حدثنا
أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ، حدثنا
العباس بن يوسف الشكلي ، حدثني
محمد بن عبد الملك ، قال : قال
عبد الباري : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=15874لذي النون المصري رحمه الله : صف لي الأبدال ، فقال : إنك لتسألني عن دياجي الظلم ، لأكشفنها لك
عبد الباري ، هم قوم ذكروا الله عز وجل بقلوبهم تعظيما لربهم عز وجل ، لمعرفتهم بجلاله ، فهم
nindex.php?page=treesubj&link=28806_24411_19995حجج الله تعالى على خلقه ، ألبسهم النور الساطع من محبته ، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته ، وأقامهم مقام الأبطال لإرادته ، وأفرغ عليهم الصبر عن مخالفته ، وطهر أبدانهم بمراقبته ، وطيبهم بطيب أهل مجاملته ، وكساهم حللا من نسج مودته ، ووضع على رءوسهم تيجان مسرته ، ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب فهي معلقة بمواصلته ، فهمومهم إليه ثائرة ، وأعينهم إليه بالغيب ناظرة . قد أقامهم على باب النظر من قربه ، وأجلسهم على كراسي أطباء أهل معرفته ، ثم قال : إن أتاكم عليل من فقري فداووه ، أو مريض من فراقي فعالجوه ، أو خائف مني فآمنوه ، أو آمن مني فحذروه ، أو راغب في مواصلتي فهنئوه ، أو راحل نحوي فرودوه ، أو جبان في متاجرتي فشجعوه ، أو آيس من فضلي فعدوه ، أو راج لإحساني فبشروه ، أو حسن الظن بي فباسطوه ، أو محب لي فواظبوه ، أو معظم لقدري فعظموه ، أو مستوصفكم نحوي فأرشدوه ، أو مسيء بعد إحسان فعاتبوه ، ومن واصلكم في فواصلوه ، ومن غاب عنكم فافتقدوه ، ومن ألزمكم جناية فاحتملوه ، ومن قصر في واجب حقي فاتركوه ، ومن أخطأ خطيئة فناصحوه ، ومن مرض من أوليائي فعودوه ،
[ ص: 13 ] ومن حزن فبشروه ، وإن استجار بكم ملهوف فأجيروه .
يا أوليائي لكم عاتبت ، وفي إياكم رغبت ، ومنكم الوفاء طلبت ، ولكم اصطفيت وانتخبت ، ولكم استخدمت واختصصت ، لأني لا أحب استخدام الجبارين ، ولا مواصلة المتكبرين ، ولا مصافاة المخلطين ، ولا مجاوبة المخادعين ، ولا قرب المعجبين ، ولا مجالسة البطالين ، ولا موالاة الشرهين .
nindex.php?page=treesubj&link=30516_29676_29675يا أوليائي جزائي لكم أفضل الجزاء ، وعطائي لكم أجزل العطاء ، وبذلي لكم أفضل البذل ، وفضلي عليكم أكثر الفضل ، ومعاملتي لكم أوفى المعاملة ، ومطالبتي لكم أشد المطالبة ، أنا مجتني القلوب ، وأنا علام الغيوب ، وأنا مراقب الحركات ، وأنا ملاحظ اللحظات ، أنا المشرف على الخواطر ، أنا العالم بمجال الفكر ، فكونوا دعاة إلي ، لا يفزعكم ذو سلطان سوائي ، فمن عاداكم عاديته ، ومن والاكم واليته ، ومن آذاكم أهلكته ، ومن أحسن إليكم جازيته ، ومن هجركم قليته .
قال الشيخ رحمه الله : وهم الشغفون به وبوده ، والكلفون بخطابه وعهده .
حدثنا
سليمان بن أحمد ، حدثنا
ابن منصور المدايني ، حدثنا
محمد بن إسحاق المسيبي ، حدثنا
عبد الله بن محمد بن الحسن بن عروة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16006326nindex.php?page=treesubj&link=19600_18761_30485أن موسى - عليه السلام - قال : يا رب ، أخبرني بأكرم خلقك عليك ، قال : الذي يسرع إلى هواي إسراع النسر إلى هواه ، والذي يكلف بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس ، والذي يغضب إذا انتهكت محارمي غضب النمر لنفسه ، فإن النمر إذا غضب لم يبال أقل الناس أم كثروا " .
حدثنا أبي ، حدثنا
أحمد بن محمد بن مصقلة ، حدثنا
أبو عثمان سعيد بن عثمان الحناط ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15874أبو الفيض ذو النون بن إبراهيم المصري قال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28686_18628_32261_18633_30494_30495_30503_30509_30513_19792لله عز وجل لصفوة من خلقه ، وإن لله عز وجل لخيرة ، فقيل له : يا
أبا الفيض ، فما علامتهم ؟ قال : إذا خلع العبد الراحة ، وأعطى المجهود في الطاعة ، وأحب سقوط المنزلة . ثم قال :
[ ص: 14 ] منع القران بوعده ووعـيده مقل العيون بليلها أن تهجعا فهموا عن الملك الكريم كلامه
فهما تذل له الرقاب وتخضعا
وقال له بعض من كان في المجلس حاضرا : يا
أبا الفيض ، من هؤلاء القوم يرحمك الله ؟ فقال : ويحك ! هؤلاء قوم جعلوا الركب لجباههم وسادا ، والتراب لجنوبهم مهادا ، هؤلاء قوم خالط القرآن لحومهم ودمائهم ، فعزلهم عن الأزواج وحركهم بالإدلاج ، فوضعوه على أفئدتهم فانفرجت ، وضموه إلى صدورهم فانشرحت ، وتصدعت هممهم به فكدحت ، فجعلوه لظلمتهم سراجا ، ولنومهم مهادا ، ولسبيلهم منهاجا ، ولحجتهم أفلاجا ، يفرح الناس ويحزنون ، وينام الناس ويسهرون ، ويفطر الناس ويصومون ، ويأمن الناس ويخافون ، فهم خائفون حذرون ، وجلون مشفقون مشمرون ، يبادرون من الفوت ، ويستعدون للموت ، لم يتصغر جسيم ذلك عندهم لعظم ما يخافون من العذاب ، وخطر ما يوعدون من الثواب ، درجوا على شرائع القرآن ، وتخلصوا بخالص القربان ، واستناروا بنور الرحمن ، فما لبثوا أن أنجز لهم القرآن موعوده ، وأوفى لهم عهوده ، وأحلهم سعوده ، وأجارهم وعيده ، فنالوا به الرغائب ، وعانقوا به الكواعب ، وأمنوا به العواطب ، وحذروا به العواقب ، لأنهم فارقوا بهجة الدنيا بعين قالية ، ونظروا إلى ثواب الآخرة بعين راضية ، واشتروا الباقية بالفانية ، فنعم ما اتجروا ، ربحوا الدارين ، وجمعوا الخيرين ، واستكملوا الفضلين ، بلغوا المنازل بصبر أيام قلائل ، قطعوا الأيام باليسير ، حذار يوم قمطرير ، وسارعوا في المهلة ، وبادروا خوف حوادث الساعات ، ولم يركبوا أيامهم باللهو واللذات ، بل خاضوا الغمرات للباقيات الصالحات ، أوهن والله قوتهم التعب ، وغير ألوانهم النصب ، وذكروا نارا ذات لهب ، مسارعين إلى الخيرات ، منقطعين عن اللهوات ، بريئون من الريب والخنا ، فهم خرس فصحاء ، وعمي بصراء ، فعنهم تقصر الصفات ، وبهم تدفع النقمات ، وعليهم تنزل البركات ، فهم أحلى الناس منطقا ومذاقا ، وأوفى
[ ص: 15 ] الناس عهدا وميثاقا ، سراج العباد ، ومنار البلاد ، مصابيح الدجى ، ومعادن الرحمة ، ومنابع الحكمة ، وقوام الأمة ، تجافت جنوبهم عن المضاجع ، فهم أقبل الناس للمعذرة ، وأصفحهم للمغفرة ، وأسمحهم بالعطية ، فنظروا إلى ثواب الله عز وجل بأنفس تائقة ، وعيون رامقة ، وأعمال موافقة ، فحلوا عن الدنيا مطي رحالهم ، وقطعوا منها حبال آمالهم ، لم يدع لهم خوف ربهم عز وجل من أموالهم تليدا ولا عتيدا ، فتراهم لم يشتهوا من الأموال كنوزها ، ولا من الأوبار خزوزها ، ولا من المطايا عزيزها ، ولا من القصور مشيدها ، بلى ! ولكنهم نظروا بتوفيق الله تعالى لهم وإلهامه إياهم ، فحركهم ما عرفوا بصبر أيام قلائل ، فضموا أبدانهم عن المحارم ، وكفوا أيديهم عن ألوان المطاعم ، وهربوا بأنفسهم عن المآثم ، فسلكوا من السبيل رشاده ، ومهدوا للرشاد مهاده ، فشاركوا أهل الدنيا في آخرتهم ، عزوا عن الرزايا ، وغصص المنايا ، هابوا الموت وسكراته وكرباته وفجعاته ، ومن القبر وضيقه ، ومنكر ونكير ومن ابتدارهما وانتهارهما وسؤالهما ، ومن المقام بين يدي الله عز ذكره ، وتقدست أسماؤه .
قال الشيخ
أبو نعيم رحمه الله : وهم مصابيح الدجى ، وينابيع الرشد والحجى ، خصوا بخفي الاختصاص ، ونقوا من التصنع بالإخلاص .
حدثنا
عبد الله بن محمد ،
وأبو أحمد محمد بن أحمد - في جماعة - قالوا : حدثنا
الفضل بن الحباب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16079شاذ بن فياض ، حدثنا
أبو قحذم ، عن
أبي قلابة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال : مر
عمر بمعاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنهما - وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك يا
معاذ ؟ فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16006327nindex.php?page=treesubj&link=30516_30517_19884_18692_19863_30571أحب العباد إلى الله تعالى الأتقياء الأخفياء ، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا شهدوا لم يعرفوا ، أولئك هم أئمة الهدى ومصابيح العلم " .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12115أبو عمرو بن حمدان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14113الحسن بن سفيان ، حدثنا
أبو موسى إسحاق بن إبراهيم الهروي ، حدثنا
أبو معاوية عمرو بن عبد الجبار السنجاري ، حدثنا
عبيدة بن حسان ، عن
عبد الحميد بن ثابت بن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
[ ص: 16 ] قال : حدثني أبي ، عن جدي : شهدت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسا ، فقال : "
nindex.php?page=treesubj&link=19695_30513_30416طوبى للمخلصين ، أولئك مصابيح الهدى ، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء " .
قال الشيخ رحمه الله : وهم الواصلون بالحبل ، والباذلون للفضل ، والحاكمون بالعدل .
حدثنا
محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15541بشر بن موسى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17303يحيى بن إسحاق السليحيني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15790خالد بن أبي عمران ، عن
القاسم بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16006329nindex.php?page=treesubj&link=33536_32109_18577_30301أتدرون من السابقون إلى ظل الله عز وجل ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن
يحيى بن إسحاق مثله .
قال الشيخ رحمه الله : وهم المنبسطون جهرا ، المنقبضون سرا ، يبسطهم روح الارتياح والاشتياق ، ويقلقهم خوف القطيعة والفراق .
حدثنا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا
عبد الله بن محمد بن زكريا ، حدثنا
سلمة بن شبيب ، حدثنا
الوليد بن إسماعيل الحراني ، حدثنا
شيبان بن مهران ، عن
خالد بن المغيرة بن قيس ، عن
مكحول ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=360عياض بن غنم أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
إن من خيار أمتي- فيما نبأني الملأ الأعلى ، في الدرجات العلى - قوما nindex.php?page=treesubj&link=28686_29486_19775_19768_32873_19792_30494_18459_29509_30517_24428يضحكون جهرا من سعة رحمة ربهم ، ويبكون سرا من خوف شدة عذاب ربهم عز وجل ، يذكرون ربهم بالغداة والعشي ، في بيوته الطيبة ، ويدعونه بألسنتهم رغبا ورهبا ، ويسألونه بأيديهم خفضا ورفعا ، ويشتاقون إليه بقلوبهم عودا وبدءا ، مؤنتهم على الناس خفيفة ، وعلى أنفسهم ثقيلة ، يدبون في الأرض حفاة على أقدامهم دبيب النمل بغير مرح ولا بذخ ولا مثلة ، يمشون بالسكينة ، ويتقربون بالوسيلة ، يلبسون الخلقان ، ويتبعون البرهان ، ويتلون الفرقان ، ويقربون القربان ، عليهم من الله تعالى شهود حاضرة ، وأعين حافظة ونعم ظاهرة ، يتوسمون العباد ، ويتفكرون في البلاد ، أجسادهم في الأرض وأعينهم في السماء ، أقدامهم في الأرض وقلوبهم في السماء ، وأنفسهم في الأرض وأفئدتهم عند العرش ، أرواحهم في الدنيا وعقولهم في الآخرة ، [ ص: 17 ] ليس لهم هم إلا أمامهم ، قبورهم في الدنيا ، ومقامهم عند ربهم عز وجل ، ثم تلى هذه الآية : ( nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) .
قال الشيخ رحمه الله : وهم المبادرون إلى الحقوق من غير تسويف ، والموفون الطاعات من غير تطفيف .
حدثنا
سليمان بن أحمد ، ثنا
محمد بن موسى الأيلي ، ثنا
عمر بن يحيى الأيلي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام ، عن
أبي جناب الكلبي ، عن
أبي الزبير ، عن
جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" nindex.php?page=treesubj&link=30494_30513_30571إن من موجبات الله ثلاثا : إذا رأى حقا من حقوق الله لم يؤخره إلى أيام لا يدركها ، وأن يعمل العمل الصالح العلانية على قوام من عمله في السريرة ، وهو يجمع مع ما يعمل صلاح ما يأمل " . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فهكذا ولى الله وعدد بيده ثلاثا " .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13122أبو بكر بن خلاد ، ثنا
الحارث بن أبي أسامة ، ثنا
داود بن المحبر ، ثنا
ميسرة بن عبد ربه ، عن
حنظلة بن وداعة ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" إن nindex.php?page=treesubj&link=30494_30507_30415_24626_29497لله عز وجل خواص يسكنهم الرفيع من الجنان كانوا أعقل الناس " قلنا : يا رسول الله ، وكيف كانوا أعقل الناس ؟ قال : " كانت همتهم المسابقة إلى ربهم عز وجل ، والمسارعة إلى ما يرضيه ، وزهدوا في فضول الدنيا ورياستها ونعيمها ، وهانت عليهم ، فصبروا قليلا ، واستراحوا طويلا " .
حَدَّثَنَا
أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ، حَدَّثَنَا
العباس بن يوسف الشكلي ، حَدَّثَنِي
محمد بن عبد الملك ، قَالَ : قَالَ
عبد الباري : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=15874لِذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ : صِفْ لِيَ الْأَبْدَالَ ، فَقَالَ : إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ دَيَاجِي الظُّلَمِ ، لَأَكْشِفَنَّهَا لَكَ
عبد الباري ، هُمْ قَوْمٌ ذَكَرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِقُلُوبِهِمْ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ، لِمَعْرِفَتِهِمْ بِجَلَالِهِ ، فَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=28806_24411_19995حُجَجُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ ، أَلْبَسَهُمُ النُّورَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ ، وَرَفَعَ لَهُمْ أَعْلَامَ الْهِدَايَةِ إِلَى مُوَاصَلَتِهِ ، وَأَقَامَهُمْ مَقَامَ الْأَبْطَالِ لِإِرَادَتِهِ ، وَأَفْرَغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ ، وَطَهَّرَ أَبْدَانَهُمْ بِمُرَاقَبَتِهِ ، وَطَيَّبَهُمْ بِطِيبِ أَهْلِ مُجَامَلَتِهِ ، وَكَسَاهُمْ حُلَلًا مِنْ نَسْجِ مَوَدَّتِهِ ، وَوَضَعَ عَلَى رُءُوسِهِمْ تِيجَانَ مَسَرَّتِهِ ، ثُمَّ أَوْدَعَ الْقُلُوبَ مِنْ ذَخَائِرِ الْغُيُوبِ فَهِيَ مُعَلَّقَةٌ بِمُوَاصَلَتِهِ ، فَهُمُومُهُمْ إِلَيْهِ ثَائِرَةٌ ، وَأَعْيُنُهُمْ إِلَيْهِ بِالْغَيْبِ نَاظِرَةٌ . قَدْ أَقَامَهُمْ عَلَى بَابِ النَّظَرِ مِنْ قُرْبِهِ ، وَأَجْلَسَهُمْ عَلَى كَرَاسِيِّ أَطِبَّاءِ أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنْ أَتَاكُمْ عَلِيلٌ مِنْ فَقْرِي فَدَاوُوهُ ، أَوْ مَرِيضٌ مِنْ فِرَاقِي فَعَالِجُوهُ ، أَوْ خَائِفٌ مِنِّي فَآمِنُوهُ ، أَوْ آمِنٌ مِنِّي فَحَذِّرُوهُ ، أَوْ رَاغِبٌ فِي مُوَاصَلَتِي فَهَنِّئُوهُ ، أَوْ رَاحِلٌ نَحْوِي فَرَوِّدُوهُ ، أَوْ جَبَانٌ فِي مُتَاجَرَتِي فَشَجِّعُوهُ ، أَوْ آيِسٌ مِنْ فَضْلِي فَعِدُوهُ ، أَوْ رَاجٍ لِإِحْسَانِي فَبَشِّرُوهُ ، أَوْ حَسَنُ الظَّنِّ بِي فَبَاسِطُوهُ ، أَوْ مُحِبٌّ لِي فَوَاظِبُوهُ ، أَوْ مُعَظِّمٌ لِقَدْرِي فَعَظِّمُوهُ ، أَوْ مُسْتَوْصِفُكُمْ نَحْوِي فَأَرْشِدُوهُ ، أَوْ مُسِيءٌ بَعْدَ إِحْسَانٍ فَعَاتِبُوهُ ، وَمَنْ وَاصَلَكُمْ فِيَّ فَوَاصِلُوهُ ، وَمَنْ غَابَ عَنْكُمْ فَافْتَقِدُوهُ ، وَمَنْ أَلْزَمَكُمْ جِنَايَةً فَاحْتَمِلُوهُ ، وَمَنْ قَصَّرَ فِي وَاجِبِ حَقِّي فَاتْرُكُوهُ ، وَمَنْ أَخْطَأَ خَطِيئَةً فَنَاصِحُوهُ ، وَمَنْ مَرِضَ مِنْ أَوْلِيَائِي فَعُودُوهُ ،
[ ص: 13 ] وَمَنْ حَزِنَ فَبَشِّرُوهُ ، وَإِنِ اسْتَجَارَ بِكُمْ مَلْهُوفٌ فَأَجِيرُوهُ .
يَا أَوْلِيَائِي لَكُمْ عَاتَبْتُ ، وَفِي إِيَّاكُمْ رَغِبْتُ ، وَمِنْكُمُ الْوَفَاءَ طَلَبْتُ ، وَلَكُمُ اصْطَفَيْتُ وَانْتَخَبْتُ ، وَلَكُمُ اسْتَخْدَمْتُ وَاخْتَصَصْتُ ، لِأَنِّي لَا أُحِبُّ اسْتِخْدَامَ الْجَبَّارِينَ ، وَلَا مُوَاصَلَةَ الْمُتَكَبِّرِينَ ، وَلَا مُصَافَاةَ الْمُخَلِّطِينَ ، وَلَا مُجَاوَبَةَ الْمُخَادِعِينَ ، وَلَا قُرْبَ الْمُعْجَبِينَ ، وَلَا مُجَالَسَةَ الْبَطَّالِينَ ، وَلَا مُوَالَاةَ الشَّرِهِينَ .
nindex.php?page=treesubj&link=30516_29676_29675يَا أَوْلِيَائِي جَزَائِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْجَزَاءِ ، وَعَطَائِي لَكُمْ أَجْزَلُ الْعَطَاءِ ، وَبَذْلِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْبَذْلِ ، وَفَضْلِي عَلَيْكُمْ أَكْثَرُ الْفَضْلِ ، وَمُعَامَلَتِي لَكُمْ أَوْفَى الْمُعَامَلَةِ ، وَمُطَالَبَتِي لَكُمْ أَشَدُّ الْمُطَالَبَةِ ، أَنَا مُجْتَنِي الْقُلُوبِ ، وَأَنَا عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، وَأَنَا مُرَاقِبُ الْحَرَكَاتِ ، وَأَنَا مُلَاحِظُ اللَّحَظَاتِ ، أَنَا الْمُشْرِفُ عَلَى الْخَوَاطِرِ ، أَنَا الْعَالِمُ بِمَجَالِ الْفِكَرِ ، فَكُونُوا دُعَاةً إِلَيَّ ، لَا يُفْزِعْكُمْ ذُو سُلْطَانٍ سِوَائِي ، فَمَنْ عَادَاكُمْ عَادَيْتُهُ ، وَمَنْ وَالَاكُمْ وَالَيْتُهُ ، وَمَنْ آذَاكُمْ أَهْلَكْتُهُ ، وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ جَازَيْتُهُ ، وَمَنْ هَجَرَكُمْ قَلَيْتُهُ .
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الشَّغِفُونَ بِهِ وَبِوُدِّهِ ، وَالْكَلِفُونَ بِخِطَابِهِ وَعَهْدِهِ .
حَدَّثَنَا
سليمان بن أحمد ، حَدَّثَنَا
ابن منصور المدايني ، حَدَّثَنَا
محمد بن إسحاق المسيبي ، حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد بن الحسن بن عروة ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16006326nindex.php?page=treesubj&link=19600_18761_30485أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ : يَا رَبِّ ، أَخْبِرْنِي بِأَكْرَمِ خَلْقِكَ عَلَيْكَ ، قَالَ : الَّذِي يُسْرِعُ إِلَى هَوَايَ إِسْرَاعَ النَّسْرِ إِلَى هَوَاهُ ، وَالَّذِي يَكْلَفُ بِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ كَمَا يَكْلَفُ الصَّبِيُّ بِالنَّاسِ ، وَالَّذِي يَغْضَبُ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمِي غَضَبَ النَّمِرِ لِنَفْسِهِ ، فَإِنَّ النَّمِرَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يُبَالِ أَقَلَّ النَّاسُ أَمْ كَثُرُوا " .
حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
أحمد بن محمد بن مصقلة ، حَدَّثَنَا
أبو عثمان سعيد بن عثمان الحناط ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15874أَبُو الْفَيْضِ ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ قَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28686_18628_32261_18633_30494_30495_30503_30509_30513_19792لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَصَفْوَةً مِنْ خَلْقِهِ ، وَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَخِيرَةً ، فَقِيلَ لَهُ : يَا
أبا الفيض ، فَمَا عَلَامَتُهُمْ ؟ قَالَ : إِذَا خَلَعَ الْعَبْدُ الرَّاحَةَ ، وَأَعْطَى الْمَجْهُودَ فِي الطَّاعَةِ ، وَأَحَبَّ سُقُوطَ الْمَنْزِلَةِ . ثُمَّ قَالَ :
[ ص: 14 ] مَنَعَ الْقِرَانَ بِوَعْدِهِ وَوَعِـيدِهِ مَقْلُ الْعُيُونِ بِلَيْلِهَا أَنْ تَهْجَعَا فَهِمُوا عَنِ الْمَلِكِ الْكَرِيمِ كَلَامَهُ
فَهْمًا تُذَلُّ لَهُ الرِّقَابُ وَتَخْضَعَا
وَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ حَاضِرًا : يَا
أبا الفيض ، مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ؟ فَقَالَ : وَيْحَكَ ! هَؤُلَاءِ قَوْمٌ جَعَلُوا الرَّكْبَ لِجِبَاهِهِمْ وِسَادًا ، وَالتُّرَابَ لِجُنُوبِهِمْ مِهَادًا ، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ خَالَطَ الْقُرْآنُ لُحُومَهُمْ وَدِمَائَهُمْ ، فَعَزَلَهُمْ عَنِ الْأَزْوَاجِ وَحَرَّكَهُمْ بِالْإِدْلَاجِ ، فَوَضَعُوهُ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ فَانْفَرَجَتْ ، وَضَمُّوهُ إِلَى صُدُورِهِمْ فَانْشَرَحَتْ ، وَتَصَدَّعَتْ هِمَمُهُمْ بِهِ فَكَدَحَتْ ، فَجَعَلُوهُ لِظُلْمَتِهِمْ سِرَاجًا ، وَلِنَوْمِهِمْ مِهَادًا ، وَلِسَبِيلِهِمْ مِنْهَاجًا ، وَلِحُجَّتِهِمْ أَفْلَاجًا ، يَفْرَحُ النَّاسُ وَيَحْزَنُونَ ، وَيَنَامُ النَّاسُ وَيَسْهَرُونَ ، وَيُفْطِرُ النَّاسُ وَيَصُومُونَ ، وَيَأْمَنُ النَّاسُ وَيَخَافُونَ ، فَهُمْ خَائِفُونَ حَذِرُونَ ، وَجِلُونَ مُشْفِقُونَ مُشَمِّرُونَ ، يُبَادِرُونَ مِنَ الْفَوْتِ ، وَيَسْتَعِدُّونَ لِلْمَوْتِ ، لَمْ يَتَصَغَّرْ جَسِيمُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِعِظَمِ مَا يَخَافُونَ مِنَ الْعَذَابِ ، وَخَطَرِ مَا يُوعَدُونَ مِنَ الثَّوَابِ ، دَرَجُوا عَلَى شَرَائِعِ الْقُرْآنِ ، وَتَخَلَّصُوا بِخَالِصِ الْقُرْبَانِ ، وَاسْتَنَارُوا بِنُورِ الرَّحْمَنِ ، فَمَا لَبِثُوا أَنْ أَنْجَزَ لَهُمُ الْقُرْآنُ مَوْعُودَهُ ، وَأَوْفَى لَهُمْ عُهُودَهُ ، وَأَحَلَّهُمْ سُعُودَهُ ، وَأَجَارَهُمْ وَعِيدَهُ ، فَنَالُوا بِهِ الرَّغَائِبَ ، وَعَانَقُوا بِهِ الْكَوَاعِبَ ، وَأَمِنُوا بِهِ الْعَوَاطِبَ ، وَحَذِرُوا بِهِ الْعَوَاقِبَ ، لِأَنَّهُمْ فَارَقُوا بَهْجَةَ الدُّنْيَا بِعَيْنٍ قَالِيَةٍ ، وَنَظَرُوا إِلَى ثَوَابِ الْآخِرَةِ بِعَيْنٍ رَاضِيَةٍ ، وَاشْتَرَوُا الْبَاقِيَةَ بِالْفَانِيَةِ ، فَنِعْمَ مَا اتَّجَرُوا ، رَبِحُوا الدَّارَيْنِ ، وَجَمَعُوا الْخَيْرَيْنِ ، وَاسْتَكْمَلُوا الْفَضْلَيْنِ ، بَلَغُوا الْمَنَازِلَ بِصَبْرِ أَيَّامٍ قَلَائِلَ ، قَطَعُوا الْأَيَّامَ بِالْيَسِيرِ ، حَذَارِ يَوْمَ قَمْطَرِيرٍ ، وَسَارَعُوا فِي الْمُهْلَةِ ، وَبَادَرُوا خَوْفَ حَوَادِثِ السَّاعَاتِ ، وَلَمْ يَرْكَبُوا أَيَّامَهُمْ بِاللَّهْوِ وَاللَّذَّاتِ ، بَلْ خَاضُوا الْغَمَرَاتِ لِلْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ ، أَوْهَنَ وَاللَّهِ قُوَّتَهُمُ التَّعَبُ ، وَغَيَّرَ أَلْوَانَهُمُ النَّصَبُ ، وَذَكَرُوا نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ، مُسَارِعِينَ إِلَى الْخَيْرَاتِ ، مُنْقَطِعِينَ عَنِ اللَّهَوَاتِ ، بَرِيئُونَ مِنَ الرَّيْبِ وَالْخَنَا ، فَهُمْ خُرْسٌ فُصَحَاءُ ، وَعُمْيٌ بُصَرَاءُ ، فَعَنْهُمْ تَقْصُرُ الصِّفَاتُ ، وَبِهِمْ تُدْفَعُ النِّقْمَاتُ ، وَعَلَيْهِمْ تَنْزِلُ الْبَرَكَاتُ ، فَهُمْ أَحْلَى النَّاسِ مَنْطِقًا وَمَذَاقًا ، وَأَوْفَى
[ ص: 15 ] النَّاسِ عَهْدًا وَمِيثَاقًا ، سِرَاجُ الْعِبَادِ ، وَمَنَارُ الْبِلَادِ ، مَصَابِيحُ الدُّجَى ، وَمَعَادِنُ الرَّحْمَةِ ، وَمَنَابِعُ الْحِكْمَةِ ، وَقِوَامُ الْأُمَّةِ ، تَجَافَتْ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ، فَهُمْ أَقْبَلُ النَّاسِ لِلْمَعْذِرَةِ ، وَأَصْفَحُهُمْ لِلْمَغْفِرَةِ ، وَأَسْمَحُهُمْ بِالْعَطِيَّةِ ، فَنَظَرُوا إِلَى ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنْفُسٍ تَائِقَةٍ ، وَعُيُونٍ رَامِقَةٍ ، وَأَعْمَالٍ مُوَافِقَةٍ ، فَحَلُّوا عَنِ الدُّنْيَا مَطِيَّ رِحَالِهِمْ ، وَقَطَعُوا مِنْهَا حِبَالَ آمَالِهِمْ ، لَمْ يَدَعْ لَهُمْ خَوْفُ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ تَلِيدًا وَلَا عَتِيدًا ، فَتَرَاهُمْ لَمْ يَشْتَهُوا مِنَ الْأَمْوَالِ كُنُوزَهَا ، وَلَا مِنَ الْأَوْبَارِ خُزُوزَهَا ، وَلَا مِنَ الْمَطَايَا عَزِيزَهَا ، وَلَا مِنَ الْقُصُورِ مُشَيَّدَهَا ، بَلَى ! وَلَكِنَّهُمْ نَظَرُوا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ وَإِلْهَامِهِ إِيَّاهُمْ ، فَحَرَّكَهُمْ مَا عَرَفُوا بِصَبْرِ أَيَّامٍ قَلَائِلَ ، فَضَمُّوا أَبْدَانَهُمْ عَنِ الْمَحَارِمِ ، وَكَفُّوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ أَلْوَانِ الْمَطَاعِمِ ، وَهَرَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنِ الْمَآثِمِ ، فَسَلَكُوا مِنَ السَّبِيلِ رَشَادَهُ ، وَمَهَّدُوا لِلرَّشَادِ مِهَادَهُ ، فَشَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي آخِرَتِهِمْ ، عَزْوًا عَنِ الرَّزَايَا ، وَغُصَصِ الْمَنَايَا ، هَابُوا الْمَوْتَ وَسَكَرَاتِهِ وَكُرُبَاتِهِ وَفَجَعَاتِهِ ، وَمِنَ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ ، وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَمِنَ ابْتِدَارِهِمَا وَانْتِهَارِهِمَا وَسُؤَالِهِمَا ، وَمِنَ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ .
قَالَ الشَّيْخُ
أبو نعيم رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمْ مَصَابِيحُ الدُّجَى ، وَيَنَابِيعُ الرُّشْدِ وَالْحِجَى ، خُصُّوا بِخَفِيِّ الِاخْتِصَاصِ ، وَنُقُّوا مِنَ التَّصَنُّعِ بِالْإِخْلَاصِ .
حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد ،
وأبو أحمد محمد بن أحمد - فِي جَمَاعَةٍ - قَالُوا : حَدَّثَنَا
الفضل بن الحباب ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16079شَاذُّ بْنُ فَيَّاضٍ ، حَدَّثَنَا
أبو قحذم ، عَنْ
أبي قلابة ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : مَرَّ
عمر بمعاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ يَبْكِي ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ يَا
معاذ ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16006327nindex.php?page=treesubj&link=30516_30517_19884_18692_19863_30571أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْأَتْقِيَاءُ الْأَخْفِيَاءُ ، الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَإِذَا شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا ، أُولَئِكَ هُمْ أَئِمَّةُ الْهُدَى وَمَصَابِيحُ الْعِلْمِ " .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12115أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14113الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا
أبو موسى إسحاق بن إبراهيم الهروي ، حَدَّثَنَا
أبو معاوية عمرو بن عبد الجبار السنجاري ، حَدَّثَنَا
عبيدة بن حسان ، عَنْ
عبد الحميد بن ثابت بن ثوبان مولى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ص: 16 ] قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي : شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَجْلِسًا ، فَقَالَ : "
nindex.php?page=treesubj&link=19695_30513_30416طُوبَى لِلْمُخْلِصِينَ ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى ، تَنْجَلِي عَنْهُمْ كُلُّ فِتْنَةٍ ظَلْمَاءَ " .
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الْوَاصِلُونَ بِالْحَبْلِ ، وَالْبَاذِلُونَ لِلْفَضْلِ ، وَالْحَاكِمُونَ بِالْعَدْلِ .
حَدَّثَنَا
محمد بن أحمد بن الحسن ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15541بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17303يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّلِيحِينِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15790خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنِ
القاسم بن محمد ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16006329nindex.php?page=treesubj&link=33536_32109_18577_30301أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ " . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ
يحيى بن إسحاق مِثْلَهُ .
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الْمُنْبَسِطُونَ جَهْرًا ، الْمُنْقَبِضُونَ سِرًّا ، يُبْسِطُهُمْ رُوحُ الِارْتِيَاحِ وَالِاشْتِيَاقِ ، وَيُقْلِقُهُمْ خَوْفُ الْقَطِيعَةِ وَالْفِرَاقِ .
حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد بن زكريا ، حَدَّثَنَا
سلمة بن شبيب ، حَدَّثَنَا
الوليد بن إسماعيل الحراني ، حَدَّثَنَا
شيبان بن مهران ، عَنْ
خالد بن المغيرة بن قيس ، عَنْ
مكحول ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=360عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : "
إِنَّ مِنْ خِيَارِ أُمَّتِي- فِيمَا نَبَّأَنِيَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ، فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى - قَوْمًا nindex.php?page=treesubj&link=28686_29486_19775_19768_32873_19792_30494_18459_29509_30517_24428يَضْحَكُونَ جَهْرًا مِنْ سَعَةِ رَحْمَةِ رَبِّهِمْ ، وَيَبْكُونَ سِرًّا مِنْ خَوْفِ شِدَّةِ عَذَابِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ، يَذْكُرُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ، فِي بُيُوتِهِ الطَّيِّبَةِ ، وَيَدْعُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ رَغَبًا وَرَهَبًا ، وَيَسْأَلُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ خَفْضًا وَرَفْعًا ، وَيَشْتَاقُونَ إِلَيْهِ بِقُلُوبِهِمْ عَوْدًا وَبَدْءًا ، مُؤْنَتُهُمْ عَلَى النَّاسِ خَفِيفَةٌ ، وَعَلَى أَنْفُسِهِمْ ثَقِيلَةٌ ، يَدِبُّونَ فِي الْأَرْضِ حُفَاةً عَلَى أَقْدَامِهِمْ دَبِيبَ النَّمْلِ بِغَيْرِ مَرَحٍ وَلَا بَذَخٍ وَلَا مُثْلَةٍ ، يَمْشُونَ بِالسَّكِينَةِ ، وَيَتَقَرَّبُونَ بِالْوَسِيلَةِ ، يَلْبَسُونَ الْخِلْقَانَ ، وَيَتَّبِعُونَ الْبُرْهَانَ ، وَيَتْلُونَ الْفُرْقَانَ ، وَيُقَرِّبُونَ الْقُرْبَانَ ، عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شُهُودٌ حَاضِرَةٌ ، وَأَعْيُنٌ حَافِظَةٌ وَنِعَمٌ ظَاهِرَةٌ ، يَتَوَسَّمُونَ الْعِبَادَ ، وَيَتَفَكَّرُونَ فِي الْبِلَادِ ، أَجْسَادُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَأَعْيُنُهُمْ فِي السَّمَاءِ ، أَقْدَامُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَقُلُوبُهُمْ فِي السَّمَاءِ ، وَأَنْفُسُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَأَفْئِدَتُهُمْ عِنْدَ الْعَرْشِ ، أَرْوَاحُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَعُقُولُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، [ ص: 17 ] لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا أَمَامَهُمْ ، قُبُورُهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَمُقَامُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ تَلَى هَذِهِ الْآيَةَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) .
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الْمُبَادِرُونَ إِلَى الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ تَسْوِيفٍ ، وَالْمُوفُونَ الطَّاعَاتِ مِنْ غَيْرِ تَطْفِيفٍ .
حَدَّثَنَا
سليمان بن أحمد ، ثَنَا
محمد بن موسى الأيلي ، ثَنَا
عمر بن يحيى الأيلي ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ، عَنْ
أبي جناب الكلبي ، عَنْ
أبي الزبير ، عَنْ
جابر عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
" nindex.php?page=treesubj&link=30494_30513_30571إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ اللَّهِ ثَلَاثًا : إِذَا رَأَى حَقًّا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ يُؤَخِّرْهُ إِلَى أَيَّامٍ لَا يُدْرِكُهَا ، وَأَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ الْعَلَانِيَةَ عَلَى قِوَامٍ مِنْ عَمَلِهِ فِي السَّرِيرَةِ ، وَهُوَ يَجْمَعُ مَعَ مَا يَعْمَلُ صَلَاحَ مَا يَأْمُلُ " . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " فَهَكَذَا وَلَّى اللَّهُ وَعَدَّدَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا " .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13122أَبُو بَكْرٍ بْنُ خَلَّادٍ ، ثَنَا
الحارث بن أبي أسامة ، ثَنَا
داود بن المحبر ، ثَنَا
ميسرة بن عبد ربه ، عَنْ
حنظلة بن وداعة ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
" إِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=30494_30507_30415_24626_29497لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَوَاصَّ يُسْكِنُهُمُ الرَّفِيعَ مِنَ الْجِنَانِ كَانُوا أَعْقَلَ النَّاسِ " قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ كَانُوا أَعْقَلَ النَّاسِ ؟ قَالَ : " كَانَتْ هِمَّتُهُمُ الْمُسَابَقَةَ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى مَا يُرْضِيهِ ، وَزَهِدُوا فِي فُضُولِ الدُّنْيَا وَرِيَاسَتِهَا وَنَعِيمِهَا ، وَهَانَتْ عَلَيْهِمْ ، فَصَبَرُوا قَلِيلًا ، وَاسْتَرَاحُوا طَوِيلًا " .