[ ص: 142 ] وحدثني
أحمد بن عمر العذري نا
nindex.php?page=showalam&ids=12002أبو ذر الهروي نا
عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي نا
إبراهيم بن خزيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16453عبد الله بن عون عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين أنه كان لا يرى
nindex.php?page=treesubj&link=14926_14921_14951_14950_14913_14907_14833الحجر على الحر شيئا - وهو قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
وعبيد الله بن الحسن وغيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يحجر على حر لا لتبذير ، ولا لدين ، ولا لتفليس ، ولا لغيره ، ولا يرى حجر القاضي عليه لازما - ويرى تصرفه في ماله وإقراره بعد حجر القاضي عليه لازما [ ويرى تصرفه في ماله وإقراره بعد حجر القاضي ] وقبله سواء ، كل ذلك نافذ إلا أنه زاد فقال : من بلغ ولم يؤنس منه رشد حيل بينه وبين ماله إلا أنه إن باع شيئا - كثر أو قل - نفذ بيعه ، وإن أقر فيه - كثر أو قل - نفذ إقراره ، حتى إذا تمت له خمس وعشرون سنة دفع إليه ماله - وإن لم يؤنس منه رشد - : وهذه الزيادة في غاية الفساد - : أول ذلك : أنه لا نعلم أحدا قال بها قبله .
وأيضا : فإنه قول متناقض ; لأنه إذا جاز بيعه وإقراره فأي معنى للمنع له من ماله - هذا تخليط لا نظير له .
ثم تحديده بخمس وعشرين سنة من إحدى عجائب الدنيا ، وما ندري بأي وجه يستحل في الدين منع مال وإطلاقه بمثل هذه الآراء بغير إذن من الله تعالى ؟ وأعجب شيء احتجاج بعض من خذله الله تعالى بتقليده إياه فقال : يولد للمرء من اثني عشر عاما ونصف فيصير أبا ، ثم يولد لابنه كذلك فيصير جدا ، وليس بعد الجد منزلة ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا كلام أحمق بارد - ويقال له : هبك أنه كما تقول فكان ماذا ؟ ومتى فرق الله تعالى بين من يكون جدا وبين من يكون أبا في أحكام مالهما ، وفي أي عقل وجد تم هذا ؟ وأيضا : فقد يولد له من اثني عشر عاما ، ولابنه كذلك ، فهذه أربعة وعشرون عاما .
وأيضا : فبعد الجد أبو جد ، فبلغوه هكذا إلى سبع وثلاثين سنة ، أو إلى أربعين
[ ص: 143 ] سنة لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=15حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة } فظهر فساد هذه الزيادة جملة - وبالله تعالى التوفيق .
وذهب آخرون إلى الحجر فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : من كان يخدع في البيوع ولا يحسن ضبط ماله : حجر عليه ، فلم ينفذ له عتق ، ولا صدقة ، ولا بيع ، ولا هبة ، ولا نكاح ، ولا يكون وليا لابنته في النكاح وكل ما أخذه قرضا لم يلزمه أداؤه ولا قضي عليه به - وإن رشد بعد ذلك . وقال : ما فعل قبل أن يحجر القاضي عليه ففعله نافذ غير مردود إلى أن يحجر القاضي عليه - وأجاز لوليه أن يدفع نفقة شهر ونحو ذلك .
قال : فإن ظهر منه الرشد لم يكن بذلك نافذ الأمر حتى يفك القاضي عنه الحجر ، وأجاز لمن لم يحجر عليه إعطاء كل ما يملك في ضربة وفي مرات وأنفذه عليه - وهذا خطأ ظاهر وتناقض شديد في وجوه جمة - :
أحدها وأعظمها - إبطاله أعمال البر التي ندب الله تعالى إليها وجعلها منقذات من النيران : كالعتق ، والصدقة ، وإبطاله البيع الذي أباحه الله تعالى - وهذا صد عن سبيل الله تعالى ، وتعاون على الإثم والعدوان ، لا على البر والتقوى بغير برهان ، لا من قرآن ، ولا سنة .
وثانيها - إبطاله الولاية لمن جعله الله تعالى وليا لها في الإنكاح - فإن كان عندهم في حكم الصغير ، والمجنون ، اللذين هما غير مخاطبين ، ولا مكلفين إنقاذ أنفسهما من النار ، ولا ولاية لهما ، فليسقطوا عنه الصلاة ، والصوم ، وإن كان عندهم مكلفا مخاطبا مأمورا منهيا مندوبا موعودا متوعدا : فما بالهم يحولون بينه وبين ما ندبه الله تعالى إليه ، وجعله في يديه من الولاية بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } وما الذي أسقط عنه هذا الخطاب وأوقع عليه الخطاب الصلاة ، والصوم ، والتحريم والتحليل ، وإقامة الحدود ؟ وما ندري ما هذا ؟ فإن قالوا : لو علمنا أنه يقصد بذلك الله تعالى ، لم نمنعه . قلنا لهم : ما علمكم بهذا منه ، ولا جهلكم به منه ، إلا كعلمكم به وجهلكم من غيره ، ممن تطلقونه على كل ذلك وتنفذونه منه ، ولعله أبعد من تقوى الله تعالى ، وأقل
[ ص: 144 ] اهتبالا بالدين ، وأطغى من هذا الذي حلتم بينه وبين ما يقر به من ربه تعالى بالظنون الكاذبة .
وثالثها - إبطالهم أموال الناس التي يأخذها بالبيع أو القرض اللذين أباحهما الله عز وجل - وهذه عظيمة من العظائم ما ندري أين وجدوا هذا الحكم ؟ ونعوذ بالله منه ، وهذا إيكال للمال بالباطل ، وقد حرم الله تعالى هذا أيضا وإذا أسقطوا عنه حقوق الناس اللازمة له من أثمان البيع ورد القرض بنص القرآن ، فليسقطوا عنه قصاص الجنايات في أموال الناس ودمائهم ، وإلا فقد تناقضوا أقبح تناقض - وهذا هو التعاون على الإثم والعدوان جهارا .
ورابعها - وهو أفحشها في التناقض : إنفاذه ما فعل من التبذير المفسد حقا ، وبيوع الغبن قبل أن يحجر عليه القاضي ، ورده ما فعل من الصدقة والعتق بعد حجر القاضي عليه ، فكان حكم القاضي أنفذ من حكم الله تعالى ، ولا كرامة لوجه القاضي كائنا من كان ، فما جعل الله تعالى قط حكم القاضي محللا ولا محرما ، إنما القاضي منفذ بسلطانه على من امتنع فقط - لا خصلة له غيرها ولا معنى سوى هذا - وإلا فليأتونا بآية ، أو سنة ، بخلاف هذا ، ويأبى الله من ذلك - وهذا كله لا ندري من أين أخذوه ؟ وخامسها - إبطاله جميع أفعاله وإن كانت رشدا ما لم يفك القاضي عنه الحجر - وهذه كالتي قبلها .
وسادسها - إجازته أن يعطيه الولي نفقة شهر يطلق يده عليها ، فليت شعري من أين خرج هذا التقسيم العجيب ؟ وما الفرق بين إطلاق يده على نفقة شهر وبين إطلاقها على نفقة سنة أو نفقة سنتين ؟ فإن قالوا : نفقة شهر قليلة ؟ قلنا : قد يكون مال تكون نفقة شهر فيه كثيرا ويكون مال نفقة عشرة أعوام فيه قليلا ، ولا يخلو دفع ماله إليه من أن يكون واجبا ، أو حراما ، فإن كان واجبا فدفعه كله إليه واجب ، وإن كان حراما فقليل الحرام حرام - وهذا بعينه أنكروا على أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في إباحتهم قليل المسكر وتحريمهم كثيره ؟
وسابعها - إنفاذهم أفعال الفساق الظلمة المتعدين على المسلمين بكل بائقة المبتاعين للخمور المنهمكين في أجر الفسق إذا كانوا جماعين للمال من أي وجه أمكن
[ ص: 145 ] بالظلم وغيره ، فيجيزون بيعهم وشراءهم وهباتهم - وإن كانت في الأغلب والأظهر لغير الله تعالى - وإن أتى ذلك على كل ما يملكونه وبقوا بعده فقراء متكففين - : فأنفذوا منه التبذير الذي حرم الله تعالى ، والبسط الذي يقعد عليه بعده ملوما محسورا ، وردهم العتق ، والصدقة بدرهم ، وإن كان ذا مال عظيم ممن يخدع في البيوع ويصفونه بأنه لا يحسن ضبط ماله - فأي تناقض أفحش ممن يجعل أصله بزعمه ضبط المال وحفظه ؟ ثم يجيزون من واحد إعطاء ماله كله حتى يبقى هو وعياله جاعة وينفذونه عليه ، ويمنعون آخر من عتق : عبد ، وصدقة بدرهم ، وابتياع فاكهة يأكلها ، ووراءه من المال ما يقوم بأمثاله وأمثال عياله ، ثم يجعلون أصله بزعمهم دفع الخديعة له عن ماله . وهم يجيزون الخديعة المكشوفة في المال العظيم لغيره - فما هذا البلاء ، وما هذا التخاذل ، وكم هذا التناقض ؟ والحكم في الدين بمثل هذه الأقوال بلا قرآن ، ولا سنة ، ولا قول صاحب ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه يعقل - ونعوذ بالله من البلاء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بمثل هذا كله ، إلا أنه قال : إن كان مفسدا فجميع أفعاله مردودة - حجر عليه القاضي أو لم يحجر ، وإذا رشد فجميع أفعاله نافذة - حل عنه القاضي الحجر أو لم يحل - وكل ما أدخلنا على مالك يدخل عليه ، حاشا ما يدخل في هذين الوجهين فقط .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : والحق الواضح هو ما قلناه ، وهو أن كل بالغ مخاطب مكلف أحكام الشريعة ، فحكمهم ، كلهم سواء في أنهم مندوبون إلى الصدقة ، والعتق ، مباح لهم البيع والنكاح والشراء ، محرم عليهم إتلاف المال بالباطل ، وإضاعته والخديعة عنه والصدقة بما لا يبقي لهم غنى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50236الصدقة عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول } .
وكما قال عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50497الدين النصيحة ؟ قيل لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم } . وكما قال عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33996ليس منا من غشنا } . وكما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=9يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم }
[ ص: 146 ] وكما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26ولا تبذر تبذيرا } وكما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=29ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }
وكل من تصدق وأعتق ، وفعل الخير عن ظهر غنى - : نفذ ، ولم يحل رده وكل من أعتق وتصدق عن غير ظهر غنى - : رد وبطل ; لأنه لا طاعة إلا ما أمر الله تعالى به ، ولا معصية إلا ما نهى الله عنه ، فالصدقة بما لا يبقي غنى معصية ، والصدقة بما يبقي غنى طاعة .
وكل من باع أو اشترى فخدع أو خدع - : فمردود ; لأن الله تعالى حرم الخديعة والغش ، وكل من باع أو اشترى فلم يغبن ولا غش فنافذ ; لأن الله تعالى أباح البيع .
وكل من أنفق في معصية فلسا فما فوقه - فمردود .
وكل من أنفق كما أمر قل أو كثر - : فنافذ لازم ، وما أباح الله تعالى قط إبطال حق ولا المنع من الطاعة من أجل معصية عصاها ذلك الممنوع ، أو خيف أن يعصيها ولم يعص بعد كما لم يبح أن تنفذ معصية ، وأن يمضي باطل من أجل باطل عمل به ذلك المخل ومعصيته ، بل الباطل مبطل قل وجوده من المرء أو كثر ، والحق نافذ قل وجوده من المرء أو كثر - .
هذا هو الذي جاء به القرآن والسنن وشهدت له العقول ، وما عدا هذا فباطل لا خفاء به ، وتناقض لا يحل ، وقول مخالف للقرآن ، والسنن ، والعقول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : إن
nindex.php?page=treesubj&link=24984_14907_14960أعتق المحجور نفذ عتقه ، وعلى العبد أن يسعى له في قيمته - فكانت هذه طريفة جدا ولا ندري من أين استحل إلزام العبد السعي ههنا في هذه الغرامة ؟ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبو سليمان ، وأصحابنا : من بلغ مبذرا فهو على الحجر كما كان ; لأنه مجور عليه بيقين فلا يفك عنه إلا بيقين آخر .
قالوا : فإن رشد ثم ظهر تبذيره لم يحجر عليه ، لكن ينفذ من أفعاله ما وافق الحق ويرد مما خالف الحق كغيره سواء .
[ ص: 147 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : أما قولهم : قد لزمه الحجر بيقين ، فلا ينحل عنه إلا بيقين آخر - : فقول صحيح ، واليقين قد ورد ، وهو أمر الله تعالى له بالصدقة ، وأن يتقي النار بالعتق ، بإطلاقه على البيع إذا بلغ ، وعلى النكاح إذا كان مخاطبا بسائر الشرائع ولا فرق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : واحتج المخالفون بأشياء يجب إيرادها ، وبيان فاسد احتجاجهم بها ، ووضعهم النصوص في غير مواضعها ، وبيان ذلك بحول الله تعالى وقوته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : قالوا : قال الله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } قالوا : فإنما أمر الله تعالى بأن ندفع إليهم أموالهم مع إيناس الرشد منهم ، لا في غير هذه الحال .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا } فنهى عز وجل عن إيتاء السفهاء المال ، ولم يجعل لهم إلا أن يرزقوا منها في الأكل ويكسوا ، ويقال لهم قول معروف .
وقال عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل } فأوجب الولاية على السفيه ، والضعيف .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=67والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } فحرم الله تعالى السرف ، والتقتير ، والتبذير .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=29ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } هذا كل ما ذكروا من القرآن ، وكله حجة لنا عليهم ، ومخالف لأقوالهم - على ما نبين إن شاء الله تعالى - ما نعلم من القرآن حجة غير هذا أصلا .
وذكروا من السنة الخبر الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50498أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال } . وذكروا خبرا رويناه من طريق
أبي عبيد نا
عمرو بن هارون عن
[ ص: 148 ] يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
أيما رجل كان عنده يتيم فحال بينه وبين أن يتزوج فزنى فالإثم بينهما } .
ما نعلم لهم خبرا غير هذين ، وكلاهما حجة لنا عليهم ، ومخالف لأقوالهم على ما نبين [ بعد هذا ] إن شاء الله تعالى .
وذكروا عن الصحابة رضي الله عنهم ما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أتى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فقال له : إن
ابن جعفر اشترى بيعا كذا وكذا فاحجر عليه ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير : أنا شريكه في البيع ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان : كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ؟ ومن طريق
أبي عبيد حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : ألا تأخذ على يدي ابن أخيك - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر - وتحجر عليه ؟ اشترى سبخة بستين ألفا ما يسرني أنها لي بنعلي .
وما رويناه من طريق
أبي عبيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=17014محمد بن كثير عن
الأوزاعي عن
الزهري عن
الطفيل بن الحارث قال : بلغ
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير : أن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين أرادت بيع رباعها : فقال : لتنتهين ، أو لأحجرن عليها ؟ ومن طريق
أبي عبيد نا
سعيد بن الحكم بن أبي مريم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11823أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=14عبد الله بن الزبير إذا نشأ منا ناشئ حجر عليه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة عن
عبد الملك بن المغيرة الطائفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سئل عن الشيخ الكبير ينكر عقله أيحجر عليه ؟ قال : نعم . ومن طريق
يزيد بن هرمز عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه كتب إلى
نجدة بن عويمر وكتبت تسألني عن اليتيم متى ينقضي يتمه ؟ فلعمري ، إن الرجل لتنبت لحيته ، وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ، ضعيف العطاء منها ، وإذا أخذ لنفسه من مصالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم ، وإنه لا ينقطع عن اليتيم اليتم حتى يبلغ ويؤنس منه رشد ، وإذا بلغ النكاح وأونس منه رشد : دفع إليه ماله ، فقد انقضى عنه يتمه .
[ ص: 149 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : جمعنا هذه الألفاظ كلها ; لأنها مما رويناه من طرق كلها راجع إلى
يزيد بن هرمز عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فاقتصرنا على ذكر من روي جميعها عنه فقط ، وكلها صحيح السند .
ومن طريق فيها
شريك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فإن آنستم منهم رشدا } قال : اليتيم يدفع إليه ماله بحلم وعقل ووقار - ما نعلم عن الصحابة رضي الله عنهم شيئا غير هذا ، وكله مخالف لقولهم ، وحجة عليهم ، وأكثره موافق لقولنا .
وعن التابعين عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } قال : صلاح في دينه وحفظ لماله . وعن
الشعبي : إن كان الرجل ليشمط وما أونس منه رشد . وروينا مثل قولهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ،
والقاسم بن محمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء . وروينا عن
الضحاك : أنه لا يدفع إليه مال حتى يؤنس منه صلاح إلا أنه لم يأت ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ، ولا عن
القاسم منعه من عتق ، وصدقة ، وبيع ، لا يضر ماله ، إنما جاء ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء فقط .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : ما نعلم لهم عن التابعين غير هذا ، وبعضه موافق لقولنا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } فينبغي أن يعرف ما الرشد الذي أمر الله تعالى من أونس منه بدفع ماله إليه ؟ فنظرنا في القرآن الذي هو المبين لنا ما ألزمنا الله تعالى إياه ، فوجدناه كله ليس الرشد فيه إلا الدين ، وخلاف الغي فقط ، لا المعرفة بكسب المال أصلا ، قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7أولئك هم الراشدون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=97وما أمر فرعون برشيد } .
فصح أن من بلغ مميزا للإيمان من الكفر فقد أونس منه الرشد الذي لا رشد سواه أصلا ، فوجب دفع ماله إليه ، وما يشك مؤمن ولا كافر أن
فرعون وأصحابه كانوا أشد
[ ص: 150 ] عناية بالمال ، وأضبط له ، وأكثر وأعرف بوجوه جمعه من
موسى عليه السلام ، وأن
فرعون لم يكن قط مغبونا في ماله .
ولقد أتى
موسى عليه السلام ،
والخضر عليه السلام ، إلى أهل قرية فاستطعماهم ؟ فأبوا أن يضيفوهما ، فباتا ليلتهما بغير قرى ، وما بلغ
فرعون في ملكه قط هذا المبلغ .
وكذلك لا شك في أن المقنطر من
قريش كأبي لهب ،
والوليد بن المغيرة وابن جدعان : كانوا أبصر وأسرع إلى كسب المال من أي وجه أمكن من مساعاة الإماء ، والربا ، وغير ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد قالا جميعا : حدثنا
أسود بن عامر نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة :
nindex.php?page=showalam&ids=15603وثابت البناني قال
هشام : عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين وقال
ثابت : عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، ثم اتفق
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وأم المؤمنين فذكرا حديث تلقيح النخل ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
أنتم أعلم بأمر دنياكم } . فصح أن الرشد ليس هو كسب المال ، ولا منعه من الحقوق ، ووجوه البر ، بل هذا هو السفه ، وإنما الرشد طاعة الله تعالى ، وكسب المال من الوجوه التي لا تثلم الدين ، ولا تخلق العرض ، وإنفاقه في الواجبات ، وفيما يتقرب به إلى الله تعالى للنجاة من النار ، وإبقاء ما يقوم بالنفس ، والعيال ، على التوسط والقناعة ، فهذا هو الرشد .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=146سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا } وهكذا كل مكان في القرآن ذكر فيه الرشد .
وكذلك لم نجد في شيء من لغة
العرب : أن الرشد هو الكيس في جمع المال وضبطه ، فبطل تأويلهم في الرشد بالآية ، وفي دفع المال بإيناسه .
وصح أنها موافقة لقولنا ، وأن مراد الله تعالى يقينا بها : إنما هو أن من بلغ عاقلا مميزا مسلما وجب دفع ماله إليه ، وجاز فيه من جميع أفعاله ما يجوز من فعل سائر الناس
[ ص: 151 ] كلهم ، ويرد من أفعاله ما يرد من أفعال سائر الناس كلهم ، ولا فرق ، وأن من بلغ غير عاقل ، ولا مميز للدين ، لم يدفع إليه ماله .
ولو كان الذي قالوا في الرشد ، وفي السفه قولا صحيحا - ومعاذ الله من ذلك - لكان طوائف من
اليهود ،
والنصارى ، وعباد الأوثان ذوي رشد ، ولكان طوائف ، من المسلمين سفهاء ، وحاش لله من هذا .
[ ص: 142 ] وَحَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12002أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ نا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ نا
إبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12063أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16453عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى
nindex.php?page=treesubj&link=14926_14921_14951_14950_14913_14907_14833الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ شَيْئًا - وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ ،
وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُحْجَرُ عَلَى حُرٍّ لَا لِتَبْذِيرٍ ، وَلَا لِدَيْنٍ ، وَلَا لِتَفْلِيسٍ ، وَلَا لِغَيْرِهِ ، وَلَا يَرَى حَجْرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ لَازِمًا - وَيَرَى تَصَرُّفَهُ فِي مَالِهِ وَإِقْرَارَهُ بَعْدَ حَجْرِ الْقَاضِي عَلَيْهِ لَازِمًا [ وَيَرَى تَصَرُّفَهُ فِي مَالِهِ وَإِقْرَارَهُ بَعْدَ حَجْرِ الْقَاضِي ] وَقَبْلَهُ سَوَاءٌ ، كُلُّ ذَلِكَ نَافِذٌ إلَّا أَنَّهُ زَادَ فَقَالَ : مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ رُشْدٌ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ بَاعَ شَيْئًا - كَثُرَ أَوْ قَلَّ - نَفَذَ بَيْعُهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ فِيهِ - كَثُرَ أَوْ قَلَّ - نَفَذَ إقْرَارُهُ ، حَتَّى إذَا تَمَّتْ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً دُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ - وَإِنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ رُشْدٌ - : وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ - : أَوَّلُ ذَلِكَ : أَنَّهُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهَا قَبْلَهُ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ قَوْلٌ مُتَنَاقِضٌ ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُهُ وَإِقْرَارُهُ فَأَيُّ مَعْنًى لِلْمَنْعِ لَهُ مِنْ مَالِهِ - هَذَا تَخْلِيطٌ لَا نَظِيرَ لَهُ .
ثُمَّ تَحْدِيدُهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنْ إحْدَى عَجَائِبِ الدُّنْيَا ، وَمَا نَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ يَسْتَحِلُّ فِي الدِّينِ مَنْعَ مَالٍ وَإِطْلَاقِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْآرَاءِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ؟ وَأَعْجَبُ شَيْءٍ احْتِجَاجُ بَعْضِ مَنْ خَذَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَقْلِيدِهِ إيَّاهُ فَقَالَ : يُولَدُ لِلْمَرْءِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا وَنِصْفٍ فَيَصِيرُ أَبًا ، ثُمَّ يُولَدُ لِابْنِهِ كَذَلِكَ فَيَصِيرُ جَدًّا ، وَلَيْسَ بَعْدَ الْجَدِّ مَنْزِلَةٌ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا كَلَامٌ أَحْمَقُ بَارِدٌ - وَيُقَالُ لَهُ : هَبْك أَنَّهُ كَمَا تَقُولُ فَكَانَ مَاذَا ؟ وَمَتَى فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ مَنْ يَكُونُ جَدًّا وَبَيْنَ مَنْ يَكُونُ أَبًا فِي أَحْكَامِ مَالِهِمَا ، وَفِي أَيِّ عَقْلٍ وُجِدَ تَمَّ هَذَا ؟ وَأَيْضًا : فَقَدْ يُولَدُ لَهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا ، وَلِابْنِهِ كَذَلِكَ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَامًا .
وَأَيْضًا : فَبَعْدَ الْجَدِّ أَبُو جَدٍّ ، فَبَلَّغُوهُ هَكَذَا إلَى سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، أَوْ إلَى أَرْبَعِينَ
[ ص: 143 ] سَنَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=15حَتَّى إذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } فَظَهَرَ فَسَادُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى الْحَجْرِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : مَنْ كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ وَلَا يُحْسِنُ ضَبْطَ مَالِهِ : حُجِرَ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَنْفُذْ لَهُ عِتْقٌ ، وَلَا صَدَقَةٌ ، وَلَا بَيْعٌ ، وَلَا هِبَةٌ ، وَلَا نِكَاحٌ ، وَلَا يَكُونُ وَلِيًّا لِابْنَتِهِ فِي النِّكَاحِ وَكُلُّ مَا أَخَذَهُ قَرْضًا لَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاؤُهُ وَلَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ - وَإِنْ رَشَدَ بَعْدَ ذَلِكَ . وَقَالَ : مَا فَعَلَ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَفِعْلُهُ نَافِذٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ إلَى أَنْ يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ - وَأَجَازَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَدْفَعَ نَفَقَةَ شَهْرٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ .
قَالَ : فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ الرُّشْدُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ نَافِذَ الْأَمْرِ حَتَّى يَفُكَّ الْقَاضِي عَنْهُ الْحَجْرَ ، وَأَجَازَ لِمَنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ إعْطَاءَ كُلِّ مَا يَمْلِكُ فِي ضَرْبَةٍ وَفِي مَرَّاتٍ وَأَنْفَذَهُ عَلَيْهِ - وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَتَنَاقُضٌ شَدِيدٌ فِي وُجُوهٍ جَمَّةٍ - :
أَحَدُهَا وَأَعْظَمُهَا - إبْطَالُهُ أَعْمَالَ الْبِرِّ الَّتِي نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهَا وَجَعَلَهَا مُنْقِذَاتٍ مِنْ النِّيرَانِ : كَالْعِتْقِ ، وَالصَّدَقَةِ ، وَإِبْطَالُهُ الْبَيْعَ الَّذِي أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَتَعَاوُنٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، لَا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى بِغَيْرِ بُرْهَانٍ ، لَا مِنْ قُرْآنٍ ، وَلَا سُنَّةٍ .
وَثَانِيهَا - إبْطَالُهُ الْوَلَايَةَ لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلِيًّا لَهَا فِي الْإِنْكَاحِ - فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ ، وَالْمَجْنُونِ ، اللَّذَيْنِ هُمَا غَيْرُ مُخَاطَبَيْنِ ، وَلَا مُكَلَّفَيْنِ إنْقَاذَ أَنْفُسِهِمَا مِنْ النَّارِ ، وَلَا وَلَايَةَ لَهُمَا ، فَلْيُسْقِطُوا عَنْهُ الصَّلَاةَ ، وَالصَّوْمَ ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مُكَلَّفًا مُخَاطَبًا مَأْمُورًا مَنْهِيًّا مَنْدُوبًا مَوْعُودًا مُتَوَعَّدًا : فَمَا بَالُهُمْ يَحُولُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَدَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ ، وَجَعَلَهُ فِي يَدَيْهِ مِنْ الْوَلَايَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ } وَمَا الَّذِي أَسْقَطَ عَنْهُ هَذَا الْخِطَابَ وَأَوْقَعَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ الصَّلَاةَ ، وَالصَّوْمَ ، وَالتَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ ؟ وَمَا نَدْرِي مَا هَذَا ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ يَقْصِدُ بِذَلِكَ اللَّهَ تَعَالَى ، لَمْ نَمْنَعْهُ . قُلْنَا لَهُمْ : مَا عِلْمُكُمْ بِهَذَا مِنْهُ ، وَلَا جَهْلُكُمْ بِهِ مِنْهُ ، إلَّا كَعِلْمِكُمْ بِهِ وَجَهْلِكُمْ مِنْ غَيْرِهِ ، مِمَّنْ تُطْلِقُونَهُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ وَتُنَفِّذُونَهُ مِنْهُ ، وَلَعَلَّهُ أَبْعَدُ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَقَلُّ
[ ص: 144 ] اهْتِبَالًا بِالدِّينِ ، وَأَطْغَى مِنْ هَذَا الَّذِي حُلْتُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُقِرُّ بِهِ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى بِالظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ .
وَثَالِثُهَا - إبْطَالُهُمْ أَمْوَالَ النَّاسِ الَّتِي يَأْخُذُهَا بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ اللَّذَيْنِ أَبَاحَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - وَهَذِهِ عَظِيمَةٌ مِنْ الْعَظَائِمِ مَا نَدْرِي أَيْنَ وَجَدُوا هَذَا الْحُكْمَ ؟ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ ، وَهَذَا إيكَالٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا أَيْضًا وَإِذَا أَسْقَطُوا عَنْهُ حُقُوقَ النَّاسِ اللَّازِمَةَ لَهُ مِنْ أَثْمَانِ الْبَيْعِ وَرَدِّ الْقَرْضِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ، فَلْيُسْقِطُوا عَنْهُ قِصَاصَ الْجِنَايَاتِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ وَدِمَائِهِمْ ، وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا أَقْبَحَ تَنَاقُضٍ - وَهَذَا هُوَ التَّعَاوُنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ جِهَارًا .
وَرَابِعُهَا - وَهُوَ أَفْحَشُهَا فِي التَّنَاقُضِ : إنْفَاذُهُ مَا فَعَلَ مِنْ التَّبْذِيرِ الْمُفْسِدِ حَقًّا ، وَبُيُوعِ الْغَبْنِ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي ، وَرَدِّهِ مَا فَعَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ بَعْدَ حَجْرِ الْقَاضِي عَلَيْهِ ، فَكَانَ حُكْمُ الْقَاضِي أَنْفَذَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا كَرَامَةَ لِوَجْهِ الْقَاضِي كَائِنًا مَنْ كَانَ ، فَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ حُكْمَ الْقَاضِي مُحَلِّلًا وَلَا مُحَرِّمًا ، إنَّمَا الْقَاضِي مُنَفِّذٌ بِسُلْطَانِهِ عَلَى مَنْ امْتَنَعَ فَقَطْ - لَا خَصْلَةَ لَهُ غَيْرُهَا وَلَا مَعْنًى سِوَى هَذَا - وَإِلَّا فَلْيَأْتُونَا بِآيَةٍ ، أَوْ سُنَّةٍ ، بِخِلَافِ هَذَا ، وَيَأْبَى اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ - وَهَذَا كُلُّهُ لَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذُوهُ ؟ وَخَامِسُهَا - إبْطَالُهُ جَمِيعَ أَفْعَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ رُشْدًا مَا لَمْ يَفُكَّ الْقَاضِي عَنْهُ الْحَجْرَ - وَهَذِهِ كَالَّتِي قَبْلَهَا .
وَسَادِسُهَا - إجَازَتُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْوَلِيُّ نَفَقَةَ شَهْرٍ يُطْلِقُ يَدَهُ عَلَيْهَا ، فَلَيْتَ شَعْرِي مِنْ أَيْنَ خَرَجَ هَذَا التَّقْسِيمُ الْعَجِيبُ ؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ يَدِهِ عَلَى نَفَقَةِ شَهْرٍ وَبَيْنَ إطْلَاقِهَا عَلَى نَفَقَةِ سَنَةٍ أَوْ نَفَقَةِ سَنَتَيْنِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : نَفَقَةُ شَهْرٍ قَلِيلَةٌ ؟ قُلْنَا : قَدْ يَكُونُ مَالٌ تَكُونُ نَفَقَةُ شَهْرٍ فِيهِ كَثِيرًا وَيَكُونُ مَالٌ نَفَقَةُ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ فِيهِ قَلِيلًا ، وَلَا يَخْلُو دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا ، أَوْ حَرَامًا ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَدَفْعُهُ كُلُّهُ إلَيْهِ وَاجِبٌ ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَقَلِيلٌ الْحَرَامِ حَرَامٌ - وَهَذَا بِعَيْنِهِ أَنْكَرُوا عَلَى أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ فِي إبَاحَتِهِمْ قَلِيلَ الْمُسْكِرِ وَتَحْرِيمِهِمْ كَثِيرَهُ ؟
وَسَابِعُهَا - إنْفَاذُهُمْ أَفْعَالَ الْفُسَّاقِ الظَّلَمَةِ الْمُتَعَدِّينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِكُلِّ بَائِقَةٍ الْمُبْتَاعِينَ لِلْخُمُورِ الْمُنْهَمِكِينَ فِي أَجْرِ الْفِسْقِ إذَا كَانُوا جَمَّاعِينَ لِلْمَالِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ
[ ص: 145 ] بِالظُّلْمِ وَغَيْرِهِ ، فَيُجِيزُونَ بَيْعَهُمْ وَشِرَاءَهُمْ وَهِبَاتِهِمْ - وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَغْلَبِ وَالْأَظْهَرِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى - وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى كُلِّ مَا يَمْلِكُونَهُ وَبَقَوْا بَعْدَهُ فُقَرَاءَ مُتَكَفِّفِينَ - : فَأَنْفَذُوا مِنْهُ التَّبْذِيرَ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَالْبَسْطَ الَّذِي يَقْعُدُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ مَلُومًا مَحْسُورًا ، وَرَدَّهُمْ الْعِتْقَ ، وَالصَّدَقَةَ بِدِرْهَمٍ ، وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَظِيمٍ مِمَّنْ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ وَيَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ ضَبْطَ مَالِهِ - فَأَيُّ تَنَاقُضٍ أَفْحَشُ مِمَّنْ يُجْعَلُ أَصْلُهُ بِزَعْمِهِ ضَبْطَ الْمَالِ وَحِفْظَهُ ؟ ثُمَّ يُجِيزُونَ مِنْ وَاحِدٍ إعْطَاءَ مَالِهِ كُلِّهِ حَتَّى يَبْقَى هُوَ وَعِيَالُهُ جَاعَةً وَيُنْفِذُونَهُ عَلَيْهِ ، وَيَمْنَعُونَ آخَرَ مِنْ عِتْقِ : عَبْدٍ ، وَصَدَقَةٍ بِدِرْهَمٍ ، وَابْتِيَاعِ فَاكِهَةٍ يَأْكُلُهَا ، وَوَرَاءَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَقُومُ بِأَمْثَالِهِ وَأَمْثَالِ عِيَالِهِ ، ثُمَّ يَجْعَلُونَ أَصْلَهُ بِزَعْمِهِمْ دَفْعَ الْخَدِيعَةِ لَهُ عَنْ مَالِهِ . وَهُمْ يُجِيزُونَ الْخَدِيعَةَ الْمَكْشُوفَةَ فِي الْمَالِ الْعَظِيمِ لِغَيْرِهِ - فَمَا هَذَا الْبَلَاءُ ، وَمَا هَذَا التَّخَاذُلُ ، وَكَمْ هَذَا التَّنَاقُضُ ؟ وَالْحُكْمُ فِي الدِّينِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِلَا قُرْآنٍ ، وَلَا سُنَّةٍ ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلَا قِيَاسٍ ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ يُعْقَلُ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْبَلَاءِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ بِمِثْلِ هَذَا كُلِّهِ ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ : إنْ كَانَ مُفْسِدًا فَجَمِيعُ أَفْعَالِهِ مَرْدُودَةٌ - حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ ، وَإِذَا رَشَدَ فَجَمِيعُ أَفْعَالِهِ نَافِذَةٌ - حَلَّ عَنْهُ الْقَاضِي الْحَجْرَ أَوْ لَمْ يَحِلَّ - وَكُلُّ مَا أَدْخَلْنَا عَلَى مَالِكٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ، حَاشَا مَا يَدْخُلُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَقَطْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَالْحَقُّ الْوَاضِحُ هُوَ مَا قُلْنَاهُ ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ بَالِغٍ مُخَاطَبٌ مُكَلَّفٌ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ ، فَحُكْمُهُمْ ، كُلُّهُمْ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُمْ مَنْدُوبُونَ إلَى الصَّدَقَةِ ، وَالْعِتْقِ ، مُبَاحٌ لَهُمْ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَالشِّرَاءُ ، مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ إتْلَافُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، وَإِضَاعَتُهُ وَالْخَدِيعَةُ عَنْهُ وَالصَّدَقَةُ بِمَا لَا يُبْقِي لَهُمْ غِنًى كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50236الصَّدَقَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ } .
وَكَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50497الدِّينُ النَّصِيحَةُ ؟ قِيلَ لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ } . وَكَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33996لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا } . وَكَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=9يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إلَّا أَنْفُسَهُمْ }
[ ص: 146 ] وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=29وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا }
وَكُلُّ مَنْ تَصَدَّقَ وَأَعْتَقَ ، وَفَعَلَ الْخَيْرَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى - : نَفَذَ ، وَلَمْ يَحِلَّ رَدُّهُ وَكُلُّ مَنْ أَعْتَقَ وَتَصَدَّقَ عَنْ غَيْرِ ظَهْرِ غِنًى - : رَدَّ وَبَطَلَ ; لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ إلَّا مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، وَلَا مَعْصِيَةَ إلَّا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ، فَالصَّدَقَةُ بِمَا لَا يُبْقِي غِنًى مَعْصِيَةٌ ، وَالصَّدَقَةُ بِمَا يُبْقِي غِنًى طَاعَةٌ .
وَكُلُّ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى فَخُدِعَ أَوْ خَدَعَ - : فَمَرْدُودٌ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَدِيعَةَ وَالْغِشَّ ، وَكُلُّ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى فَلَمْ يَغْبِنْ وَلَا غَشَّ فَنَافِذٌ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْبَيْعَ .
وَكُلُّ مَنْ أَنْفَقَ فِي مَعْصِيَةٍ فَلْسًا فَمَا فَوْقَهُ - فَمَرْدُودٌ .
وَكُلُّ مَنْ أَنْفَقَ كَمَا أُمِرَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ - : فَنَافِذٌ لَازِمٌ ، وَمَا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ إبْطَالَ حَقٍّ وَلَا الْمَنْعَ مِنْ الطَّاعَةِ مِنْ أَجْلِ مَعْصِيَةٍ عَصَاهَا ذَلِكَ الْمَمْنُوعُ ، أَوْ خِيفَ أَنْ يَعْصِيَهَا وَلَمْ يَعْصِ بَعْدُ كَمَا لَمْ يُبِحْ أَنْ تَنْفُذَ مَعْصِيَةٌ ، وَأَنْ يَمْضِيَ بَاطِلٌ مِنْ أَجْلِ بَاطِلٍ عَمِلَ بِهِ ذَلِكَ الْمُخِلُّ وَمَعْصِيَتِهِ ، بَلْ الْبَاطِلُ مُبْطَلٌ قَلَّ وُجُودُهُ مِنْ الْمَرْءِ أَوْ كَثُرَ ، وَالْحَقُّ نَافِذٌ قَلَّ وُجُودُهُ مِنْ الْمَرْءِ أَوْ كَثُرَ - .
هَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَنُ وَشَهِدَتْ لَهُ الْعُقُولُ ، وَمَا عَدَا هَذَا فَبَاطِلٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ، وَتَنَاقُضٌ لَا يَحِلُّ ، وَقَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ ، وَالسُّنَنِ ، وَالْعُقُولِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : إنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24984_14907_14960أَعْتَقَ الْمَحْجُورُ نَفَذَ عِتْقُهُ ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى لَهُ فِي قِيمَتِهِ - فَكَانَتْ هَذِهِ طَرِيفَةً جِدًّا وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ اسْتَحَلَّ إلْزَامَ الْعَبْدِ السَّعْيَ هَهُنَا فِي هَذِهِ الْغَرَامَةِ ؟ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15858أَبُو سُلَيْمَانَ ، وَأَصْحَابُنَا : مَنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا فَهُوَ عَلَى الْحَجْرِ كَمَا كَانَ ; لِأَنَّهُ مَجُورٌ عَلَيْهِ بِيَقِينٍ فَلَا يُفَكُّ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ آخَرَ .
قَالُوا : فَإِنْ رَشَدَ ثُمَّ ظَهَرَ تَبْذِيرُهُ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ، لَكِنْ يَنْفُذُ مِنْ أَفْعَالِهِ مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَيُرَدُّ مِمَّا خَالَفَ الْحَقَّ كَغَيْرِهِ سَوَاءٌ .
[ ص: 147 ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : أَمَّا قَوْلُهُمْ : قَدْ لَزِمَهُ الْحَجْرُ بِيَقِينٍ ، فَلَا يَنْحَلُّ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ آخَرَ - : فَقَوْلٌ صَحِيحٌ ، وَالْيَقِينُ قَدْ وَرَدَ ، وَهُوَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِالصَّدَقَةِ ، وَأَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ بِالْعِتْقِ ، بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْبَيْعِ إذَا بَلَغَ ، وَعَلَى النِّكَاحِ إذَا كَانَ مُخَاطَبًا بِسَائِرِ الشَّرَائِعِ وَلَا فَرْقَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ بِأَشْيَاءَ يَجِبُ إيرَادُهَا ، وَبَيَانُ فَاسِدِ احْتِجَاجِهِمْ بِهَا ، وَوَضْعِهِمْ النُّصُوصَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا ، وَبَيَانُ ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : قَالُوا : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } قَالُوا : فَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ نَدْفَعَ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ مَعَ إينَاسِ الرُّشْدِ مِنْهُمْ ، لَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَنَهَى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ إيتَاءِ السُّفَهَاءِ الْمَالَ ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُرْزَقُوا مِنْهَا فِي الْأَكْلِ وَيُكْسَوْا ، وَيُقَالَ لَهُمْ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ } فَأَوْجَبَ الْوَلَايَةَ عَلَى السَّفِيهِ ، وَالضَّعِيفِ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=67وَاَلَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31وَلَا تُسْرِفُوا إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى السَّرَفَ ، وَالتَّقْتِيرَ ، وَالتَّبْذِيرَ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=29وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا } هَذَا كُلُّ مَا ذَكَرُوا مِنْ الْقُرْآنِ ، وَكُلُّهُ حُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ ، وَمُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِمْ - عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نَعْلَمُ مِنْ الْقُرْآنِ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا أَصْلًا .
وَذَكَرُوا مِنْ السُّنَّةِ الْخَبَرَ الصَّحِيحَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50498أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ } . وَذَكَرُوا خَبَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
أَبِي عُبَيْدٍ نا
عَمْرُو بْنُ هَارُونَ عَنْ
[ ص: 148 ] يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَزَنَى فَالْإِثْمُ بَيْنَهُمَا } .
مَا نَعْلَمُ لَهُمْ خَبَرًا غَيْرَ هَذَيْنِ ، وَكِلَاهُمَا حُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ ، وَمُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِمْ عَلَى مَا نُبَيِّنُ [ بَعْدَ هَذَا ] إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَذَكَرُوا عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا رُوِّينَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ : إنَّ
ابْنَ جَعْفَرٍ اشْتَرَى بَيْعًا كَذَا وَكَذَا فَاحْجُرْ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرُ : أَنَا شَرِيكُهُ فِي الْبَيْعِ ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ : كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ فِي بَيْعٍ شَرِيكُهُ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرُ ؟ وَمِنْ طَرِيقِ
أَبِي عُبَيْدٍ حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16577عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17240هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ : أَلَا تَأْخُذُ عَلَى يَدَيْ ابْنِ أَخِيك - يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=166عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ - وَتَحْجُرُ عَلَيْهِ ؟ اشْتَرَى سَبْخَةً بِسِتِّينَ أَلْفًا مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي .
وَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
أَبِي عُبَيْدٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=17014مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ
الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ
الزُّهْرِيِّ عَنْ
الطُّفَيْلِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : بَلَغَ
nindex.php?page=showalam&ids=14ابْنَ الزُّبَيْرِ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ بَيْعَ رُبَاعِهَا : فَقَالَ : لَتَنْتَهِيَنَّ ، أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا ؟ وَمِنْ طَرِيقِ
أَبِي عُبَيْدٍ نا
سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16457عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11823أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ إذَا نَشَأَ مِنَّا نَاشِئٌ حَجَرَ عَلَيْهِ .
وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=15689الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الطَّائِفِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ يُنْكَرُ عَقْلُهُ أَيُحْجَرُ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَمِنْ طَرِيقِ
يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهُ كَتَبَ إلَى
نَجْدَةَ بْنِ عُوَيْمِرٌ وَكَتَبْت تَسْأَلُنِي عَنْ الْيَتِيمِ مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُهُ ؟ فَلَعَمْرِي ، إنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ ، وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ ، ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا ، وَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَصَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ ، وَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ الْيَتِيمِ الْيُتْمُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ ، وَإِذَا بَلَغَ النِّكَاحَ وَأُونِسَ مِنْهُ رُشْدٌ : دُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ ، فَقَدْ انْقَضَى عَنْهُ يُتْمُهُ .
[ ص: 149 ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : جَمَعْنَا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كُلَّهَا ; لِأَنَّهَا مِمَّا رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ كُلِّهَا رَاجِعٌ إلَى
يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَاقْتَصَرْنَا عَلَى ذِكْرِ مَنْ رُوِيَ جَمِيعُهَا عَنْهُ فَقَطْ ، وَكُلُّهَا صَحِيحُ السَّنَدِ .
وَمِنْ طَرِيقٍ فِيهَا
شَرِيكٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16052سِمَاكٍ عَنْ
عِكْرِمَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } قَالَ : الْيَتِيمُ يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ بِحُلُمٍ وَعَقْلٍ وَوَقَارٍ - مَا نَعْلَمُ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا ، وَكُلُّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ ، وَحُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ، وَأَكْثَرُهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا .
وَعَنْ التَّابِعِينَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } قَالَ : صَلَاحٌ فِي دِينِهِ وَحِفْظٌ لِمَالِهِ . وَعَنْ
الشَّعْبِيِّ : إنْ كَانَ الرَّجُلُ لِيَشْمُطُ وَمَا أُونِسَ مِنْهُ رُشْدٌ . وَرُوِّينَا مِثْلَ قَوْلِهِمْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ ،
وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وَرَبِيعَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ . وَرُوِّينَا عَنْ
الضَّحَّاكِ : أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالٌ حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ صَلَاحٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ ، وَلَا عَنْ
الْقَاسِمِ مَنْعُهُ مِنْ عِتْقٍ ، وَصَدَقَةٍ ، وَبَيْعٍ ، لَا يَضُرُّ مَالَهُ ، إنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15885رَبِيعَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ فَقَطْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ عَنْ التَّابِعِينَ غَيْرَ هَذَا ، وَبَعْضُهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ مَا الرُّشْدُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أُونِسَ مِنْهُ بِدَفْعِ مَالِهِ إلَيْهِ ؟ فَنَظَرْنَا فِي الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ الْمُبَيِّنُ لَنَا مَا أَلْزَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ ، فَوَجَدْنَاهُ كُلَّهُ لَيْسَ الرُّشْدُ فِيهِ إلَّا الدِّينَ ، وَخِلَافَ الْغَيِّ فَقَطْ ، لَا الْمَعْرِفَةَ بِكَسْبِ الْمَالِ أَصْلًا ، قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاَللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7أُولَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=97وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } .
فَصَحَّ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مُمَيِّزًا لِلْإِيمَانِ مِنْ الْكُفْرِ فَقَدْ أُونِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ الَّذِي لَا رُشْدَ سِوَاهُ أَصْلًا ، فَوَجَبَ دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ ، وَمَا يَشُكُّ مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ أَنَّ
فِرْعَوْنَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا أَشَدَّ
[ ص: 150 ] عِنَايَةً بِالْمَالِ ، وَأَضْبَطَ لَهُ ، وَأَكْثَرَ وَأَعْرَفَ بِوُجُوهِ جَمْعِهِ مِنْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَنَّ
فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ قَطُّ مَغْبُونًا فِي مَالِهِ .
وَلَقَدْ أَتَى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ،
وَالْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ فَاسْتَطْعَمَاهُمْ ؟ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا ، فَبَاتَا لَيْلَتَهُمَا بِغَيْرِ قِرًى ، وَمَا بَلَغَ
فِرْعَوْنَ فِي مِلْكِهِ قَطُّ هَذَا الْمَبْلَغَ .
وَكَذَلِكَ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْمُقَنْطِرَ مِنْ
قُرَيْشٍ كَأَبِي لَهَبٍ ،
وَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَابْنِ جُدْعَانَ : كَانُوا أَبْصَرَ وَأَسْرَعَ إلَى كَسْبِ الْمَالِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ مِنْ مُسَاعَاةِ الْإِمَاءِ ، وَالرِّبَا ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالَا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا
أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ :
nindex.php?page=showalam&ids=15603وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ
هِشَامٌ : عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ
ثَابِتٌ : عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ ، ثُمَّ اتَّفَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٌ ، وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَا حَدِيثَ تَلْقِيحِ النَّخْلِ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ } . فَصَحَّ أَنَّ الرُّشْدَ لَيْسَ هُوَ كَسْبَ الْمَالِ ، وَلَا مَنْعَهُ مِنْ الْحُقُوقِ ، وَوُجُوهِ الْبِرِّ ، بَلْ هَذَا هُوَ السَّفَهُ ، وَإِنَّمَا الرُّشْدُ طَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَسْبُ الْمَالِ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي لَا تَثْلِمُ الدِّينَ ، وَلَا تَخْلَقُ الْعِرْضَ ، وَإِنْفَاقُهُ فِي الْوَاجِبَاتِ ، وَفِيمَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِلنَّجَاةِ مِنْ النَّارِ ، وَإِبْقَاءُ مَا يَقُومُ بِالنَّفْسِ ، وَالْعِيَالِ ، عَلَى التَّوَسُّطِ وَالْقَنَاعَةِ ، فَهَذَا هُوَ الرُّشْدُ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=146سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا } وَهَكَذَا كُلُّ مَكَان فِي الْقُرْآنِ ذُكِرَ فِيهِ الرُّشْدُ .
وَكَذَلِكَ لَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ لُغَةِ
الْعَرَبِ : أَنَّ الرُّشْدَ هُوَ الْكَيِّسُ فِي جَمْعِ الْمَالِ وَضَبْطِهِ ، فَبَطَلَ تَأْوِيلُهُمْ فِي الرُّشْدِ بِالْآيَةِ ، وَفِي دَفْعِ الْمَالِ بِإِينَاسِهِ .
وَصَحَّ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِنَا ، وَأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى يَقِينًا بِهَا : إنَّمَا هُوَ أَنَّ مَنْ بَلَغَ عَاقِلًا مُمَيِّزًا مُسْلِمًا وَجَبَ دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ ، وَجَازَ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ أَفْعَالِهِ مَا يَجُوزُ مِنْ فِعْلِ سَائِرِ النَّاسِ
[ ص: 151 ] كُلِّهِمْ ، وَيُرَدُّ مِنْ أَفْعَالِهِ مَا يُرَدُّ مِنْ أَفْعَالِ سَائِرِ النَّاسِ كُلِّهِمْ ، وَلَا فَرْقَ ، وَأَنَّ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ عَاقِلٍ ، وَلَا مُمَيِّزٍ لِلدِّينِ ، لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ مَالُهُ .
وَلَوْ كَانَ الَّذِي قَالُوا فِي الرُّشْدِ ، وَفِي السَّفَهِ قَوْلًا صَحِيحًا - وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ - لَكَانَ طَوَائِفُ مِنْ
الْيَهُودِ ،
وَالنَّصَارَى ، وَعُبَّادِ الْأَوْثَانِ ذَوِي رُشْدٍ ، وَلَكَانَ طَوَائِفُ ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ سُفَهَاءَ ، وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا .