[ ص: 399 ] وكان
nindex.php?page=treesubj&link=29629_29402يأتيهم بالآيات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم ، ومعجزاته تزيد على ألف معجزة ، مثل انشقاق القمر وغيره من الآيات ، ومثل القرآن المعجز ، ومثل أخبار أهل الكتاب قبله وبشارة
[ ص: 400 ] الأنبياء به ، ومثل أخبار الكهان والهواتف به ، ومثل قصة الفيل التي جعلها الله آية عام مولده ، وما جرى عام مولده من العجائب الدالة على نبوته ، ومثل امتلاء السماء ورميها بالشهب التي ترجم بها الشياطين بخلاف ما كانت العادة عليه قبل مبعثه وبعد مبعثه ، ومثل إخباره بالغيوب التي لا يعلمها أحد إلا بتعليم الله عز وجل من غير أن يعلمه إياها بشر . فأخبرهم بالماضي مثل قصة
آدم ونوح وإبراهيم وموسى والمسيح وهود وشعيب وصالح وغيرهم ، وبالمستقبلات .
وكان قومه يعلمون أنه لم يتعلم من أهل الكتاب ، ولا غيرهم ، ولم يكن
بمكة أحد من علماء أهل الكتاب ممن يتعلم هو منه ، بل ولا كان يجتمع بأحد منهم يعرف اللسان العربي ، ولا كان هو يحسن لسانا غير العربي ، ولا كان يكتب كتابا ، ولا يقرأ كتابا مكتوبا .
ولا سافر قبل نبوته إلا سفرتين : سفرة وهو صغير مع عمه
أبي طالب [ ص: 401 ] لم يفارقه ، ولا اجتمع بأحد من أهل الكتاب ولا غيرهم ، وسفرة أخرى وهو كبير مع ركب من
قريش لم يفارقهم ، ولا اجتمع بأحد من أهل الكتاب .
وأخبر من كان معه بأخبار أهل الكتاب بنبوته مثل إخبار
بحيرى الراهب بنبوته ، وما ظهر منه مما دلهم على نبوته ، ولهذا تزوجت
[ ص: 402 ] به
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة قبل نبوته لما أخبرت به من أحواله .
وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر ، ولكن المقصود هنا :
nindex.php?page=treesubj&link=29629التنبيه بأن محمدا صلى الله عليه وسلم له معجزات كثيرة ، مثل نبع الماء من بين أصابعه غير مرة ، ومثل تكثير الطعام القليل حتى أكل منه الخلق العظيم ، وتكثير الماء القليل حتى شرب منه الخلق الكثير .
وهذا ما جرى غير مرة له ولأمته من الآيات ما يطول وصفه ، فكان بعض أتباعه يحيي الله له الموتى من الناس والدواب ، وبعض أتباعه يمشي بالعسكر الكثير على البحر حتى يعبروا إلى الناحية الأخرى ،
[ ص: 403 ] ومنهم من ألقي في النار ، فصارت عليه بردا وسلاما ، وأمثال ذلك كثير .
ولكن المقصود هنا ذكر بعض ما في القرآن من أنه كان يخبرهم بالأمور الماضية خبرا مفصلا لا يعلمه أحد إلا أن يكون نبيا ، أو من أخبره نبي وقومه يعلمون أنه لم يخبره بذلك أحد من البشر ، وهذا مما قامت به الحجة عليهم ، وهم مع قوة عداوتهم له وحصرهم على ما يطعنون به عليه لم يمكنهم أن يطعنوا طعنا يقبل منهم ، وكان علم سائر الأمم بأن قومه المعادين له المجتهدين في الطعن عليه لم يمكنهم أن يقولوا : إن هذه الغيوب علمها إياه بشر ، فوجب على جميع الخلق أن هذا لم يعلمه إياها بشر ; ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا .
فأخبر أنه لم يكن يعلم ذلك هو ولا قومه ، وقومه تقر بذلك ، ولم يتعلم من أحد غير قومه ; ولهذا زعم بعضهم أنه تعلم من بشر ظهر
[ ص: 404 ] كذبه لكل أحد ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=99إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=100إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين .
فكان
بمكة رجل أعجمي مملوك لبعض
قريش ، فادعى بعض الناس أن
محمدا كان يتعلم من ذلك الأعجمي ، فبين الله أن هذا كذب ظاهر ، فإن ذلك رجل أعجمي لا يمكنه أن يتكلم بكلمة من هذا القرآن العربي ،
ومحمد صلى الله عليه وسلم عربي لا يعرف شيئا من ألسنة العجم ، فمن كلمه بغير العربية لا يفقه كلامه ، فلا ذلك
[ ص: 405 ] الرجل يحسن التكلم بالعربية ، ولا
محمد صلى الله عليه وسلم يفهم كلاما بغير العربية ، فلهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لسان الذي يلحدون إليه . أي : يميلون إليه ويضيفون إليه أنه علم
محمدا صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103أعجمي وهذا لسان عربي مبين .
وكذلك قال بعض الناس عن القرآن :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون .
قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما .
فبين سبحانه أن قول هذا من الكذب الظاهر المعلوم لأعدائه فضلا عن أوليائه ، فإنهم يعلمون أنه ليس عنده أحد يعينه على ذلك ،
[ ص: 406 ] وليس في قومه ، ولا في بلده من يحسن ذلك ليعينه عليه ; فلهذا قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4فقد جاءوا ظلما وزورا .
فإن جميع أهل بلده وقومه المعادين له يعلمون أن هذا ظلم له وزور ، ولهذا لم يقل هذا أحد من عقلائهم المعروفين ، وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30542_18985_32424_28996قولهم : أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ، فإن قومه المكذبين له يعلمون أنه ليس عنده من يملي عليه كتابا ، وقد بين ما يظهر كذبهم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28899في القرآن من الأسرار ما لا يعلمه بشر إلا بإعلام الله إياه ، فإن الله يعلم السر في السماوات والأرض ، ثم لما تبين بطلان قولهم هذا ، ذكر ما قدحوا به في نبوته فقال تعالى : وقالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=8أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا .
فهذا كلام المعارضين له الذين أنكروا أكله ومشيه في الأسواق التي يباع فيها ما يؤكل وما يلبس ، وقالوا : هلا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ، أو يستغني عن ذلك بكنز ينفق منه أو جنة يأكل منها ؟ وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا .
[ ص: 407 ] قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا .
يقول مثلوك بالكاذب والمسحور والناقل عن غيره ، وكل من هذه الأقوال يظهر كذبه لكل من عرفك ; ولهذا قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48فضلوا فلا يستطيعون سبيلا والضال : الجاهل العادل عن الطريق ، فلا يستطيع الطريق الموصلة إلى المقصود ، بل ظهر عجزهم وانقطاعهم في المناظرة .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى .
فإنه أتاهم بجلية ما في الصحف الأولى ، كالتوراة والإنجيل مع علمهم بأنه لم يأخذ عن أهل الكتاب شيئا ، فإذا أخبرهم بالغيوب التي لا يعلمها إلا نبي أو من أخبره نبي ، وهم يعلمون أنه لم يعلم ذلك بخبر أحد من الأنبياء تبين لهم أنه نبي ، وتبين ذلك لسائر الأمم ; فإنه إذا
[ ص: 408 ] كان قومه المعادون وغير المعادين له مقرين بأنه لم يجتمع بأحد يعلمه ذلك ، صار هذا منقولا بالتواتر ، وكان مما أقر به مخالفوه مع حرصهم على الطعن لو أمكن .
فهذه
nindex.php?page=treesubj&link=31022الأخبار بالغيوب المتقدمة قامت بها الحجة على قومه وعلى جميع من بلغه خبر ذلك ، وقد
nindex.php?page=treesubj&link=31022أخبر بالغيوب المستقبلة وهذه تقوم بها الحجة على من عرف تصديق ذلك الخبر كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2غلبت الروم في أدنى الأرض .
ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2غلبت الروم nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=5بنصر الله ينصر من يشاء .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا .
فأخبر أنهم لن يفعلوا ذلك في المستقبل ، وكان كما أخبر .
[ ص: 409 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
فأخبر أنه لا يقدر الإنس والجن إلى يوم القيامة أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، وهذا الخبر قد مضى له أكثر من سبعمائة سنة ، ولم يقدر أحد من الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، وقال عن الكفار وهو
بمكة :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45سيهزم الجمع ويولون الدبر .
وظهر تصديق ذلك يوم
بدر وغيره ، وبعد ذلك بسنين كثيرة .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا .
وكان الأمر كما وعده وظهر تصديق ذلك بعد سنين كثيرة ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا .
فأظهر الله ما بعثه به بالآيات والبرهان واليد والسنان .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد .
[ ص: 410 ] فكان كما أخبرهم غلبوا في الدنيا كما شاهده الناس ، وهذا يصدق الخبر الأخير وهو أنهم يحشرون إلى جهنم وبئس المهاد .
وقد أيده تأييدا لا يؤيد به إلا الأنبياء ، بل لم يؤيد أحد من الأنبياء كما أيد به ، كما أنه بعث بأفضل الكتب إلى أفضل الأمم بأفضل الشرائع ، وجعله سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم فلا يعرف قط أحد ادعى النبوة وهو كاذب إلا قطع الله دابره وأذله وأظهر كذبه وفجوره .
وكل من أيده الله من المدعين للنبوة لم يكن إلا صادقا كما أيد
نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان ، بل وأيد شعيبا وهودا وصالحا ، فإن سنة الله أن ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، وهذا هو الواقع ، فمن كان لا يعلم ما يفعله الله إلا بالعادة فهذه عادة الله وسنته يعرف بها ما يصنع ، ومن كان يعلم ذلك بمقتضى حكمته فإنه يعلم أنه لا يؤيد من ادعى النبوة وكذب عليه
[ ص: 411 ] تأييدا لا يمكن أحدا معارضته ، وهكذا أخبرت الأنبياء قبله أن الكذاب لا يتم الله أمره ولا ينصره ولا يؤيده فصار هذا معلوما من هذه الجهات ; ولهذا أمر سبحانه أن نعتبر بما فعله في الأمم الماضية من جعل العاقبة للأنبياء وأتباعهم ، وانتقامه ممن كذبهم وعصاهم .
قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=172إنهم لهم المنصورون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وإن جندنا لهم الغالبون .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=41الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=42وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=45فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .
[ ص: 412 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=9أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10كان عاقبة الذين أساءوا السوءى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=22ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب .
[ ص: 413 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=5وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون .
فأخبر بأن المكذبين له سيأتيهم في المستقبل أخبار القرآن الذي استهزءوا به ، وبين أن ما أخبرهم به حق بوقوع الخبر مطابقا للخبر ، وكان الأمر كذلك ومثله قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد .
[ ص: 414 ] أخبر أنه سيريهم في أنفسهم وفي الآفاق ما يبين أن القرآن حق بأن يروا ما أخبر به كما أخبر به ، ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد .
فإنه قد يشهد للقرآن بأنه حق بالآيات البينات والبراهين الدالة على صدقه التي تتبين بشهادة الرب تعالى بأنه حق ، فلا يحتاج مع الشهادة الحاضرة إلى انتظار الآيات المستقبلة .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة وانشق القمر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=2وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=3وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة فما تغن النذر .
أخبر باقتراب الساعة وانشقاق القمر ، وانشقاق القمر قد عاينوه وشاهدوه وتواترت به الأخبار ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في المجامع الكبار مثل الجمع والأعياد ; ليسمع الناس ما فيها من آيات النبوة ودلائلها والاعتبار ، وكل الناس يقر ذلك ولا ينكره ، فعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=31013انشقاق القمر كان معلوما عند الناس عامة . ثم ذكر حال الأنبياء ومكذبيهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فدعا ربه أني مغلوب فانتصر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=13وحملناه على ذات ألواح ودسر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15ولقد تركناها آية فهل من مدكر .
[ ص: 415 ] فأخبر أنه أبقى السفن آية على قدرة الرب وعلى ما جرى
لنوح مع قومه ، ثم قال : فكيف كان عذابي لمن كذب ونذري ؟ وكذلك ذكر قصة
عاد وثمود ولوط وغيرهم ، يقول في عقب كل قصة : فكيف كان عذابي ونذر ؟ ونذره وإنذاره وهو ما بلغته عنه الرسل من الإنذار ، وكيف كانت عقوبته للمنذرين .
والإنذار : هو الإعلام بالمخوف ، فتبين بذلك صدق ما أخبرت به الرسل من الإنذار وشدة عذابه لمن كذب رسله ، وذكر قصة فرعون فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=41ولقد جاء آل فرعون النذر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=42كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=43أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=44أم يقولون نحن جميع منتصر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45سيهزم الجمع ويولون الدبر .
وذكر في قصة
محمد صلى الله عليه وسلم مع الناس أنواعا من ذلك فقال :
[ ص: 416 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب .
ومثل هذا كثير في القرآن من ذكر دلائل النبوة وأعلام الرسالة ليس هذا موضع بسطه ، وإنما المقصود هنا التنبيه على جنس ذلك . وما يذكره بعض أهل الكتاب أو غيرهم من أنه نصر
فرعون ونمرود [ ص: 417 ] وسنحاريب وجنكسان وغيرهم من الملوك الكافرين جوابه ظاهر ، فإن هؤلاء لم يدع أحد منهم النبوة ، وأن الله أمره أن يدعو إلى عبادة الله وطاعته ، ومن أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار ، بخلاف من ادعى أن الله أرسله بذلك ; فإنه لا يكون إلا رسولا صادقا ينصره الله ويؤيده وينصر أتباعه ، ويجعل العاقبة لهم ، أو يكون كذابا فينتقم الله منه ، ويقطع دابره ، ويتبين أن ما جاءه به ليست من الآيات والبراهين التي لا تقبل المعارضة ، بل هي من جنس مخارق السحرة والكهان والكذابين التي تقبل المعارضة ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28752معجزات الأنبياء من خواصها أنه لا يقدر أحد أن يعارضها ويأتي بمثلها ، بخلاف غيرها فإن معارضتها ممكنة فيبطل دلالتها .
والمسيح الدجال : يدعي الإلهية ، ويأتي بخوارق ، ولكن نفس دعواه الإلهية دعوى ممتنعة في نفسها ، ويرسل الله عليه
المسيح ابن مريم فيقتله ويظهر كذبه ، ومعه ما يدل على كذبه من وجوه :
منها : أنه مكتوب بين عينيه كافر .
ومنها : أنه أعور ، والله ليس بأعور .
[ ص: 418 ] ومنها : أن أحدا لن يرى ربه حتى يموت ، ويريد أن يقتل الذي قتله أولا فيعجز عن قتله .
فمعه من الدلائل الدالة على كذبه ما يبين أن ما معه ليس آية على صدقه ، بخلاف
nindex.php?page=treesubj&link=31942_29402_33951معجزات الأنبياء ، فإنه لا يمكن أحد من الإنس والجن أن يأتي بنظيرها ولا يبطلها مثل قلب العصا حية
لموسى ، وإخراج ناقة
لصالح من الأرض ، وإحياء الموتى
للمسيح ، وانشقاق القمر وإنزال القرآن وغير ذلك
لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فإن المشركين لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم آية واقترحوا عليه انشقاق القمر فأراهم ذلك .
وقد أخبر الله تعالى بذلك في القرآن ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة وانشق القمر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=2وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=3وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة فما تغن النذر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر .
ثم ذكر تعالى ما جرى قبله للمكذبين فذكر قصة قوم
نوح وهود وصالح ولوط ثم
فرعون ، وهذه السورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في أعظم اجتماعات الناس عنده وهي الأعياد ، والناس كلهم يسمعون ما يذكره من انشقاق القمر ، وقول المكذبين أنه سحر
[ ص: 419 ] والناس كلهم المؤمن به والمنافق والكافر يقرون على هذا لم يقل أحد منهم أن القمر لم ينشق ولا أنكره أحد .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه : سأل
nindex.php?page=showalam&ids=397أبا واقد الليثي ما يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر ، فقال : كان يقرأ فيهما بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق والقرآن المجيد و
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة وانشق القمر .
ومعلوم بالضرورة في مطرد العادة أنه لو لم يكن انشق لأسرع الناس المؤمنون به إلى تكذيب ذلك فضلا عن أعدائه من الكفار والمنافقين ، لا سيما وهو يقرأ عليهم ذلك في أعظم مجامعهم .
وأيضا فمعلوم أن
محمدا صلى الله عليه وسلم كان من أحرص الخلق على تصديق الناس له واتباعهم إياه ، مع أنه كان أخبر الناس بسياسة الخلق ، فلو لم يكن القمر انشق لما كان يخبر بهذا ، ويقرأه على جميع الخلق ويستدل به ، ويجعله آية له ، فإن من يكون من أقل الناس خبرة بالسياسة لا يتعمد إلى ما يعلم جميع الناس أنه كاذب به فيجعله من أعظم آياته الدالة على صدقه ، ويقرأه على الناس في أعظم المجاميع .
[ ص: 420 ] وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة وانشق القمر بصيغة الفعل الماضي ، ولم يقل قامت الساعة ، ولا ستقوم ، بل قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت أي دنت وقربت ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1وانشق القمر الذي هو دليل على نبوة
محمد وعلى إمكان انحراق الفلك الذي هو قيام القيامة ، وهو سبحانه قرن بين خبره باقتراب الساعة وخبره بانشقاق القمر ، فإن مبعث
محمد صلى الله عليه وسلم هو من أشراط الساعة وهو دليل على قربها ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : بعثت أنا والساعة كهاتين ، وجمع بين أصبعيه السبابة والوسطى . وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=18فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها .
nindex.php?page=treesubj&link=30292وعلم الساعة أخفاها الله عن جميع خلقه ، كما يذكر ذلك عن
[ ص: 421 ] المسيح في الإنجيل ، أنه لما سئل عنها فقال : إنها لا يعلمها أحد من الناس ولا الملائكة ولا الابن ، وإنما يعلمها الأب وحده . وهذا مما يدل على أنه ليس هو رب العالم ، وكذلك
محمد صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك لما سئل عنها . قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يسألونك عن الساعة أيان مرساها nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض .
أي : خفيت على أهل السماوات والأرض :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
وفي الصحيح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661614تسألوني عن الساعة ، وإنما علمها عند الله ،
nindex.php?page=treesubj&link=31013فانشقاق القمر كان آية [ ص: 422 ] على شيئين : على صدق الرسول ، وعلى مجيء الساعة وإمكان انشقاق الفلك ; فإن المنكرين لقيام القيامة الكبرى قيام الناس من قبورهم لرب العالمين ، وانشقاق السماوات وانفطارها سواء أقروا بالقيامة الصغرى ، وأن الأرواح بعد الموت تنعم أو تعذب ، كما هو قول الفلاسفة اللاإلهيين ، أو أنكروا المعاد مطلقا ، كما أنكر ذلك من أنكره من مشركي العرب
والفلاسفة الطبيعيين ، وغيرهم ينكرون انشقاق السماوات
[ ص: 423 ] ويزعم هؤلاء
الدهرية أن الأفلاك لا يجوز عليها الانشقاق ، كما ذكر ذلك
أرسطو وأتباعه وزعموا أن الانشقاق يقتضي حركة مستقيمة وهي ممتنعة بزعمهم في الفلك المحدد إذ لا خلاء وراءه عندهم ، وهذا لو دل فإنما يدل على ذلك في الفلك الأطلس لا فيما دونه ، فكيف وهو باطل ؟ فإن الحركة المستقيمة هناك بمنزلة جعل الأفلاك ابتداء في هذه الأحياز التي هي فيها - سواء سمي خلاء أو لم يسم - كما هو مذكور في غير هذا الموضع .
[ ص: 424 ] والمقصود هنا أنه تعالى أخبر بانشقاق القمر مع اقتراب الساعة ; لأنه دليل على إمكان انشقاق الأفلاك ، وانفطارها الذي هو قيام الساعة الكبرى ، وهو آية على نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو من أشراط الساعة ، والله تعالى في كتابه يجمع بين ذكر القيامة الكبرى والصغرى ، كما في سورة الواقعة ذكر في أولها القيامة الكبرى ، وفي آخرها القيامة الصغرى ، وذلك كثير في سور القرآن مثل سورة ق ، وسورة القيامة ، وسورة التكاثر ، وسورة الفجر ، وغير ذلك .
وقد استفاضت الأحاديث بانشقاق القمر ، ففي الصحيحين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين : فرقة فوق الجبل ، وفرقة دونه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشهدوا ، وفي لفظ ونحن معه بمنى ، فقال كفار
قريش سحركم ابن أبي كبشة ، فقال رجل منهم : إن
محمدا إن كان سحر القمر فإنه لا يبلغ من سحره أن يسحر الأرض كلها ، فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر ، هل رأوا هذا ؟ فأتوا فسألوهم فأخبروهم أنهم رأوا مثل ذلك .
[ ص: 425 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أنه قال : سأل أهل
مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر فرقتين حتى رأوا حراء بينهما فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر .
وهذا حديث صحيح مستفيض ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وهو أيضا معروف عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ، قال
أبو الفرج بن الجوزي والروايات في الصحيح بانشقاق القمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس رضي الله عنهم .
[ ص: 426 ] ولما زعموا أن هذا القرآن هو ألفه ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=33أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين .
ثم تحداهم بعشر سور فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون .
ثم تحداهم بسورة واحدة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا .
وقال تعالى أيضا :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله .
فعجز جميع الخلق أن يعارضوا ما جاء به ثم سجل على جميع الخلق العجز إلى يوم القيامة بقوله :
[ ص: 427 ] nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
فأخبر من ذلك الزمان أن
nindex.php?page=treesubj&link=28899الإنس والجن إذا اجتمعوا لا يقدرون على معارضة القرآن بمثله ، فعجز لفظه ومعناه ومعارفه وعلومه أكمل معجزة وأعظم شأنا ، والأمر كذلك فإنه لم يقدر أحد من العرب وغيرهم مع قوة عداوتهم وحرصهم على إبطال أمره بكل طريق وقدرتهم على أنواع الكلام أن يأتوا بمثله ، وأنزل الله إذ ذاك آيات بين فيها أنه رسول إليهم ، ولم يذكر فيها أنه لم يرسل إلى غيرهم . فقال تعالى في سورة القصص :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=47ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين .
[ ص: 428 ] وقال في سورة السجدة :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون .
وقال في سورة يس :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2والقرآن الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إنك لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=4على صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=5تنزيل العزيز الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون .
ذكر تعالى في هذه الآيات الثلاث نعمته على هؤلاء ، وحجته عليهم بإرساله ، وذكر بعض حكمته في إرساله وذلك لا يقتضي أنه لم يرسل إلا لهذا ، بل مثل هذا كثير معروف في لسان العرب وغيرهم .
[ ص: 429 ] قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون .
ومعلوم أن في هذه الدواب منافع غير الركوب ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون .
فقد أخبر أنه
nindex.php?page=treesubj&link=29747ينزل الملائكة بالوحي على الأنبياء ; لينذروا يوم القيامة ، وذلك لا يمنع أن يكونوا نزلوا بالبشارة للمؤمنين والأمر والنهي بالشرائع .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
فأخبر تعالى أنه خلق العالم العلوي والسفلي ; ليعلم العباد قدرته وعلمه ، ومع هذا ففي خلق ذلك له من الحكمة أمور أخرى غير علم العباد ، ومثل ذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم .
ومعلوم أن في جعل الكعبة قياما للناس والهدي والقلائد حكما ومنافع أخرى .
[ ص: 430 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى .
ومعلوم أن في ملك الله حكما أخرى غير جزاء المحسن والمسيء ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=22وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح . إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .
ومعلوم أن في
nindex.php?page=treesubj&link=28749إرسال الرسل سعادة من آمن بهم ، وغيرها حكم أخرى غير دفع حجة الخلق على الله ، وكذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم .
ومعلوم أن في تسخيرها حكما ومنافع غير التكبير . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم .
[ ص: 431 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار .
ومعلوم
nindex.php?page=treesubj&link=31759_31755أن لله حكما في خلق الشمس والقمر ، والليل والنهار ، غير انتفاع بني آدم ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=67هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا .
وفيها حكم أخرى .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه .
وفي إنزال الكتاب من هدى من اهتدى به واتعاظه وغير ذلك مقاصد غير الحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=38وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=39ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين .
[ ص: 432 ] ومعلوم أن في مبعث الخلق يوم القيامة مقاصد غير بيان المختلف في علم هؤلاء ، ومما يبين ذلك أنه قال في الآية التي احتجوا بها :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم .
ومعلوم أنه لم يبعث لمجرد الإنذار ، بل وليبشر من آمن به ، ولأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وتحليل الطيبات ، وتحريم الخبائث ، وغير ذلك من مقاصد الرسل ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رسلا مبشرين ومنذرين .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=48وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين . لا ينافي كونه لم يصفهم في موضع آخر إلا بالإنذار ، وقد قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=2قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=3ماكثين فيه أبدا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=4وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=5ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
وكان المسلمون مرة صلوا صلاة العيد بحضرة حصار
النصارى فقام خطيبهم فخطب بهذه الآية ، ولما قرأ قوله :
[ ص: 433 ] nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أشار إلى جند الإيمان .
ولما قرأ قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=4وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا أشار إلى جند الصلبان .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط .
وفي إنزال الكتاب والميزان حكم أخرى من البشارة والإنذار وغير ذلك ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=12ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا .
وفي بعثهم حكم أخرى بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم .
ومعلوم أن في ذلك مقاصد أخرى من هداية الخلق ، وقيام
[ ص: 434 ] الحجة على من بلغهم وغير ذلك ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=29كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب .
وفيه حكم أخرى من قيام الحجة على الخلق وضلال من ضل به ، ومثله قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=52هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب .
ومعلوم أن في ذلك مقاصد أخرى من البشارة والأمر والنهي وغير ذلك ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=28ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله .
ومعلوم أن في جزاء المؤمنين مقاصد أخرى غير علم أهل الكتاب وما معه ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=92وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها .
ومعلوم أن فيه حكما أخرى مثل تبشير من آمن به ، والأمر والنهي ، وإنذار غير هؤلاء من العرب .
[ ص: 435 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69إن هو إلا ذكر وقرآن مبين nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين .
ومعلوم أن فيه حكمة أخرى غير الإنذار .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين .
ومعلوم أن فيه حكمة أخرى من إنذار الخلق كلهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وتبشير المؤمنين ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=8ليسأل الصادقين عن صدقهم .
ومعلوم أن في أخذ الميثاق حكما أخرى .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك فتحا مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما .
[ ص: 436 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1لنريه من آياتنا .
وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا الليل والنهار آيتين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب .
وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب .
وفي ذلك كله حكم أخرى ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا .
وإن كانت هذه لام العاقبة ، فليست العاقبة منحصرة في ذلك ، بل في ذلك من الإحسان إلى موسى وتربيته وغير ذلك حكم أخرى ، ومثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=137وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم .
[ ص: 437 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله .
وفي إرساله حكم أخرى ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله .
وفي إنزاله تبشير وإنذار وأمر ونهي ووعد ووعيد وكذلك قوله في
عيسى ابن مريم :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=21هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا .
وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله .
وفيه حكم أخرى كما قال في الآية الأخرى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون .
[ ص: 438 ] وقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=112وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=113ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون .
وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا .
وفي كونهم وسطا حكم أخرى .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا .
وفيهما حكم أخرى ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا .
وفي ذلك حكم أخرى من البشارة والأمر والنهي .
[ ص: 439 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=140وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء .
وفي ذلك حكم أخرى ، ومثل ذلك كثير في كلام الله عز وجل وغير كلام الله إذا ذكر حكمة للفعل لم يلزم أن لا تكون له حكمة أخرى ، لكن لا بد لتخصيص تلك الحكمة بالذكر في ذلك الموضع من مناسبته ، وهذا كالمناسبة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم .
فإن هؤلاء كانوا أول المنذرين ، وأحقهم بالإنذار ، فكان في تخصيصهم بالذكر فائدة لا أنه خصهم لانتفاء إنذار من سواهم .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك لتكون من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين .
ومعلوم أنه نزل به ليكون بشيرا ، وليأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويحل الطيبات ، ويحرم الخبائث ، ويضع الآصار والأغلال صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 399 ] وَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29629_29402يَأْتِيهِمْ بِالْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُعْجِزَاتُهُ تَزِيدُ عَلَى أَلْفِ مُعْجِزَةٍ ، مِثْلَ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْآيَاتِ ، وَمِثْلَ الْقُرْآنِ الْمُعْجِزِ ، وَمِثْلَ أَخْبَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَهُ وَبِشَارَةِ
[ ص: 400 ] الْأَنْبِيَاءِ بِهِ ، وَمِثْلَ أَخْبَارِ الْكُهَّانِ وَالْهَوَاتِفِ بِهِ ، وَمِثْلَ قِصَّةِ الْفِيلِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ آيَةً عَامَ مَوْلِدِهِ ، وَمَا جَرَى عَامَ مَوْلِدِهِ مِنَ الْعَجَائِبِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ ، وَمِثْلَ امْتِلَاءِ السَّمَاءِ وَرَمْيِهَا بِالشُّهُبِ الَّتِي تُرْجَمُ بِهَا الشَّيَاطِينُ بِخِلَافِ مَا كَانَتِ الْعَادَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَبْعَثِهِ وَبَعْدَ مَبْعَثِهِ ، وَمِثْلَ إِخْبَارِهِ بِالْغُيُوبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا أَحَدٌ إِلَّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّمَهُ إِيَّاهَا بَشَرٌ . فَأَخْبَرَهُمْ بِالْمَاضِي مِثْلَ قِصَّةِ
آدَمَ وَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَالْمَسِيحِ وَهُودٍ وَشُعَيْبٍ وَصَالِحٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَبِالْمُسْتَقْبَلَاتِ .
وَكَانَ قَوْمُهُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَلَا غَيْرِهِمْ ، وَلَمْ يَكُنْ
بِمَكَّةَ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِمَّنْ يَتَعَلَّمُ هُوَ مِنْهُ ، بَلْ وَلَا كَانَ يَجْتَمِعُ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ يَعْرِفُ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ ، وَلَا كَانَ هُوَ يُحْسِنُ لِسَانًا غَيْرَ الْعَرَبِيِّ ، وَلَا كَانَ يَكْتُبُ كِتَابًا ، وَلَا يَقْرَأُ كِتَابًا مَكْتُوبًا .
وَلَا سَافَرَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ إِلَّا سَفْرَتَيْنِ : سَفْرَةٌ وَهُوَ صَغِيرٌ مَعَ عَمِّهِ
أَبِي طَالِبٍ [ ص: 401 ] لَمْ يُفَارِقْهُ ، وَلَا اجْتَمَعَ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا غَيْرِهِمْ ، وَسَفْرَةٌ أُخْرَى وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ رَكْبٍ مِنْ
قُرَيْشٍ لَمْ يُفَارِقْهُمْ ، وَلَا اجْتَمَعَ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ .
وَأَخْبَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ بِأَخْبَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِنُبُوَّتِهِ مِثْلَ إِخْبَارِ
بَحِيرَى الرَّاهِبِ بِنُبُوَّتِهِ ، وَمَا ظَهَرَ مِنْهُ مِمَّا دَلَّهُمْ عَلَى نُبُوَّتِهِ ، وَلِهَذَا تَزَوَّجَتْ
[ ص: 402 ] بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ لِمَا أُخْبِرَتْ بِهِ مِنْ أَحْوَالِهِ .
وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=29629التَّنْبِيهُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ ، مِثْلَ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَمِثْلَ تَكْثِيرِ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ الْخَلْقُ الْعَظِيمُ ، وَتَكْثِيرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ حَتَّى شَرِبَ مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ .
وَهَذَا مَا جَرَى غَيْرَ مَرَّةٍ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ مِنَ الْآيَاتِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ ، فَكَانَ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ يُحْيِي اللَّهُ لَهُ الْمَوْتَى مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ ، وَبَعْضُ أَتْبَاعِهِ يَمْشِي بِالْعَسْكَرِ الْكَثِيرِ عَلَى الْبَحْرِ حَتَّى يَعْبُرُوا إِلَى النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى ،
[ ص: 403 ] وَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ، فَصَارَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ .
وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا ذِكْرُ بَعْضِ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُهُمْ بِالْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ خَبَرًا مُفَصَّلًا لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا ، أَوْ مَنْ أَخْبَرَهُ نَبِيٌّ وَقَوْمُهُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ ، وَهَذَا مِمَّا قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ مَعَ قُوَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ وَحَصْرِهِمْ عَلَى مَا يَطْعَنُونَ بِهِ عَلَيْهِ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَطْعَنُوا طَعْنًا يُقْبَلُ مِنْهُمْ ، وَكَانَ عِلْمُ سَائِرِ الْأُمَمِ بِأَنَّ قَوْمَهُ الْمُعَادِينَ لَهُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الطَّعْنِ عَلَيْهِ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا : إِنَّ هَذِهِ الْغُيُوبَ عَلَّمَهَا إِيَّاهُ بَشَرٌ ، فَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَنَّ هَذَا لَمْ يُعَلِّمْهُ إِيَّاهَا بَشَرٌ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا .
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ ، وَقَوْمُهُ تُقِرُّ بِذَلِكَ ، وَلَمْ يَتَعَلَّمْ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِ قَوْمِهِ ; وَلِهَذَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ بَشَرٍ ظَهَرَ
[ ص: 404 ] كَذِبُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=99إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=100إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ .
فَكَانَ
بِمَكَّةَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ مَمْلُوكٌ لِبَعْضِ
قُرَيْشٍ ، فَادَّعَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ
مُحَمَّدًا كَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْ ذَلِكَ الْأَعْجَمِيِّ ، فَبَيَّنَ اللَّهُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ ، فَإِنَّ ذَلِكَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ ،
وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَبِيٌّ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ أَلْسِنَةِ الْعَجَمِ ، فَمَنْ كَلَّمَهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَا يَفْقَهُ كَلَامَهُ ، فَلَا ذَلِكَ
[ ص: 405 ] الرَّجُلُ يُحْسِنُ التَّكَلُّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَلَا
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْهَمُ كَلَامًا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ . أَيْ : يَمِيلُونَ إِلَيْهِ وَيُضِيفُونَ إِلَيْهِ أَنَّهُ عَلَّمَ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ .
وَكَذَلِكَ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ عَنِ الْقُرْآنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ .
قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا .
فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ قَوْلَ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ الْمَعْلُومِ لِأَعْدَائِهِ فَضْلًا عَنْ أَوْلِيَائِهِ ، فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ يُعِينُهُ عَلَى ذَلِكَ ،
[ ص: 406 ] وَلَيْسَ فِي قَوْمِهِ ، وَلَا فِي بَلَدِهِ مَنْ يُحْسِنُ ذَلِكَ لِيُعِينَهُ عَلَيْهِ ; فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا .
فَإِنَّ جَمِيعَ أَهْلِ بَلَدِهِ وَقَوْمِهِ الْمُعَادِينَ لَهُ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا ظُلْمٌ لَهُ وَزُورٌ ، وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْ عُقَلَائِهِمُ الْمَعْرُوفِينَ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30542_18985_32424_28996قَوْلُهُمْ : أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ، فَإِنَّ قَوْمَهُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُمْلِي عَلَيْهِ كِتَابًا ، وَقَدْ بَيَّنَ مَا يُظْهِرُ كَذِبَهُمْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .
فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28899فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْأَسْرَارِ مَا لَا يَعْلَمُهُ بَشَرٌ إِلَّا بِإِعْلَامِ اللَّهِ إِيَّاهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، ثُمَّ لَمَّا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ هَذَا ، ذَكَرَ مَا قَدَحُوا بِهِ فِي نُبُوَّتِهِ فَقَالَ تَعَالَى : وَقَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=8أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا .
فَهَذَا كَلَامُ الْمُعَارِضِينَ لَهُ الَّذِينَ أَنْكَرُوا أَكْلَهُ وَمَشْيَهُ فِي الْأَسْوَاقِ الَّتِي يُبَاعُ فِيهَا مَا يُؤْكَلُ وَمَا يُلْبَسُ ، وَقَالُوا : هَلَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ، أَوْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ ذَلِكَ بِكَنْزٍ يُنْفِقُ مِنْهُ أَوْ جَنَّةٍ يَأْكُلُ مِنْهَا ؟ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا .
[ ص: 407 ] قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا .
يَقُولُ مَثَّلُوكَ بِالْكَاذِبِ وَالْمَسْحُورِ وَالنَّاقِلِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ يَظْهَرُ كَذِبُهُ لِكُلِّ مَنْ عَرَفَكَ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا وَالضَّالُّ : الْجَاهِلُ الْعَادِلُ عَنِ الطَّرِيقِ ، فَلَا يَسْتَطِيعُ الطَّرِيقَ الْمُوَصِّلَةَ إِلَى الْمَقْصُودِ ، بَلْ ظَهَرَ عَجْزُهُمْ وَانْقِطَاعُهُمْ فِي الْمُنَاظَرَةِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى .
فَإِنَّهُ أَتَاهُمْ بِجَلِيَّةِ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ، كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْئًا ، فَإِذَا أَخْبَرَهُمْ بِالْغُيُوبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ مَنْ أَخْبَرَهُ نَبِيٌّ ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِخَبَرِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ لِسَائِرِ الْأُمَمِ ; فَإِنَّهُ إِذَا
[ ص: 408 ] كَانَ قَوْمُهُ الْمُعَادُونَ وَغَيْرُ الْمُعَادِينَ لَهُ مُقِرِّينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِأَحَدٍ يُعَلِّمُهُ ذَلِكَ ، صَارَ هَذَا مَنْقُولًا بِالتَّوَاتُرِ ، وَكَانَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ مُخَالِفُوهُ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى الطَّعْنِ لَوْ أَمْكَنَ .
فَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=31022الْأَخْبَارُ بِالْغُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَامَتْ بِهَا الْحُجَّةُ عَلَى قَوْمِهِ وَعَلَى جَمِيعِ مَنْ بَلَغَهُ خَبَرُ ذَلِكَ ، وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=31022أَخْبَرَ بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَهَذِهِ تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ عَرَفَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ الْخَبَرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ .
ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2غُلِبَتِ الرُّومُ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=5بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا .
فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ .
[ ص: 409 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ ، وَهَذَا الْخَبَرُ قَدْ مَضَى لَهُ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ ، وَقَالَ عَنِ الْكُفَّارِ وَهُوَ
بِمَكَّةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ .
وَظَهَرَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَغَيْرِهِ ، وَبَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا .
وَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَعَدَهُ وَظَهَرَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا .
فَأَظْهَرَ اللَّهُ مَا بَعَثَهُ بِهِ بِالْآيَاتِ وَالْبُرْهَانِ وَالْيَدِ وَالسِّنَانِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ .
[ ص: 410 ] فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَهُمْ غُلِبُوا فِي الدُّنْيَا كَمَا شَاهَدَهُ النَّاسُ ، وَهَذَا يُصَدِّقُ الْخَبَرَ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ .
وَقَدْ أَيَّدَهُ تَأْيِيدًا لَا يُؤَيَّدُ بِهِ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ ، بَلْ لَمْ يُؤَيَّدْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا أُيِّدَ بِهِ ، كَمَا أَنَّهُ بُعِثَ بِأَفْضَلِ الْكُتُبِ إِلَى أَفْضَلِ الْأُمَمِ بِأَفْضَلِ الشَّرَائِعِ ، وَجَعَلَهُ سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُعْرَفُ قَطُّ أَحَدٌ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَهُوَ كَاذِبٌ إِلَّا قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُ وَأَذَلَّهُ وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ وَفُجُورَهُ .
وَكُلُّ مَنْ أَيَّدَهُ اللَّهُ مِنَ الْمُدَّعِينَ لِلنُّبُوَّةِ لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَادِقًا كَمَا أَيَّدَ
نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ، بَلْ وَأَيَّدَ شُعَيْبًا وَهُودًا وَصَالِحًا ، فَإِنَّ سُنَّةَ اللَّهِ أَنْ يَنْصُرَ رُسُلَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ، وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ ، فَمَنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ إِلَّا بِالْعَادَةِ فَهَذِهِ عَادَةُ اللَّهِ وَسُنَّتُهُ يُعْرَفُ بِهَا مَا يَصْنَعُ ، وَمَنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُؤَيَّدُ مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَكَذَبَ عَلَيْهِ
[ ص: 411 ] تَأْيِيدًا لَا يُمْكِنُ أَحَدًا مُعَارَضَتُهُ ، وَهَكَذَا أَخْبَرَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ أَنَّ الْكَذَّابَ لَا يُتِمُّ اللَّهُ أَمْرَهُ وَلَا يَنْصُرُهُ وَلَا يُؤَيِّدُهُ فَصَارَ هَذَا مَعْلُومًا مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ ; وَلِهَذَا أَمَرَ سُبْحَانَهُ أَنْ نَعْتَبِرَ بِمَا فَعَلَهُ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِنْ جَعْلِ الْعَاقِبَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ ، وَانْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ وَعَصَاهُمْ .
قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=172إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=41الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=42وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=45فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .
[ ص: 412 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=9أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثُمَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=22ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ .
[ ص: 413 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=12كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=5وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ .
فَأَخْبَرَ بِأَنَّ الْمُكَذِّبِينَ لَهُ سَيَأْتِيهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَخْبَارُ الْقُرْآنِ الَّذِي اسْتَهْزَءُوا بِهِ ، وَبَيَّنَ أَنَّ مَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ حَقٌّ بِوُقُوعِ الْخَبَرِ مُطَابِقًا لِلْخَبَرِ ، وَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .
[ ص: 414 ] أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيُرِيهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي الْآفَاقِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ بِأَنْ يَرَوْا مَا أَخْبَرَ بِهِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .
فَإِنَّهُ قَدْ يَشْهَدُ لِلْقُرْآنِ بِأَنَّهُ حَقٌّ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ الَّتِي تَتَبَيَّنُ بِشَهَادَةِ الرَّبِّ تَعَالَى بِأَنَّهُ حَقٌّ ، فَلَا يَحْتَاجُ مَعَ الشَّهَادَةِ الْحَاضِرَةِ إِلَى انْتِظَارِ الْآيَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=2وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=3وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ .
أَخْبَرَ بِاقْتِرَابِ السَّاعَةِ وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ ، وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ قَدْ عَايَنُوهُ وَشَاهَدُوهُ وَتَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ فِي الْمَجَامِعِ الْكِبَارِ مِثْلَ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ ; لِيُسْمِعَ النَّاسَ مَا فِيهَا مِنْ آيَاتِ النُّبُوَّةِ وَدَلَائِلِهَا وَالِاعْتِبَارِ ، وَكُلُّ النَّاسِ يُقِرُّ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُهُ ، فَعُلِمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31013انْشِقَاقَ الْقَمَرِ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ عَامَّةً . ثُمَّ ذَكَرَ حَالَ الْأَنْبِيَاءِ وَمُكَذِّبِيهِمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=13وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ .
[ ص: 415 ] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَبْقَى السُّفُنَ آيَةً عَلَى قُدْرَةِ الرَّبِّ وَعَلَى مَا جَرَى
لِنُوحٍ مَعَ قَوْمِهِ ، ثُمَّ قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي لِمَنْ كَذَّبَ وَنُذُرِي ؟ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ قِصَّةَ
عَادٍ وَثَمُودَ وَلُوطٍ وَغَيْرِهِمْ ، يَقُولُ فِي عَقِبِ كُلِّ قِصَّةٍ : فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ؟ وَنُذُرُهُ وَإِنْذَارُهُ وَهُوَ مَا بَلَّغَتْهُ عَنْهُ الرُّسُلُ مِنَ الْإِنْذَارِ ، وَكَيْفَ كَانَتْ عُقُوبَتُهُ لِلْمُنْذَرِينَ .
وَالْإِنْذَارُ : هُوَ الْإِعْلَامُ بِالْمَخُوفِ ، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ صِدْقُ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الْإِنْذَارِ وَشِدَّةِ عَذَابِهِ لِمَنْ كَذَّبَ رُسُلَهُ ، وَذَكَرَ قِصَّةَ فِرْعَوْنَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=41وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=42كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=43أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=44أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ .
وَذَكَرَ فِي قِصَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاسِ أَنْوَاعًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ :
[ ص: 416 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ .
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَأَعْلَامِ الرِّسَالَةِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى جِنْسِ ذَلِكَ . وَمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ أَنَّهُ نَصَرَ
فِرْعَوْنَ وَنُمْرُودَ [ ص: 417 ] وَسَنْحَارِيبَ وَجَنْكِسَانَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْمُلُوكِ الْكَافِرِينَ جَوَابُهُ ظَاهِرٌ ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْهُمُ النُّبُوَّةَ ، وَأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ ، وَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ ، بِخِلَافِ مَنِ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ بِذَلِكَ ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا رَسُولًا صَادِقًا يَنْصُرُهُ اللَّهُ وَيُؤَيِّدُهُ وَيَنْصُرُ أَتْبَاعَهُ ، وَيَجْعَلُ الْعَاقِبَةَ لَهُمْ ، أَوْ يَكُونُ كَذَّابًا فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ، وَيَقْطَعُ دَابِرَهُ ، وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا جَاءَهُ بِهِ لَيْسَتْ مِنَ الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْمُعَارَضَةَ ، بَلْ هِيَ مِنْ جِنْسِ مَخَارِقِ السَّحَرَةِ وَالْكُهَّانِ وَالْكَذَّابِينَ الَّتِي تَقْبَلُ الْمُعَارَضَةَ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28752مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ خَوَاصِّهَا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُعَارِضَهَا وَيَأْتِيَ بِمِثْلِهَا ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّ مُعَارَضَتَهَا مُمْكِنَةٌ فَيُبْطِلُ دَلَالَتَهَا .
وَالْمَسِيحُ الدَّجَّالُ : يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ ، وَيَأْتِي بِخَوَارِقَ ، وَلَكِنَّ نَفْسَ دَعْوَاهُ الْإِلَهِيَّةَ دَعْوَى مُمْتَنِعَةٌ فِي نَفْسِهَا ، وَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِ
الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَقْتُلُهُ وَيُظْهِرُ كَذِبَهُ ، وَمَعَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ مِنْ وُجُوهٍ :
مِنْهَا : أَنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ .
وَمِنْهَا : أَنَّهُ أَعْوَرُ ، وَاللَّهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ .
[ ص: 418 ] وَمِنْهَا : أَنَّ أَحَدًا لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ ، وَيُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ الَّذِي قَتَلَهُ أَوَّلًا فَيَعْجِزُ عَنْ قَتْلِهِ .
فَمَعَهُ مِنَ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى كَذِبِهِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَا مَعَهُ لَيْسَ آيَةً عَلَى صِدْقِهِ ، بِخِلَافِ
nindex.php?page=treesubj&link=31942_29402_33951مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ أَنْ يَأْتِيَ بِنَظِيرِهَا وَلَا يُبْطِلَهَا مِثْلَ قَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً
لِمُوسَى ، وَإِخْرَاجِ نَاقَةٍ
لِصَالِحٍ مِنَ الْأَرْضِ ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى
لِلْمَسِيحِ ، وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَإِنْزَالِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً وَاقْتَرَحُوا عَلَيْهِ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ فَأَرَاهُمْ ذَلِكَ .
وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=2وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=3وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=4وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ .
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَا جَرَى قَبْلَهُ لِلْمُكَذِّبِينَ فَذَكَرَ قِصَّةَ قَوْمِ
نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ ثُمَّ
فِرْعَوْنَ ، وَهَذِهِ السُّورَةُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فِي أَعْظَمِ اجْتِمَاعَاتِ النَّاسِ عِنْدَهُ وَهِيَ الْأَعْيَادُ ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يَسْمَعُونَ مَا يَذْكُرُهُ مِنِ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ ، وَقَوْلِ الْمُكَذِّبِينَ أَنَّهُ سِحْرٌ
[ ص: 419 ] وَالنَّاسُ كُلُّهُمُ الْمُؤْمِنُ بِهِ وَالْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ يُقِرُّونَ عَلَى هَذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ الْقَمَرَ لَمْ يَنْشَقَّ وَلَا أَنْكَرَهُ أَحَدٌ .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=397أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَا يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ ، فَقَالَ : كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ .
وَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ فِي مُطَّرِدِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ انْشَقَّ لَأَسْرَعَ النَّاسُ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَى تَكْذِيبِ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ أَعْدَائِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي أَعْظَمِ مَجَامِعِهِمْ .
وَأَيْضًا فَمَعْلُومٌ أَنَّ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَحْرَصِ الْخَلْقِ عَلَى تَصْدِيقِ النَّاسِ لَهُ وَاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ أَخْبَرَ النَّاسَ بِسِيَاسَةِ الْخَلْقِ ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْقَمَرُ انْشَقَّ لَمَا كَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا ، وَيَقْرَأُهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ ، وَيَجْعَلُهُ آيَةً لَهُ ، فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَقَلِّ النَّاسِ خِبْرَةً بِالسِّيَاسَةِ لَا يَتَعَمَّدُ إِلَى مَا يَعْلَمُ جَمِيعُ النَّاسِ أَنَّهُ كَاذِبٌ بِهِ فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ ، وَيَقْرَأُهُ عَلَى النَّاسِ فِي أَعْظَمِ الْمَجَامِيعِ .
[ ص: 420 ] وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي ، وَلَمْ يَقُلْ قَامَتِ السَّاعَةُ ، وَلَا سَتَقُومُ ، بَلْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ أَيْ دَنَتْ وَقَرُبَتْ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1وَانْشَقَّ الْقَمَرُ الَّذِي هُوَ دَلِيلٌ عَلَى نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ وَعَلَى إِمْكَانِ انْحِرَاقِ الْفَلَكِ الَّذِي هُوَ قِيَامُ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ قَرَنَ بَيْنَ خَبَرِهِ بِاقْتِرَابِ السَّاعَةِ وَخَبَرِهِ بِانْشِقَاقِ الْقَمَرِ ، فَإِنَّ مَبْعَثَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى قُرْبِهَا ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ، وَجَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=18فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=30292وَعِلْمُ السَّاعَةِ أَخْفَاهَا اللَّهُ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ ، كَمَا يُذْكَرُ ذَلِكَ عَنِ
[ ص: 421 ] الْمَسِيحِ فِي الْإِنْجِيلِ ، أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ : إِنَّهَا لَا يَعْلَمُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ وَلَا الِابْنُ ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُهَا الْأَبُ وَحْدَهُ . وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ رَبَّ الْعَالَمِ ، وَكَذَلِكَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا . قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .
أَيْ : خَفِيَتْ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .
وَفِي الصَّحِيحِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661614تَسْأَلُونِي عَنِ السَّاعَةِ ، وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31013فَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ كَانَ آيَةً [ ص: 422 ] عَلَى شَيْئَيْنِ : عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ ، وَعَلَى مَجِيءِ السَّاعَةِ وَإِمْكَانِ انْشِقَاقِ الْفَلَكِ ; فَإِنَّ الْمُنْكِرِينَ لِقِيَامِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى قِيَامِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَانْشِقَاقِ السَّمَاوَاتِ وَانْفِطَارِهَا سَوَاءٌ أَقَرُّوا بِالْقِيَامَةِ الصُّغْرَى ، وَأَنَّ الْأَرْوَاحَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَنْعَمُ أَوْ تُعَذَّبُ ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْفَلَاسِفَةِ اللَّاإِلَهِيِّينَ ، أَوْ أَنْكَرُوا الْمَعَادَ مُطْلَقًا ، كَمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ
وَالْفَلَاسِفَةِ الطَّبِيعِيِّينَ ، وَغَيْرُهُمْ يُنْكِرُونَ انْشِقَاقَ السَّمَاوَاتِ
[ ص: 423 ] وَيَزْعُمُ هَؤُلَاءِ
الدَّهْرِيَّةُ أَنَّ الْأَفْلَاكَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا الِانْشِقَاقُ ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ
أَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ وَزَعَمُوا أَنَّ الِانْشِقَاقَ يَقْتَضِي حَرَكَةً مُسْتَقِيمَةً وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ بِزَعْمِهِمْ فِي الْفَلَكِ الْمُحَدَّدِ إِذْ لَا خَلَاءَ وَرَاءَهُ عِنْدَهُمْ ، وَهَذَا لَوْ دَلَّ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْفَلَكِ الْأَطْلَسِ لَا فِيمَا دُونَهُ ، فَكَيْفَ وَهُوَ بَاطِلٌ ؟ فَإِنَّ الْحَرَكَةَ الْمُسْتَقِيمَةَ هُنَاكَ بِمَنْزِلَةِ جَعْلِ الْأَفْلَاكِ ابْتِدَاءً فِي هَذِهِ الْأَحْيَازِ الَّتِي هِيَ فِيهَا - سَوَاءٌ سُمِّيَ خَلَاءً أَوْ لَمْ يُسَمَّ - كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
[ ص: 424 ] وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ بِانْشِقَاقِ الْقَمَرِ مَعَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ ; لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى إِمْكَانِ انْشِقَاقِ الْأَفْلَاكِ ، وَانْفِطَارِهَا الَّذِي هُوَ قِيَامُ السَّاعَةِ الْكُبْرَى ، وَهُوَ آيَةٌ عَلَى نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ ذِكْرِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى ، كَمَا فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ ذَكَرَ فِي أَوَّلِهَا الْقِيَامَةَ الْكُبْرَى ، وَفِي آخِرِهَا الْقِيَامَةَ الصُّغْرَى ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي سُوَرِ الْقُرْآنِ مِثْلَ سُورَةِ ق ، وَسُورَةِ الْقِيَامَةِ ، وَسُورَةِ التَّكَاثُرِ ، وَسُورَةِ الْفَجْرِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَقَدِ اسْتَفَاضَتِ الْأَحَادِيثُ بِانْشِقَاقِ الْقَمَرِ ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ : فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ ، وَفِرْقَةً دُونَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اشْهَدُوا ، وَفِي لَفْظٍ وَنَحْنُ مَعَهُ بِمِنًى ، فَقَالَ كُفَّارُ
قُرَيْشٍ سَحَرَكُمُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : إِنَّ
مُحَمَّدًا إِنْ كَانَ سَحَرَ الْقَمَرَ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ مِنْ سِحْرِهِ أَنْ يَسْحَرَ الْأَرْضَ كُلَّهَا ، فَاسْأَلُوا مَنْ يَأْتِيكُمْ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ ، هَلْ رَأَوْا هَذَا ؟ فَأَتَوْا فَسَأَلُوهُمْ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا مِثْلَ ذَلِكَ .
[ ص: 425 ] وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : سَأَلَ أَهْلُ
مَكَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ فِرْقَتَيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ بَيْنَهُمَا فَنَزَلَتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ .
وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُسْتَفِيضٌ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ أَيْضًا مَعْرُوفٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ ، قَالَ
أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَالرِّوَايَاتُ فِي الصَّحِيحِ بِانْشِقَاقِ الْقَمَرِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
[ ص: 426 ] وَلَمَّا زَعَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ أَلَّفَهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=33أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ .
ثُمَّ تَحَدَّاهُمْ بِعَشْرِ سُوَرٍ فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
ثُمَّ تَحَدَّاهُمْ بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا .
وَقَالَ تَعَالَى أَيْضًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ .
فَعَجَزَ جَمِيعُ الْخَلْقِ أَنْ يُعَارِضُوا مَا جَاءَ بِهِ ثُمَّ سَجَّلَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ الْعَجْزَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِقَوْلِهِ :
[ ص: 427 ] nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
فَأَخْبَرَ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28899الْإِنْسَ وَالْجِنَّ إِذَا اجْتَمَعُوا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُعَارَضَةِ الْقُرْآنِ بِمِثْلِهِ ، فَعَجَّزَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ وَمَعَارِفُهُ وَعُلُومُهُ أَكْمَلَ مُعْجِزَةٍ وَأَعْظَمَ شَأْنًا ، وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مَعَ قُوَّةِ عَدَاوَتِهِمْ وَحِرْصِهِمْ عَلَى إِبْطَالِ أَمْرِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَقُدْرَتِهِمْ عَلَى أَنْوَاعِ الْكَلَامِ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ إِذْ ذَاكَ آيَاتٍ بَيَّنَ فِيهَا أَنَّهُ رَسُولٌ إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَى غَيْرِهِمْ . فَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقَصَصِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=45وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=47وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
[ ص: 428 ] وَقَالَ فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ .
وَقَالَ فِي سُورَةِ يس :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=4عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=5تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ .
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ نِعْمَتَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ ، وَحُجَّتَهُ عَلَيْهِمْ بِإِرْسَالِهِ ، وَذَكَرَ بَعْضَ حِكْمَتِهِ فِي إِرْسَالِهِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ إِلَّا لِهَذَا ، بَلْ مِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ .
[ ص: 429 ] قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي هَذِهِ الدَّوَابِّ مَنَافِعَ غَيْرَ الرُّكُوبِ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ .
فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29747يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالْوَحْيِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ; لِيُنْذِرُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونُوا نَزَلُوا بِالْبِشَارَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِالشَّرَائِعِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ الْعَالَمَ الْعُلْوِيَّ وَالسُّفْلِيَّ ; لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ قُدْرَتَهُ وَعِلْمَهُ ، وَمَعَ هَذَا فَفِي خَلْقِ ذَلِكَ لَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ أُمُورٌ أُخْرَى غَيْرَ عِلْمِ الْعِبَادِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي جَعْلِ الْكَعْبَةِ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ حِكَمًا وَمَنَافِعَ أُخْرَى .
[ ص: 430 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=31وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي مُلْكِ اللَّهِ حِكَمًا أُخْرَى غَيْرَ جَزَاءِ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=22وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ . إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28749إِرْسَالِ الرُّسُلِ سَعَادَةَ مَنْ آمَنَ بِهِمْ ، وَغَيْرُهَا حِكَمٌ أُخْرَى غَيْرُ دَفْعِ حُجَّةِ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي تَسْخِيرِهَا حِكَمًا وَمَنَافِعَ غَيْرَ التَّكْبِيرِ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ .
[ ص: 431 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ .
وَمَعْلُومٌ
nindex.php?page=treesubj&link=31759_31755أَنَّ لِلَّهِ حِكَمًا فِي خَلْقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، غَيْرَ انْتِفَاعِ بَنِي آدَمَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=67هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا .
وَفِيهَا حِكَمٌ أُخْرَى .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ .
وَفِي إِنْزَالِ الْكِتَابِ مِنْ هُدَى مَنِ اهْتَدَى بِهِ وَاتِّعَاظِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَقَاصِدُ غَيْرُ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=38وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=39لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ .
[ ص: 432 ] وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي مَبْعَثِ الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَاصِدَ غَيْرَ بَيَانِ الْمُخْتَلِفِ فِي عِلْمِ هَؤُلَاءِ ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ لِمُجَرَّدِ الْإِنْذَارِ ، بَلْ وَلِيُبَشِّرَ مَنْ آمَنَ بِهِ ، وَلِأَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَتَحْلِيلِ الطَّيِّبَاتِ ، وَتَحْرِيمِ الْخَبَائِثِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الرُّسُلِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=48وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ . لَا يُنَافِي كَوْنَهُ لَمْ يَصِفْهُمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِلَّا بِالْإِنْذَارِ ، وَقَدْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=2قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=3مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=4وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=5مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا .
وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مَرَّةً صَلَّوْا صَلَاةَ الْعِيدِ بِحَضْرَةِ حِصَارِ
النَّصَارَى فَقَامَ خَطِيبُهُمْ فَخَطَبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَمَّا قَرَأَ قَوْلَهُ :
[ ص: 433 ] nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَشَارَ إِلَى جُنْدِ الْإِيمَانِ .
وَلَمَّا قَرَأَ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=4وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا أَشَارَ إِلَى جُنْدِ الصُّلْبَانِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ .
وَفِي إِنْزَالِ الْكِتَابِ وَالْمِيزَانِ حِكَمٌ أُخْرَى مِنَ الْبِشَارَةِ وَالْإِنْذَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=12ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا .
وَفِي بَعْثِهِمْ حِكَمٌ أُخْرَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=28لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي ذَلِكَ مَقَاصِدَ أُخْرَى مِنْ هِدَايَةِ الْخَلْقِ ، وَقِيَامِ
[ ص: 434 ] الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ بَلَغَهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=29كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ .
وَفِيهِ حِكَمٌ أُخْرَى مِنْ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَى الْخَلْقِ وَضَلَالِ مَنْ ضَلَّ بِهِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=52هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي ذَلِكَ مَقَاصِدَ أُخْرَى مِنَ الْبِشَارَةِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=28يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي جَزَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاصِدَ أُخْرَى غَيْرَ عِلْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَا مَعَهُ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=92وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِيهِ حِكَمًا أُخْرَى مِثْلَ تَبْشِيرِ مَنْ آمَنَ بِهِ ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، وَإِنْذَارِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْعَرَبِ .
[ ص: 435 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِيهِ حِكْمَةً أُخْرَى غَيْرَ الْإِنْذَارِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِيهِ حِكْمَةً أُخْرَى مِنْ إِنْذَارِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ، وَأَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَتَبْشِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=8لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي أَخْذِ الْمِيثَاقِ حِكَمًا أُخْرَى .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا .
[ ص: 436 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ .
وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ حِكَمٌ أُخْرَى ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا .
وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَامَ الْعَاقِبَةِ ، فَلَيْسَتِ الْعَاقِبَةُ مُنْحَصِرَةً فِي ذَلِكَ ، بَلْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَى مُوسَى وَتَرْبِيَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ حِكَمٌ أُخْرَى ، وَمِثْلَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=137وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ .
[ ص: 437 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ .
وَفِي إِرْسَالِهِ حِكَمٌ أُخْرَى ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ .
وَفِي إِنْزَالِهِ تَبْشِيرٌ وَإِنْذَارٌ وَأَمْرٌ وَنَهْيٌ وَوَعْدٌ وَوَعِيدٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=21هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=12اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ .
وَفِيهِ حِكَمٌ أُخْرَى كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
[ ص: 438 ] وَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=112وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=113وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا .
وَفِي كَوْنِهِمْ وَسَطًا حِكَمٌ أُخْرَى .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا .
وَفِيهِمَا حِكَمٌ أُخْرَى ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا .
وَفِي ذَلِكَ حِكَمٌ أُخْرَى مِنَ الْبِشَارَةِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ .
[ ص: 439 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=140وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ .
وَفِي ذَلِكَ حِكَمٌ أُخْرَى ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَغَيْرِ كَلَامِ اللَّهِ إِذَا ذَكَرَ حِكْمَةً لِلْفِعْلِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ حِكْمَةٌ أُخْرَى ، لَكِنْ لَا بُدَّ لِتَخْصِيصِ تِلْكَ الْحِكْمَةِ بِالذِّكْرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ مُنَاسَبَتِهِ ، وَهَذَا كَالْمُنَاسَبَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ .
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا أَوَّلَ الْمُنْذَرِينَ ، وَأَحَقَّهُمْ بِالْإِنْذَارِ ، فَكَانَ فِي تَخْصِيصِهِمْ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ لَا أَنَّهُ خَصَّهُمْ لِانْتِفَاءِ إِنْذَارِ مَنْ سِوَاهُمْ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ لِيَكُونَ بَشِيرًا ، وَلِيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَيُحِلَّ الطَّيِّبَاتِ ، وَيُحَرِّمَ الْخَبَائِثَ ، وَيَضَعَ الْآصَارَ وَالْأَغْلَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .