[ ص: 428 ] الفصل الثالث :
إذا كان . واجد الماء يخاف إن استعمله أن يعطش هو أو أحد من رفقته أو بهائمه أو بهائم رفقته المحترمة فإنه يتيمم
قال الإمام أحمد رضي الله عنه : " عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتيممون ويحبسون الماء لشفاههم " .
فأما البهائم التي يشرع قتلها كالخنزير والكلب الأسود والبهيم والكلب العقور ، فلا يحبس لها الماء ثم إن كان هو العطشان أو يخاف العطش على نفسه أو بهائمه أو من يلزمه نفقته ، وجب تقديم الشرب لأنه من الحوائج الأصلية الواجبة ، فتقدم على العبادات ، كما تقدم نفقة النفس والأقارب المتعينة على الحج ، وإن كان العطشان رفقته أو بهائمه ، فالأفضل حبس الماء لهم ، وهو واجب في أحد الوجهين ، اختاره الشريف أبو جعفر وابن عقيل وغيرهما ، وفي الآخر : لا يجب ، قاله أبو بكر والقاضي ؛ لأنه محتاج إليه ، وقد قال أحمد : " إذا كان معه إداوة فيها ماء فرأى عطاشا فأحب إلي أن يسقيهم ويتيمم " .
وقد صرح القاضي بأن ذلك لا يجب ( إلا ) إن خيف عليهم التلف ، والصواب أن يحمل كلام أحمد وأبي بكر على عطش لا يخاف معه التلف ، وقيل : إنما الوجهان فيما إذا خيف أن يعطشوا ، فأما العطش الحاضر فيجب تقديم سقيهم له وجها واحدا ، ولا فرق بين أن يكون هو العطشان أو [ ص: 429 ] لخوف عطش رفيقه المزامل أو أحد من أهل القافلة أو من غيرهم ؛ لأن ذلك إنما كان لحرمة الآدميين والبهائم وهي لا تختلف بالمرافقة وعدمها ، وكذلك البهائم المباحة المحترمة فإن في ساقيها أجرا وثوابا ،شرب الطاهر وتيمم ، ولم يشرب النجس . فإن خاف العطش فهل يتوضأ بالطاهر ويحبس النجس ، أو يتيمم ويحبس الطاهر ؟ على وجهين . ولو كان معه ماءان نجس وطاهر و ( هو ) عطشان