مقدمـة
الحمد لله رب العالمين، القائل:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26 ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون ) (الأنفال:26)، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث رحمة للعالمين، الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فالإسلام دين الفطرة الإنسانية، جاء بمبادئ سمحة، وقيم نبيلة، وتعاليم واضحة متسقة مع العقل الصحيح ومنسجمة مع الفطرة السليمة، وبهذه القيم كان من اليسـير أن يكون دين الإنسـان، مهمـا كان جنسـه، أو وطنـه، وأن يتعايش في رحابه الناس دون أي إشكال، في أمان واطمئنان.
وعندما تمثل الأصحاب الكرام هذه الخصائص وقدموا نماذج تجسدت فيها هذه المعاني استطاع هذا الدين أن يمتد في رقعة واسعة من المعمورة، وينتشر بسهولة في مختلف القارات، ويخرج من مختلف الأعراق البشرية أمة تحمل رسالة هداية ورحمة وخير للعالمين.
[ ص: 39 ]
لقد أصبح امتداد الأمة الإسلامية في بلاد العالم، والإقبال المستمر على اعتناق الإسلام يشكل ظاهرة إيجابية ويعبر عمـا تتمتع به القيم الإسلامية من ثقافة التعايش
[1] .
واليوم نجد الحضور الإسلامي في كل بقاع الأرض.. بين الشعوب الوثنية.. والشعوب المسيحية.. وبين اليهود، والهندوكيين، والبوذيين.. وفوق ربوع الدول، التي لا تؤمن بدين أيضا.
في كل مكان من الأرض، يتلى كتاب هذا الدين.. وفي كل مكان من الأرض، تنهض مساجده.. وفي كل مكان من الأرض، تذاع مبادئه من على أعلى الأمكنة.. إنه دين الفطرة، التي فطر الله الناس عليها.
فأية قوة وهبته هذا الخلود..؟!!
إنها قوة الإيمـان بالحق، وبالخير.. والعمل على إشاعته في العالمين، ومن قبل هذا، الإيمـان برب الحق والخير، الذي يعلم السر وأخفى.. وبالرسول صلى الله عليه وسلم المبلغ، بل وبالرسل، عليهم الصلاة والسلام، الذين نذروا حياتهم لنشر قيم الحق والخير.
ولا غـرو، فمن يقين الإيمـان أن الأرض زويت للنبوة، ومنها موضوع بحثنـا: تايـلانـد "Thai Land"، أرض الأحـرار، وهـي آنيا مملـكة بـوذية
[ ص: 40 ] في جنـوب شـرق آسـيا، تضم خمسـة أقـاليم غـالبيـة سـكانـها مسـلمـون، وقد كانت هـذه الأقـاليم - في التاريخ الإسلامي - تشكل مملكة فطاني الإسـلامية؛ الـتي اختـلف المؤرخـون حول رواية دخـول الإسـلام إليهـا، فقـال بعضـهم: إن دخـول الإسـلام كان مـع أول بـزوغ فـجـره في الجـزيـرة الـعـربيـة، ومنـهـم مـن قـال: إن دخـول الإسلام كان في القـرن الثـالث عـشر الميلادي
[2] .
ومهما يكن فإن الإسلام انتشر في جنوب شرق آسيا عن طريق التجارة، وما كان يتمتع به التاجر المسلم من صدق، ووفاء بالعهود، وحسن معاملة، فالدين المعاملة، حيث كان السبب فيما اتجه الناس إلى الاشتغال بالتجارة وغيرها من الأعمـال والمهن والحرف، والانطلاق نحو ما وراء البحار يتخذون منها وسيلة للدعوة إلى الله
[3] . ومن ثم بدأ الإسلام يتوسع في منطقة (فطاني)،
[ ص: 41 ] منذ النصف الثاني من القرن الثامن عن طريق مالاقا (ماليزيا)، التي كانت تخضع لسلطان فطاني في عام 865م
[4] .
وتهدف هذه المـادة العلمية: "مسلمو تايلاند: الحاضر.. والمستقبل" إلى التعرف على جملة من الموضوعات المتصلة بماضي وحاضر ومستقبل الوجود الإسلامي في تايلاند، ومن خلال ذلك تقدم معلومات عامة عن حضارة المسلمين في الملايو، بشكل عام، وفي مملكة فطاني بشكل خاص؛ وتعرض للرؤى المطروحة حول تاريخ وصول الإسلام إلى المنطقة؛ والإحصاءات الخاصة بأعداد المسلمين ونسبتهم من مجموع السكان، وموقعهم في الخارطة السياسية اليوم، والقوانين الخاصة بهم؛ كما تعرض لمكونات المجتمع التايلاندي، من حيث: الديانات والعقائد، العرقيات، الثقافات، اللغة، العادات والتقاليد؛ وتهتم بإبراز البعد الثقافي والفكري لمسلمي تايلاند؛ ومؤسسات التربية والتعليم الإسلامي (المساجد، المدارس، الجامعات: الرسمية والخاصة) ودورها في بناء الوعي، مع تركيز خاص على جامعة فطاني والدور، الذي تضطلع به في المجتمع، ورسالتها، وأهم ركائز ومقومات كيانها، والمؤسسات الداعمة لها، على المستوى المحلي.
كما تعرض هذه المادة إلى المشكلات والتحديات، التي تواجه المسلمين؛ وتقدم رؤية حول آفاق التعاون وجسور التواصل الحضاري، على مستوى (الذات) ومع مكونات المجتمع، محليا؛ حيث التشارك والتفاعل والسعي لبناء
[ ص: 42 ] المشترك وميثاق المواطنة، والتعاون على الخير في مواسم الخير، كما في: شهر رمضان، وأشهر الحج، وغيرها.
وتعرض المادة كذلك لجسور التواصل القائمة بين مسلمي تايلاند والعالم الإسلامي، الذي يشكل لها العمق الفكري والثقافي والعلمي، حيث المؤتمرات، والندوات، والدورات، والملتقيات، وورش العمل، والمسابقات، وبرنامج الابتعاث إلى مؤسسات التعليم في العالم الإسلامي وتأكيد أهمية توفير المنح الدراسية للارتقاء بمسلمي تايلاند.
وتخلص المادة العلمية لهذا الكتاب إلى تقديم رؤية مستقبلية، تتضمن تصورا لرسالة المسلمين في المجتمع التايلاندي، بالنظر إلى مجموعة من الدراسات السابقة
[5] ، التي تناولت تايلاند ومسلميها ومناحي حياتهم؛ حيث تأكيد الدور الرسالي، الذي يمكن أن يضطلع به المسلمون في المجتمع التايلاندي، رغم كونهم أقلية
[6] ، إذ الحديث عن الإسلام والمسلمين والرسالة الإسلامية في تايلاند، هو حديث اسـتـشـرافي، يتناول الرؤيـة الحـضـاريـة المسـتـقبـليــة نحو أمانة الاضـطـلاع
[ ص: 43 ] بالـدور الـدعـوي المنتظر:
( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر ) [7] .
إن وراثة المـاضي، ومعاودة إحياء دور المسلمين في تايلاند، وما يمكن أن يقدمونه من عطاء حضاري ومساهمات فاعلة، إنما يتحقق - فيما نرى - بالتركيز على اعتماد التعليم، انطلاقا من:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1 ( اقرأ ) ، مفتاح هذا الدين، لبناء القاعدة العلمية والتقانية، التي تقوم على أرض صلبة من التعليم الجيد والتربية البانية الرشيدة والبحث العلمي المبتكر المبدع.
ولا تتحقق هذه الوراثة إلا بالتطلع إلى بناء المستقبل، الذي يبدأ ببناء الإنسان القادر على الإنتاج والإبداع والتعامل مع المشكلات، التي تواجهه بالعلم وبالوعي وبالإرادة القوية، حتى يعم الإصلاح البناء جميع مجالات الحياة، التي يحميها الحكم الرشـيد الـقـادر على الـعـدل والمسـاواة واحـتـرام حـقـوق الإنسـان.
كما يـكـون أيـضـا بـإعـداد جـيـل مـثـقـف واع مـؤمن بـدوره وبـقـضـايـا أمـتـه، ينـتـسـب ويــنـتـمي إلى الـعـمـل الـدعـوي المـؤسـسي؛ ويتخذ منه سـبـيـلا
[ ص: 44 ] للنـجـاح والبـقــاء والـقـدرة عـلى الـتـنـافـس في الـعـالم المـتـغـيـر
[8] ؛ الشـيء الـذي يـتـطلب الكثير من التنظيم والـتـخـطـيط والأناة وطول النفس
[9] ، كمـا يتطلب مد وتعزيز جسور التواصل بين مسلمي تايلاند ومجتمعهم وبينهم وبين العالم الإسلامي - للاعتبارات الدينية والعقدية والتاريخية وحتى الثقافية والحضارية- والتعاون في التعامل مع التحديات وإمكانية تجاوزها برسالة الحنيفية السمحة، من خلال رؤية وسطية وفلسفة اعتدالية تنسجم والدور المرتجى من المؤسسات الإسلامية للدعوة الإسلامية
[10] .
والله ولي التوفيق.
[ ص: 45 ]
مقدمـة
الحمد لله ربّ العالمين، القائل:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26 ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (الأنفال:26)، والصّلاة والسّلام على رسوله المبعوث رحمةً للعالمين، الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.
وبعد:
فالإسلام دين الفطرة الإنسانية، جاء بمبادئ سمحة، وقِيَم نبيلة، وتعاليم واضحة متسقة مع العقل الصحيح ومنسجمة مع الفطرة السليمة، وبهذه القيم كان من اليسـير أن يكون دين الإنسـان، مهمـا كان جنسـه، أو وطنـه، وأن يتعايش في رحابه الناس دون أيّ إشكال، في أمان واطمئنان.
وعندما تمثل الأصحاب الكرام هذه الخصائص وقدموا نماذج تجسدت فيها هذه المعاني استطاع هذا الدّين أن يمتدّ في رقعة واسعة من المعمورة، وينتشر بسهولة في مختلف القارات، ويُخرج من مختلف الأعراق البشرية أمّة تحمل رسالة هداية ورحمة وخير للعالمين.
[ ص: 39 ]
لقد أصبح امتداد الأمّة الإسلاميّة في بلاد العالم، والإقبال المستمر على اعتناق الإسلام يشكل ظاهرة إيجابيّة ويعبر عمـّا تتمتّع به القيم الإسلامية من ثقافة التعايش
[1] .
واليوم نجد الحضور الإسلامي في كلّ بقاع الأرض.. بين الشّعوب الوثنية.. والشّعوب المسيحيّة.. وبين اليهود، والهندوكيّين، والبوذيّين.. وفوق ربوع الدّول، الّتي لا تؤمن بدينٍ أيضًا.
في كلّ مكان من الأرض، يُتلى كتاب هذا الدّين.. وفي كلّ مكان من الأرض، تنهض مساجده.. وفي كلّ مكان من الأرض، تذاع مبادئه من على أعلى الأمكنة.. إنه دين الفطرة، التي فطر الله الناس عليها.
فأيّة قوّة وَهَبَتْهُ هذا الخلود..؟!!
إنّها قوّة الإيمـان بالحقّ، وبالخير.. والعمل على إشاعته في العالمين، ومن قبل هذا، الإيمـان بربّ الحقّ والخير، الذي يعلم السر وأخفى.. وبالرّسول صلى الله عليه وسلم المبلغ، بل وبالرّسل، عليهم الصّلاة والسّلام، الّذين نذروا حياتهم لنشر قيم الحقّ والخير.
ولا غـرو، فمن يقين الإيمـان أنّ الأرض زُوِيَتْ للنبوّة، ومنها موضوع بحثنـا: تايـلانـد "Thai Land"، أرض الأحـرار، وهـي آنيًا مملـكة بـوذيّة
[ ص: 40 ] في جنـوب شـرق آسـيا، تضم خمسـة أقـاليم غـالبيّـة سـكانّـها مسـلمـون، وقد كانت هـذه الأقـاليم - في التّاريخ الإسلامي - تشكل مملكة فطاني الإسـلاميّة؛ الّـتي اختـلف المؤرّخـون حول رواية دخـول الإسـلام إليهـا، فقـال بعضـهم: إنّ دخـول الإسـلام كان مـع أوّل بـزوغ فـجـره في الجـزيـرة الـعـربيّـة، ومنـهـم مَـنْ قـال: إنّ دخـول الإسلام كان في القـرن الثـالث عـشر الميلادي
[2] .
ومهما يكن فإن الإسلام انتشر في جنوب شرق آسيا عن طريق التّجارة، وما كان يتمتع به التاجر المسلم من صدق، ووفاء بالعهود، وحسن معاملة، فالدين المعاملة، حيث كان السبب فيما اتّجه النّاس إلى الاشتغال بالتّجارة وغيرها من الأعمـال والمِهَن والحِرَف، والانطلاق نحو ما وراء البحار يتّخذون منها وسيلةً للدّعوة إلى الله
[3] . ومن ثمّ بدأ الإسلام يتوسَّع في منطقة (فطاني)،
[ ص: 41 ] منذ النصف الثاني من القرن الثامن عن طريق مالاقا (ماليزيا)، الّتي كانتْ تخضع لسلطان فطاني في عام 865م
[4] .
وتهدف هذه المـادّة العلميّة: "مسلمو تايلاند: الحاضر.. والمستقبل" إلى التعرّف على جملة من الموضوعات المتصلة بماضي وحاضر ومستقبل الوجود الإسلامي في تايلاند، ومن خلال ذلك تقدم معلومات عامة عن حضارة المسلمين في الملايو، بشكل عام، وفي مملكة فطاني بشكل خاص؛ وتعرض للرؤى المطروحة حول تاريخ وصول الإسلام إلى المنطقة؛ والإحصاءات الخاصة بأعداد المسلمين ونسبتهم من مجموع السكان، وموقعهم في الخارطة السياسية اليوم، والقوانين الخاصة بهم؛ كما تعرض لمكوّنات المجتمع التايلاندي، من حيث: الدّيانات والعقائد، العرقيات، الثقافات، اللغة، العادات والتقاليد؛ وتهتم بإبراز البُعد الثقافي والفكري لمسلمي تايلاند؛ ومؤسّسات التربية والتعليم الإسلامي (المساجد، المدارس، الجامعات: الرّسمية والخاصّة) ودورها في بناء الوعي، مع تركيز خاص على جامعة فطاني والدور، الذي تضطلع به في المجتمع، ورسالتها، وأهم ركائز ومقومات كيانها، والمؤسسات الداعمة لها، على المستوى المحلي.
كما تعرض هذه المادة إلى المشكلات والتحديّات، الّتي تواجه المسلمين؛ وتقدم رؤية حول آفاق التّعاون وجسور التواصل الحضاري، على مستوى (الذات) ومع مكونات المجتمع، محليًا؛ حيث التشارك والتفاعل والسعي لبناء
[ ص: 42 ] المشترك وميثاق المواطنة، والتعاون على الخير في مواسم الخير، كما في: شهر رمضان، وأشهر الحجّ، وغيرها.
وتعرض المادة كذلك لجسور التواصل القائمة بين مسلمي تايلاند والعالم الإسلامي، الذي يشكل لها العمق الفكري والثقافي والعلمي، حيث المؤتمرات، والنّدوات، والدّورات، والملتقيات، وورش العمل، والمسابقات، وبرنامج الابتعاث إلى مؤسّسات التّعليم في العالم الإسلامي وتأكيد أهمية توفير المنح الدراسيّة للارتقاء بمسلمي تايلاند.
وتخلص المادة العلمية لهذا الكتاب إلى تقديم رؤية مستقبلية، تتضمن تصورًا لرسالة المسلمين في المجتمع التايلاندي، بالنظر إلى مجموعة من الدّراسات السابقة
[5] ، الّتي تناوَلَتْ تايلاند ومسلميها ومناحي حياتهم؛ حيث تأكيد الدور الرسالي، الذي يمكن أن يضطلع به المسلمون في المجتمع التايلاندي، رغم كونهم أقليّة
[6] ، إِذْ الحديث عن الإسلام والمسلمين والرّسالة الإسلاميّة في تايلاند، هو حديث اسـتـشـرافي، يتناول الرّؤيـة الحـضـاريـّة المسـتـقبـليـّـة نحو أمانة الاضـطـلاع
[ ص: 43 ] بالـدّور الـدّعـوي المنتظر:
( لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّيْنَ بِعِزِّ عَزِيْز، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيْل، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلاَم، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللهُ بِهِ الكُفْر ) [7] .
إنّ وراثة المـاضي، ومعاودة إحياء دور المسلمين في تايلاند، وما يمكن أن يقدمونه من عطاء حضاري ومساهمات فاعلة، إنما يتحقق - فيما نرى - بالتركيز على اعتماد التعليم، انطلاقًا من:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1 ( اقْرَأْ ) ، مفتاح هذا الدين، لبناء القاعدة العلمية والتقانيّة، التي تقوم على أرض صلبة من التعليم الجيّد والتربية البانية الرّشيدة والبحث العلمي المبتكر المبدع.
ولا تتحقق هذه الوراثة إلا بالتطلع إلى بناء المستقبل، الّذي يبدأ ببناء الإنسان القادر على الإنتاج والإبداع والتعامل مع المشكلات، التي تواجهه بالعلم وبالوعي وبالإرادة القويّة، حتى يعمّ الإصلاح البنّاء جميع مجالات الحياة، التي يحميها الحكم الرّشـيد الـقـادر على الـعـدل والمسـاواة واحـتـرام حـقـوق الإنسـان.
كما يـكـون أيـضـًا بـإعـداد جـيـل مـثـقّـف واعٍ مُـؤمِن بـدوره وبـقـضـايـا أمّـَتـِه، ينـتـسِـبُ ويـَـنْـتَـمِي إلى الـعـمـل الـدّعـوي المـؤسَّـسي؛ ويتخذ منه سـبـيـلًا
[ ص: 44 ] للنّـجـَاح والبـقـَـاء والـقُـدْرَة عـلى الـتّـنـافُـس في الـعـالم المُـتـَغَـيـِّر
[8] ؛ الشَّـيء الّـذي يـَتـَطلَّب الكثير من التنظيم وَالـتَّـخْـطِـيْط والأناة وطول النَّفَس
[9] ، كمـا يتطلّب مدّ وتعزيز جسور التّواصل بين مسلمي تايلاند ومجتمعهم وبينهم وبين العالم الإسلامي - للاعتبارات الدّينية والعقديّة والتاريخيّة وحتّى الثقافيّة والحضاريّة- والتعاون في التعامل مع التحديّات وإمكانيّة تجاوزها برسالة الحنيفيّة السّمحة، من خلال رؤية وسطيّة وفلسفة اعتداليّة تنسجم والدَّور المرتجى من المؤسَّسات الإسلاميّة للدّعوة الإسلاميّة
[10] .
والله ولي التوفيق.
[ ص: 45 ]