الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ درس ] ( فصل ) في سجود التلاوة ( سجد ) سجدة واحدة [ ص: 307 ] ( بشرط الصلاة ) من طهارة حدث وخبث وستر عورة واستقبال ( بلا إحرام ) أي تكبير زائد على تكبير الهوي وبلا رفع يدين ( و ) بلا ( سلام قارئ ) مطلقا ( ومستمع ) أي قاصد السماع ( فقط ) أي لا مجرد سامع وينحط لها من قيام ولا يجلس ليأتي بها من جلوس وينزل الراكب ويشترط في المستمع شروط ثلاثة الأول ( إن جلس ) المستمع ( ليتعلم ) القرآن من القارئ حفظا أو أحكاما لا لمجرد ثواب أو غيره ويسجدها ( ولو ترك القارئ ) الشرط الثاني ( إن صلح ) بفتح اللام وضمها القارئ ( ليؤم ) أي للإمامة بأن يكون ذكرا محققا بالغا عاقلا وكذا متوضئا على الراجح إلا مستمعا صحيحا من قارئ متوضئ عاجز عن ركن فإنه يسجد فقوله ليؤم أي في الجملة الشرط الثالث قوله ( ولم ) ( يجلس ) القارئ ( ليسمع ) الناس حسن قراءته ( في إحدى عشرة ) من المواضع آخر الإعراف { والآصال } في الرعد و { يؤمرون } في النحل و { خشوعا } في الإسراء { وبكيا } في مريم و { ما يشاء } في الحج و { نفورا } في الفرقان و { العظيم } في النمل و { لا يستكبرون } في السجدة { وأناب } في ص و { تعبدون } في فصلت ( لا ) في ( ثانية الحج ) عند قوله تعالى { اركعوا واسجدوا } إلخ [ ص: 308 ] ( و ) لا ( النجم ) لعدم سجود فقهاء المدينة وقرائها فيها ( و ) لا في ( الانشقاق و ) لا ( القلم ) تقديما للعمل على الحديث لدلالته على نسخه و ( هل ) السجود ( سنة ) غير مؤكدة ومقتضى ابن عرفة أنه الراجح ( أو فضيلة ) أي مندوب ( خلاف ) وهو في البالغ وأما الصبي فيخاطب بها ندبا قطعا ( وكبر لخفض ورفع ) إذا كان بصلاة بل ( ولو بغير صلاة و ص ) محله فيها ( { وأناب } ) خلافا لمن قال { وحسن مآب } وفصلت { تعبدون } خلافا لمن قال { لا يسأمون }

التالي السابق


( فصل في سجود التلاوة ) ( قوله سجود ) أي طلب منه إيجاد ماهية السجود في أقل أفرادها وهو واحد لأنه المحقق فاندفع ما أورد على المؤلف أنه ليس فيه تعرض للوحدة على أنه قد يقال إنه عبر بالفعل ولم يقل سجود التلاوة مشروط بشرط الصلاة مثلا إشارة إلى أن الفعل يكفي في تحقق مدلوله واحد من أفراد الحقيقة إذ هو عندهم له حكم النكرات ففي كلامه تعرض لقيد الوحدة .

( قوله سجدة واحدة ) فلو [ ص: 307 ] أضاف إليها أخرى فالظاهر عدم البطلان إذ لا يتوقف الخروج منها على سلام .

( قوله بشرط الصلاة ) مفرد مضاف يعم أي بشروطها وقوله من طهارة حدث إلخ في الكلام حذف الواو مع ما عطفت أي وغير ذلك من بقية الشروط كترك الكلام وترك الأفعال الكثيرة فتبطل سجدة التلاوة بالكلام ونحوه والظاهر وجوب قضائها قياسا على النفل المفسد .

( قوله واستقبال ) يعني في الجملة وفي بعض الأحوال لأجل أن يشمل سجودها على الدابة لغير القبلة في سفر القصر ويحتمل أن مراد المصنف بالصلاة صلاة النافلة وحينئذ فلا يحتاج لقولنا في الجملة .

( قوله أي تكبير إلخ ) أي وأما الإحرام بمعنى نية الفعل فلا بد منه وكان الأولى للشارح أن يقول أي بلا تكبير زائد على تكبير الهوي والرفع ثم محل قوله بلا إحرام وسلام إن لم يقصد مراعاة خلاف كما قال عبق .

( قوله مطلقا ) أي من غير شرط سواء صلح للإمامة أم لا جلس ليسمع الناس حسن قراءته أم لا ( قوله ومستمع ) ذكرا كان أو أنثى .

( قوله فقط ) إنما أتى به المصنف لأن " مستمع " صفة وهو لا يعتبر مفهومها فربما يتوهم أنه لا مفهوم له فأتى بقوله فقط دفعا لذلك التوهم .

( قوله لا مجرد سامع ) أي لا سامع مجرد عن قصد السماع .

( قوله وينحط لها من قيام ) أي إذا كان ماشيا .

( قوله وينزل الراكب ) أي فلا يسجدها على الدابة ولا يومئ بها للأرض إلا إذا كان يسوغ له النافلة على الدابة بأن كان مسافرا سفر قصر فله فعلها بالإيماء لجهة سفره ويومئ بها للأرض على المعتمد لا إلى الإكاف كما مر ( قوله إن جلس ليتعلم ) عبر بالجلوس تبعا لابن رشد إذ قسمه إلى ثلاث أقسام جلوس للتعلم وجلوس للاستماع للثواب وجلوس للسجود وكان المقصود به هنا الانحياز للقارئ بجلوس أو غيره من قيام أو اضطجاع ولكن عبر بالغالب ا هـ بن .

( قوله أو أحكاما ) من إظهار وإدغام وإقلاب وإخفاء لأجل أن يصون قراءته من اللحن .

( قوله لا لمجرد ثواب ) أي لا إن كان استماعه لمجرد ثواب وقوله أو غيره أي اتعاظ بكلام الله وتلذذ به أو كان جلوسه لأجل السجود فقط .

( قوله ولو ترك القارئ ) أي السجود لأن تركه لا يسقط مطلوبيته من الآخر إلا أن يكون القارئ إماما وتركه فيتبعه مأمومه على تركه بلا خلاف كما قاله ابن رشد فلو فعلها بطلت صلاته فيما يظهر كذا في عبق ورد المصنف بلو على مطرف وعبد الملك وابن عبد الحكم وأصبغ القائلين لا يسجد المستمع إذا ترك القارئ .

( قوله وكذا متوضئا ) أي فلا يسجد المستمع من غير المتوضئ على الراجح خلافا للناصر اللقاني ومن تبعه .

( قوله أي في الجملة ) الأولى أن يقول أي ولو في الجملة أي ولو في بعض الحالات ولو شك أن المتوضئ العاجز صالح للإمامة في بعض الحالات إذ يصلح أن يكون إماما لمثله فتأمل .

( قوله ولم يجلس القارئ ليسمع الناس ) فإن جلس ليسمع الناس حسن قراءته فلا يسجد المستمع له لأن الشأن أن يدخل قراءته الرياء فلا يكون أهلا للاقتداء به إن قلت غاية ما فيه فسقه بالرياء والمعتمد صحة إمامة الفاسق قلت أجاب بعضهم بأن القراءة هنا كالصلاة فالمرائي في قراءته كمن تعلق فسقه بالصلاة والفاسق الذي اعتمدوا صحة إمامته من كان فسقه غير متعلق بالصلاة كما يأتي قاله شيخنا ( قوله في إحدى ) متعلق بسجد .

( قوله لا في ثانية الحج ) [ ص: 308 ] أي فيكره وقول اللخمي يمنع معناه يكره كذا قال عج فلو سجد في ثانية الحج وما بعدها في الصلاة بطلت صلاته إلا أن يكون مقتديا بمن يسجدها وقال بعضهم لا بطلان وهو المعتمد للخلاف فيها فلو سجد دون إمامه بطلت وإن ترك اتباعه أساء وصحت صلاته ا هـ شيخنا ( قوله ولا في النجم ) أي عند قوله { فاسجدوا لله واعبدوا } .

( قوله تقديما للعمل ) أي عمل أهل المدينة ومن ترك السجود في هذه المواضع الأربعة وقوله على الحديث أي الدال على طلب السجود فيها وإنما قدم العمل على الحديث لدلالة العمل على نسخ الحديث المذكور إذ لو كان باقيا من غير نسخ ما عدل أهل المدينة عن العمل به ( قوله وهل سنة إلخ ) هذه الجملة استئنافية قصد بها تبيين الحكم الذي أجمله في قوله سجد أي طلب منه سجود والقول بالسنية شهره ابن عطاء الله وابن الفاكهاني وعليه الأكثر والقول بأنه فضيلة وهو قول الباجي وابن الكاتب وصدر به ابن الحاجب ومن قاعدته تشهير ما صدر به وينبني على الخلاف كثرة الثواب وقلته .

( قوله ولو بغير صلاة ) رد بلو على من قال إذا سجد للتلاوة بغير الصلاة فإنه لا يكبر لا في حال الخفض ولا في حال الرفع بل يسجد سجدة من غير تكبير .

( قوله و ص وأناب إلخ ) ابن ناجي اختار بعض شيوخ شيوخنا أنه يسجد في الأخير في كل موضع مختلف فيه أي كما يسجد في الأول ليخرج من الخلاف وإليه ذهب بعض المتأخرين من المشارقة ا هـ بن




الخدمات العلمية