الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            الفصل الثاني

                                                                                                                                                                                                                                            في تحريم الدم ، وفيه مسألتان

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : الشافعي رضي الله عنه حرم جميع الدماء سواء كان مسفوحا أو غير مسفوح . وقال أبو حنيفة : دم السمك ليس بمحرم . أما الشافعي فإنه تمسك بظاهر هذه الآية ، وهو قوله : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) وهذا دم فوجب أن يحرم ، وأبو حنيفة تمسك بقوله تعالى : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ) [ الأنعام : 145 ] فصرح بأنه لم يجد شيئا من المحرمات إلا هذه الأمور ، فالدم الذي لا يكون مسفوحا وجب أن لا يكون محرما بمقتضى هذه الآية . فإذن هذه الآية خاصة ، وقوله : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) عام ، والخاص مقدم على العام ، أجاب الشافعي رضي الله عنه بأن قوله : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ) ليس فيه دلالة على تحليل غير هذه الأشياء المذكورة في هذه الآية ، بل على أنه تعالى ما بين له إلا تحريم هذه الأشياء ، وهذا لا ينافي أن يبين له بعد ذلك تحريم ما عداها ، فلعل قوله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة ) نزلت بعد ذلك ، فكان ذلك بيانا لتحريم الدم سواء كان مسفوحا أو غير مسفوح ، إذا ثبت هذا وجب الحكم بحرمة جميع الدماء ونجاستها فتجب إزالة الدم عن اللحم ما أمكن ، وكذا في السمك ، وأي دم وقع في الماء والثوب فإنه ينجس ذلك المورود .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : اختلفوا في قوله عليه الصلاة والسلام : " أحلت لنا ميتتان ودمان الطحال والكبد " هل يطلق اسم الدم عليهما فيكون استثناء صحيحا أم لا ؟ فمنهم من منع ذلك ؛ لأن الكبد يجري مجرى اللحم ، وكذا الطحال ، وإنما يوصفان بذلك تشبيها . ومنهم من يقول : هو كالدم الجامد ، ويستدل عليه بالحديث .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية