الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  معلومات الكتاب

                                                                  موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

                                                                  القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

                                                                  وأما التشهد : فإذا جلست له فاجلس متأدبا وصرح بأن جميع ما تدلي به من الصلوات والطيبات أي من الأخلاق الطاهرة لله ، وكذلك الملك لله وهو معنى التحيات ، وأحضر في قلبك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقل : " سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " ، وليصدق أملك في أنه يبلغه ويرد عليك ما هو أوفى منه ، ثم تسلم على نفسك وعلى عباد الله الصالحين ، ثم تأمل أن يرد الله سبحانه عليك سلاما وافيا بعدد عباده الصالحين ، ثم تشهد له تعالى بالوحدانية " ولمحمد " [ ص: 41 ] نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة مجددا عهد الله سبحانه بإعادة كلمتي الشهادة ومستأنفا للتحصن بها ، ثم ادع في آخر صلاتك بالدعاء المأثور مع التواضع والخشوع والضراعة والابتهال وصدق الرجاء بالإجابة ، وأشرك في دعائك أبويك وسائر المؤمنين ، واقصد عند التسليم السلام على الملائكة والحاضرين ، وانو ختم الصلاة به ، واستشعر شكر الله سبحانه على توفيقه لإتمام هذه الطاعة ، ثم أشعر قلبك الوجل والحياء من التقصير في الصلاة ، وخف أن لا تقبل صلاتك وأن تكون ممقوتا بذنب ظاهر أو باطن فترد صلاتك في وجهك وترجو مع ذلك أن يقبلها بكرمه وفضله .

                                                                  هذا تفصيل صلاة الخاشعين ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 2 ] ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) [ المعارج : 34 ] و ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) [ المعارج : 23 ] والذين هم يناجون الله على قدر استطاعتهم في العبودية . فليعرض الإنسان نفسه على هذه الصلوات فبالقدر الذي يسر له منها ينبغي أن يفرح ، وعلى ما يفوته ينبغي أن يتحسر ، وفي مداواة ذلك ينبغي أن يجتهد . وأما صلاة الغافلين فهي مخطرة إلا أن يتغمده الله برحمته . نسأله تعالى أن يتغمدنا برحمته ومغفرته إذ لا وسيلة لنا إلا الاعتراف بالعجز عن القيام بطاعته .

                                                                  ومفتاح مزيد الدرجات هي الصلوات ، قال الله عز وجل : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1 ، 2 ] فمدحهم بعد الإيمان بصلاة مخصوصة وهي المقرونة بالخشوع ، ثم ختم أوصاف المفلحين بالصلاة أيضا فقال : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) [ المعارج : 34 ] ثم قال تعالى في ثمرة تلك الصفات : ( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) [ المؤمنون : 10 ، 11 ] فوصفهم بالفلاح أولا وبوراثة الفردوس آخرا . وما عندي أن هذرمة اللسان مع غفلة القلب تنتهي إلى هذا الحد ، ولذلك قال الله عز وجل في أضدادهم ; ( ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ) [ المدثر : 42 ، 43 ] فالمصلون هم ورثة الفردوس وهم المشاهدون لنور الله تعالى والمتمتعون بقربه ودنوه من قلوبهم ; فنسأل الله أن يجعلنا منهم .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية