[ ص: 364 ] مسألة : والصلاة جائزة على القبر ، وإن كان قد صلي على المدفون فيه
وقال : أبو حنيفة : صلي على القبر ما بين دفنه إلى ثلاثة أيام ، ولا يصلى عليه بعد ذلك ، وإن دفن بعد أن صلي عليه لم يصل أحد على قبره ؟ إن دفن بلا صلاة
وقال : لا يصلى على قبر ، وروى ذلك عن مالك ؟ إبراهيم النخعي
وقال ، الشافعي والأوزاعي ، : يصلى على القبر وإن كان قد صلي على المدفون فيه ، وقد روي هذا عن وأبو سليمان ؟ وقال ابن سيرين : يصلى عليه إلى شهر ، ولا يصلى عليه بعد ذلك ؟ أحمد بن حنبل
وقال إسحاق : يصلي الغائب على القبر إلى شهر ، ويصلي عليه الحاضر إلى ثلاث ؟ - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ثنا عن حماد بن زيد عن ثابت البناني أبي رافع عن { أبي هريرة } . أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا ، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه ، فقالوا : مات ، فقال : أفلا كنتم آذنتموني ؟ قال : فكأنهم صغروا أمرها أو أمره ، فقال : دلوني على قبره ، فدلوه ، فصلى عليها ، ثم قال : إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله تعالى ينورها لهم بصلاتي عليهم
فادعى قوم أن هذا الكلام منه عليه السلام دليل على أنه خصوص له ؟
قال : وليس كما قالوا ، وإنما في هذا الكلام بركة صلاته عليه السلام وفضيلتها على صلاة غيره فقط ، وليس فيه نهي غيره عن الصلاة على القبر أصلا ، بل قد [ ص: 365 ] قال الله تعالى : { أبو محمد لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }
ومما يدل على بطلان دعوى الخصوص ههنا ما رويناه بالسند المذكور إلى : ثنا مسلم محمد بن عبد الله بن نمير ثنا محمد بن إدريس عن عن الشيباني هو أبو إسحاق - الشعبي عمن حدثه قال { } انتهينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب ، فصلى عليه ، وصفوا خلفه ، وكبر أربعا
قال : قلت الشيباني لعامر الشعبي : من حدثك ؟ قال : الثقة ، من شهده ، . ابن عباس
فهذا أبطل الخصوص ، لأن أصحابه عليه السلام ، وعليهم رضوان الله صلوا معه على القبر ، فبطلت دعوى الخصوص
وبه إلى حدثني مسلم إبراهيم بن محمد بن عرعرة السامي ثنا غندر ثنا عن شعبة [ عن حبيب بن الشهيد ثابت ] عن { أنس } . أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر
قال : فهذه آثار متواترة لا يسع الخروج عنها أبو محمد
واحتج بعضهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل المسلمون على قبره ؟ قال : ما علمنا أحدا من الصحابة رضي الله عنهم نهى عن الصلاة على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نهى الله تعالى عنه ، ولا رسوله عليه السلام ، فالمنع من ذلك باطل ، والصلاة عليه فعل خير ، والدعوى باطل إلا ببرهان ؟ وقال بعضهم : نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى القبر وعلى القبر مانع من هذا أبو محمد
قال : وهذا عجب ما مثله عجب وهو أن المحتج بهذا عكس الحق عكسا ; لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة على القبر ، أو إليه . أبو محمد
أو في المقبرة ، وعن الجلوس على القبر ، فقال هذا القائل : كل هذا مباح
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على قبر صلاته على الميت ، فقال هذا القائل : لا يجوز ذلك واحتج بالنهي عن الصلاة مطلقا في منعه من صلاة الجنازة على القبر ، [ ص: 366 ] واحتج بخبر الصلاة على القبر في إباحته الحرام من الصلوات في المقبرة ، وإلى القبر ، وعليه ؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل ؟ وقال بعضهم : كان لا يصلي على القبر ؟ قلنا : نعم ، كان لا يصلي سائر الصلوات على القبر ، ويصلي صلاة الجنازة على القبر أبدا ؟ قال ابن عمر : وهذا لو صح لكان قد صح ما يعارضه ، وهو أنه رضي الله عنه صلى صلاة الجنازة على القبر ، ثم لو لم يأت هذا عنه لكان قد عارضه ما صح عن الصحابة في ذلك ، فكيف ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبو محمد
ولا يصح عن إلا ما ذكرناه وروينا عن ابن عمر عن معمر عن أيوب السختياني : مات ابن أبي مليكة عبد الرحمن بن أبي بكر على ستة أميال من مكة ، فحملناه فجئنا به مكة فدفناه ، فقدمت علينا عائشة أم المؤمنين فقالت : أين قبر أخي ؟ فدللناها عليه ، فوضعت في هودجها عند قبره فصلت عليه وعن عن حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن نافع : أنه قدم وقد مات أخوه ابن عمر ، فقال : أين قبر أخي ؟ فدل عليه ، فصلى عليه ودعا له . قال عاصم : هذا يبين أنها صلاة الجنازة ، لا الدعاء فقط أبو محمد
وعن : أنه أمر علي بن أبي طالب قرظة بن كعب الأنصاري أن يصلي على قبر بقوم جاءوا بعدما دفن وصلي عليه ؟ وعن سهل بن حنيف أيضا : أنه صلى على جنازة بعدما صلي عليها ؟ وعن علي بن أبي طالب ثنا يحيى بن سعيد القطان عن أبان بن يزيد العطار : أن يحيى بن أبي كثير صلى على جنازة بعدما صلي عليها وعن أنس بن مالك نحو ذلك . ابن مسعود
وعن إباحة ذلك . سعيد بن المسيب
وعن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد : أنه صلى على جنازة بعدما صلي عليها [ ص: 367 ] وعن : أنه كان إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى عليها . قتادة
فهذه طوائف من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف ؟ وأما أمر تحديد الصلاة بشهر أو ثلاثة أيام فخطأ لا يشكل ، لأنه تحديد بلا دليل ، ولا فرق بين من حد بهذا ، أو من حد بغير ذلك .