[ ص: 227 ] ( فصل ) : ولما بعث الله
محمدا صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=treesubj&link=29254_29433_29257_29255كان أهل الأرض صنفين : أهل الكتاب ، وزنادقة لا كتاب لهم ، وكان أهل الكتاب أفضل الصنفين ، وهم نوعان : مغضوب عليهم ، وضالون .
(
اليهود ) :
nindex.php?page=treesubj&link=31931_32421_32426_32425_32424_32428_29434فالأمة الغضبية هم اليهود : أهل الكذب والبهت والغدر والمكر والحيل ، قتلة الأنبياء وأكلة السحت والربا والرشا ، أخبث الأمم طوية ، وأرداهم سجية ، وأبعدهم من الرحمة ، وأقربهم من النقمة ، عادتهم البغضاء ، ودينهم العداوة والشحناء ، بيت السحر والكذب والحيل ، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم ولو نبيا حرمة ، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفقة ، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة ، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة ، ولا لمن استعملهم عنده نصيحة ، بل أخبثهم أعقلهم وأصدقهم أغشهم ، وسليم الناحية وحاشا أن يوجد فيهم وبينهم - ليس بيهودي على الحقيقة ، أضيق الخلق صدورا ، وأظلمهم بيوتا ، وأنتنهم أفنية ، وأوحشهم سحنة ، تحيتهم لعنة ، ولقاؤهم طيرة ، شعارهم الغضب ، ودثارهم المقت .
[ ص: 228 ] (
النصارى ) : والنوع الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=32430_32431_29434المثلثة أمة الضلال أو عباد الصليب ، الذين سبوا الله الخالق مسبة ما سبه إياها أحد من البشر ، ولم يقروا بأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد ولم يولد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد ولم يجعلوه أكبر من كل شيء ، بل قالوا ما :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ، فقل ما شئت في طائفة أصل عقيدتها أن الله ثالث ثلاثة وأن
مريم صاحبته وأن
المسيح ابنه ، وأنه نزل عن كرسي عظمته ، والتحم ببطن الصاحبة ، وجرى له ما جرى إلى أن قتل ومات ودفن . ودينها عبادة الصلبان ، ودعاء الصور المنقوشة بالأحمر والأصفر في الحيطان ، يقولون في دعائهم : ( يا والدة الإله ارزقينا ، واغفري لنا وارحمينا ) .
فدينهم شرب الخمور ، وأكل الخنزير ، وترك الختان ، والتعبد بالنجاسات ، واستباحة كل خبيث من الفيل إلى البعوضة ، ورفض نصوص الكتب الإلهية والعمل بقول جاهل من رهابنتهم ، واتباع أمره وأن الحق معه والحلال ما أحله ، والحرام ما حرمه ، والدين ما شرعه ، وهو الذي يغفر لهم الذنوب ، وينجيهم من عذاب السعير .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29255الوثنيون والملاحدة ) : فهذا حال من له كتاب ، وأما من لا كتاب له : فهو بين عابد أوثان ، وعابد صوان ، وعابد شيطان ، وصابئ حيران ، يجمعهم الشرك ، وتكذيب الرسل ،
[ ص: 229 ] وتعطيل الشرائع ، وإنكار المعاد وحشر الأجساد ، لا يدينون للخالق بدين ، ولا يعبدونه مع العابدين ، ولا يوحدونه مع الموحدين .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29436المجوس ) : وأمة المجوس منهم تستفرش الأمهات والبنات والأخوات ، مع العمات والخالات ، دينهم الزمزمة ، وطعامهم الميتة ، وشرابهم الخمر ، ومعبودهم النار ، ووليهم الشيطان ، فهم أخبث بني آدم نحلة ، وأرذلهم مذهبا ، وأسوءهم اعتقادا .
( الصابئة والفلاسفة ) : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29436زنادقة الصابئة وملاحدة الفلاسفة ، فلا يؤمنون بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا لقائه ، ولا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ، وليس للعالم عندهم رب فعال بالاختيار لما يريد ، قادر على كل شيء ، عالم بكل شيء ، آمر ناه مرسل الرسل ، ومنزل الكتب ، ومثيب المحسن ، ومعاقب المسيء ، وليس عند نظائرهم إلا تسعة أفلاك ، وعشرة عقول ، وأربعة أركان ، وسلسلة ترتبت فيها الموجودات هي بسلسلة المجانين أشبه منها بمجوزات العقول .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29254دين الحنيفية ) : وبالجملة فدين الحنيفية الذي لا دين لله غيره بين هذه الأديان الباطلة التي لا دين في الأرض غيرها - أخفى من السها تحت السحاب ، وقد نظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ، فأطلع الله شمس الرسالة في حنادس تلك الظلم سراجا منيرا ، وأنعم الله بها على أهل الأرض نعمة لا يستطيعون لها شكرا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=69وأشرقت الأرض بنور ربها أكمل الإشراق ،
[ ص: 230 ] وفاض ذلك حتى عم النواحي والآفاق ، وانشق القمر أتم الانشقاق ، وقام دين الله الحنيف على ساق ، فلله الحمد الذي أنقذنا
بمحمد صلى الله عليه وسلم من تلك الظلمات ، وفتح لنا به باب الهدى فلا يغلق إلى يوم الميقات ، وأرانا في نوره أهل الضلال وهم في ضلالهم يتخبطون ، وفي سكرتهم يعمهون ، وفي جهالتهم يتقلبون ، وفي ريبهم يترددون ، يؤمنون ويعدلون ولكن بربهم يعدلون ، ويعملون ولكن
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=7ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ويسجدون ولكن للصليب ، والوثن والشمس يسجدون ، ويمكرون وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون
والحمد لله الذي أغنانا بشريعته التي تدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة ، وتتضمن الأمر بالعدل والإحسان ، والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي ، فله المنة والفضل على ما أنعم به علينا وآثرنا به على سائر الأمم ، وإليه الرغبة أن يوزعنا شكر هذه النعمة ، وأن يفتح لنا أبواب التوبة والمغفرة والرحمة ، فأحب الوسائل إلى المحسن التوسل إليه بإحسانه ، والاعتراف له بأن الأمر كله محض فضله وامتنانه ، فله علينا النعمة السابغة ، كما له علينا الحجة البالغة ، نبوء له بنعمه علينا ، ونبوء بذنوبنا وخطايانا ، وجهلنا وظلمنا ، وإسرافنا في أمرنا ، فهذه بضاعتنا التي لدينا ، لم تبق لنا ، ونعمه وحقوقها وذنوبنا حسنة نرجو بها الفوز بالثواب والتخلص من أليم العقاب ، بل بعض ذلك ينفذ جميع حسناتنا ، ويستوعب كل طاعتنا ، هذا لو خلصت من
[ ص: 231 ] الشوائب ، وكانت خالصة لوجهه ، واقعة على وفق أمره ، وما هو والله إلا التعلق بأذيال عفوه ، وحسن الظن به ، واللجاية إليه والاستعانة به منه ، والاستكانة والتذلل بين يديه ، ومد يد الفاقة والمسكنة إليه بالسؤال ، والافتقار إليه في جميع الأحوال ، فمن أصابته نفحة من نفحات رحمته ، أو وقعت عليه قطرة من قطرات رأفته انتعش بين الأموات ، وأناخت بفنائه وفود الخيرات ، وترحلت عنه جيوش الهموم والغموم والحسرات .
شعر :
وإذا نظرت إلي نظرة راحم في الدهر يوما إنني لسعيد
[ ص: 227 ] ( فَصْلٌ ) : وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=29254_29433_29257_29255كَانَ أَهْلُ الْأَرْضِ صِنْفَيْنِ : أَهْلَ الْكِتَابِ ، وَزَنَادِقَةً لَا كِتَابَ لَهُمْ ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَفْضَلَ الصِّنْفَيْنِ ، وَهُمْ نَوْعَانِ : مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ ، وَضَالُّونَ .
(
الْيَهُودُ ) :
nindex.php?page=treesubj&link=31931_32421_32426_32425_32424_32428_29434فَالْأُمَّةُ الْغَضَبِيَّةُ هُمْ الْيَهُودُ : أَهْلُ الْكَذِبِ وَالْبَهْتِ وَالْغَدْرِ وَالْمَكْرِ وَالْحِيَلِ ، قَتَلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَكَلَةُ السُّحْتِ وَالرِّبَا وَالرِّشَا ، أَخْبَثُ الْأُمَمِ طَوِيَّةً ، وَأَرْدَاهُمْ سَجِيَّةً ، وَأَبْعَدُهُمْ مِنَ الرَّحْمَةِ ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنَ النِّقْمَةِ ، عَادَتُهُمُ الْبَغْضَاءُ ، وَدِيَنُهُمُ الْعَدَاوَةُ وَالشَّحْنَاءُ ، بَيْتُ السِّحْرِ وَالْكَذِبِ وَالْحِيَلِ ، لَا يَرَوْنَ لِمَنْ خَالَفَهُمْ فِي كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ وَلَوْ نَبِيًّا حُرْمَةً ، وَلَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ، وَلَا لِمَنْ وَافَقَهُمْ عِنْدَهُمْ حَقٌّ وَلَا شَفَقَةٌ ، وَلَا لِمَنْ شَارَكَهُمْ عِنْدَهُمْ عَدْلٌ وَلَا نَصَفَةٌ ، وَلَا لِمَنْ خَالَطَهُمْ طُمَأْنِينَةٌ وَلَا أَمْنَةٌ ، وَلَا لِمَنِ اسْتَعْمَلَهُمْ عِنْدَهُ نَصِيحَةٌ ، بَلْ أَخْبَثُهُمْ أَعْقَلُهُمْ وَأَصْدَقُهُمْ أَغَشُّهُمْ ، وَسَلِيمُ النَّاحِيَةِ وَحَاشَا أَنْ يُوجَدَ فِيهِمْ وَبَيْنَهُمْ - لَيْسَ بِيَهُودِيٍّ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، أَضْيَقُ الْخَلْقِ صُدُورًا ، وَأَظْلَمُهُمْ بُيُوتًا ، وَأَنْتَنُهُمْ أَفْنِيَةً ، وَأَوْحَشُهُمْ سِحْنَةً ، تَحِيَّتُهُمْ لَعْنَةٌ ، وَلِقَاؤُهُمْ طِيَرَةٌ ، شِعَارُهُمُ الْغَضَبُ ، وَدِثَارُهُمُ الْمَقْتُ .
[ ص: 228 ] (
النَّصَارَى ) : وَالنَّوْعُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=32430_32431_29434الْمُثَلِّثَةُ أُمَّةُ الضَّلَالِ أَوْ عُبَّادُ الصَّلِيبِ ، الَّذِينَ سَبُّوا اللَّهَ الْخَالِقَ مَسَبَّةً مَا سَبَّهُ إِيَّاهَا أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِأَنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ الَّذِي
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، بَلْ قَالُوا مَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ، فَقُلْ مَا شِئْتَ فِي طَائِفَةٍ أَصْلُ عَقِيدَتِهَا أَنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَأَنَّ
مَرْيَمَ صَاحِبَتُهُ وَأَنَّ
الْمَسِيحَ ابْنُهُ ، وَأَنَّهُ نَزَلَ عَنْ كُرْسِيِّ عَظَمَتِهِ ، وَالْتَحَمَ بِبَطْنِ الصَّاحِبَةِ ، وَجَرَى لَهُ مَا جَرَى إِلَى أَنْ قُتِلَ وَمَاتَ وَدُفِنَ . وَدِينُهَا عِبَادَةُ الصُّلْبَانِ ، وَدُعَاءُ الصُّوَرِ الْمَنْقُوشَةِ بِالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ فِي الْحِيطَانِ ، يَقُولُونَ فِي دُعَائِهِمْ : ( يَا وَالِدَةَ الْإِلَهِ ارْزُقِينَا ، وَاغْفِرِي لَنَا وَارْحَمِينَا ) .
فَدِينُهُمْ شُرْبُ الْخُمُورِ ، وَأَكْلُ الْخِنْزِيرِ ، وَتَرْكُ الْخِتَانِ ، وَالتَّعَبُّدُ بِالنَّجَاسَاتِ ، وَاسْتِبَاحَةُ كُلِّ خَبِيثٍ مِنَ الْفِيلِ إِلَى الْبَعُوضَةِ ، وَرَفْضُ نُصُوصِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِ جَاهِلٍ مِنْ رَهَابِنَتِهِمْ ، وَاتِّبَاعُ أَمْرِهِ وَأَنَّ الْحَقَّ مَعَهُ وَالْحَلَالَ مَا أَحَلَّهُ ، وَالْحَرَامَ مَا حَرَّمَهُ ، وَالدِّينَ مَا شَرَعَهُ ، وَهُوَ الَّذِي يَغْفِرُ لَهُمُ الذُّنُوبَ ، وَيُنَجِّيهِمْ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29255الْوَثَنِيُّونَ وَالْمَلَاحِدَةُ ) : فَهَذَا حَالُ مَنْ لَهُ كِتَابٌ ، وَأَمَّا مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ : فَهُوَ بَيْنَ عَابِدِ أَوْثَانٍ ، وَعَابِدِ صَوَّانٍ ، وَعَابِدِ شَيْطَانٍ ، وَصَابِئٍ حَيْرَانَ ، يَجْمَعُهُمُ الشِّرْكُ ، وَتَكْذِيبُ الرُّسُلِ ،
[ ص: 229 ] وَتَعْطِيلُ الشَّرَائِعِ ، وَإِنْكَارُ الْمَعَادِ وَحَشْرِ الْأَجْسَادِ ، لَا يَدِينُونَ لِلْخَالِقِ بِدِينٍ ، وَلَا يَعْبُدُونَهُ مَعَ الْعَابِدِينَ ، وَلَا يُوَحِّدُونَهُ مَعَ الْمُوَحِّدِينَ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29436الْمَجُوسُ ) : وَأُمَّةُ الْمَجُوسِ مِنْهُمْ تَسْتَفْرِشُ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ ، مَعَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ ، دِينُهُمُ الزَّمْزَمَةُ ، وَطَعَامُهُمُ الْمَيْتَةُ ، وَشَرَابُهُمُ الْخَمْرُ ، وَمَعْبُودُهُمُ النَّارُ ، وَوَلِيُّهُمُ الشَّيْطَانُ ، فَهُمْ أَخْبَثُ بَنِي آدَمَ نِحْلَةً ، وَأَرْذَلُهُمْ مَذْهَبًا ، وَأَسْوَءُهُمُ اعْتِقَادًا .
( الصَّابِئَةُ وَالْفَلَاسِفَةُ ) : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29436زَنَادِقَةُ الصَّابِئَةِ وَمَلَاحِدَةُ الْفَلَاسِفَةِ ، فَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا مَلَائِكَتِهِ وَلَا كُتُبِهِ وَلَا رُسُلِهِ وَلَا لِقَائِهِ ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِمَبْدَأٍ وَلَا مَعَادٍ ، وَلَيْسَ لِلْعَالَمِ عِنْدَهُمْ رَبٌّ فَعَّالٌ بِالِاخْتِيَارِ لِمَا يُرِيدُ ، قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ ، آمِرٌ نَاهٍ مُرْسِلُ الرُّسُلِ ، وَمُنْزِلُ الْكُتُبِ ، وَمُثِيبُ الْمُحْسِنِ ، وَمُعَاقِبُ الْمُسِيءِ ، وَلَيْسَ عِنْدَ نَظَائِرِهِمْ إِلَّا تِسْعَةُ أَفْلَاكٍ ، وَعَشَرَةُ عُقُولٍ ، وَأَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ ، وَسِلْسِلَةٌ تَرَتَّبَتْ فِيهَا الْمَوْجُودَاتُ هِيَ بِسِلْسِلَةِ الْمَجَانِينِ أَشْبَهُ مِنْهَا بِمُجَوِّزَاتِ الْعُقُولِ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29254دِينُ الْحَنِيفِيَّةِ ) : وَبِالْجُمْلَةِ فَدِينُ الْحَنِيفِيَّةِ الَّذِي لَا دِينَ لِلَّهِ غَيْرُهُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي لَا دِينَ فِي الْأَرْضِ غَيْرُهَا - أَخْفَى مِنَ السُّهَا تَحْتَ السَّحَابِ ، وَقَدْ نَظَرَ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ شَمْسَ الرِّسَالَةِ فِي حِنَادِسِ تِلْكَ الظُّلَمِ سِرَاجًا مُنِيرًا ، وَأَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ نِعْمَةً لَا يَسْتَطِيعُونَ لَهَا شُكْرًا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=69وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا أَكْمَلَ الْإِشْرَاقِ ،
[ ص: 230 ] وَفَاضَ ذَلِكَ حَتَّى عَمَّ النَّوَاحِيَ وَالْآفَاقَ ، وَانْشَقَّ الْقَمَرُ أَتَمَّ الِانْشِقَاقِ ، وَقَامَ دِينُ اللَّهِ الْحَنِيفُ عَلَى سَاقٍ ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ الَّذِي أَنْقَذَنَا
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ ، وَفَتَحَ لَنَا بِهِ بَابَ الْهُدَى فَلَا يُغْلَقُ إِلَى يَوْمِ الْمِيقَاتِ ، وَأَرَانَا فِي نُورِهِ أَهْلَ الضَّلَالِ وَهُمْ فِي ضَلَالِهِمْ يَتَخَبَّطُونَ ، وَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ، وَفِي جَهَالَتِهِمْ يَتَقَلَّبُونَ ، وَفِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ، يُؤْمِنُونَ وَيَعْدِلُونَ وَلَكِنْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ، وَيَعْمَلُونَ وَلَكِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=7ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ وَيَسْجُدُونَ وَلَكِنْ لِلصَّلِيبِ ، وَالْوَثَنِ وَالشَّمْسِ يَسْجُدُونَ ، وَيَمْكُرُونَ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغْنَانَا بِشَرِيعَتِهِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَتَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، فَلَهُ الْمِنَّةُ وَالْفَضْلُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا وَآثَرَنَا بِهِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ ، وَإِلَيْهِ الرَّغْبَةُ أَنْ يُوَزِعَنَا شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ ، وَأَنْ يَفْتَحَ لَنَا أَبْوَابَ التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، فَأَحَبُّ الْوَسَائِلِ إِلَى الْمُحْسِنِ التَّوَسُّلُ إِلَيْهِ بِإِحْسَانِهِ ، وَالِاعْتِرَافُ لَهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ مَحْضُ فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ ، فَلَهُ عَلَيْنَا النِّعْمَةُ السَّابِغَةُ ، كَمَا لَهُ عَلَيْنَا الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ، نَبُوءُ لَهُ بِنِعَمِهِ عَلَيْنَا ، وَنَبُوءُ بِذُنُوبِنَا وَخَطَايَانَا ، وَجَهْلِنَا وَظُلْمِنَا ، وَإِسْرَافِنَا فِي أَمْرِنَا ، فَهَذِهِ بِضَاعَتُنَا الَّتِي لَدَيْنَا ، لَمْ تَبْقَ لَنَا ، وَنِعَمُهُ وَحُقُوقُهَا وَذُنُوبُنَا حَسَنَةٌ نَرْجُو بِهَا الْفَوْزَ بِالثَّوَابِ وَالتَّخَلُّصَ مِنْ أَلِيمِ الْعِقَابِ ، بَلْ بَعْضُ ذَلِكَ يُنْفِذُ جَمِيعَ حَسَنَاتِنَا ، وَيَسْتَوْعِبُ كُلَّ طَاعَتِنَا ، هَذَا لَوْ خَلَصَتْ مِنَ
[ ص: 231 ] الشَّوَائِبِ ، وَكَانَتْ خَالِصَةً لِوَجْهِهِ ، وَاقِعَةً عَلَى وَفْقِ أَمْرِهِ ، وَمَا هُوَ وَاللَّهِ إِلَّا التَّعَلُّقُ بِأَذْيَالِ عَفْوِهِ ، وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِ ، وَاللِّجَايَةُ إِلَيْهِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهِ مِنْهُ ، وَالِاسْتِكَانَةُ وَالتَّذَلُّلُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَمَدُّ يَدِ الْفَاقَةِ وَالْمَسْكَنَةِ إِلَيْهِ بِالسُّؤَالِ ، وَالِافْتِقَارُ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ ، فَمَنْ أَصَابَتْهُ نَفْحَةٌ مِنْ نَفَحَاتِ رَحْمَتِهِ ، أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قَطْرَةٌ مِنْ قَطَرَاتِ رَأْفَتِهِ انْتَعَشَ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ ، وَأَنَاخَتْ بِفِنَائِهِ وُفُودُ الْخَيْرَاتِ ، وَتَرَحَّلَتْ عَنْهُ جُيُوشُ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ وَالْحَسَرَاتِ .
شِعْرٌ :
وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيَّ نَظْرَةَ رَاحِمٍ فِي الدَّهْرِ يَوْمًا إِنَّنِي لَسَعِيدُ