(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28976_32454قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ) هذا أيضا متصل بما قبله ، والمراد حثهم على الانقياد لتكاليف الله تعالى .
واعلم أن التكاليف وإن كثرت إلا أنها محصورة في نوعين : التعظيم لأمر الله تعالى ، والشفقة على خلق الله ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8كونوا قوامين لله ) إشارة إلى النوع الأول وهو التعظيم لأمر الله ، ومعنى القيام لله هو أن يقوم لله بالحق في كل ما يلزمه القيام به من إظهار العبودية وتعظيم الربوبية ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8شهداء بالقسط ) إشارة إلى الشفقة على خلق الله وفيه قولان :
الأول : قال
عطاء : يقول لا تحاب في شهادتك أهل ودك وقرابتك ، ولا تمنع شهادتك أعداءك وأضدادك .
الثاني : قال
الزجاج : المعنى تبينون عن دين الله ، لأن الشاهد يبين ما يشهد عليه .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ) أي لا يحملنكم بغض قوم على أن لا تعدلوا ، وأراد أن لا تعدلوا فيهم لكنه حذف للعلم ، وفي الآية قولان :
الأول : أنها عامة والمعنى
nindex.php?page=treesubj&link=25987_27986_19831لا يحملنكم بغض قوم على أن تجوروا عليهم وتجاوزوا الحد فيهم ، بل اعدلوا فيهم وإن أساءوا إليكم ، وأحسنوا إليهم
[ ص: 143 ] وإن بالغوا في إيحاشكم ، فهذا خطاب عام ، ومعناه : أمر الله تعالى جميع الخلق بأن لا يعاملوا أحدا إلا على سبيل العدل والإنصاف ، وترك الميل والظلم والاعتساف .
والثاني : أنها مختصة بالكفار فإنها نزلت في
قريش لما صدوا المسلمين عن
المسجد الحرام .
فإن قيل : فعلى هذا القول كيف يعقل ظلم المشركين مع أن المسلمين أمروا بقتلهم وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم ؟
قلنا : يمكن ظلمهم أيضا من وجوه كثيرة : منها أنهم إذا أظهروا الإسلام لا يقبلونه منهم ، ومنها قتل أولادهم الأطفال لاغتمام الآباء ، ومنها إيقاع المثلة بهم ، ومنها نقض عهودهم ، والقول الأول أولى .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8اعدلوا هو أقرب للتقوى ) فنهاهم أولا عن أن يحملهم البغضاء على ترك العدل ثم استأنف فصرح لهم بالأمر بالعدل تأكيدا وتشديدا ، ثم ذكر لهم علة الأمر بالعدل وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8هو أقرب للتقوى ) ونظيره قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وأن تعفوا أقرب للتقوى ) ( البقرة : 237 ) أي هو أقرب للتقوى ، وفيه وجهان :
الأول : هو أقرب إلى الاتقاء من معاصي الله تعالى .
والثاني : هو أقرب إلى الاتقاء من عذاب الله ، وفيه تنبيه عظيم على وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=19829_19837العدل مع الكفار الذين هم أعداء الله تعالى ، فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه .
ثم ذكر الكلام الذي يكون وعدا مع المطيعين ووعيدا للمذنبين ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) يعني
nindex.php?page=treesubj&link=28781_32109أنه عالم بجميع المعلومات فلا يخفى عليه شيء من أحوالكم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28976_32454قَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ) هَذَا أَيْضًا مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ ، وَالْمُرَادُ حَثُّهُمْ عَلَى الِانْقِيَادِ لِتَكَالِيفِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّكَالِيفَ وَإِنْ كَثُرَتْ إِلَّا أَنَّهَا مَحْصُورَةٌ فِي نَوْعَيْنِ : التَّعْظِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالشَّفَقَةُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ ) إِشَارَةٌ إِلَى النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَمَعْنَى الْقِيَامِ لِلَّهِ هُوَ أَنْ يَقُومَ لِلَّهِ بِالْحَقِّ فِي كُلِّ مَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِهِ مِنْ إِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ وَتَعْظِيمِ الرُّبُوبِيَّةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ) إِشَارَةٌ إِلَى الشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
عَطَاءٌ : يَقُولُ لَا تُحَابِ فِي شَهَادَتِكَ أَهْلَ وُدِّكَ وَقَرَابَتَكَ ، وَلَا تَمْنَعْ شَهَادَتَكَ أَعْدَاءَكَ وَأَضْدَادَكَ .
الثَّانِي : قَالَ
الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى تُبَيِّنُونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ ، لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُبَيِّنُ مَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ) أَيْ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلُوا ، وَأَرَادَ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِيهِمْ لَكِنَّهُ حُذِفَ لِلْعِلْمِ ، وَفِي الْآيَةِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهَا عَامَّةٌ وَالْمَعْنَى
nindex.php?page=treesubj&link=25987_27986_19831لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ عَلَى أَنْ تَجُورُوا عَلَيْهِمْ وَتُجَاوِزُوا الْحَدَّ فِيهِمْ ، بَلِ اعْدِلُوا فِيهِمْ وَإِنْ أَسَاءُوا إِلَيْكُمْ ، وَأَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ
[ ص: 143 ] وَإِنْ بَالَغُوا فِي إِيحَاشِكُمْ ، فَهَذَا خِطَابٌ عَامٌّ ، وَمَعْنَاهُ : أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَمِيعَ الْخَلْقِ بِأَنْ لَا يُعَامِلُوا أَحَدًا إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ ، وَتَرْكِ الْمَيْلِ وَالظُّلْمِ وَالِاعْتِسَافِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْكُفَّارِ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي
قُرَيْشٍ لَمَّا صَدُّوا الْمُسْلِمِينَ عَنِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَيْفَ يُعْقَلُ ظُلْمُ الْمُشْرِكِينَ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أُمِرُوا بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ ؟
قُلْنَا : يُمْكِنُ ظُلْمُهُمْ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ : مِنْهَا أَنَّهُمْ إِذَا أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ لَا يَقْبَلُونَهُ مِنْهُمْ ، وَمِنْهَا قَتْلُ أَوْلَادِهِمُ الْأَطْفَالِ لِاغْتِمَامِ الْآبَاءِ ، وَمِنْهَا إِيقَاعُ الْمُثْلَةِ بِهِمْ ، وَمِنْهَا نَقْضُ عُهُودِهِمْ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) فَنَهَاهُمْ أَوَّلًا عَنْ أَنْ يَحْمِلَهُمُ الْبَغْضَاءُ عَلَى تَرْكِ الْعَدْلِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَصَرَّحَ لَهُمْ بِالْأَمْرِ بِالْعَدْلِ تَأْكِيدًا وَتَشْدِيدًا ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمْ عِلَّةَ الْأَمْرِ بِالْعَدْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) ( الْبَقَرَةِ : 237 ) أَيْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ، وَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الِاتِّقَاءِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى .
وَالثَّانِي : هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الِاتِّقَاءِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَظِيمٌ عَلَى وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=19829_19837الْعَدْلِ مَعَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى ، فَمَا الظَّنُّ بِوُجُوبِهِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَحِبَّاؤُهُ .
ثُمَّ ذَكَرَ الْكَلَامَ الَّذِي يَكُونُ وَعْدًا مَعَ الْمُطِيعِينَ وَوَعِيدًا لِلْمُذْنِبِينَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) يَعْنِي
nindex.php?page=treesubj&link=28781_32109أَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْوَالِكُمْ .