[ ص: 609 ] ( فصل )
، ففي الحج يلبي إلى أن يأخذ في رمي جمرة وتشرع التلبية من حين الإحرام إلى الشروع في الإحلال العقبة ، وفي العمرة إلى أن يشرع في الطواف .
قال أحمد : الحاج يلبي حتى يرمي جمرة العقبة ، وفي رواية : يقطع عند أول حصاة ، وقال - في رواية الجماعة في المعتمر - : يقطع التلبية إذا استلم الركن ، وهذا هو المذهب .
وقال الخرقي : من كان متمتعا قطع التلبية إذا وصل إلى البيت . فمن أصحابنا من قال : ظاهر هذا أنه يقطع التلبية برؤية البيت قبل الطواف فجعل هذا خلافا ، ومنهم من فسر وصوله إليه باستلامه الحجر ، وهذا أشبه ؛ لأن [ ص: 610 ] حقيقة الوصول أن يتصل به ، وإنما يتصل به إذا لمسه لا إذا رآه ; وذلك لما روى الفضل بن عباس : " النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة " وفي لفظ أن : " للبخاري " . حتى بلغ الجمرة
وعن : " ابن عباس أسامة كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلى المزدلفة ، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى ، قال فكلاهما قال : لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة " متفق عليها . أن
وعن عكرمة قال : " أفضت مع الحسين بن علي من المزدلفة ، فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، فسألته ، فقال : أفضت مع أبي من المزدلفة ، فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، فسألته فقال : العقبة " رواه أفضت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة أحمد من حديث ابن إسحاق عن أبان بن صالح عنه .
[ ص: 611 ] وعن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ابن عباس " رواه يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر ، وعنه يرفع الحديث أنه - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو داود " رواه كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر وقال حديث صحيح . الترمذي
وعن حجاج ، عن ، عن أبيه ، عن جده قال : " عمرو بن شعيب . رواه اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عمر ، كل ذلك في ذي القعدة ، يلبي حتى يستلم [ ص: 612 ] الحجر أحمد .
فأما التلبية في الطواف والسعي ، وفي حال الوقوف بعرفة ومزدلفة .
ويكره ، قال إظهار التلبية [ في الأمصار والحلل أحمد - في رواية المروذي - : التلبية ] إذا برز عن البيوت ، وقال - في رواية - ولا يعجبني أن يلبي في مثل أبي داود بغداد حتى يبرز ، وقال - في رواية حمدان بن [ ص: 613 ] علي - : إذا أحرم في مصره لا يعجبني أن يلبي . وفي لفظ : يلبي الرجل إذا وارى الجدران ، قول : ولا يعجبني من المصر . ابن عباس
وحمل أصحابنا قوله : على إظهار التلبية وإعلانها . وعبارة كثير منهم : لا يستحب إظهارها ، وربما قالوا : لا يشرع ذلك ، كما قالوا : لا يستحب تكرارها في حال واحدة ، وذلك يقتضي التسوية بين المسألتين ; إما في الكراهة ، أو في أن الأولى تركه ، وذلك لما احتج به أحمد ورواه بإسناده عن ، عن عطاء : " أنه سمع رجلا يلبي ابن عباس بالمدينة ، فقال : إن هذا لمجنون ، ليست التلبية في البيوت ، وإنما التلبية إذا برزت " . وعلله القاضي : بأن التلبية مستحبة ، وإخفاء التطوع أولى من إظهاره لمن لا يشركه فيه ؛ ولهذا لم يكره ذلك في الصحراء وفي أمصار الحرم ؛ لوجود الشركاء ، وهذا ليس بشيء ، ويحتمل أن يكون ذلك لأن المقيم في مصر ليس بمسافر ولا متوجه إلى الله تعالى ، والتلبية إجابة الداعي ، وإنما يجيبه إذا شرع في السفر . فإذا فارق البيوت شرع في السفر [ ص: 614 ] فيجيبه ، وكلام ابن عباس وأحمد يحتمل هذا . فعلى هذا لو مر بمصر آخر في طريقه ، لبى منه .
وعلى هذا فلا يستحب إخفاؤها ولا إظهارها ، وهو ظاهر كلام أحمد . وابن عباس
فأما المساجد : فقال القاضي وأبو الخطاب : لا يستحب إظهارها في الأمصار ومساجد الأمصار ، ومساجد الأمصار : هي المبنية في المصر ؛ وذلك لأن حكمها كحكم المصر ، وأولى من حيث كره رفع الصوت فيها ، لا من إظهارها في مساجد الحل وأمصاره . فعلى هذا : للمساجد المبنية في البرية مثل مسجد ذي الحليفة ونحوه لا يظهر فيه ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن . وإنما خص من ذلك الإمام خاصة والمأموم إذا احتيج إلى تبليغ تكبير الإمام . رفع [ ص: 615 ] الصوت في المسجد
فيبقى على عمومه . وهذا قوي على قول من لا يرى . . . . رفع الصوت بالتلبية
وحديث في إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس بمسجد ذي الحليفة عقيب الركعتين ، وقول أحمد وغيره بذلك يخالف هذا القول .
قال أصحابنا : ويستحب إظهارها في المسجد الحرام وغيره من مساجد الحرم ; مثل مسجد منى ، وفي مسجد عرفات ، وإظهارها في مكة لأنها مواضع المناسك .