : اشْتَغَلُوا بِتَجْهِيزِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَأَوْا [ أَنَّ ]
[9] ابْنَكَ أَكْبَرُ [ الصَّحَابَةِ سِنًّا ، فَقَالَ : أَنَا ] أَكْبَرُ
[10] مِنْهُ .
وَبَنُو حَنِيفَةَ كَافَّةً لَمْ يَحْمِلُوا
[11] الزَّكَاةَ إِلَيْهِ ، حَتَّى سَمَّاهُمْ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَقَتَلَهُمْ وَسَبَاهُمْ ، فَأَنْكَرَ
[12] nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ عَلَيْهِ ، وَرَدَّ السَّبَايَا أَيَّامَ خِلَافَتِهِ .
وَالْجَوَابُ : بَعْدَ أَنْ يُقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ إِخْوَانِ الْمُرْتَدِّينَ مَا تَحَقَّقَ بِهِ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّهُمْ إِخْوَانُ الْمُرْتَدِّينَ حَقًّا ، وَكَشَفَ أَسْرَارَهُمْ وَهَتَكَ أَسْتَارَهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَزَالُ يَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ تُبَيِّنُ عَدَاوَتَهُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَلِخِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) .
[ ص: 319 ] فَنَقُولُ : مَنْ كَانَ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ بِالسِّيرَةِ ، وَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ ، جَزَمَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ : إِمَّا بِأَنَّ قَائِلَهُ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَخْبَارِ الصَّحَابَةِ ، وَإِمَّا أَنَّهُ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَى الْكَذِبِ ، فَظَنِّي أَنَّ هَذَا الْمُصَنِّفَ وَأَمْثَالَهُ مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ يَنْقُلُونَ مَا فِي كُتُبِ سَلَفِهِمْ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ ، وَلَا نَظَرٍ فِي أَخْبَارِ
[13] الْإِسْلَامِ ، وَفِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَعْرِفَ أَحْوَالَ الْإِسْلَامِ فَيَبْقَى هَذَا وَأَمْثَالُهُ فِي ظُلْمَةِ الْجَهْلِ بِالْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ .
وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُفْتَرِينَ لِلْكَذِبِ
[14] مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ كَثِيرُونَ جِدًّا
[15] وَغَالِبُ الْقَوْمِ ذَوُو هَوًى أَوْ جَهْلٍ فَمَنْ حَدَّثَهُمْ بِمَا يُوَافِقُ هَوَاهُمْ صَدَّقُوهُ ، وَلَمْ يَبْحَثُوا عَنْ صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ ، وَمَنْ حَدَّثَهُمْ
[16] بِمَا يُخَالِفُ أَهْوَاءَهُمْ كَذَّبُوهُ ، وَلَمْ يَبْحَثُوا عَنْ صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ وَلَهُمْ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=32فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) [ سُورَةُ الزُّمَرِ : 32 ] كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَهُمْ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=33وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) [ سُورَةُ الزُّمَرِ : 33 ] .
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ جَعْلُهُ
[17] بَنِي حَنِيفَةَ [ ص: 320 ] مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ ; فَإِنَّهُمْ لَمَّا امْتَنَعُوا عَنْ بَيْعَتِهِ وَلَمْ يَحْمِلُوا
[18] إِلَيْهِ الزَّكَاةَ سَمَّاهُمْ أَهْلَ الرِّدَّةِ ، وَقَتَلَهُمْ وَسَبَاهُمْ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِهِ .
وَبَنُو حَنِيفَةَ قَدْ عَلِمَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ أَنَّهُمْ آمَنُوا
بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ
بِالْيَمَامَةِ ، وَادَّعَى أَنَّهُ شَرِيكُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّسَالَةِ ، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي آخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَ
[19] هُوَ
وَالْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ بِصَنْعَاءِ الْيَمَنِ وَكَانَ اسْمُهُ عَبْهَلَةَ ، وَاتَّبَعَ
الْأَسْوَدَ أَيْضًا خَلْقٌ كَثِيرٌ ، ثُمَّ قَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدِ
فَيْرُوزَ الدَّيْلِمِيِّ وَمَنْ أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ قَتْلُهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ
[20] لَيْلَةَ قُتِلَ ، وَقَالَ : "
قَتَلَهُ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ أَهْلِ [21] بَيْتٍ صَالِحِينَ "
[22] .
وَالْأَسْوَدُ ادَّعَى الِاسْتِقْلَالَ بِالنُّبُوَّةِ ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمُشَارَكَةِ ، وَغَلَبَ عَلَى
الْيَمَنِ وَأَخْرَجَ مِنْهَا عُمَّالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى قَتَلَهُ
[ ص: 321 ] اللَّهُ ، وَنَصَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمِينَ
[23] ، بَعْدَ أَنْ جَرَتْ أُمُورٌ ، وَقَدْ نُقِلَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ .
وَأَمَّا
مُسَيْلِمَةُ فَإِنَّهُ ادَّعَى الْمُشَارَكَةَ فِي النُّبُوَّةِ ، وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=664586رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّ فِي يَدِي سُوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا ، فَقِيلَ لِي : انْفُخْهُمَا ، فَنَفَخْتُهُمَا ، فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ : صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ "
[24] وَأَمْرُ
مُسَيْلِمَةَ وَادِّعَاؤُهُ النُّبُوَّةَ وَاتِّبَاعُ
بَنِي حَنِيفَةَ لَهُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى ، إِلَّا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ .
وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ عَلِمَهُ مَنْ [ يَعْلَمُهُ مِنَ ]
الْيَهُودِ [25] وَالنَّصَارَى ، فَضْلًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقُرْآنُهُ الَّذِي قَرَأَهُ قَدْ حَفِظَ النَّاسَ مِنْهُ سُوَرًا إِلَى الْيَوْمِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ : يَا ضِفْدَعُ بَنْتَ ضِفْدَعَيْنِ ، نِقِّي كَمْ تَنِقِّينَ ، لَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينَ ، وَلَا الشَّارِبَ تَمْنَعِينَ ، رَأْسُكِ فِي الْمَاءِ وَذَنَبُكِ فِي الطِّينِ .
وَمِثْلَ قَوْلِهِ : الْفِيلُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ ، لَهُ زَلُّومٌ طَوِيلُ ، إِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا لَقَلِيلُ .
[ ص: 322 ] وَمِثْلَ قَوْلِهِ : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجَمَاهِرْ ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَهَاجِرْ ، وَلَاتُطِعْ كُلَّ سَاحِرٍ
[26] وَكَافِرْ .
وَمِثْلَ قَوْلِهِ : وَالطَّاحِنَاتِ طَحْنًا ، وَالْعَاجِنَاتِ عَجْنًا ، وَالْخَابِزَاتِ خُبْزًا ، إِهَالَةً وَسَمْنًا إِنَّ الْأَرْضَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ
قُرَيْشٍ نِصْفَيْنِ ، وَلَكِنَّ
قُرَيْشًا قَوْمٌ لَا يَعْدِلُونَ . وَأَمْثَالَ هَذَا الْهَذَيَانِ .
وَلِهَذَا لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ
بَنِي حَنِيفَةَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ قَتْلِ
مُسَيْلِمَةَ طَلَبَ مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُسْمِعُوهُ شَيْئًا مِنْ قُرْآنِ
مُسَيْلِمَةَ ، فَلَمَّا أَسْمَعُوهُ ، قَالَ لَهُمْ : " وَيْحَكُمْ أَيْنَ يَذْهَبُ بِعُقُولِكُمْ ؟ إِنَّ هَذَا كَلَامٌ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ " أَيْ مِنْ رَبٍّ
[27] .
وَكَانَ
مُسَيْلِمَةُ قَدْ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ : " مِنْ
مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى
مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ
[28] فِي الْأَمْرِ مَعَكَ " فَكَتَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " مِنْ
مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى
مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ . وَلَمَّا جَاءَ رَسُولُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ : أَتَشْهَدُ أَنَّ
مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَحَدُ الرَّسُولَيْنِ الرِّدَّةَ
[ ص: 323 ] بِالْكُوفَةِ فَقَتَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَذَكَّرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا
[29] .
وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ قَدْ
[30] قَدِمَ فِي وَفْدِ
بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ ، ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ ، قَالَ لِقَوْمِهِ : إِنَّ
مُحَمَّدًا قَدْ أَشْرَكَنِي فِي الْأَمْرِ مَعَهُ " وَاسْتَشْهَدَ بِرَجُلَيْنِ
[31] : أَحَدُهُمَا
الرَّحَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ ، فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ . وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=685414أَنَّهُ قَالَ لِثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَالثَّانِي : الرَّحَّالُ هَذَا : " إِنَّ أَحَدَكُمْ ضِرْسُهُ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ كَذَا وَكَذَا " فَاسْتُشْهِدَ الثَّالِثُ فِي سَبِيلِ [ اللَّهِ ]
[32] وَبَقِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ خَائِفًا حَتَّى شَهِدَ هَذَا
لِمُسَيْلِمَةَ بِالنُّبُوَّةِ ، وَاتَّبَعَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ هُوَ كَانَ الْمُرَادَ بِخَبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[33] .
وَكَانَ مُؤَذِّنُ
مُسَيْلِمَةَ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا وَمُسَيْلِمَةَ رَسُولَا اللَّهِ .
[ ص: 324 ] وَمِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ الْأُمَّةِ - أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ - أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=31194قَاتَلَ الْمُرْتَدِّينَ ؛ وَأَعْظَمُ النَّاسِ رِدَّةً كَانَ
بَنُو حَنِيفَةَ ، وَلَمْ يَكُنْ قِتَالُهُ لَهُمْ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ ، بَلْ قَاتَلَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ آمَنُوا
بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ ، وَكَانُوا فِيمَا يُقَالُ نَحْوَ مِائَةِ أَلْفٍ .
وَالْحَنَفِيَّةُ أُمُّ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ سُرِّيَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ كَانَتْ مِنْ
بَنِي حَنِيفَةَ ، وَبِهَذَا احْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ
nindex.php?page=treesubj&link=26887سَبْيَ الْمُرْتَدَّاتِ إِذَا كَانَ الْمُرْتَدُّونَ مُحَارِبِينَ ، فَإِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ مَعْصُومِينَ ، فَكَيْفَ اسْتَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ أَنْ يَسْبِيَ نِسَاءَهُمْ ؟ وَيَطَأَ مِنْ ذَلِكَ السَّبْيِ ؟ .
وَأَمَّا الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ ، فَأُولَئِكَ نَاسٌ آخَرُونَ ، وَلَمْ يَكُونُوا يُؤَدُّونَهَا وَقَالُوا : لَا نُؤَدِّيهَا إِلَيْكَ ، بَلِ امْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، فَقَاتَلَهُمْ عَلَى هَذَا ، لَمْ يُقَاتِلْهُمْ لِيُؤَدُّوهَا إِلَيْهِ ، وَأَتْبَاعُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ nindex.php?page=showalam&ids=12251كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا يَقُولُونَ : إِذَا قَالُوا : نَحْنُ نُؤَدِّيهَا
[34] وَلَا نَدْفَعُهَا إِلَى الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ لَعِلْمِهِمْ بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقَ ، إِنَّمَا قَاتَلَ مَنِ امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا جُمْلَةً لَا مَنْ قَالَ : أَنَا أُؤَدِّيهَا بِنَفْسِي .
وَلَوْ عَدَّ هَذَا الْمُفْتَرِي الْرَافِضِيُّ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ بَيْعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الْمَجُوسَ
وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ عَدِّهِ
لِبَنِي حَنِيفَةَ ، بَلْ كُفْرُ
بَنِي حَنِيفَةَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ كُفْرِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ ; فَإِنَّ أُولَئِكَ كُفَّارٌ مِلِّيُّونَ
[35] وَهَؤُلَاءِ مُرْتَدُّونَ ، وَأُولَئِكَ يُقِرُّونَ
[ ص: 325 ] بِالْجِزْيَةِ ، وَهَؤُلَاءِ لَا يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ
[36] ، وَأُولَئِكَ لَهُمْ كِتَابٌ ، أَوْ شِبْهَةُ كِتَابٍ ، وَهَؤُلَاءِ اتَّبَعُوا مُفْتَرِيًا كَذَّابًا ؛ لَكِنْ كَانَ مُؤَذِّنُهُ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا وَمُسَيْلِمَةَ رَسُولَا اللَّهِ ، وَكَانُوا يَجْعَلُونَ
مُحَمَّدًا وَمُسَيْلِمَةَ سَوَاءً .
وَأَمْرُ
مُسَيْلِمَةَ مَشْهُورٌ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ الَّذِي يُذْكَرُ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ ، وَالْمَغَازِي وَالْفُتُوحِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالْكَلَامِ ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ خَلُصَ إِلَى الْعَذَارَى فِي خُدُورِهِنَّ ، بَلْ قَدْ أَفْرَدَ الْإِخْبَارِيُّونَ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ كُتُبًا سَمَّوْهَا كُتُبَ " الرِّدَّةِ " وَ " الْفُتُوحِ " مِثْلَ كِتَابِ " الرِّدَّةِ "
لِسَيْفِ بْنِ عُمَرَ [37] nindex.php?page=showalam&ids=15472وَالْوَاقِدَيِّ وَغَيْرِهِمَا ، يَذْكُرُونَ فِيهَا مِنْ تَفَاصِيلِ أَخْبَارِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقِتَالِهِمْ مَا يَذْكُرُونَ كَمَا قَدْ أَوْرَدُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفُتُوحِ
الشَّامِ .
فَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ وَمِنْهُ مَا نَقَلَهُ الثِّقَاتُ ، وَمِنْهُ أَشْيَاءُ مَقَاطِيعُ وَمَرَاسِيلُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ صِدْقًا وَكَذِبًا وَمِنْهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَكَذِبٌ .
[ ص: 326 ] لَكِنَّ تَوَاتُرَ رِدَّةِ
مُسَلْيِمَةَ وَقِتَالِ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ وَحَرْبِهِ [ لَهُ ]
[38] كَتَوَاتُرِ
هِرَقْلَ nindex.php?page=showalam&ids=16848وَكِسْرَى وَقَيْصَرَ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ قَاتَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقُ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ ، وَتَوَاتُرِ كُفْرِ مَنْ قَاتَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ
الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ مِثْلَ
عُتْبَةَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ وَحُيَيِ بْنِ أَخْطَبَ ، وَتَوَاتُرِ نِفَاقِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .
بَلْ تَوَاتُرُ رِدَّةِ
مُسَيْلِمَةَ وَقِتَالِ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ لَهُ أَظْهَرُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ قِتَالِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ ، وَمِنْ كَوْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرِ قَاتَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا ، وَمِنْ كَوْنِ
سَعْدٍ وَغَيْرِهِ تَخَلَّفُوا عَنْ بَيْعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَدِمَ
مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ : إِنْ جَعَلَ لِي
مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ اتَّبَعْتُهُ ، فَقَدَّمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مَنْ قَوْمِهِ ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=215ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، وَفِي يَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِطْعَةٌ مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى
مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654025لَوْ سَأَلَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ [39] فِيكَ مَا رَأَيْتُ ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي " ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أُرِيتُ
[40] فِيكَ مَا رَأَيْتُ "
[ ص: 327 ] فَأَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=688951بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سُوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ [41] فِي الْمَنَامِ أَنْ أَنْفُخَهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا ، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَالْآخَرُ [42] مُسَيْلِمَةَ "
[43] .
وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ : " إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ أَنْكَرَ قِتَالَ أَهْلِ الرِّدَّةِ " .
فَمِنْ أَعْظَمِ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ، بَلِ الصَّحَابَةُ كَانُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى قِتَالِ
مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ ، وَلَكِنْ كَانَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ ، وَامْتَنَعُوا عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَهَؤُلَاءِ حَصَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ أَوَّلًا شُبْهَةٌ فِي قِتَالِهِمْ ، حَتَّى نَاظَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقُ ، وَبَيَّنَ لَهُ وُجُوبَ قِتَالِهِمْ فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، وَالْقِصَّةُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1لِأَبِي بَكْرٍ : كَيْفَ تُقَاتِلُ
[ ص: 328 ] النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657040أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا ، [ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ]
[44] " ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ : أَلَمْ يَقُلْ إِلَّا بِحَقِّهَا ؟ ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ مِنْ حَقِّهَا . وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ "
[45] .
nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ احْتَجَّ بِمَا بَلَغَهُ أَوْ سَمِعَهُ
[46] مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَيَّنَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقُ أَنَّ قَوْلَهُ : " بِحَقِّهَا " يَتَنَاوَلُ الزَّكَاةَ ، فَإِنَّهُمَا حَقُّ الْمَالِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650024أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : [47] لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا "
[48] .
فَهَذَا اللَّفْظُ الثَّانِي الَّذِي قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ فِقْهَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْقِتَالِ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِلْقُرْآنِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ )
[ ص: 329 ] [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 5 ] فَعَلَّقَ تَخْلِيَةَ السَّبِيلِ عَلَى الْإِيمَانِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ .
وَالْأَخْبَارُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَدْ
[49] قَبَضَ الزَّكَاةَ ، ثُمَّ أَعَادَهَا إِلَى أَصْحَابِهَا لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَتَرَبَّصُ ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقُ عَلَيْهَا لَمَّا قَاتَلَهُمْ صَارَتِ الْعُمَّالُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى الصَّدَقَاتِ زَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرُهُمْ يَقْبِضُونَهَا ، كَمَا كَانُوا يَقْبِضُونَهَا فِي زَمَنِهِ وَيَصْرِفُونَهَا كَمَا كَانُوا يَصْرِفُونَهَا .
nindex.php?page=hadith&LINKID=73882وَكَتَبَ nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقُ لِمَنْ كَانَ يَسْتَعْمِلُهُ كِتَابًا لِلصَّدَقَةِ فَقَالَ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالَّتِي أَمَرَ بِهَا " .
وَبِهَذَا الْكِتَابِ وَنَظَائِرِهِ يَأْخُذُ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ كُلُّهُمْ ؛ فَلَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا وَلَّى أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ ، لَا هُوَ وَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بِخِلَافِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٍّ فَإِنَّهُمَا وَلَّيَا أَقَارِبَهُمَا .
فَإِنْ جَازَ أَنْ يَطْعَنَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ nindex.php?page=showalam&ids=2وَالْفَارُوقِ أَنَّهُمَا قَاتَلَا لِأَخْذِ الْمَالِ ، فَالطَّعْنُ فِي غَيْرِهِمَا أَوْجَهُ فَإِذَا وَجَبَ الذَّبُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٍّ ، فَهُوَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ أَوْجَبُ .
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ يُقَاتِلُ لِيُطَاعَ وَيَتَصَرَّفَ فِي النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ ، فَكَيْفَ يَجْعَلُ هَذَا
[ ص: 330 ] قِتَالًا عَلَى الدِّينِ ؟
nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ يُقَاتِلُ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَمَنْ تَرَكَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لِيُطِيعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَطْ ، وَلَا يَكُونُ هَذَا قِتَالًا
[50] عَلَى الدِّينِ ؟ .