الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما بين حكم ما إذا أخل الإمام بركن أخذ يبين حكم إخلال المأموم به وإن الإمام لا يحمله عنه وإن قوله ولا سهو على مؤتم حالة القدوة خاص بالسنن فقال [ ص: 302 ] ( وإن ) ( زوحم مؤتم عن ركوع ) حتى فاته مع الإمام برفعه منه معتدلا ( أو نعس ) نعاسا خفيفا لا ينقض الوضوء ( أو حصل له نحوه ) كأن سها أو أكره أو أصابه مرض منعه من الركوع معه ( اتبعه ) أي فعل المأموم ما فاته به إمامه ليدركه فيما هو فيه إذا حصل المانع ( في غير ) الركعة الأولى للمأموم لانسحاب المأمومية عليه بإدراكه معه ( الأولى ) بركوعه معه فيها ومحل اتباعه في غيرها ( ما ) أي مدة كون الإمام ( لم يرفع ) رأسه ( من ) جميع ( سجودها ) أي سجود غير الأولى فإذا كان يدرك الإمام في ثانية سجدتيه ويفعل الثانية بعد رفع الإمام من ثانيته فإنه يفعل ما فاته ويسجدها ويتبعه فإذا ظن أنه لا يدركه في شيء منهما لم يفعل ما زوحم عنه بل يستمر قائما ويقضي ركعة فإن خالف وتبعه فإن أدركه في السجود صحت ولا قضاء عملا بما تبين وإن لم يدركه فيه بطلت فإن ظن الإدراك فتخلف ظنه ألغي ما فعل من التكميل وقضى ركعة ومفهوم في غير الأولى إلغاء الأولى للمأموم برفع الإمام من الركوع فيخر معه ساجدا ويقضي ركعة بعد سلامه فإن فعل ما فاته واتبعه بطلت ولو جهلا كما يقع لكثير من العوام ومفهوم زوحم إلخ أنه لو تعمد ترك الركوع مع الإمام لم يتبعه لكن الراجح أنه يتبعه أيضا في غير الأولى كذي العذر فلا فرق بين ذي العذر وغيره إلا أن المعذور لا يأثم ويأثم غيره وأما لو تعمد ترك الركوع معه في الأولى لبطلت الصلاة كما جزم به الأجهوري لا الركعة فقط وكذا لو تعمد ترك الركوع معه في غير الأولى حتى رفع من [ ص: 303 ] سجودها ( أو ) زوحم مثلا عن ( سجدة ) من الأولى أو غيرها أو عن السجدتين حتى قام الإمام لما يليها ( فإن لم يطمع فيها ) أي في الإتيان بالسجدة ( قبل عقد إمامه ) للتي تليها برفع رأسه من ركوعها بأن ظن أن إمامه يرفع رأسه منها قبل أن يدركه ( تمادى ) على ترك السجدة وتبع الإمام فيما هو فيه ( وقضى ركعة ) بدلها بعد سلام الإمام على نحو ما فاتته ( وإلا ) بأن طمع فيها قبل عقد إمامه ( سجدها ) وتبعه في عقد ما بعدها فإن تخلف ظنه فلم يدركه بطلت عليه الركعة الأولى لعدم الإتيان بسجودها على الوجه المطلوب والثانية لعدم إدراك ركوعها مع الإمام ( و ) إذا تمادى على ترك السجدة وقضى ركعة ( لا سجود عليه ) بعد سلامه لزيادة ركعة النقص ( إن تيقن ) أنه ترك السجدة وأما إن شك في تركها وقضى الركعة فإنه يسجد بعد السلام لاحتمال أن يكون سجدها وركعة القضاء هذه محض زيادة فهذا راجع لقوله تمادى وقضى ركعة

التالي السابق


. ( قوله ولما بين حكم ما إذا أخل الإمام بركن ) أي وكذا الفذ لأن قوله سابقا وتداركه [ ص: 302 ] إن لم يسلم ولم يعقد ركوعا بالنسبة للإمام والفذ كما مر .

( قوله وإن زوحم مؤتم ) ضمنه معنى بوعد فعداه بعن وإلا فزوحم يتعدى بعلى لا بعن يقال ازدحموا على الماء .

( قوله لا ينقض الوضوء ) أي حتى فاته الركوع مع الإمام .

( قوله أو نحوه ) فاعل لمحذوف أي أو حصل نحوه لأنه لا يعطف الاسم على الفعل إلا إذا أشبهه وهنا ليس كذلك فهو من عطف الجمل ( قوله أو أصابه مرض إلخ ) أي واشتغل بحل أزراره أو ربطها حتى رفع الإمام من الركوع ( قوله اتبعه في غير الأولى ) أي فإن لم يتبعه بطلت صلاته كما قال شيخنا .

( قوله أي فعل المأموم ما فاته به إلخ ) أي وليس المراد أنه يتبع الإمام فيما هو فيه ويترك ما فعله الإمام وسبقه به من الركوع وما بعده ولا يضر قضاء المأموم في صلب الإمام ما فاته به لاغتفار ذلك هنا .

( قوله في غير الأولى ) أي في غير الركعة الأولى بالنسبة للمأموم بأن وقع له هذا في ركوع ثانيته أو ثالثته أو رابعته .

( قوله لانسحاب إلخ ) علة لقول المصنف اتبعه في غير الأولى ( قوله ما لم يرفع من سجودها ) أي مدة عدم رفع الإمام من سجودها أي مدة غلبة ظنه عدم رفع الإمام من سجودها وهذا ظرف لابتداء الاتباع لا لانتهائه والمعنى حينئذ وابتداء الاتباع مدة غلبة ظنه عدم رفع الإمام من السجدتين فيفيد أن الإمام إذا رفع من السجدتين فلا يشرع المأموم في الإتيان بما فاته ويفيد أيضا أنه إذا علم أنه يدرك الإمام في ثاني السجدتين لكنه يفعل السجدة الثانية بعده فإنه يتبعه وهو النقل بخلاف لو جعل ظرفا لانتهاء الاتباع فإنه يفيد أنه لا يفعل ما فاته إلا إذا كان يظن أنه يدرك مع الإمام السجدتين معا أو يسجد الأولى حال رفع الإمام من الأولى ويسجد الثانية مع الإمام تأمل كذا قرر شيخنا العدوي .

( قوله من سجودها ) مفرد مضاف لمعرفة فيعم عموما شموليا فلذا قال من جميع سجودها وأعاد الضمير مؤنثا مع أنه عائد على الغير وهو مذكر لكون الغير واقعا على الركعة فراعى المعنى أو اكتسب لفظ غير التأنيث من المضاف إليه .

( قوله فإذا كان يدرك الإمام ) أي يظن إدراكه وقوله ويفعل إلخ أي ولكنه لا يفعل السجدة الثانية إلا بعد رفع الإمام منها وقوله ويسجدها أي الثانية بعد رفع الإمام .

( قوله في شيء منهما ) أي من السجدتين .

( قوله ويقضي ركعة ) أي عوضا عن تلك الركعة .

( قوله فإن ظن الإدراك ) أي فإن ظن أنه يدرك الإمام في السجود فلما أتى بالركوع فرغ الإمام من ذلك السجود فإنه لا يعتد بذلك الركوع ويتبع الإمام فيما هو فيه والصلاة صحيحة وقضى ركعة .

( قوله ومفهوم في غير الأولى إلخ ) حاصله إنه إذا فاته ركوع الأولى بما ذكر من الازدحام وما معه فلا يجوز له الإتيان به بعد رفع الإمام ولو علم أنه إذا أتى به يدرك الإمام قبل رفعه من السجود بل يخر ساجدا ويلغي هذه الركعة لأنه لم ينسحب عليه أحكام المأمومية فإن تبعه وأتى بذلك الركوع وأدركه في السجود أو بعده عمدا أو جهلا بطلت صلاته حيث اعتد بتلك الركعة لا إن ألغاها وأتى بركعة بدلها ومثل من زوحم عن الركوع في الأولى المسبوق إذا أراد الركوع فرفع الإمام فإنه يخر معه ولا تبطل إن ركع إن ألغى تلك الركعة ومن هذا تعلم أن ما يقع لبعض الجهلة من أنهم يأتمون فيجدون الإمام قد رفع رأسه من الركوع فيحرمون ويركعون ويدركون الإمام في السجود فإن صلاتهم باطلة إن اعتدوا بتلك الركعة الباطلة فإن ألغوها وأتوا بركعة بدلها صحت واعلم أن ما ذكره المصنف من التفصيل في ترك المأموم الركوع مع إمامه لعذر وهو المشهور من المذهب وقيل إنه لا يتبعه مطلقا لا في الأولى ولا في غيرها وقيل بعدم الاتباع في الأولى فقط إلا في الجمعة وقيل بالاتباع مطلقا ما لم يعقد التالية انظر بهرام .

( قوله لكن الراجح أنه يتبعه أيضا في غير الأولى ) أي حيث لم يرفع من سجودها .

( قوله وأما لو تعمد إلخ ) حاصله أنه لو تعمد ترك الركوع مع الإمام [ ص: 303 ] حتى رفع منه معتدلا فإن كان من الأولى بطلت وإن تعمد تركه من غير الأولى فإن استمر حتى رفع الإمام من سجودها بطلت أيضا وأما إن تركه من غير الأولى وأتى به قبل رفع الإمام من سجودها فالراجح صحتها مع الإثم .

( قوله أو زوحم مثلا عن سجدة إلخ ) تكلم المصنف على حكم ما إذا زوحم عن ركوع وعن سجدة وسكت عن حكم ما إذا زوحم عن الرفع من الركوع فهل هو كمن زوحم عن الركوع فيأتي به في غير الأولى ما لم يرفع من سجودها أو هو كمن زوحم عن سجدة فيجري فيه ما جرى فيها من التفصيل قولان والأول هو الراجح وهو مبني على أن عقد الركوع برفع الرأس والثاني مبني على أنه بالانحناء ا هـ شيخنا عدوي .

( قوله من الأولى أو غيرها ) الفرق بين المزاحمة عن الركوع حيث فصل فيه بين كونه من الأولى أو غيرها والمزاحمة عن السجدة حيث سوى بين كونها من الأولى أو من غيرها أن المزاحمة عن السجدة إنما حصلت بعد انسحاب حكم المأمومية عليه بمجرد رفع رأسه من الركوع والمزاحمة عن الركوع تارة تكون بعد انسحاب حكم المأمومية عليه وتارة قبل .

( قوله فإن لم يطمع فيها إلخ ) الطمع هو الرجاء فهو من قبيل الظن أي فإن لم يظن الإدراك للسجدة قبل رفع الإمام رأسه من ركوع الركعة التالية بأن جزم بعدم الإدراك أو ظن عدمه أو شك فيه .

( قوله تمادى ) أي مع الإمام وترك تلك السجدة وذلك لأنه لو فعلها فاتته الركعة الثانية مع الإمام وكان محصلا لتلك الركعة التي فعل سجدتها وإن تمادى مع الإمام كان محصلا لتلك الركعة الثانية معه وفاتته الأولى المتروك منها السجدة وموافقته للإمام أولى .

( قوله وتبع الإمام فيما هو فيه ) فلو خالف ولم يتماد صحت صلاته إن تبين أن سجوده وقع قبل عقد إمامه وإن تبين أنه بعد العقد بطلت ( قوله على نحو ما فاتته ) أي من كونها سرا أو جهرا ومن كونها بالفاتحة فقط أو بالفاتحة والسورة لعدم انقلاب الركعات في حقه .

( قوله وإلا بأن طمع فيها قبل عقد إمامه ) بأن ظن أو جزم أنه بعد فعلها يدرك الإمام قبل أن يرفع رأسه من ركوع الركعة التي تليها ( قوله على الوجه المطلوب ) أي وهو كونه قبل رفع الإمام رأسه من ركوع التالية .

( قوله وإذا تمادى على ترك السجدة ) أي لظنه أن الإمام يرفع رأسه من ركوع التي تليها قبل إتيانه بتلك السجدة .

( قوله لا سجود عليه لزيادة ركعة النقص ) أي وذلك لأن ركعة النقص زيادة في صلب الإمام فيحملها الإمام عنه .

( قوله بأن تيقن ) فيه أن الموضوع أنه تيقن تركها وقد يقال إن هذا تعميم بقطع النظر عن الموضوع تأمل .

( قوله محض زيادة ) أي وليست في صلب الإمام ولا يقال إن ركعة القضاء المأتي بها بعد سلام الإمام هذه عمد ولا سجود في العمد لأنا نقول هو كمن لم يدر أصلى ثلاثا أو أربعا .

( قوله فهذا ) أي قول المصنف ولا سجود عليه إن تيقن




الخدمات العلمية