مـن الأنـا .. إلـى الآخـر .. إلـى العـالـم
( 1 )
يتحرك الإسلام، في توجيهاته الأساسية والتفصيلية، لكي يبني الفرد، ويرسي المجتمع، ويعزز علاقاته، ويمتن أواصره، ويعمق وحدته.. حركة هـندسية مرسومة ومنطقية.
إنه يبدأ من الذات باتجاه الموضوع، ومن الفرد باتجاه الجماعة، ومن الآني باتجاه المستديم، ومن البيئة باتجاه العالم، ومن المحدود باتجاه المطلق. كما أنه يتحرك بصيغة الاندياح الذي تنفذه الموجه، وهي تندفع دائريا، متسعة شيئا فشيئا، باتجاه حالة أكثر شمولية وامتدادا.
فها هـنا بمقدور المرء، أن يلحظ، كيف أن التوجيهات الإسلامية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تطلب - في البدء - تعزيز الذات، وتغييرها المتواصل إيمانيا، ثم تمضي باتجاه الأسرة، الأقرب إلى الإنسان الفرد، في علاقاته الخارجية، ومن هـناك تنداح الدائرة باتجاه الجار، والقربى، والحي والمدينة، فالمجتمع المسلم، فالأمة الإسلامية على امتدادها، فالشعوب والأمم المجاورة، فالإنسانية جمعاء.
إن بؤرة الحركة، هـي الذات:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=53 ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) (الأنفال:53) ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11 ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) (الرعد:11) .. وحدها الآخر، هـو البشرية:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107 ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) (الأنبياء:107) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=52 ( وما هـو إلا ذكر للعالمين ) (القلم:52) ، وما بين الذات، والبشرية، تتحرك المعطيات الإسلامية، تشريعا وتوجيها، لكي ترسم لكل حالة طريقها، وتضع كل ممارسة في مكانها الموزون، ولكي ما يلبث هـذا الجهد الدايناميكي، الذي لا يقف عند حد، أن يساهم في صياغة الحياة الإسلامية المتوازنة، المستقيمة، الآمنة، السعيدة، القديرة على العطاء بقطبيها: الفرد المسلم، والمجتمع المسلم.
[ ص: 55 ]
ومن ثم نعرف، لماذا كان في نسيج المعطيات الإسلامية، ذلك التأكيد على بناء الفرد، يقابله، ذلك التأكيد على حقوق الجار، ومطالب الحي، والمدينة، وصولا إلى المجتمع، فالأمة، فالعالم. إننا إذا تصورنا المسألة، ببعدها الهندسي، فإن كل جار - على سبيل المثال - سيكون مضمون الحق من جاره، ضامنا لحق جاره الآخر، في سلسلة متواصلة، تغطي الحي كله، فالمدينة، فالمجتمع.. إلى آخره.. ومعنى هـذا، أن الضمان لن يكون ثنائيا، بين جار وجار، وإنما شاملا للأسر كلها، للبيوت جميعا، في هـذا الحي الإسلامي، أو ذاك، وفي هـذه المدينة، أو تلك، وسيعيش الجميع في انسجام وإلفة وأمان.
إن التعاليم الإسلامية - لهذا الهدف - لا تترك صغيرة، ولا كبيرة، في نظام العلاقات البشرية، لم تخطط لها، وتضعها في حالتها التوازنية القصوى: الفرد، الأسرة، الجوار، الحي، المدينة، الدولة، المجتمع، الشعب، الأمة، والعالم. ومن أجل هـذا.. من أجل تلك التغطية الدقيقة الشاملة، لكافة الدوائر والمساحات، في الحياة البشرية.. من أجل الحركة، التي تأخذ بحسبانها كافة الأقطاب، التي تشارك في صنع الحياة، بدءا من الفرد، وانتهاء بالعالم.. من أجل عدم تعجل التعاليم الإسلامية، في التعامل مع كل خلية، في نسيج المجتمع الإسلامي، والبشري عموما.
من أجل هـذا كله، خيل لبعضهم أن الإسلام هـو عقيدة تحقيق (الذات) ، وخيل لبعضهم الآخر أنه دين (الجماعة) .
مـن الأنـا .. إلـى الآخـر .. إلـى العـالـم
( 1 )
يتحرك الإسلام، في توجيهاته الأساسية والتفصيلية، لكي يبني الفرد، ويرسي المجتمع، ويعزّز علاقاته، ويمتن أواصره، ويعمّق وحدته.. حركة هـندسية مرسومة ومنطقية.
إنه يبدأ من الذات باتجاه الموضوع، ومن الفرد باتجاه الجماعة، ومن الآني باتجاه المستديم، ومن البيئة باتجاه العالم، ومن المحدود باتجاه المطلق. كما أنه يتحرك بصيغة الاندياح الذي تنفذه الموجه، وهي تندفع دائريًا، متسعة شيئًا فشيئًا، باتجاه حالة أكثر شمولية وامتدادًا.
فها هـنا بمقدور المرء، أن يلحظ، كيف أن التوجيهات الإسلامية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تطلب - في البدء - تعزيز الذات، وتغييرها المتواصل إيمانيًا، ثم تمضي باتجاه الأسرة، الأقرب إلى الإنسان الفرد، في علاقاته الخارجية، ومن هـناك تنداح الدائرة باتجاه الجار، والقربى، والحي والمدينة، فالمجتمع المسلم، فالأمة الإسلامية على امتدادها، فالشعوب والأمم المجاورة، فالإنسانية جمعاء.
إن بؤرة الحركة، هـي الذات:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=53 ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) (الأنفال:53) ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11 ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) (الرعد:11) .. وحدّها الآخر، هـو البشرية:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107 ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء:107) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=52 ( وَمَا هـو إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) (القلم:52) ، وما بين الذات، والبشرية، تتحرك المعطيات الإسلامية، تشريعًا وتوجيهًا، لكي ترسم لكل حالة طريقها، وتضع كل ممارسة في مكانها الموزون، ولكي ما يلبث هـذا الجهد الدايناميكي، الذي لا يقف عند حد، أن يساهم في صياغة الحياة الإسلامية المتوازنة، المستقيمة، الآمنة، السعيدة، القديرة على العطاء بقطبيها: الفرد المسلم، والمجتمع المسلم.
[ ص: 55 ]
ومن ثم نعرف، لماذا كان في نسيج المعطيات الإسلامية، ذلك التأكيد على بناء الفرد، يقابله، ذلك التأكيد على حقوق الجار، ومطالب الحي، والمدينة، وصولًا إلى المجتمع، فالأمة، فالعالم. إننا إذا تصوّرنا المسألة، ببعدها الهندسي، فإن كل جار - على سبيل المثال - سيكون مضمون الحق من جاره، ضامنًا لحق جاره الآخر، في سلسلة متواصلة، تغطي الحي كله، فالمدينة، فالمجتمع.. إلى آخره.. ومعنى هـذا، أن الضمان لن يكون ثنائيًا، بين جار وجار، وإنما شاملًا للأسر كلها، للبيوت جميعًا، في هـذا الحي الإسلامي، أو ذاك، وفي هـذه المدينة، أو تلك، وسيعيش الجميع في انسجام وإلفة وأمان.
إن التعاليم الإسلامية - لهذا الهدف - لا تترك صغيرة، ولا كبيرة، في نظام العلاقات البشرية، لم تخطط لها، وتضعها في حالتها التوازنية القصوى: الفرد، الأسرة، الجوار، الحي، المدينة، الدولة، المجتمع، الشعب، الأمة، والعالم. ومن أجل هـذا.. من أجل تلك التغطية الدقيقة الشاملة، لكافة الدوائر والمساحات، في الحياة البشرية.. من أجل الحركة، التي تأخذ بحسبانها كافة الأقطاب، التي تشارك في صنع الحياة، بدءًا من الفرد، وانتهاء بالعالم.. من أجل عدم تعجّل التعاليم الإسلامية، في التعامل مع كل خلية، في نسيج المجتمع الإسلامي، والبشري عمومًا.
من أجل هـذا كله، خيّل لبعضهم أن الإسلام هـو عقيدة تحقيق (الذات) ، وخيّل لبعضهم الآخر أنه دين (الجماعة) .