خاتمة
ما ستفعل عندما يشب الحريق؟ سيكون هـمك وجهدك الأكبر موجه إلى عزل منطقة الحريق وقد يكون من المضحك أن تترك المحترق وتسكب الماء على المتاع السليم خشية أن تصله النار لكن هـذا هـو الصواب بعينه ونحن أمة قد شب الحريق في رجالها ونسائها فالبدار البدار إلى أبنائها.
إن فساد البالغين رجالا ونساء يؤخر النصر والتمكين عن هـذه الأمة بمقدار عمر هـؤلاء البالغين لكن فساد أبناء هـذه الأمة يقطع الأمل في النصر وتظل عجلة الانحطاط دائرة جيل أضعف من الذي قبله حتى تتوقف على ركام عظام أمة ميتة.
إن المسئولية في الكتابة للأطفال مضاعفة فإذا كان ما يكتب للكبار يظل محل النقد والتمحيص ويكون عرضة للقبول والرد فإن ما يكتب للأطفال لا يجد إلا القبول خاصة إذا استجمع كل عوامل التشويق والإثارة.
عندما نكتب للأطفال علينا أن نرفع رءوسنا قليلا لنتجاوز ما نراه من حاجة الطفل إلى الترفيه والتشويق وميله للعب واللهو وجو [ ص: 151 ] الرعاية الذي يحيط به في كل وقت وحين، علينا أن نتجاوز ذلك وننظر إليهم رجالا بالغين أشد ما يكونون حاجة إلى النفس المستقرة والقلب الشجاع الطموح والذهن الحاذق ننظر إليهم وقد تراكمت عليهم المسئوليات من كل حدب وصوب وتعلقت بأعناقهم حاجات أمتهم عندها لن نحتاج إلى كثير تفكير فيما ينبغي علينا أن نقدمه لهم وهم صغار وكم سيكون جرمنا عظيما إن خالفنا ذلك وكم سيكون مقتهم لنا إن لم نعدهم لذلك اليوم ولنتفكر في أنفسنا كم نكن من المودة والاحترام والدعوات الصادقة لأولئك الذين كان لهم دور في إعدادنا عندما أحرقوا أصابعهم شموعا أنارت طريقنا.
وعلى من يمسك القلم ليسطر حبرا في الصحائف لتنحت في عقول الأطفال الرطبة الخالية من كل مانع والواثقة بالجميع عليه أن يتقي الله وليعلم أن المسئولية في الكتابة للأطفال ستكون عظيمة وكل من يكتب سطرا سيكون مسئولا عما أحدثه ذلك السطر فيمن قرأه ولو كان البشر جميعا ولنتذكر ( قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ) رواه مسلم [ ص: 152 ]
وأخيرا.. فإن كل عمل مهما استوفى من الشروط وتوسعت دراسته وأبحاثه واستند إلى العلماء المختصين ووضعت له الخصائص والشروط والاحتياطات والخطط كل هـذا لا يخرج العمل من دائرة العمل البشري، ولا يكسبه الحصانة ضد الخطأ، ويظل النجاح أولا وأخيرا مرتهنا بتوفيق الله وهدايته سبحانه وتعالى على من يتصدى لهذا العمل أن يقف مليا عند هـذا الأمر وأن يجعل رضى الله سبحانه وتعالى نصب عينيه، وعليه أن يبذل كل وسيلة ويستنفذ كل حيلة ويطرق كل باب وبعد ذلك يقطع أمله من كل حول وقوة إلا من حول الله وقوته،
ويدعو الله بقلب ذليل خاشع يستشعر الضعف وينبض بالثقة بوعد الله سبحانه وتعالى وتوفيقه لعباده الصالحين ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) (العنكبوت69) [ ص: 153 ]