735 - مسألة : فمن تعمد ذاكرا لصومه شيئا مما ذكرنا فقد بطل صومه ، ولا يقدر على قضائه إن كان في رمضان أو في نذر معين ، إلا في تعمد القيء خاصة فعليه القضاء .
برهان ذلك - : أن وجوب القضاء في تعمد القيء قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا قبل هذه المسألة بمسألتين ; ولم يأت في فساد الصوم بالتعمد للأكل أو الشرب أو الوطء : نص بإيجاب القضاء ، وإنما افترض تعالى رمضان - لا غيره - على الصحيح المقيم العاقل البالغ ، فإيجاب صيام غيره بدلا منه إيجاب شرع لم يأذن الله تعالى به ، فهو باطل ، ولا فرق بين أن يوجب الله تعالى صوم شهر مسمى فيقول قائل : إن صوم غيره ينوب عنه ، بغير نص وارد في ذلك - : وبين من قال : إن الحج إلى غير مكة ينوب عن الحج إلى مكة ، والصلاة إلى غير الكعبة تنوب عن الصلاة إلى الكعبة ، وهكذا في كل شيء .
قال الله تعالى : { تلك حدود الله فلا تعتدوها } .
وقال تعالى : { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .
فإن قالوا : قسنا كل مفطر بعمد في إيجاب القضاء على المتقي عمدا قلنا : القياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ; لأنهم أول من نقض هذا القياس ؟ فأكثرهم لم يقس المفطر عمدا بأكل أو شرب على في إسقاط الكفارة عنهم كسقوطها عن المتقي عمدا ، وهم الحنفيون ، والمالكيون ، والشافعيون : قاسوهم على المفطر بالقيء عمدا ، ولم يقيسوهم كلهم على المجامع عمدا في وجوب الكفارة عليهم كلهم ; فقد تركوا القياس الذي يدعون فإن وجد من يسوي بين الكل في إيجاب القضاء والكفارة كلم في إبطال القياس فقط . [ ص: 309 ] المفطر بالقيء عمدا
فإن ذكروا أخبارا وردت في إيجاب ؟ قيل : تلك آثار لا يصح فيها شيء - : لأن أحدها : من طريق القضاء على المتعمد للوطء في نهار رمضان أبي أويس عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن { أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الذي أفطر في رمضان بالكفارة وأن يصوم يوما } وأبو أويس ضعيف ، ضعفه ابن معين وغيره .
والثاني :
رويناه من طريق عن هشام بن سعد الزهري عن عن أبي سلمة { أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصوم يوما } ضعفه وهشام بن سعد ، أحمد بن حنبل وابن معين ، وغيرهما ، ولم يستجز الرواية عنه . يحيى بن سعيد القطان
والثالث : رويناه من طريق عبد الجبار بن عمر عن عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب { أبي هريرة } ؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للواطئ في رمضان اقض يوما مكانه وعبد الجبار بن عمر : ضعيف ، ضعفه ، وقال البخاري ابن معين : ليس بشيء ، وقال : هو منكر الحديث . أبو داود السجستاني
والرابع :
رويناه من طريق عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن أبيه عن جده عن { عمرو بن شعيب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر الواطئ في نهار رمضان أن يصوم يوما مكانه } وهذا أسقطها كلها لأن لا شيء ، ثم هي صحيفة ورويناه مرسلا من طريق الحجاج عن مالك عن عطاء بن السائب ومن طريق سعيد بن المسيب عن ابن جريج . نافع بن جبير بن مطعم
ومن طريق { أبي معشر المدني عن ; كلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 310 ] أمره بقضاء يوم محمد بن كعب القرظي } . وهذا كله مرسل
، ولا تقوم بالمرسل حجة ؟ وتالله لو صح منها خبر واحد - مسند من طريق الثقات - لسارعنا إلى القول به فإن لجوا وقالوا : ، ولا نضعف المحدثين ؟ قلنا لهم : فلا عليكم حدثنا المرسل حجة يوسف بن عبد الله النمري ثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا ثنا قاسم بن أصبغ مطرف بن قيس ثنا ثنا يحيى بن بكير عن مالك عن عطاء الخراساني قال : { سعيد بن المسيب } . جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب نحره وينتف شعره ويقول : هلك الأبعد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك ؟ قال : أصبت أهلي في رمضان وأنا صائم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تستطيع أن تعتق رقبة ؟ قال : لا ، قال : تستطيع أن تهدي بدنة ؟ قال : لا ، قال : فاجلس فأتي بعرق تمر وذكر باقي الخبر
وهكذا رويناه من طريق ابن جريج عن ومعمر عن عطاء الخراساني - : فليأخذوا بالبدنة في الكفارة في ذلك ; وإلا فالقوم متلاعبون ؟ وقلنا لهم : لو أردنا التعلق بما لا يصح لوجدنا خيرا من كل خبر تعلقتم به هاهنا ، كما حدثنا سعيد بن المسيب عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن بشار ثنا - يحيى هو ابن سعيد القطان قالا جميعا : ثنا وعبد الرحمن بن مهدي سفيان هو الثوري - عن حبيب بن أبي ثابت حدثني أبو المطوس عن أبيه عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } . [ ص: 311 ] من أفطر يوما من رمضان - من غير رخصة ولا مرض - لم يقض عنه صيام الدهر وإن صامه
قال أحمد بن شعيب : وأنبأنا مؤمل بن هشام ثنا عن إسماعيل عن شعبة حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوس عن أبيه عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } . من أفطر يوما من رمضان - من غير رخصة رخصها الله لم يقض عنه صوم الدهر
قال أحمد بن شعيب : أنبأنا ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود الطيالسي ، قال : أخبرني شعبة حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت عمارة بن عمير يحدث عن أبي المطوس ، قال حبيب : وقد رأيت أبا المطوس ، فصح لقاؤه إياه فهذا أحسن من كل ما تعلقوا به ؟ وأما نحن فلا نعتمد عليه ; لأن أبا المطوس غير مشهور بالعدالة ، ويعيذنا الله من أن نحتج بضعيف إذا وافقنا ، ونرده إذا خالفنا ؟ وقال بمثل قولنا أفاضل السلف - : روينا من طريق عن عبد الله بن المبارك عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عبد الرحمن بن البيلماني : أن قال أبا بكر الصديق رضي الله عنهما فيما أوصاه به : من صام شهر رمضان في غيره لم يقبل منه ولو صام الدهر أجمع . لعمر بن الخطاب
ومن طريق عن سفيان الثوري عبد الله بن سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عن أنه أتي بشيخ شرب الخمر في رمضان ، فقال للمنخرين للمنخرين ولداننا صيام ثم ضربه ثمانين وصيره إلى عمر بن الخطاب الشام . [ ص: 312 ]
قال : ولم يذكر قضاء ولا كفارة ؟ ومن طريق أبو محمد سفيان عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه : أن أتي علي بن أبي طالب قد شرب الخمر في رمضان ، فضربه ثمانين ، ثم ضربه من الغد عشرين ، وقال : ضربناك العشرين لجرأتك على الله وإفطارك في رمضان ؟ قال بالنجاشي : ولم يذكر قضاء ، ولا كفارة علي