(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون )
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما حكى شبهات منكري نبوة
نوح عليه الصلاة والسلام حكى بعده ما يكون جوابا عن تلك الشبهات .
[ ص: 171 ] فالشبهة الأولى : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=154ما أنت إلا بشر مثلنا ) فقال
نوح :
nindex.php?page=treesubj&link=31791حصول المساواة في البشرية لا يمنع من حصول المفارقة في صفة النبوة والرسالة . ثم ذكر الطريق الدال على إمكانه ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ) من معرفة ذات الله وصفاته وما يجب وما يمتنع وما يجوز عليه ، ثم إنه تعالى آتاني رحمة من عنده ، والمراد بتلك الرحمة : إما النبوة وإما المعجزة الدالة على النبوة (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28فعميت عليكم ) أي : صارت مظنة مشتبهة ملتبسة في عقولكم ، فهل أقدر على أن أجعلكم بحيث تصلون إلى معرفتها شئتم أم أبيتم ؟ والمراد أني لا أقدر على ذلك البتة . وعن
قتادة : والله لو استطاع نبي الله لألزمها ولكنه لم يقدر عليه . وحاصل الكلام أنهم لما قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27وما نرى لكم علينا من فضل ) ذكر
نوح عليه السلام أن ذلك بسبب أن الحجة عميت عليكم واشتبهت ، فأما لو تركتم العناد واللجاج ونظرتم في الدليل لظهر المقصود ، وتبين أن الله تعالى آتانا عليكم فضلا عظيما .
المسألة الثانية : قرأ
حمزة والكسائي وحفص عن
عاصم (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28فعميت عليكم ) بضم العين وتشديد الميم على ما لم يسم فاعله ، بمعنى ألبست وشبهت ، والباقون بفتح العين مخففة الميم ، أي : التبست واشتبهت .
واعلم أن الشيء إذا بقي مجهولا محضا أشبه المعمى ؛ لأن العلم نور البصيرة الباطنة ، والأبصار نور البصر الظاهر ، فحسن جعل كل واحد منها مجازا عن الآخر ، وتحقيقه أن البينة توصف بالأبصار ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=13فلما جاءتهم آياتنا مبصرة ) [النمل : 13] وكذلك توصف بالعمى ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=66فعميت عليهم الأنباء ) [القصص : 66] وقال في هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28فعميت عليكم ) .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=34077 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أنلزمكموها ) فيه ثلاث مضمرات : ضمير المتكلم ، وضمير الغائب ، وضمير المخاطب ، وأجاز
الفراء إسكان الميم الأولى ، وروي ذلك عن
أبي عمرو ، قال : وذلك أن الحركات توالت ، فسكنت الميم ، وهي أيضا مرفوعة وقبلها كسرة ، والحركة التي بعدها ضمة ثقيلة ، قال
الزجاج : جميع النحويين البصريين لا يجيزون إسكان حرف الإعراب إلا في ضرورة الشعر ، وما يروى عن
أبي عمرو فلم يضبطه عنه
الفراء ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه كان يخفف الحركة ويختلسها ، وهذا هو الحق ، وإنما يجوز الإسكان في الشعر كقول
امرئ القيس :
فاليوم أشرب غير مستحقب
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ )
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى شُبُهَاتِ مُنْكِرِي نُبُوَّةِ
نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَكَى بَعْدَهُ مَا يَكُونُ جَوَابًا عَنْ تِلْكَ الشُّبُهَاتِ .
[ ص: 171 ] فَالشُّبْهَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=154مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا ) فَقَالَ
نُوحٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=31791حُصُولُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْبَشَرِيَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ الْمُفَارَقَةِ فِي صِفَةِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ . ثُمَّ ذَكَرَ الطَّرِيقَ الدَّالَّ عَلَى إِمْكَانِهِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ) مِنْ مَعْرِفَةِ ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَجِبُ وَمَا يَمْتَنِعُ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى آتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ ، وَالْمُرَادُ بِتِلْكَ الرَّحْمَةِ : إِمَّا النُّبُوَّةُ وَإِمَّا الْمُعْجِزَةُ الدَّالَّةُ عَلَى النُّبُوَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) أَيْ : صَارَتْ مَظِنَّةً مُشْتَبِهَةً مُلْتَبِسَةً فِي عُقُولِكُمْ ، فَهَلْ أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَكُمْ بِحَيْثُ تَصِلُونَ إِلَى مَعْرِفَتِهَا شِئْتُمْ أَمْ أَبَيْتُمْ ؟ وَالْمُرَادُ أَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ الْبَتَّةَ . وَعَنْ
قَتَادَةَ : وَاللَّهِ لَوِ اسْتَطَاعَ نَبِيُّ اللَّهِ لَأُلْزِمَهَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ . وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ) ذَكَرَ
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ الْحُجَّةَ عُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ وَاشْتَبَهَتْ ، فَأَمَّا لَوْ تَرَكْتُمُ الْعِنَادَ وَاللَّجَاجَ وَنَظَرْتُمْ فِي الدَّلِيلِ لَظَهَرَ الْمَقْصُودُ ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى آتَانَا عَلَيْكُمْ فَضْلًا عَظِيمًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَرَأَ
حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، بِمَعْنَى أُلْبِسَتْ وَشُبِّهَتْ ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مُخَفَّفَةَ الْمِيمِ ، أَيِ : الْتَبَسَتْ وَاشْتَبَهَتْ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا بَقِيَ مَجْهُولًا مَحْضًا أَشْبَهَ الْمُعَمَّى ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ نُورُ الْبَصِيرَةِ الْبَاطِنَةِ ، وَالْأَبْصَارَ نُورُ الْبَصَرِ الظَّاهِرِ ، فَحَسُنَ جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَجَازًا عَنِ الْآخَرِ ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُوصَفُ بِالْأَبْصَارِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=13فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً ) [النَّمْلِ : 13] وَكَذَلِكَ تُوصَفُ بِالْعَمَى ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=66فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ ) [الْقَصَصِ : 66] وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=34077 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أَنُلْزِمُكُمُوهَا ) فِيهِ ثَلَاثُ مُضْمَرَاتٍ : ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ ، وَضَمِيرُ الْغَائِبِ ، وَضَمِيرُ الْمُخَاطَبِ ، وَأَجَازَ
الْفَرَّاءُ إِسْكَانَ الْمِيمِ الْأُولَى ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو ، قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ الْحَرَكَاتِ تَوَالَتْ ، فَسُكِّنَتِ الْمِيمُ ، وَهِيَ أَيْضًا مَرْفُوعَةٌ وَقَبْلَهَا كَسْرَةٌ ، وَالْحَرَكَةُ الَّتِي بَعْدَهَا ضَمَّةٌ ثَقِيلَةٌ ، قَالَ
الزَّجَّاجُ : جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ الْبَصْرِيِّينَ لَا يُجِيزُونَ إِسْكَانَ حَرْفِ الْإِعْرَابِ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ ، وَمَا يُرْوَى عَنْ
أَبِي عَمْرٍو فَلَمْ يَضْبِطْهُ عَنْهُ
الْفَرَّاءُ ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يُخَفِّفُ الْحَرَكَةَ وَيَخْتَلِسُهَا ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْإِسْكَانُ فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
فَالْيَوْمَ أُشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ