إذا عرفت أصل المعنى فنقول : أصل الرهن مصدر ، يقال : رهنت عند الرجل أرهنه رهنا إذا وضعت عنده ، قال الشاعر :
يراهنني فيرهنني بنيه وأرهنه بني بما أقول
إذا عرفت هذا فنقول : إن المصادر قد تنقل فتجعل أسماء ويزول عنها عمل الفعل ، فإذا قال : رهنت عند زيد رهنا لم يكن انتصابه انتصاب المصدر ، لكن انتصاب المفعول به ، كما تقول : رهنت عند زيد ثوبا ، ولما جعل اسما بهذا الطريق جمع كما تجعل الأسماء ، وله جمعان : رهن ورهان ، ومما جاء على رهن قول الأعشى :
آليت لا أعطيه من أبنائنا رهنا فيفسدهم كمن قد أفسدا
وقال بعيث :
بانت سعاد وأمسى دونها عدن وغلقت عندها من قبلك الرهن
ونظيره قولنا : رهن ورهن ، سقف وسقف ، ونشر ونشر ، وخلق وخلق ، قال الزجاج : فعل وفعل قليل ، وزعم الفراء أن الرهن جمعه رهان ، ثم الرهان جمعه رهن فيكون رهن جمع الجمع وهو كقولهم : ثمار وثمر ، ومن الناس من عكس هذا ، فقال : الرهن جمعه رهن ، والرهن جمعه رهان ، واعلم أنهما لما تعارضا تساقطا لا سيما لا يرى جمع الجمع مطردا ، فوجب أن لا يقال به إلا عند الاتفاق ، وأما أن الرهان جمع رهن فهو قياس ظاهر ، مثل نعل ونعال ، وكبش وكباش ، وكعب وكعاب ، وكلب وكلاب . وسيبويه
المسألة الثالثة : قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( فرهن ) بضم الراء والهاء ، وروي عنهما أيضا ( فرهن ) برفع الراء وإسكان الهاء والباقون ( فرهان ) قال أبو عمرو : لا أعرف الرهان إلا في الخيل ، فقرأت ( فرهن ) للفصل بين الرهان في الخيل وبين جمع الرهن ، وأما قراءة أبي عمرو بضم الراء وسكون الهاء ، فقال الأخفش : إنها قبيحة لأن فعلا لا يجمع على فعل إلا قليلا شاذا كما يقال : سقف وسقف تارة بضم القاف وأخرى بتسكينها ، وقلب وقلب للنخل ، ولحد ولحد وبسط وبسط وفرس ورد ، وخيل ورد .
المسألة الرابعة : في الآية حذف فإن شئنا جعلناه مبتدأ وأضمرنا الخبر ، والتقدير : فرهن مقبوضة بدل من الشاهدين ، أو ما يقوم مقامهما ، أو فعليه رهن مقبوضة ، وإن شئنا جعلناه خبرا وأضمرنا المبتدأ ، والتقدير : فالوثيقة رهن مقبوضة .