[ ص: 373 ] مسألة
" " ولا يجب نقض الشعر في غسل الجنابة إذا روى أصوله
أما تروية أصول الشعر وإيصال الماء إلى بشرته فيجب كما تقدم ، وكذلك يجب غسل ظاهره وأثنائه والمسترسل منه وما ثبت في الجسد ، سواء كان مظفورا أو مجدولا في المشهور من المذهب . وقيل : لا يجب غسل المسترسل منه وشعر الجسد ، وإنما يجب غسل ما لم يتم غسل البشرة إلا به ؛ لأن الشعر ليس من أجزاء الحيوان ، وقيل : إنما يسقط غسله أثناء المسترسل إذا كان مظفورا ؛ لأنه لا يجب نقضه . والأول هو المذهب المعروف ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " . وقد احتج به فبلوا الشعر الإمام أحمد ؛ ولأنه إذا وجب غسل البشرة الباطنة فغسل الشعر أولى ، ولأنه يجب تطهيره من النجاسة فكذلك من الجنابة كغيره ، فعلى هذا لا تنقضه في غسل الجنابة إذا وصل الماء إلى أثنائه ، وتنقضه في غسل الحيض . قال مهنا : سألت أحمد عن المرأة تنقض شعرها إذا اغتسلت من الجنابة فقال : لا ، فقلت له : في هذا شيء ، قال : نعم حديث قلت : تنقض شعرها من الحيض ؟ قال : نعم ، فقلت له : وكيف تنقضه من الحيض ولا تنقضه من الجنابة ؟ فقال : حديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " تنقضه " . أسماء
أما الأول فلما روى قال : بلغ عبيد بن عمير عائشة يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن ، فقالت : يا عجبا عبد الله بن عمر ، هو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن أو يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن : [ ص: 374 ] " لقد كنت اغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد ، وما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات لابن عمر " رواه أن أحمد . ولغير ذلك من الأحاديث . والرجل في ذلك كالمرأة ، فإذا كان الشعر خفيفا ، أو كان عليه سدر رقيق ، كفاه أن يصب الماء على رأسه ويعصر في أثر كل صبة بحيث يرى أن قد وصل الماء إلى باطن الشعر ، وإن كان كثيفا محكما أو عليه سدر ثخين أو حشو يمنع وصول الماء أزال ذلك . ومسلم
وأما ؟ على وجهين : أحدهما : يجب ؛ لما ذكره الحيض فهل نقض الشعر فيه واجب أو مستحب الإمام أحمد في حديث أنه قال : " تنقضه " وإن لم تكن هذه اللفظة فيه ، والسياق الذي ذكرناه في المسألة قبل هذه لكن فيه ذكر السدر ، والسدر إنما يستعمل مع نقض . وقد احتج بعض أصحابنا لذلك بأن أسماء لما أخبرت أنها حائض فقال : " انقضي رأسك وامتشطي عائشة " متفق عليه . النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر
وفي لفظ " " . وعن انقضي شعرك واغتسلي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنس رواه " إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضا وغسلته بالخطمي والأشنان ، وإذا اغتسلت من الجنابة تصب الماء على رأسها صبا وغسلته " ابن شاهين .
[ ص: 375 ] ولأن الحيض لا يتكرر ، فلا يشق إيجاب نقضه ، بخلاف الجنابة . والوجه الثاني : لا يجب ، بل يستحب ؛ قالت : قلت : يا رسول الله ، إني امرأة أشد ظفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة ، قال : " لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين أم سلمة " رواه لما روت أحمد ، ، ومسلم ، وابن ماجه وقال : حديث حسن صحيح . والترمذي
وفي رواية : " لمسلم " وفي لفظ أفأنقضه للحيضة وللجنابة : " لأبي داود " وحملوا النقض على الاستحباب واغمزي قرونك عند كل حفنة حتى قال كالسدر والطيب ، فإنه يستحب في كل غسل الحيض استحبابا مؤكدا أحمد : " وإن كانت قد اغتسلت بالماء ثم وجدت السدر ، أحب إلي أن تعود إلى السدر " .
وقال في الطيب : " تمسك في القطنة شيئا من طيب يقطع عنها رائحة الدم وزفرته " .
وقال القاضي : " فإن لم تجد مسكا فغيره من الطيب ، فإن لم تجد فالطين ، فإن لم تجد فالماء شاف كاف " وذلك لما تقدم من حديث الفرصة ، قال : " الفرصة قطعة قطن أو صوف تمس بشيء من طيب وتدخلها المرأة فرجها لتطيب بذلك مخرج الدم " وهذا لأن الحيض لما طالت مدته وحصل فيه وسخ وأذى ، شرع فيه ما يحصل النظافة التامة ؛ ولهذا لما سئل إبراهيم الحربي أحمد عن النفساء والحائض كم مرة يغتسلان قال : " كما يغسل الميت " قال القاضي : " ومعنى هذا أنه يجب مرة ويستحب ثلاثا ، ويكون فيه السدر والطيب كما في غسل الميت " .