(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم )
ثم ذكر وعد المؤمنين فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم ) فالمغفرة إسقاط السيئات كما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) ( الفرقان : 70 ) والأجر العظيم إيصال الثواب ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9لهم مغفرة وأجر عظيم ) فيه وجوه :
الأول : أنه قال أولا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فكأنه قيل : وأي شيء وعدهم ؟ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9لهم مغفرة وأجر عظيم ) .
الثاني : التقدير كأنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=19729_32064_19883_20015_29694وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقال لهم مغفرة وأجر عظيم .
والثالث : أجرى قوله : ( وعد ) مجرى قال ، والتقدير :
nindex.php?page=treesubj&link=29694_29680_29468قال الله في الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم .
والرابع : أن يكون ( وعد ) واقعا على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9لهم مغفرة وأجر عظيم ) أي وعدهم بهذا المجموع .
فإن قيل : لم أخبر عن هذا الوعد مع أنه لو أخبر بالموعود به كان ذلك أقوى ؟
قلنا : بل الإخبار عن كون هذا الوعد وعد الله أقوى ؛ وذلك لأنه أضاف هذا الوعد إلى الله تعالى فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وعد الله ) والإله هو الذي يكون قادرا على جميع المقدورات عالما بجميع المعلومات غنيا عن كل الحاجات ، وهذا يمتنع الخلف في وعده ؛ لأن دخول الخلف إنما يكون إما للجهل حيث ينسى وعده ، وإما للعجز حيث لا يقدر على الوفاء بوعده ، وإما للبخل حيث يمنعه البخل عن الوفاء بالوعد ، وإما للحاجة ، فإذا كان الإله هو الذي يكون منزها عن كل هذه الوجوه كان دخول الخلف في وعده محالا ، فكان الإخبار عن
[ ص: 144 ] هذا الوعد أوكد وأقوى من نفس الإخبار عن الموعود به ، وأيضا فلأن هذا الوعد يصل إليه قبل الموت فيفيده السرور عند سكرات الموت فتسهل بسببه تلك الشدائد ، وبعد الموت يسهل عليه بسببه البقاء في ظلمة القبر وفي عرصة القيامة عند مشاهدة تلك الأهوال .
ثم ذكر بعد ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30582_30532وعيد الكفار فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) .
هذه الآية نص قاطع في أن الخلود ليس إلا للكفار ؛ لأن قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10أولئك أصحاب الجحيم ) يفيد الحصر ، والمصاحبة تقتضي الملازمة كما يقال : أصحاب الصحراء ، أي الملازمون لها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )
ثُمَّ ذَكَرَ وَعْدَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) فَالْمَغْفِرَةُ إِسْقَاطُ السَّيِّئَاتِ كَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ) ( الْفُرْقَانِ : 70 ) وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ إِيصَالُ الثَّوَابِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) فِيهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) فَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَأَيُّ شَيْءٍ وَعَدَهُمْ ؟ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) .
الثَّانِي : التَّقْدِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=19729_32064_19883_20015_29694وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَالَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ .
وَالثَّالِثُ : أَجْرَى قَوْلَهُ : ( وَعَدَ ) مَجْرَى قَالَ ، وَالتَّقْدِيرُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29694_29680_29468قَالَ اللَّهُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ .
وَالرَّابِعُ : أَنْ يَكُونَ ( وَعَدَ ) وَاقِعًا عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) أَيْ وَعَدَهُمْ بِهَذَا الْمَجْمُوعِ .
فَإِنْ قِيلَ : لِمَ أَخْبَرَ عَنْ هَذَا الْوَعْدِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِالْمَوْعُودِ بِهِ كَانَ ذَلِكَ أَقْوَى ؟
قُلْنَا : بَلِ الْإِخْبَارُ عَنْ كَوْنِ هَذَا الْوَعْدِ وَعْدَ اللَّهِ أَقْوَى ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَضَافَ هَذَا الْوَعْدَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وَعَدَ اللَّهُ ) وَالْإِلَهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ قَادِرًا عَلَى جَمِيعِ الْمَقْدُورَاتِ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ غَنِيًّا عَنْ كُلِّ الْحَاجَاتِ ، وَهَذَا يَمْتَنِعُ الْخُلْفُ فِي وَعْدِهِ ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الْخُلْفِ إِنَّمَا يَكُونُ إِمَّا لِلْجَهْلِ حَيْثُ يَنْسَى وَعْدَهُ ، وَإِمَّا لِلْعَجْزِ حَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِوَعْدِهِ ، وَإِمَّا لِلْبُخْلِ حَيْثُ يَمْنَعُهُ الْبُخْلُ عَنِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ ، وَإِمَّا لِلْحَاجَةِ ، فَإِذَا كَانَ الْإِلَهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مُنَزَّهًا عَنْ كُلِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَانَ دُخُولُ الْخُلْفِ فِي وَعْدِهِ مُحَالًا ، فَكَانَ الْإِخْبَارُ عَنْ
[ ص: 144 ] هَذَا الْوَعْدِ أَوْكَدَ وَأَقْوَى مِنْ نَفْسِ الْإِخْبَارِ عَنِ الْمَوْعُودِ بِهِ ، وَأَيْضًا فَلِأَنَّ هَذَا الْوَعْدَ يَصِلُ إِلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَيُفِيدُهُ السُّرُورَ عِنْدَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ فَتَسْهُلُ بِسَبَبِهِ تِلْكَ الشَّدَائِدُ ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ يَسْهُلُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ الْبَقَاءُ فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَفِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ تِلْكَ الْأَهْوَالِ .
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30582_30532وَعِيدَ الْكُفَّارِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) .
هَذِهِ الْآيَةُ نَصٌّ قَاطِعٌ فِي أَنَّ الْخُلُودَ لَيْسَ إِلَّا لِلْكُفَّارِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) يُفِيدُ الْحَصْرَ ، وَالْمُصَاحَبَةُ تَقْتَضِي الْمُلَازَمَةَ كَمَا يُقَالُ : أَصْحَابُ الصَّحْرَاءِ ، أَيِ الْمُلَازِمُونَ لَهَا .