[ ص: 411 ] كتاب الاعتكاف الاعتكاف : هو الإقامة في المسجد بنية التقرب إلى الله عز وجل ساعة فما فوقها ، ليلا ، أو نهارا ؟ 624 - مسألة : ويجوز ، وما أحب الرجل ، أو المرأة ؟ برهان ذلك - : قول الله تعالى : { اعتكاف يوم دون ليلة ، وليلة دون يوم ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } . وروينا من طريق عن مالك يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف { أبي سعيد الخدري } . فالقرآن نزل بلسان عربي مبين ، وبالعربية خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . والاعتكاف في لغة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان ، وأنه عليه السلام قال : من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر العرب : الإقامة ، قال تعالى : { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } بمعنى مقيمون متعبدون لها . فإذ لا شك في هذا ، فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه : اعتكاف ، وعكوف ؟ فإذ لا شك في هذا ، فالاعتكاف يقع على ما ذكرنا مما قل من الأزمان أو كثر ، إذ [ ص: 412 ] لم يخص القرآن والسنة عددا من عدد ، ولا وقتا من وقت ، ومدعي ذلك مخطئ ; لأنه قائل بلا برهان
والاعتكاف : فعل حسن ، قد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه رضي الله عنهم بعده والتابعون ؟ وممن قال بمثل هذا طائفة من السلف - : كما أنا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد البصيري نا نا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني نا نا محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة عمران بن أبي مسلم عن قال : من جلس في المسجد وهو طاهر فهو عاكف فيه ، ما لم يحدث - : ومن طريق سويد بن غفلة عن عبد الرزاق قال : سمعت ابن جريج يخبر عن عطاء بن أبي رباح قال : إني لأمكث في المسجد ساعة وما أمكث إلا لأعتكف . يعلى بن أمية
قال : حسبت أن عطاء صفوان بن يعلى أخبرنيه ؟ قال : هو اعتكاف ما مكث فيه ، وإن جلس في المسجد احتساب الخير فهو معتكف ، وإلا فلا ؟ عطاء
قال : أبو محمد يعلى صاحب ، وسويد من كبار التابعين ، أفتى أيام ، لا يعرف عمر بن الخطاب في هذا مخالف من الصحابة فإن قيل : قد جاء عن ليعلى عائشة ، ، وابن عباس : لا اعتكاف إلا بصوم ، وهذا خلاف لقول وابن عمر ؟ قلنا : ليس كما تقول ، لأنه لم يأت قط عمن ذكرت : لا اعتكاف أقل من يوم كامل ، إنما جاء عنهم : أن الصوم واجب في حال الاعتكاف فقط ، ولا يمتنع أن يعتكف المرء على هذا ساعة في يوم هو فيه صائم . يعلى
وهو قول ، فبطل ما أوهمتم به وقوله تعالى : { محمد بن الحسن وأنتم عاكفون في المساجد } فلم يخص تعالى مدة من مدة { وما كان ربك نسيا } .
[ ص: 413 ] ومن طريق : نا مسلم زهير بن حرب نا عن يحيى بن سعيد القطان قال أخبرني عبيد الله هو ابن عمر - عن نافع قال : { ابن عمر : يا رسول الله ، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في عمر المسجد الحرام ؟ قال : فأوف بنذرك } . قال
فهذا عموم منه عليه السلام بالأمر بالوفاء بالنذر في الاعتكاف ، ولم يخص عليه السلام مدة من مدة ، فبطل قول خالف قولنا - والحمد لله رب العالمين ؟
وقلنا : هذا هو قول ، الشافعي . وأبي سليمان
وقال : لا يجوز الاعتكاف أقل من يوم وقال أبو حنيفة : لا اعتكاف أقل من يوم وليلة . ثم رجع وقال : لا اعتكاف أقل من عشر ليال . مالك
وله قول : لا اعتكاف أقل من سبع ليال ، من الجمعة إلى الجمعة .
وكل هذا قول بلا دليل . فإن قيل : لم يعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل من عشر ليال ؟ قلنا : نعم ، ولم يمنع من أقل من ذلك ، وكذلك أيضا لم يعتكف قط في غير مسجد المدينة ، فلا تجيزوا الاعتكاف في غير مسجده عليه السلام ، ولا اعتكف قط إلا في رمضان ، وشوال ، فلا تجيزوا الاعتكاف في غير هذين الشهرين ؟
والاعتكاف في فعل خير ، فلا يجوز المنع منه إلا بنص وارد بالمنع - وبالله تعالى التوفيق . فإن قالوا : قسنا على مسجده عليه السلام سائر المساجد ؟ قيل لهم : فقيسوا على اعتكافه عشرا ، أو عشرين : ما دون العشر . وما فوق العشرين ، إذ ليس منها ساعة ولا يوم إلا وهو فيه معتكف