الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
وقوله ( فإن صلى لنفسه ) إلخ مفرع على قوله الآتي وإن جاء بعد العذر فكأجنبي فحقه أن يقدمه هنا وكأن ناسخ المبيضة أخره سهوا ومساقه هكذا وإن جاء المستخلف بالفتح وأحرم بعد حصول العذر فكأجنبي لأنه لم يدرك مع الإمام جزءا ألبتة فلم يصح استخلافه اتفاقا وتبطل صلاة من ائتم به منهم وأما صلاته هو فإن صلى لنفسه صلاة منفردا بأن ابتدأ القراءة ولم يبن على صلاة الإمام صحت صلاته ( أو بنى ) على صلاة الإمام ظنا منه صحة الاستخلاف وكان بناؤه ( ب ) الركعة ( الأولى ) مطلقا .

( أو الثالثة ) من رباعية واقتصر على الفاتحة كالإمام ( صحت ) صلاته لأنه لا مخالفة بينه وبين المنفرد لجلوسه في محل الجلوس وقيامه في محل القيام وهذا مبني على أن تارك السنن عمدا لا تبطل صلاته لأنه إذا بنى في الثالثة من رباعية تكون صلاته بأم القرآن فقط على ما هو مقتضى البناء ( وإلا ) يبن بالأولى أو الثالثة من رباعية بأن بنى [ ص: 355 ] في الثانية أو الرابعة أو الثالثة من ثلاثية ( فلا ) تصح صلاته لاختلال نظامها وأشبه في عدم الصحة قوله ( كعود الإمام ) بعد زوال عذره المبطل لصلاته ( لإتمامها ) بهم فتبطل عليهم إن اقتدوا به استخلف أم لا فعلوا فعلا قبل عوده لهم أم لا إن كان رعاف بناء فلا تبطل إن اقتدوا به حيث لم يعملوا لأنفسهم عملا ولم يستخلف عليهم وإلا بطلت عليهم ( وإن جاء بعد العذر فكأجنبي ) تقدم أنه مؤخر من تقديم وأن قوله فإن صلى لنفسه إلخ مفرع عليه وإنما لم يجعلوه جواب الشرط بل قدروه وجعلوا فإن صلى مفرعا على هذا لأن من لم يدرك جزءا يعتد به يستحيل بناؤه في الأولى أو الثالثة .

التالي السابق


( قوله فحقه أن يقدمه ) أي المفرع عليه وهو قوله فإن جاء بعد العذر فكأجنبي وقوله هنا أي قبل ذلك المفرع .

( قوله وأحرم بعد حصول العذر ) أي أحرم بعد حصول العذر مقتديا به لظنه أنه في صلاة وأما لو أحرم مقتديا به مع علمه بعذره فصلاته باطلة مطلقا من غير تفصيل لتلاعبه .

( قوله فكأجنبي ) الكاف زائد لأنه أجنبي حقيقة .

( قوله فإن صلى لنفسه صلاة منفرد إلخ ) قال في التوضيح لا إشكال أن صلاته صحيحة قال ح والذي يظهر أنه يدخل الخلاف في صلاته لأنه أحرم خلف شخص يظنه في الصلاة فتبين أنه في غير الصلاة وقد ذكر في النوادر ما نصه ومن كتاب ابن سحنون ما نصه ولو أحرم قوم قبل إمامهم ثم أحدث هو قبل أن يحرم فقدم أحدهم وصلى بأصحابه فصلاتهم فاسدة وكذلك إن صلوا فرادى حتى يجددوا إحراما ا هـ بن وإنما بطلت عليهم وإذا صلوا فرادى لاقتدائهم بمن ظنوه في صلاة فتبين أنه ليس فيها .

( قوله ولم يبن إلخ ) أي لكونه لم يقبل الاستخلاف بل صلى ناويا الفذية .

( قوله أو بنى على صلاة الإمام ) أي حالة كونه ناويا للإمامة والمراد ببنائه على صلاة الإمام بناؤه على ما فعله الإمام من الصلاة بحيث لو وجد الإمام قرأ بعض الفاتحة كملها ولم يبتدئها ولو وجد الإمام قرأ الفاتحة ابتدأ بالسورة ولم يقرأ الفاتحة أو وجده بعد القراءة وحصل له العذر ودخل معه فيركع وإنما صحت صلاته في هذه الحالة مع أنه أجنبي من الإمام وقد خلت ركعة من صلاته من الفاتحة بناء على أن الفاتحة واجبة في الجل فإن كان في الرباعية أو الثلاثية فالأمر ظاهر وأما إن كانت الصلاة ثنائية وكان البناء في أولاها فقال الشيخ أحمد لا يصح البناء لأنه لا جل لها فحمل قوله أو بنى في الأولى على ما عدا الثنائية وقيل بالصحة بناء على أن الفاتحة واجبة في كل ركعة وعلى هذا يتمشى قول الشارح أو بنى بالأولى مطلقا .

( قوله بالركعة الأولى ) الباء في قوله بالأولى ظرفية والجار والمجرور خبر لكان المحذوفة مع اسمها كما أشار له الشارح أو حال أي بنى حال كونه مستخلفا في الأولى أو الثانية .

( قوله مطلقا ) أي كانت الصلاة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية .

( قوله واقتصر على الفاتحة كالإمام ) يعني أنه استخلف في ثالثة الرباعية واقتصر على القراءة فيها وفي الرابعة على أم القرآن كما أن الإمام الأصلي كان يقتصر عليها فيها لو لم يستخلف لاعتقاده صحة الاستخلاف جهلا منه وليس المراد أنه يطالب بالقراءة بما ذكر والحاصل أن الموضوع أنه جاء بعد العذر واستخلفه الإمام جهلا منه وقبل هو الاستخلاف جهلا منه أيضا ثم إنه بنى في الأولى أو الثالثة على ما حصل من الإمام من الإحرام فقط أو من بعض الفاتحة أو من كلها وليس المراد أنه يطالب بقراءة الفاتحة كذا قرر شيخنا العدوي كلام عبق .

( قوله وهذا ) أي ما ذكر من الصحة إذا كان بناؤه بالثالثة من الرباعية .

( قوله على ما هو مقتضى البناء إلخ ) فيه أنه إذا بنى في الثالثة كان ما حصل فيه النيابة عن الإمام بالنظر لما اعتقده جهلا منه من الثالثة والرابعة فيترك السورة منهما وإن كانا في الحقيقة أوليين له ومقتضى جهله أنه يقضي الأوليين بالفاتحة وسورة فقول الشارح وهذا مبني على أن تارك السنن عمدا لا تبطل صلاته ظاهر بالنسبة للثالثة والرابعة اللتين اعتقد أنه ناب فيهما عن الإمام إذ هما في الواقع أوليان له وأما قوله لأنه إذا بنى في الثالثة من رباعية [ ص: 355 ] تكون صلاته بأم القرآن فقط فهو تعليل فاسد والحق أنه يقضي الأوليين بالفاتحة وسورة كما ذكر ذلك شيخنا العلامة العدوي في حاشية عبق ولذا قال في المج ثم هو إن صلى لنفسه أو بنى بقيام الأولى أو ثالثة الرباعية صحت لجلوسه بمحله ولا يضره انقلاب الصلاة في الصورة .

( قوله في الثانية ) أي من ثنائية أو ثلاثية أو رباعية .

( قوله لاختلال نظامها ) أي لجلوسه في غير محل الجلوس .

( قوله كعود الإمام لإتمامها ) ما ذكره المصنف من البطلان هو المشهور وهو قول يحيى بن عمر وقال ابن القاسم بالصحة ابن رشد راعى ابن القاسم قول العراقيين بالبناء في الحدث ومقتضى المذهب بطلانها عليه لأنه بحدثه بطلت صلاته فصار مبتدئا لها من وسطها وعليهم لأنهم أحرموا قبله ا هـ ونص ابن عرفة : سمع عيسى ابن القاسم من استخلف لحدثه بعد ركعة فتوضأ ثم رجع فأخرج خليفته وتقدم أتم صلاته وجلسوا حتى يتم لنفسه وسلم بهم صحت لتأخير أبي بكر الصديق رضي الله عنه لقدومه صلى الله عليه وسلم وتقدمه ثم قال ابن عرفة وقصر ابن عبد السلام والخلاف على الإمام الراعف غير الباني وهم وقصور ا هـ فكلام ابن عرفة نص في أن الخلاف جار في رعاف البناء وغيره خلافا لابن عبد السلام في قصره على رعاف غير البناء وبه تعلم أن ما ذكره الشارح تبعا لعج من عدم البطلان في الإمام الراعف الباني إذا أتم بالقوم بعد غسل دمه غير صحيح انظر بن والحاصل أن الإمام إذا عاد بعد زوال عذره لإتمامها بهم فقال ابن القاسم بالصحة مطلقا أي كان العذر حدثا أو رعافا قطعا وبناء بشرط أن لا يعملوا لأنفسهم عملا قبل عوده وقال يحيى بن عمر بالبطلان مطلقا استخلف عليهم قبل خروجه أم لا فعلوا فعلا قبل عوده لهم أم لا وعليه مشى المصنف حيث قال كعود الإمام لإتمامها فإن ظاهره بطلان الصلاة مطلقا كان العذر حدثا أو رعافا موجبا للقطع أو رعاف بناء وقد حمل عج كلام المصنف على ما إذا كان العذر حدثا أو رعاف قطع وأما رعاف البناء فلا وفيه ما علمته .

( قوله استخلف أم لا ) أي استخلف لهم عند خروجه أم لا .

( قوله لا إن كان إلخ ) أي لا إن كان عذره الذي استخلف لأجله رعاف بناء وهو محترز قوله بعد زوال عذره المبطل لصلاته ( قوله لأن من لم يدرك ) أي قبل العذر من الركعة التي وقع الاستخلاف فيها .

( قوله يستحيل بناؤه في الأولى أو الثالثة ) وذلك لأن بناءه فيهما يقتضي إدراكه جزءا منهما قبل الرفع من ركوعهما والفرض أنه لم يدرك جزءا قبل الرفع من الركوع هذا خلف




الخدمات العلمية