المطلب الثاني: أقسام مقاصد الشريعة:
وتنقسم المقاصد بحسب محل صدورها ومنشئها إلى قسمين: مقاصد الشارع، ومقاصد المكلف.
وتنقسم باعتبار قوة الحاجة إليها إلى ضرورية، وحاجية، وتحسينية.
واعتبر الإمام الشـاطبي أن مجمـوع الضـروريات خمسة، وهي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل. واعتبرها الإمام مراعاة في كل ملة. [1]
وقد اختلف الفقهاء القدامى حول حصر الضروريات في هذه الخمسة المذكورة، فذهبت طائفة إلى إضافة العرض [2] ، وذهبت طائفة أخرى إلى انتقاد مبدأ الحصر من أصله، ومن هؤلاء الإمام ابن تيمية. يقول الإمام: "وقوم من الخائضين في أصول الفقه وتعليل الأحكام الشرعية بالأوصاف المناسبة إذا تكلموا في المناسبة، وأن ترتيب الشارع للأحكام على الأوصاف المناسبة يتضمن تحصيل مصالح العباد ودفع مضارهم، ورأوا أن المصلحة نوعان أخروية، ودنيوية: جعلوا الأخروية ما في سياسة النفس وتهذيب الأخلاق من الحكم، وجعلوا الدنيوية ما تضمن حفظ الدماء والأموال [ ص: 55 ] والفروج والعقول والدين الظاهر، وأعرضوا عما في العبادات الباطنة والظاهرة من أنواع المعارف بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، وأحوال القلوب وأعمالها: كمحبة الله، وخشيته، وإخلاص الدين له، والتوكل عليه، والرجا لرحمته، ودعائه، وغير ذلك من أنواع المصالح في الدنيا والآخرة، وكذلك فيما شرعه الشارع من الوفاء بالعهود، وصلة الأرحام، وحقوق المماليك، والجيران، وحقوق المسلمين بعضهم على بعض وغير ذلك من أنواع ما أمر به ونهى عنه، حفظا للأحوال السنية، وتهذيب الأخلاق، ويتبين أن هذا جزء من أجزاء ما جاءت به الشريعة من المصالح." [3] ، "فمن قصر المصالح على العقوبات، التي فيها دفع الفساد عن تلك الأحوال ليحفظ الجسم فقد قصر" [4] .