الدور الثقافي للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية
الأستاذ عبد العزيز عبد الله تركي مدخل
خريج كلية دار العلوم (جامعة القاهرة ) ، وكيل وزارة التربية، عضو مجلس الأمناء لجامعة قطر . ورئيس تحرير مجلة التربية، وعضو المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وعضو المجلس التنفيذي لمكتب التربية العربي، وعضو مؤسس في الهيئة الخيرية العالمية.
له كتاب: من قضايا التربية المعاصرة.
يرى أن الإسلام يواجه في هـذا العصر أشد المعارك ضراوة، وأن أعداءه يحاربونه بكل سلاح، لذلك لا بد أن تكون الدعوة الإسلامية عملا مدروسا مرتكزا على الأسس التالية:
- دعم المسلمين وتحصينهم ضد عمليات الاختراق التي تقوم بها الحركات التبشيرية المنظمة، وذلك في البلاد الإسلامية أو ذات الأقليات الإسلامية، مستغلين الظروف الاقتصادية المتردية التي يعاني منها المسلمون، وشيوع الأمية بينهم بعامة، وضعف ثقافتهم الدينية بخاصة، والخلافات المذهبية والعرقية.
- حماية وتشجيع الطلائع التي اعتنقت الإسلام في مختلف بقاع العالم، والذين يتعرضون لضغوط نفسية واقتصادية هـائلة، ويشغلهم أمر أبنائهم، وهم يشبون في مجتمعات لا تؤتمن على عقائدهم وثقافتهم الإسلامية. [ ص: 75 ]
- عرض الإسلام بوجهه المشرق السمح بكل وسائل الإعلام الحديثة، بحيث يكون له حضوره العالمي في كل موقف وكل قضية عالمية.
- المواجهة الصلبة للمتهجمين عليه في كل مكان، والتصدي لهم في عقر دارهم وأمام جماهيرهم ليسقط حجابهم وينكشف زيفهم.
- مواصلة الدراسة الجادة للكشف عن كنوز القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ونشرها بكل اللغات الحية على المستوى العالمي.
- التصدي للفكر الغالي والتعصب الديني المغلق بإزالة الغشاوة التي ازدادت كثافتها على بعض العيون لعوامل غريبة لا تمت بصلة إلى مبادئ وعقائد وقيم وتعاليم الإسلام السمحة.
ولكي يتيسر للدعوة الإسلامية بهذه المهام، فلا بد من دعم الهيئات الخيرية الإسلامية العالمية الموحدة التي تسعى لتأكيد عالمية التأسيس وعالمية التمويل، وعالمية الاستثمار وعالمية الإنفاق، فالمعونات الاقتصادية والتربوية التي تقدمها الدول الإسلامية القادرة للمسلمين في هـذه الأيام ليست قدرا يستهان به، ولكنها إذا صدرت جميعا بتنسيق واحد وتوجيه واحد وخطة واحدة آتت أكلها أضعافا مضاعفة.
وهي بذلك تنظم وتحشد طاقات المؤسسات المعنية بالدعوة الإسلامية لتكون مصدر قوة مؤثرة في مسيرة الحركة الإسلامية في أصقاع الدنيا.
لقد ولى عصر التشرذم والجهد الفردي المبعثر، وأصبحت المذاهب والدعوات - حتى الباطلة منها - تعتمد أسلوب التحرك عبر المؤسسات الموحدة وبجهود منظمة متكاملة التخطيط والتنفيذ، مما يوجب علينا نحن المسلمين أن نحث الخطى مسرعين نحو اعتماد هـذا الأسلوب الناجح في الدعوة إلى الإسلام.
ثم إنه لا ينبغي أن تكون الدعوة الإسلامية مجرد برنامج ديني أو حديث عابر تقدمه وسائل الإعلام؛ بل لا بد أن يكون لها حضور ضابط وموجه في كل عمل إعلامي يبث على المسلمين. نريد للدعوة أن تبث من روحها في كل ما تلتقطه أذن أو تشاهده عين، بحيث تكون جزءا من نسيج كل ما يقدم للناس، تذهب إليهم حيث كانوا، وتخالط مشاعرهم، وتنفذ إلى عقولهم من خلال ما يحبون ويهوون، وذلك يقتضي تطوير أساليبهم وحضورها المؤثر في كل برنامج أو مادة إعلامية تقدمها وسائل الإعلام، فلا تكون مجرد برامج منفصلة - ولكن سلوكا دينيا مرعيا في كل برنامج أو مادة إعلامية. [ ص: 76 ]
وينبغي عدم الغفلة، والتنبه إلى أن الدعوة الإسلامية مع الأسف الشديد لبست في بعض البلاد الأوروبية وأمريكا أردية مختلفة مذهبية وعرقية، وفي ذلك ما فيه من خطورة على جوهر العقيدة الإسلامية وعلى أمة الإسلام بشكل عام، والأمر لا يخلو من انغماس بعض الأجهزة العميلة التي تكيد للإسلام وأهله، وهي راغبة بكل قوة في تفريغ الدين من محتواه، وتقويض أركانه، بيد بعض من ينتسبون إليه زورا وبهتانا، بغية بذر الشقاق وتصعيد الخلاف.
وهناك مهمة كبرى لمؤسسات التربية والتعليم في سياق إنجاح برامج الدعوة بوضع المناهج، وتشييد المدارس، وإعداد المدرسين والكتب المدرسية ووسائل التعليم المتطورة، والتوصية بالمنح الدراسية في جامعات ومعاهد ومؤسسات التعليم في العالم الإسلامي، كلها من الأمور التي تدعم مسيرة الدعوة وتشد من أزرها وتكسبها حضورا بارزا في المواقع التي ينبغي أن توجد فيها، ولن تقلل المهمة أيضا من قوة تأثير معسكرات العمل والجهد الشبابي التطوعي في خدمة المجتمعات الإسلامية وترسيخ المبادئ والقيم من خلال التفاعل والاحتكار وإبراز القدرات والكفاءات المتمرسة بالأساليب المتجددة في مواجهة تحديات العصر