( قال ) وإن لم يقطع ; لأنه ظاهر غير محرز ، ولا قطع في سرقة مال غير محرز ، ولأن بالباب يصير ما في البيت محرزا فسارق الباب يكون سارقا للحرز دون المحرز دون المحرز فهو كسرقة الحارس ، وكذلك لو سرق باب دار أو مسجد ، فإنه غير محرز ، فإن الحائط غير محرز بل به يحرز ما في داخل البيت فما على ظاهر الحائط لا يكون محرزا أيضا ، وكذلك إن سرق ثوبا قد سقط على حائط إلى السكة ، وكذلك لو سرق خشبة أو ساجة في السكة قد أذن للناس في دخوله . سرق ثوبا من حمام أو بيت إنسان أذن له في دخوله أو حانوت تاجر في السوق
والأصل في جنس هذه المسائل أن المال يكون محرزا بالمكان تارة وبالحائط أخرى ، وكل مكان هو معد لحفظ الأمتعة فيه فهو حرز ، وما لم يكن معدا مبنيا لذلك لا يكون حرزا ، والإحراز بالحافظ إنما يعتبر فيما ليس بمحرز بالمكان ، فأما فيما كان محرزا بالمكان لا يعتبر الإحراز بالحافظ ; لأنه بدونه محرز ، فإنما يتحقق الإحراز فيما ليس محرزا إذا عرفنا هذا فنقول الحانوت حرز حتى لو سرق منه ليلا استوجب القطع ، وإذا فتح التاجر باب الحانوت بالنهار وأذن للناس بالدخول فيه والمعاملة معه فكل من دخل كان داخلا بإذن صاحبه ، وذلك شبهة مانعة من وجوب القطع ; لأن كل داخل بحكم الإذن بمنزلة صاحب الدار والحانوت فينعدم هتك الحرز من هذا الوجه ، ويستوي إن كان صاحب الحانوت هناك يحفظ متاعه أو لا يكون ; لأن الحافظ غير معتبر فيما هو محرز بالمكان ، وكذلك ; لأن الكل حرز واحد . البيت المأذون بالدخول فيه أو الدار الواحدة إذا أذن له بالدخول في بعض بيوتها ويستوي إن سرق من ذلك البيت أو من بيت آخر فيها أو من صندوق مقفل
ألا ترى أن السارق ما لم يخرج المسروق من الدار لا يستوجب القطع بخلاف ما إذا كانت إحدى الدارين تنفصل عن الأخرى ; لأن كل واحدة منهما [ ص: 151 ] حرز على حدة ، ألا ترى أن المودع إذا أمر بحفظ الوديعة في دار فحفظها في دار أخرى فهلكت كان ضامنا ؟ بخلاف ما إذا أمر بحفظها في بيت آخر من تلك الدار ، فإذا كان مأذونا في دخول بيت منها تنعدم الحرزية في حقه فلا يقطع سواء كان صاحب الدار هناك أو لم يكن ، وكذلك عليه سواء كان هناك حافظ أو لم يكن ، فأما الحمام ، فإنه حرز في نفسه حتى لو سرق منه ليلا يقطع وبالنهار هو مأذون بالدخول فيه فيمتنع وجوب القطع ، وإنما يصير المال محرزا فيه بالحافظ ، فإذا كان هناك حافظ يجب القطع على السارق وإلا فلا قطع عليه ، وكذلك المسجد ، فإنه ما بني للإحراز وحفظ الأمتعة به ، فإنما يكون المتاع فيه محرزا بالحافظ ، فإذا لم يكن مع المال حافظ فلا قطع عليه سرق منه ليلا أو نهارا ، فإذا كان هناك حافظ فعليه القطع لحديث الصحراء فليس بحرز في نفسه صفوان رضي الله عنه { } ، فإنه كان نائما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم متوسدا بردائه فجاء سارق فسرقه فاتبعه حتى أخذه وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه