فالأول العظمة ، قال الله جل ثناؤه إخبارا عمن قال : وأنه تعالى جد ربنا . ويقال جد الرجل في عيني أي عظم . قال : " كان الرجل إذا قرأ سورة البقرة وآل عمران جد فينا " ، أي عظم في صدورنا . أنس بن مالك
[ ص: 407 ] والثاني : الغنى والحظ ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه : ، يريد لا ينفع ذا الغنى منك غناه ، إنما ينفعه العمل بطاعتك . وفلان أجد من فلان وأحظ منه بمعنى . لا ينفع ذا الجد منك الجد
والثالث : يقال جددت الشيء جدا ، وهو مجدود وجديد ، أي مقطوع . قال :
أبى حبي سليمى أن يبيدا وأمسى حبلها خلقا جديدا
وليس ببعيد أن يكون الجد في الأمر والمبالغة فيه من هذا ; لأنه يصرمه صريمة ويعزمه عزيمة . ومن هذا قولك : أجدك تفعل كذا ؟ أي أجدا منك ، أصريمة منك ، أعزيمة منك . قال الأعشى :أجدك لم تسمع وصاة محمد نبي الإله حين أوصى وأشهدا
أجدك لم تغتمض ليلة فترقدها مع رقادها
ما جعل الجد الظنون الذي جنب صوب اللجب الماطر
ومن هذا الباب الجدجد : الأرض المستوية . قال :
[ ص: 408 ]
يفيض على المرء أردانها كفيض الأتي على الجدجد
إلا جديد الأرض أو ظهر اليد
والجدة من هذا أيضا ، وكل جدة طريقة . والجدة الخطة تكون على ظهر الحمار .ومن هذا الباب الجداء : الأرض التي لا ماء بها ، كأن الماء جد عنها ، أي قطع ، ومنه الجدود والجداء من الضان ، وهي التي جف لبنها ويبس ضرعها .
ومن هذا الباب الجداد والجداد ، وهو صرام النخل . وجادة الطريق سواؤه ، كأنه قد قطع عن غيره ، ولأنه أيضا يسلك ويجد . ومنه الجدة . وجانب كل شيء جدة ، نحو جدة المزادة ، وذلك هو مكان القطع من أطرافها . فأما قول الأعشى :
أضاء مظلته بالسرا ج والليل غامر جدادها
وقولهم ثوب جديد ، وهو من هذا ، كأن ناسجه قطعه الآن . هذا هو الأصل ، ثم سمي كل شيء لم تأت عليه الأيام جديدا ; ولذلك يسمى الليل والنهار الجديدين والأجدين ; لأن كل واحد منهما إذا جاء فهو جديد . والأصل في الجدة ما قلناه . وأما قول الطرماح :
تجتني ثامر جداده من فرادى برم أو تؤام