الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
وقد تضمن هذا كله تكذيبهم الصريح للمسيح ، وإن أوهمتهم ظنونهم الكاذبة أنهم يصدقونه ، فإن المسيح قال لهم : إن الله ربي وربكم ، وإلهي وإلهكم .

فشهد على نفسه أنه عبد الله مربوب مصنوع ، كما أنهم كذلك ، وأنه مثلهم في العبودية والحاجة والفاقة إلى الله تعالى .

وذكر أنه رسول الله إلى خلقه كما أرسل الأنبياء قبله .

ففي إنجيل يوحنا : أن المسيح قال في دعائه : إن الحياة الدائمة إنما تجب للناس بأن يشهدوا أنك الله الواحد الحق ، وأنك أرسلت يسوع المسيح .

وهذا حقيقة شهادة المسلمين أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وقال لبني إسرائيل : بل تريدون قتلي وأنا رجل قلت لكم الحق الذي سمعت الله يقول ، فذكر غايته أنه رجل بلغهم ما قاله الله ، ولم يقل وأنا إله ولا ابن إله ، على معنى التوالد ، وقال : إني لم أجئ لأعمل بمشيئة نفسي ولكن بمشيئة من أرسلني ، وقال : إن الكلام الذي تسمعونه مني ليس هو لي ، ولكن للذي أرسلني ، والويل لي إن قلت شيئا من تلقاء نفسي ، ولكن بمشيئة من أرسلني .

[ ص: 493 ] وكان يواصل العبادة من الصلاة والصوم ، ويقول : ما جئت لأخدم ، بل جئت لأخدم ، فأنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله الله بها ، وهي منزلة الخدام لله ، وقال : لست أدين العباد بأعمالهم ولا أحاسبهم بأعمالهم ، ولكن الذي أرسلني هو الذي يلي ذلك منهم .

كل هذا في الإنجيل الذي بأيديهم ، وفيه أن المسيح قال : يا رب ، قد علموا أنك قد أرسلتني ، وقد ذكرت لهم اسمك ، فأخبر أن الله ربه وأنه عبده ورسوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية