ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : المراد أن
nindex.php?page=treesubj&link=29468كل مكلف فهو عند الرجوع إلى الله لا بد وأن يصل إليه جزاء عمله بالتمام ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 ، 8] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) [ الأنبياء : 47] وفي تأويل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281ما كسبت ) وجهان :
الأول : أن فيه حذفا والتقدير جزاء ما كسبت ، والثاني : أن المكتسب هو ذلك الجزاء ؛ لأن ما يحصل الرجل بتجارته من المال فإنه يوصف في اللغة بأنه مكتسبه ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281توفى كل نفس ما كسبت ) أي توفى كل نفس مكتسبها ، وهذا التأويل أولى ؛ لأنه مهما أمكن تفسير الكلام بحيث لا يحتاج فيه إلى الإضمار كان أولى .
المسألة الثانية : الوعيدية يتمسكون بهذه الآية على القطع بوعيد الفساق ، وأصحابنا يتمسكون بها في القطع بعدم الخلود ؛ لأنه لما آمن فلا بد وأن يصل ثواب الإيمان إليه ، ولا يمكن ذلك إلا بأن يخرج من النار ويدخل الجنة .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وهم لا يظلمون ) وفيه سؤال وهو أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281توفى كل نفس ما كسبت ) لا معنى له إلا أنهم لا يظلمون ، فكان ذلك تكريرا .
وجوابه : أنه تعالى لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281توفى كل نفس ما كسبت ) كان ذلك دليلا على إيصال العذاب إلى الفساق والكفار ، فكان لقائل أن يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=30538كيف يليق بكرم أكرم الأكرمين أن يعذب عبيده ، فأجاب عنه بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وهم لا يظلمون ) والمعنى أن العبد هو الذي أوقع نفسه في تلك الورطة ؛ لأن الله تعالى مكنه وأزاح عذره ، وسهل عليه طريق الاستدلال ، وأمهله ، فمن قصر فهو الذي أساء إلى نفسه . وهذا الجواب إنما يستقيم على أصول
المعتزلة ، وأما على أصول أصحابنا فهو أنه سبحانه مالك الخلق ، والمالك إذا تصرف في ملكه كيف شاء وأراد لم يكن ظلما ، فكان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وهم لا يظلمون ) بعد ذكر الوعيد إشارة إلى ما ذكرناه .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْمُرَادُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29468كُلَّ مُكَلَّفٍ فَهُوَ عِنْدُ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ جَزَاءُ عَمَلِهِ بِالتَّمَامِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) [ الزَّلْزَلَةِ : 7 ، 8] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 47] وَفِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281مَا كَسَبَتْ ) وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ فِيهِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ جَزَاءُ مَا كَسَبَتْ ، وَالثَّانِي : أَنَّ الْمُكْتَسَبَ هُوَ ذَلِكَ الْجَزَاءُ ؛ لِأَنَّ مَا يُحَصِّلُ الرَّجُلُ بِتِجَارَتِهِ مِنَ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُوصَفُ فِي اللُّغَةِ بِأَنَّهُ مُكْتَسَبُهُ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ) أَيْ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسِ مُكْتَسَبَهَا ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ مَهْمَا أَمْكَنَ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْإِضْمَارِ كَانَ أَوْلَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْوَعِيدِيَّةُ يَتَمَسَّكُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْقَطْعِ بِوَعِيدِ الْفُسَّاقِ ، وَأَصْحَابُنَا يَتَمَسَّكُونَ بِهَا فِي الْقَطْعِ بِعَدَمِ الْخُلُودِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا آمَنَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَصِلَ ثَوَابُ الْإِيمَانِ إِلَيْهِ ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) وَفِيهِ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ) لَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ، فَكَانَ ذَلِكَ تَكْرِيرًا .
وَجَوَابُهُ : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ) كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى إِيصَالِ الْعَذَابِ إِلَى الْفُسَّاقِ وَالْكُفَّارِ ، فَكَانَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30538كَيْفَ يَلِيقُ بِكَرَمِ أَكْرَمِ الْأَكْرَمِينَ أَنْ يُعَذِّبَ عَبِيدَهُ ، فَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِي تِلْكَ الْوَرْطَةِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَكَّنَهُ وَأَزَاحَ عُذْرَهُ ، وَسَهَّلَ عَلَيْهِ طَرِيقَ الِاسْتِدْلَالِ ، وَأَمْهَلَهُ ، فَمَنْ قَصَّرَ فَهُوَ الَّذِي أَسَاءَ إِلَى نَفْسِهِ . وَهَذَا الْجَوَابُ إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أُصُولِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَأَمَّا عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِنَا فَهُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَالِكُ الْخَلْقِ ، وَالْمَالِكُ إِذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا ، فَكَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) بَعْدَ ذِكْرِ الْوَعِيدِ إِشَارَةً إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ .